في مديح الحانثات
أنْ تنتظر امرأة ولا تأتي أبدًا، خير من أنْ تنام وحدك؛ لأن انتظارها هو أيضًا حضور، أغلق الباب جيدًا على حنثها، تخلص من الوسائد الكسولة الرحيمة، لا تأبه لنداءات صرصار الليل الذكي، غناؤه لا يعود إليك بفائدة تُرْجَى، إنه — يا لَلْعَارِ — يحاول جاهدًا أنْ يغوي جندبة معتصمة في حنية ما في ذاكرته، تعلم كيف تحفظ تمائم الصبر عن ظَهْر قلب: بقدر ما أعطاك الله غريزة الحب، وهَبَكَ نعمة انتظار النساء.
لا تُعَوِّل كثيرًا على نحنحة الباب، قد تأتي المرأة من أي منفذ آخر، سُرتك مثلًا، فكرتك عن الله، كتاب علي ونينو لقربان سعيد، ثرثرة الجيران، سوء الظن، قارورة الماء الدافئ، صورتها على الحائط أو حتى ما تركته من عطرها في فمك، رسالة قصيرة بالوسائط، إيميل، متصفح جوجل، نُباح كلب الجيران، أو نداء صبايا يلعبن في غرفة مجاورة، لا يعني أن توعدك امرأة أنها ستحضر، عندما تقول لك: ٍسآتي إليك، هذا يعني فيما يعني إنني سأحاول أنْ آتي، أو إنني أفكر فيك بصورة جادة، أو ببساطة تقصد أنْ تقول لك سوف لا آتي إليك، مَنْ تظن نَفْسَك؟ والمرأة الذكية قد لا تعني بتلك الجملة شيئًا بعينه، حسنًا كل ذلك سبيل أنْ تجد المرأة، وتستمتع بجماليات حنثها، إذَن ما عليك إلَّا أنْ تتعلم كيف تحصلها في كل حال من هذه الأحوال، فالمرأة بالنسبة للرجل الذكي لا تخلف وعدًا أبدًا؛ لأن غيابها حضور أعظم، والإفادة من غيابها قد تكون في عظمة إيابها!
أنا لست غريبًا ولست شاذًّا، لكنني لا أرغب في النساء، وعندما أجد نفسي متورطًا في علاقة معهن، فإنني أدعوا الله أنْ يكن خائنات حانثات، وأنْ يَكْرَهْنَني بأسرع ما يمكن، فمن لا يغفر للمرأة خياناتها الصغيرة لا يستمتع بوفائها الوفير، وأجمل النساء عندي اللاتي مثل الظل، عندما تشعر بهن يكن قد شرعن في رحلة المغادَرة، بالطبع لا شيء يدوم، لا الحب، لا الكراهية ولا حتى متعة الفراش، تبقى ذكرى الانتظار البهي، مثل أثر مرور ثعبان على جسدك، باردة مُرعِشة، ناعسة ومخيفة.