غريب عنك، الورد
بعيد عنك إنما قريب في كل الأشياء الأخرى، بعيد عنك بلا اسم، ولا جغرافية، ولا كلمات، بلا رجعة تنحدر الطريق الناعمة نحو أنامل السيدة التي نحبها جميعًا، ويعلن طائر الكُلُجكُلُج أنها لن تجيء إلى المزرعة إلَّا إذا بعدنا عنها مرمى حجارة كثيرة، مرمى ليل بأكمله وفكرة، صمت:
بعيد عنك، قريب من الموت والحمى، أرسم جندًا من الصراصير والبراغيث، أَسمع صوت أمي يدمر ويحرق ما بيني وبين الأشياء من تشوك وجمود.
تهرب الجرذة.
حبيبتي، حان الآن أن أكشف القناع عنك، وأهدي اسمك ورسْمك وميلادك والطرق السرية التي نخوض بركها المسحورة لكي نلتقي، حان الآن أن يعرف قليل من الناس، كيف إذَن أسرفت روحك في الهجر، كيف نقيم جسر الجسد روحًا بيني وبينك من الوردة …
حان الآن لصديقاتك الحزينات ولأحمد وشجيرات اللوسيان الآسيات أن يَرَوْنَ كيف أعريك من الوشم وخاتم الفضة القديم أنهض الجرح، وإن تناءت داره.
حان الآن أنْ نتنحى قليلًا عن السر للماء يلقي عليه تحية الطهارة، تجففه شمس نوفمبر الرمادية، حان وقت الاحتراق بالماء غليًا …
لقد تدنسنا أنا وأنت بريح زكية، هبط بها شيطانان مع آدم وحواء، من الجنة، سمِّي لي الشيطانين باسميهما يا حبيبتي، سمي باسمي، حرفي وحرفك لا ينتظمان في كلمة إلا أن تنفك دائرة إبليس، أن يخترقك المَطَلُ، فتدفعين نحوي كلَّ شيء يا حبيبتي، كل شيء مرة واحدة، كل بؤس الجحيم في المواعيد غير المنجَزة، الانتظار الطويل على برودة الأسفلت وحَذَر العسكر، لا أريد كل شيء، كل شيء يا حبيبتي يرغب في وسوسة الابتسام.
الأحذية مُعَدَّة جيدًا، فِراش الصغار، فرشاة الأسنان الناعمة، تَرَقُّب المهد يضيق مع دقات ساعة الحائط …
الأحذية معدة جيدًا …
بعيد عنك، أقرأ نشيد الإنشاد تحية لقبلة لم يُدْرِكها كِلانا، كانت تهرب من لسانك برعب أسطوري بين زحمة المشاة يُشْعلون الآن غابة من غبار المدينة، يَلْعنون المطر والحب في كأس واحدة لا تميت.
حان الآن أن أشرح معنى أنك الآن أقرب عندي من نجمٍ نَسِيَه الليل في القرية، أَدْهَشَه الأطفال عند الصباح، واحتَمَوْا بالاختباء بين أثواب أم كبيرة.
مُدِّي لي ذراعين وفخذَيْن وخصلة ونهْدَيْن، شعرًا، أنامِلُك المُغَلَّفة بداء اللذة، حديقة ورد الحمار وقمرين … مُدِّي إليَّ الآن … نخلك … والكلام … «وقال لي: كله لا أنظر إليه ولا يصلح لي».