طائرة كندا!
في صالة المبنى الجديد بمطار القاهرة الجوي … وقف «أحمد» و«عثمان» ينتظران وصولَ طائرة ضيفهما المستثمر العربي الأصل … الكندي الجنسية والتي كان مقرَّرًا لها أن تَصِل في تمام الساعة التاسعة مساءً.
ولكن الساعة تجاوزَت الحادية عشرة ولم يَصِل بعد.
وعندما سأل عن سبب تأخيرها، أخبره الموظف المختصُّ بأنَّ المطار لن يستقبلَ أيَّ رحلة من «كندا» اليوم … واندهش «عثمان» كثيرًا عندما سمع منه هذا الكلام … وسأله قائلًا: ألم تُخبرني أنه اتصل بك؟
«أحمد»: نعم يا فتى … وقال لي إنه سيصل في تمام التاسعة في المبنى الجديد.
«عثمان»: أيعني ذلك أن الرحلة قد أُلغيت؟
«أحمد»: لقد خطر لي ذلك، ولكني عرفتُ من الاستعلامات أن رحلة «كندا» ستصل في الحادية عشرة.
عثمان: إذن … ماذا كان يقصد السيد «زهير» بذلك؟
«أحمد»: لا أدري … ولكن!
في هذه اللحظة اقترب منهما نفسُ الموظف يسألهما قائلًا: لماذا كل هذه الحيرة؟
أحمد: لقد أخبرني صديقٌ لي أنه سيأتي اليوم من «كندا» في تمام التاسعة.
الموظف: هل قال إنه سيأتي إلى هنا مباشرة؟
نظر له في دهشة وقال: أتقصد أن تكون رحلته؟
الموظف: عن طريق دولة أخرى.
عثمان: ولماذا تقول ذلك؟
الموظف: لأن التاسعة مساءً كان ميعاد رحلة أخرى قادمة من «دبي».
أحمد: أنا أعرف أن له أخًا في «دبي».
عثمان: إذن … فقد اتضح الأمر.
أحمد: تعني «زهير» وصل «القاهرة» عن طريق «دبي»؟
عثمان: نعم … دون أن نستقبله.
وابتسم الموظف راضيًا … لأنه استطاع أن يحلَّ لهم لغزَ رحلة «كندا».
وشكره الصديقان كثيرًا … وانصرفَا … يتباحثان فيما سيقومان به من اتصالات للبحث عن «زهير».
وفي طريقهما لمغادرة المطار … انطلقَا يستقلَّان سيارتهما «اللاندكروزر»، وبكلٍّ منهما … الكثير من علامات الاستفهام.
وقامَا بالاتصال به في شقته القديمة … وفي منزل أخته الوحيدة … فلم يعثرَا له على أثر … وهنا صاح «عثمان» قائلًا: لماذا لم نسأل عن اسمه في قائمة الركَّاب الذين وصلوا من «دبي»؟
أحمد: إنه أمرٌ يسيرٌ وسنعرفه بالتليفون.
وبعد إجراء عدد من الاتصالات … تأكَّد ظنهما … فقد وصل السيد «زهير» إلى «مصر» عن طريق «دبي».
وفي طريق «صلاح سالم» … والموسيقى تنبعث من جنبات السيارة … وضوء القمر الفضي يفترش الطريق – تجاذب الصديقان أطرافَ الحديث … وتذكَّرا للقمر مواقفَ كثيرةً معهما في الصحراء الغربية … حيث المقر السري الكبير … ومزرعته الشاسعة الاتساع … وسماؤه الصافية … وكم تربَّع فيها القمر ملكًا على عرش لياليه الجميلة.
وتذكَّر أيضًا عندما غاب القمر … وانتشرَت النجوم في السماء … وافتُضح أمر جواسيس الفضاء.
إنه صديقنا الذي ننتظر عودته دائمًا بشوق يا «أحمد» …
أحمد: لقد ذكَّرتني بصديقنا الذي عاد ولم نرَه.
عثمان: تقصد «زهير»؟
أحمد: نعم.
عثمان: هل حضر إلى «مصر» لزيارتك؟
أحمد: بالطبع لا …
عثمان: وهل تعرف سببَ حضوره؟
أحمد: نعم … فقد أتى لاستثمار أمواله هنا.
عثمان: في طريق «صلاح سالم»؟
ضحك «أحمد» وهو يقول له: في «مصر» يا ذكي!
عثمان: إن «مصر» واسعة!
أحمد: معك حق … ولن نَصِل إليه. يجب أن نعرف أين سيُقيم مشروعه.
عثمان: هل أعيَتك الحِيَل … ولم يَعُد لديك وسيلة أخرى للبحث عنه؟
أحمد: ليس لدينا غيرُ الوسائل التقليدية.
عثمان: تقصد البحث في الفنادق والمساكن الفندقية؟
أحمد: نعم … إلا إذا …
عثمان: إلا إذا لم ينزل في أيٍّ منها.
أحمد: وقام باستئجار شقة مفروشة …
عثمان: سيكون من الصعب الحصول عليها وقتَها … إلا إذا …
أحمد: إلا إذا ماذا؟
عثمان: إلا إذا اشترك كلُّ الشياطين في البحث عنه.
أحمد: لا يمكن أن نطلب منهم ذلك … فلدينا ما هو أهم.
وأثناء دوران السيارة حول صينية ميدان الجيزة … مالَت لدرجة خطيرة أثارَت دهشة «عثمان» … فسأل «أحمد» قائلًا: ماذا حدث؟
وبالطبع لم يكن «أحمد» يعلم بما جرى للسيارة … ولكنه استنتج أن تكون العجلة الأمامية سببَ ما حدث، فردَّ عليه قائلًا: أظنها العجلة الأمامية …
عثمان: اليسرى طبعًا …
أحمد: نعم … نعم …
عثمان: هل الهواء يتسرَّبُ منها؟
أحمد: منذ فترة …
عثمان: لو كان الأنبوب مثقوبًا لانفجر …
أحمد: ليس أمامنا غير التوقُّف والفحص.
وبعيدًا عن زحمة الميدان … وفي أول شارع الهرم … توقَّفت السيارة … ونزل الصديقان يفحصانها.
ولاحظ «أحمد» أنَّ «عثمان» يدور بأُذُنه على العجلة بحثًا عن شيء ما …
وفجأة توقَّف والتفت إليه قائلًا: إنه صمام التحكُّم في الهواء.