نشيد الشتات
تفرَّقنا
تناثرنا، تشتتنا، حُرقنا بالجليد
شُوينا في الصحاري
تمزقنا، تآكلنا
تسَوَّسنا مثل أعواد الطلح
في وهاد ليس يدريها الجدود، ولا حلمت بها طيور بلادنا
ولا غنت لها جدات.
تناثرنا في البلاد
دون بيت، دون زيت، دون طوقٍ للنجاة، ولا خليل.
دون لغة أو موسيقى، دون أعياد وأطفال وضحكات تسر
دون كلمات الحبيبة أو دعاء الأمهات
في بلاد لا أسميها بلادًا
وطيور لا أناديها باسم غير أطيار غريبة
ونهود وخدود لا تحدثني بغير آيات الضياع
تشَتَّتْنَا كالضباع الهائمات بلا وطن
مثل ذرات الرمال على الوجوه، سوف يغسلنا الغريب ولا كفن.
كم تخيرنا بين الحرب والقتل والمتأسلمين؟
فاخترنا السفر.
لا بلاد قد نصلها
لا عناوين لدينا
لا خرائط غير ما في القلب من جرح وتيه وضجر
يا بلادي، يا بلادي، يا بلادي
يا بلادي
كم دموع سوف تُذرف؟
وجروح سوف تُنكأ؟
ومحطات تضيع من الوصول كلما قلنا اقتربنا، تختفي بين المسافة والضياع ونحن نمضي
لا نكل ولا نمل.
سأغني
رغم أني
ضيعت مزماري القديم
نسيت إيقاع الكلش
سأغني بربابة إصبعي
وأدق في الثلج اللئيم طبول أحبتي.
بإيقاع كإيقاع الجسد
وأقول: إني راجع للطين والأشجار، للبنت الجميلة والولد
ولكنني في الصبح أقتسم السيجارة والرغيف مع الطريق!
وأشم رائحة الجنود المجبرين على القتال
الصغار التائهين في مظلات اللجوء بلا رفيق
أشم صيحات الحريق
وترن في أذنيَّ صرخات دارفور الحبيبة والحريقة في أتون الظالمين
نداء انقسنا الضمير
طرقات المدافع في أقاصي كردفان
ويلوح لي من كل جُرح مارد وشيطان رجيم
وأرى وجه إبليس القديم في شكل غول
غارقًا في الدم، يلعق أرواح البشر
يأكل الأطفال والأزهار، والأرض الخصيبة والشجر.
لا يرتوي!
لا يرعوي!
لا يكتفي!
ليس تشبعه الجنائز والمآتم.
جراحات البائسين.
ليس تشبعه المواسم والسنون الطاعنات: ليلٌ طويلٌ أو نهار.
ليس يشبعه العدم، فأظل أمضي لا بلاد قد أصلها، لا عناوين لديَّ، لا خرائط
غير ما في القلب من جرح وغم.
١٤ / ٢ / ٢٠١٣