بُغُم الأسماء
لو عَلِمْتُ أنَّ السجود لآدم ينجيني لسَجَدْتُ، ولكن قد علمت أنَّ وراء تلك الدائرة دوائر، فقلت في حالي: هَبْ أني نجوت من هذه الدائرة، كيف أنجو من الثانية والثالثة والرابعة؟
فدخل الصادق الدائرة الأولى، وهي السفر، هَبْ أنه نجى من هذه الدائرة فمن ينجيك من الغربة؟ من ينجيك من الأمريكيين والكنديين والاشتراكيين، وشامل كامل أوروبا؟ من ينجيك من روكسي وعاطف خيري؟ من ينجيك من انهيار الاتحاد السوفيتي ومجازر القاعدة؟ إنهم في كل مكان، الذين صنعوا القاعدة، هم ذاتهم الذين صنعوا انهيار الاتحاد السوفيتي، وهم الذين جَنَّدوا شيكيري توتو كوة في الحزب الشيوعي، جنبًا لجنب مع روزا لكسمبورغ ١٩١٨ بألمانيا، وهم الذين أَوْحَوْا لإبليس ألَّا يسجد لآدم ولا لمخلوق بعده، ربابة، إيقاعات كنيسة مجاورة تتسلل إلى حوش بيتنا، أفراح الحي الجنوبي بعيد السمك لا تحدها كراهية الطارقيلة للقرقور أو البلطي، الدنيا بخير، ولكنها بشر أجمل، والشر جميل وبهيج ورائع! الخير بارد ماسخ ولا طعم له! إنَّ الدم الذي يلون الشر هو الذي أعطاه حرارة الوردة وأزلية التراب، انظر جمال وليد إسماعيل حسن، انظر لروعة بابايات استيلا قيتانو، أميمة حسب الرسول، صلاح إبراهيم، بابا بلوم، واشتياق، مَن الذي أكد جمال هؤلاء؟ من الذي شقَّ نهر عطبرة على صخرتين كبيرتين، وأنشأ على شطه كمبو كديس، الأنادي، والرميلة، يد خبيثة، يد خيرة، الجامع الكبير، زاوية محمد عثمان، العرديبات، بنات البني عامر، والباريا والعنسبة، البجوك، فلاتيات الشوارع الغربية، مسكيت مدرسة البنات، يد شريرة هي اليد الخيرة ذاتها، دم الحلاج أضاءه أكثر، قتلة محمود محمد طه، طبخة دمه، الذين صنعوا البهار، الذين ولغوا الدم، الذين رقصوا على القبر، الذين عندما سمعوا نشيده تبولوا في أرديتهم، هم الآن الحجر الذي يدل على الرمس، كلما عرقوا تَفَصَّدَتْ مسامهم دمًا نعرفه، دم يدل عليهم، دمٌ نارُهُ هنا لا تنطفئ، على إيقاع الصيد ومراكب الكرنقو، على طس الأسماء، على بُغُم الكلام، على ناصية روكسي تسأل روحه روحه، الصادق، لما ولج دائرة طائعًا، أولج مليون دائرة قسرًا، طالما كفر بإبليس، دَعْه، فالله يؤجله لصاحبه في الحياة الدنيا قبل الممات.