الحدث التوراتي والشرق الأدنى القديم
«إن المشكلة التي خلَّفها وراءه الدكتور الصليبي لا تَكمن في محتوى نظريته بالدرجة الأولى، بل في المنهج غير التاريخي الذي طبَّقه على مسألةٍ تاريخية في غاية الحساسية؛ ذلك أنَّ المقولات غير المدعَّمة علميًّا التي تَصدر عن مُؤرِّخ مرموق، يُمكِن أن تقود إلى مَزالقَ ومتاهات أكثر مما تُوصِّل إلى حقائقَ تُساهم في النهضة التي يشهدها علم التاريخ وعلم الآثار اليومَ في هذه المنطقة من العالَم.»
يُقدِّم هذا الكتاب رؤية نقدية لكتاب «التوراة جاءت من جزيرة العرب» ﻟ «كمال الصليبي»، الذي يُؤكِّد أن تاريخ اليهود والتوراة يرجع إلى جزيرة العرب، وبالتحديد في عسير والجزء الغربي المُطلِّ على البحر الأحمر، وليس فلسطين كما يظنُّ الجميع، ويستند في هذه النظرية إلى الدراسات اللغوية للأسماء الأصلية والتاريخية لمناطق جزيرة العرب، ومُقارنتها بالمناطق التي ورَدت في التوراة وشهدت قيامَ ممالك اليهود. ومن هذا المدخل يُحاول «فراس السواح» دراسةَ هذا المنهج اللغوي في تقصِّي أصل الحدث التوراتي، ومقارَنته بالمنهج الأركيولوجي الذي اعتمد عليه في دراسته، ويناقش أيضًا الإشكاليةَ الواقعة بين سؤاله حول المصداقية التاريخية للحدث التوراتي من خلال الاكتشافات الأركيولوجية ونفيها تاريخيةَ الحدث نفسه؛ وبين منهج «الصليبي» الذي ينطلق من التسليم بتاريخية الحدث التوراتي، ليُصبح السؤال حول جغرافيته.