المفاجأة!
أنهى الشياطين استعدادهم لمغادرة الطائرة … وأصبحت جزيرة التمساح على مرمى بصرهم … ولم يظهر حتى ما يدلُّ على وجود اليخت.
وبدأت مشاعر القلق والتوتر تتسرَّب إليهم … ممَّا دفع «أحمد» للتدخُّل لدى قائد الطائرة … وقال له معاتبًا: هل الأوامر صدرَت إليك بتعذيبنا هكذا؟!
وشعر القائد بالقلق وسأله قائلًا: لماذا تقول ذلك يا سيد «أحمد»؟
أحمد: إننا نستعد لمغادرة الطائرة … وحتى الآن لا نعرف كيف وإلى أين؟
القائد: ألم أُخبرك؟
أحمد: أخبرتني بماذا؟!
لقد سألتك عن اليخت وأين يختبئ … فقلت لي: إنها مفاجأة … ولا يوجد في عملنا ما يسمَّى بالمفاجآت؟
القائد: اليخت هنا يا سيد «أحمد».
وبُهِتَ «أحمد» حين سمع هذا الكلام، وسأله قائلًا: هنا أين أيها القائد؟
القائد: على الطائرة … وسيتم إنزاله في المكان المحدد من قِبل المنظمة.
وبعيدًا عن الجزيرة بأكثر من عشرين كيلومترًا … حلَّقت الطائرة … في انتظار تجهيز اليخت لإنزاله.
وما إن أبلغ القائد بأن اليخت جاهز للهبوط … حتى حلَّقت الطائرة عموديًّا على مكان الإنزال.
وفي مشهد مثير … تدلَّت أربعة حبال تحمل اليخت في بطء شديد حتى بلغ الماء … فانسلتَت عنه الحبال … وعادت إلى الطائرة … ليُثبتَها أعضاءُ فريق الشياطين في أحزمتهم ويهبطوا متعلقين بها إلى أن وصلوا إلى سطح اليخت.
ففصلوها عن الأحزمة … وطارت الطائرة مغادِرةً موقع الإنزال … حتى لا تلفت نظر مَن بالجزيرة إليها …
وهكذا … أصبح الشياطين وحدهم في عرض المحيط الهادي على ظهر يخت … لا يعرفون عنه شيئًا … وليست لديهم معلومات كافية عن العملية … ولا كيف سيبدءونها … ولا من أين؟
ورغم أنَّ هذه التساؤلات كانت تدور في رأس كل الشياطين … إلا أن «عثمان» كان أولَ المصرحين بها حين قال: أين ملف العملية يا «أحمد»؟
أحمد: لقد وعدني قائد الطائرة أن أحصل عليه أثناء إنزال اليخت.
إلهام: وطار دون أن يعطيَها لك!
ريما: هل قال لك أثناء إنزال اليخت أم مع إنزال اليخت؟
عثمان: ياااه يا «ريما»، أعتقد أنه قال: أثناء إنزال اليخت.
ريما: فالملف معنا على اليخت.
إلهام: أنا أصدِّق كلامها … ولا تنسَوا أن العملية من إعداد المنظمة!
أحمد: تقصدين أنه لا مجال للسهو فيها؟
إلهام: نعم.
وأثناء انشغالهم بالحديث … كانت «ريما» قد حصلَت على الديسك وعلى الكمبيوتر الصغير جدًّا …
وفي الغرفة الرئيسية في اليخت … جلس الأربعة، وقد وضعوا الديسك في الكمبيوتر الصغير … وانتبهوا لكل ما يقال عن الجزيرة … وعصابة «سوبتك» وقفزهم على الحكم فيها … والخلافات المشتعلة بين أعضاء القبيلة الواحدة من الهنود ساكني الجزيرة بسبب بُعدهم عن عقيدة أجدادهم … واستبدال البقرة المقدسة بالتمساح المقدس.
وقد طلبت المنظمة من «أحمد» أن يحاول الاتصال بقطب من أقطاب عابدي البقر الهنود، والاتفاق معه على تكوين جماعات معارضة الحكم داخل الجزيرة … وحدَّدوا له موقعًا قريبًا من جزيرة التمساح المقدس … توجد به جزيرة صغيرة للغاية … عبارة عن كتلة صخرية ضخمة … يمارس فيها هذا الرجل طقوسًا خاصة به وبديانته …
في صباح يوم السبت من كل أسبوع … وقد أطلق عليها اسم الصخرة المقدسة … وهنا قال «أحمد»: سنكتفي الآن بهذا القدر من المعلومات … حتى نَصِل إلى هذه الصخرة …
عثمان: أتريد تنفيذ العملية خطوة خطوة؟
أحمد: ألا ترون أنَّ هذا أفضل؟
إلهام: نعم …
ورأت «ريما» أن تُدليَ برأيها، فقالت: وأنا معك في أنَّ ذلك أفضل … ولكن ألا تشعر بالجوع؟
وسبقه «عثمان» في الإجابة قائلًا: وأي جوع وسط هذه المياه … وهذا الهواء الطلق.
إلهام: من المؤكَّد أنَّ اليخت مجهَّز … وسنجد به ثلاجة.
ولم ينتظر «عثمان» أكثر من ذلك … بل أسرع يفحص أركان اليخت … حتى وصل إلى ثلاجته … وقد هاله أن وجدها عامرة بكل ما يُعينهم على إتمام مهمتهم.
وغير ذلك وجدوا معدات لصيد الأسماك … فأخفاها حتى لا تراها «ريما» … وتطلب منهم أن يصطادوا لها سمكًا طازجًا.
وأثناء إعدادهم الطعام … انشغل «أحمد» بالبحث عن الصخرة المقدسة … وفي رأسه يدور الكثير من الأفكار …
فها هي المنظمة قد جهَّزت له العدَّة والعتاد … وزوَّدَته بخريطة الموقع … ورسمَت له أول خطوط العملية … وعليه الآن أن يستفيدَ من كل ذلك.
وقطعَت عليه «ريما» صمْتَه قائلةً: إلى أين وصلت؟
أحمد: إلى الصخرة المقدسة.
ريما: ما رأيك أن نستفيد منها كقلعة حربية؟
أحمد: إنك قائد عسكري ماهر.
ونادَتهم «إلهام» لكي يتناولوا غَداءهم … واجتمع الأربعة حول مائدة مستديرة فوق سطح اليخت … وانكشفَت حولهم مساحةٌ هائلة من المحيط … وأصبحت جزيرة التمساح المقدس على مرمى بصرهم.
وعلى بُعد أميال منها صخرة تبدو كجزع شجرة صغيرة فوق الماء …
واستخدم «عثمان» منظارَه في كشف هُويتها، وغمغم قائلًا: إنها الصخرة المقدسة …
أحمد: ولماذا تُجزم بذلك؟
عثمان: ليس في المكان غيرها.