الحب أساس الزواج
من أجمل الكلمات التي كتبها شاب يصف حبه لحبيبته قوله: «كان حبي لها أكبر من أن أشتهيها».
وهذه كلمات يقف الإنسان عندها للتأمل والتساؤل: لماذا لا يشتهيها إذا كان يحبها ويسرف في حبها؟
إن الحقيقة التي لا يمكن أن تُنْكَرَ أن الاشتهاء الجنسي لا يحتاج إلى الحب، بل هو أولى أن يحتاج إلى شيء من العدوان، وهذا هو ما يحدث في حوادث الاغتصاب؛ إذ هو عدوان لا يمكن أن يكون به شيء من الحب.
وإنما مرجع الحب هو تلك السنون الأولى في طفولتنا حين كنا نحيا مع الأم التي كانت تحنو علينا وتحمينا وتربينا وتغذونا؛ فإن هذه السنين التي نهفو إليها طيلة أعمارنا هي التي غرست فينا عواطف الحب وعلمتنا أسلوبه، وكل حب في العالم مهما سما نوعه ومهما عبرت عنه الكلمات النبيلة إنما يرجع إلى هذه الأمومة الرحيمة التي نذكرها، فنحس الرقة والعذوبة في الحب.
وعلى قدر ما رأينا من حب الأم أيام طفولتنا نعامل الدنيا والناس بالحب، بل نعامل أيضًا الزوجة والأبناء.
ولذلك خير الأزواج من الرجال والنساء هم أولئك الذين استمتعوا بحب أمهاتهم؛ لأنهم عقب الزواج يضفون على الزوج أو الزوجة تلك الإحساسات النبيلة التي كانوا يحسونها نحو أمهاتهم ويأخذون أنفسهم وغيرهم بالعادات التي تعوَّدوها في تلك السنين.
وليس في هذا استصغار لقيمة الاشتهاء الجنسي، ولكننا نريد أن نبين ونؤكد أن هذا الاشتهاء لا يكفي للسعادة الزوجية، فقد يجد الشاب فتاة تحوي من فتنة الملامح والتقاسيم ما يثير اشتهاءه الجنسي، وعندئذ قد ينسى تلك الكماليات التي تثير في نفسه الحب، وهذه الكماليات هي في النهاية أجمل ما أحبه في أمه، وحبه لزوجته أو خطيبته يقاس عندئذٍ بمقدار ما يجد فيها من فضائل كانت تتجمل بها أمه نحوه، وكان هو يحس بجمالها ويستجيب لها.
ويمكن أن نقول — على هذا الأساس — إن الحب أمومة تحتوي الحنو والإيثار والتضحية والرغبة في ترقية الزوج أو الزوجة.
وإذن خير ما تعرف به حبك لخطيبتك هو أن تمتحن نفسك حتى تجد مقدار ما فيها من إحساسات الحب لأمك، وعلى هذا المقدار سوف تكون سعادتك.
وكذلك الشأن في الفتاة نحو خطيبها.