لن نخسر المعركة
من أقوال روزفلت الرئيس السابق للولايات المتحدة: إنه ليس هناك معركة نكسبها تمامًا أو نخسرها تمامًا.
والمعنى الذي قصد إليه أن المعركة التي نظن أننا كسبناها كثيرًا ما تحتوي عناصر الهزيمة بالإهمال في المحافظة على موقف الانتصار، وكذلك المعركة التي نظن أننا خسرناها قد تحتوي على عناصر الانتصار؛ لأنها تبعث في نفوسنا إرادة الانتصار وإصلاح الأخطاء السابقة ثم النهوض للثأر.
وهذا هو شأننا في الحياة العامة أيضًا، فإننا كثيرًا ما نفقد انتصاراتنا بالإهمال، وكثيرًا ما نحيل الهزيمة إلى انتصار.
فقد يحصل الشاب مثلًا على شهادته الجامعية التي تشهد له بدراسته السابقة، ثم ينام عليها فلا تنتهي سنوات حتى ينسى ما تعلمه وكان يجب عليه أن يثابر على الدراسة بعد تخرجه من الجامعة حتى تتصل درجات ارتقائه.
وكذلك قد يحب الشاب فتاة ويتعب ويعرق حتى يحصل على يدها ويتزوجها، وهي تحبه لأنها وجدت منه الشغف بها والرغبة في إسعادها، ولكنه بعد الزواج يكف عن الإعجاب بها أو عن إبداء الحب لها أو الظهور بمظهر الرجولة الذي كان يعجبها منه، فيستحيل حبها السابق له جمودًا أو فتورًا قد ينتهي بالنفور والشقاق.
فنحن هنا إزاء انتصارين انتهي كلاهما بالهزيمة؛ لأن الشاب لم يستيقظ إلى ضرورة المحافظة على انتصاره.
وكذلك الشأن في الهزيمة؛ فإن الإفلاس الذي قد يُصاب به أحد التجار قد يبعث فيه همة جديدة وطموحًا أكبر، فهو يعرض لحياته الماضية ويدرس أخطاءه السابقة التي انتهت به إلى الإفلاس، فيتوقاها في المستقبل ويشرع في كفاح جديد، فلا تمضي عليه السنوات حتى يكون قد أحال هزيمته إلى انتصار.
وهذا هو ما تجده أحيانًا في الشاب الذي لم ينجح في المدرسة أو الجامعة، ولكنه يشق لنفسه طريقًا وعرًا في الحياة ينتهي به إلى القمة التي لا يبلغها من تفوقوا عليه في الدراسة المدرسية أو الجامعية، وكأن «مركب النقص» الذي نشأ فيه من تخلف في التعليم قد أصبح بؤرة التفوق وليس بؤرة التخلف.
ففي هذين المثالين من الهزيمة نجد أن بذرة الانتصار كانت كامنة فيهما وأن الكبوة قد أدت إلى نهضة.
وفي هذا مصداق كلمة روزفلت: ليست هناك معركة نكسبها تمامًا أو نخسرها تمامًا، فلنذكر هذه الحكمة فيما يصادفنا في الحياة.