جمهرة النشوة
الشجرةُ تستحم بضوء الشمس.
تغسل إبطيها في ملح شعاع الظهر، تغازل عُريها أطيار الجنة، في ذاكرة الشجرة عش السنجاب تبلل بالضوء.
تنوس أغصانُها تِيهًا، ثم عندما تشاء الشجرة تثمر نساء يتمرجحن في السماء، نساء عالقات في اشتهاء الضوء.
لما تقبلها الرياح الحبيبة يرقصن، يتساقطن، امرأة، امرأة، امرأة.
الشاعرُ في عزلته يستنجد بالظل، على كتفيه سلال الأوطان المجروحة والفكرة، الشاعر مثل نساء السلطان، لا يتشهى شيئًا، لا يرجو حبًّا، لا يتألم في لذة، يُعطي ما يُعْطَى، وما للأطفال لهن.
الشجرة تتفيأ ظِلَّها، تتذكر حكايات الشمس، تطهو للبذرة عبق النوار الأشتر، الشجرة أم الشمس، ولها ما للشمس من الأسماء، ولها ذات المفعال الضاري، منذ الليلة ألبس عري، أتباهى بسرة امرأة مجنونة على شفتيها خارطة للدنيا، اقرأ في فخذيها شجن الليل وآيات المسجونين الكفرة، يتسرب من بين نُعاس الأشجار صرير النهد كداء الإرواء.
افعلها يا مفتون بها، يا مجنون بطيب القلب.
افعلها يا قاتِلَها وحْدَك.
افعلها يا شاجِرَها وصَانِعَ من سُوق خطاياها حَبْل مِشْنقة الأيام المرذولة، يا حاطِبَها، يا من فضَّ بكارة أست العشق بقبلته، افعلها وتمطى بلذة ماء البحر، ملح الحيتان وجمهرة النشوة.
إني أمقتك مرارًا.
إني أتشهاك مرارًا.
إني أَمْتَصُّ رحيق الحنظلة المبروك بعينيك.
الليل قنديلٌ أعمى، يمسخ في ظلمة نفسي الأشياء.
كزهرة زقوم: الشاعر في شجرته.
يا صحبي، اكتب سيرتك وارحل.
ارسم خارطة خطاياك وارحل.
ارْوِ موسيقى الظمأ الأبدي.
فِيمَ تَرْحل، اختصر الروحَ رجاءً، بدماء الصوفي أقيم مآدب جُرحك، في قلبي.