صلاةُ الجسد
أبناؤنا المشرَّدون على جسدك الحار، يرقصون على إيقاع نَبْضك، يتمرجحون في هدوء أنفاسك وابتسامتك الناعسة … أنتِ مُسجاة هنالك بكامل إرادة الوقت والقهوة، بكامل صُراخ العُشيبات المُصطفاة في سبيل النشوة، يُمَهِّدن سُبل الرب، ينشدن صلاة الجسد: أُحبك، أحبك، أحبك، ألف نجم وطائر، زرافة في سافنا كُوما قنذا الغنية، وأنت مثل ماء يتدفق بين صخرتين طيبتين كأحجار موسى، تبعثرين جسدك في المكان … تتشهين الشيء أن تذوبين فِيَّ …
ومثلي كما لم يعلمه الله، خائن وماكر، لا يَثِق في حنين يموء كهِرٍّ جبلي شبق … صلاة لأجلك وحدك، أُقَلِّد فيها إفك الحمام، وصدق الذئاب، وفُسق الدجاجات وأبكي؛ لأني أغني بصوت وأبكي بصوت، وأجني ثمار النهود التي تزهر فيك بصوت، أدعو وأعلم أن الإله يجيب دعاء الشقي، أصلي صلاة الجسد، لرب يظلل ليل البنات الجميل بجناحيَّ، وأنت البنياتُ ينمن في خاطري، يخَفْن الرجال جميعًا إلَّا أنا الوحيد في جوقة الجوارح، يعطي الطمأنينة والخوف والجن وشهوة الانتشاء بذات الألم …
أصلي لأجلك صلاة الجسد، لا سُورة تُقرأ، لا توراة، لا إنجيل، لا كماسترا، لا مشيل فوكو أو فوكوياما، لا فيدا، لا سرديات كتلك التي في كتاب الموتى، لا النفري، لا شيركو بيكاس، لا شيخ سنار التقى فرح، لا دون جوان خليع … ليس سِوى بُوذا ينقط ميلاد عيسى المسيح بحبر اللوتس، يدير بوصلة القيامات والأمهات الجميلات إلى وقتنا المتَّقِد … صلاة لأطفالنا في الجسد … ما بين صدرك ونهدك ونعليك، ما بين شارب اللذة وسكينة الجنجويد في رقاب المساكين …
أصلي لأجلك صلاة الجسد، مثل النخيل يُلَطِّف وجه السماء المحرق بالشمس والانتظار، مثل الدليب والدوم، تعلو بأوراقها وتُسقط أبناءها كأبنائنا المشردين في الأرض … أصلي لأجلك وحدك صلاة الجسد … امنحيني صلاة تُصَلَّى لأجلك، لأجلك وحدك صلاة الجسد … كُنَّ في الليل والغربة نفس المسافة ما بين ليل وغربة … نفس الجسد … أحبك، أحبك، أحبك، أحبك كثيرًا كحبة رمل، كذرة تِبرٍ وحنظل … أحبك جدًّا كشدوِ طيور الكُلج، كوخذ ضمير الحمام … أحبك أيضًا وأنى، ولكن، وثُمَّ، وبَعْدُ، وليت التي ثُمَّ ماذا وكيف … صلاة لأجلك وحدك، كأطفالنا المشَرَّدين فوق أديم الجسد، بلذة الرمل الذي نغني له، أحبك وكنا يمر القطار بعيدًا رويدًا رويدًا، تهمس لي: «بِحُب … حبيبي، بِحُب.»
أَمُدُّ يدي للسماء وقلبي، أستعين بشيخي وسيدي النفري، بالمواقف والمخاطبات، أصلي وأسلم، أشبعُ الوقت والميتين … رأيتك عند الصباح البهي تحلبين النعاج، تثقو بلحن سليمان النعاج، نشيدًا لأنشاد الجسد … كنت تنثرين وردك ملء المساء، كغاردينا البعاعيت مسمومة ومشتهاة، يفوح عطرُك، يسكر شهوة الاتِّعاظ الغبي لدينا «وحش السرير الزنيم»، وأنا مثل غُن يهيم بزوجة ملك، وأنت سلطانة تغوي خلًّا يخون ويوفي بحب يغني: لنا ما لنا من حنين لنا، لنا ما لنا من جمال.
يا هذه، يا مجدلية الروح، يا مريمي، ومريمي الأخرى وفاطمتي …