النور والفراشة: رؤية جوته للإسلام وللأدبين العربي والفارسي مع النص الكامل للديوان الشرقي
«وجدتُ نفسي أهيمُ في رحلةٍ مع هذا الديوان، كما فعلَ صاحبُه في رحابِ الشرق. امتدَّت يدي إليه في أثناءِ البحثِ عن قاربِ النجاةِ وسطَ بِحارِ الهمومِ التي تُغرِقُنا ليلَ نهار. وفي لحظاتِ البحثِ عن الذاتِ وسطَ عالمٍ لا يَنجحُ إلا في إبعادِنا عن أنفُسِنا، عِشتُ معه لياليَ وَحْدةٍ طويلة، ودونَ أن أشعرَ وجدتُ بعضَ قصائدِه تفرضُ نفسَها عليَّ فأنظمُها شعرًا بجانبِ الأصل، ومعظمُها يُلحُّ عليَّ أن أنقلَه نثرًا سلِسًا بسيطًا حتى يوحيَ بعبيرِ الشرقِ وأنفاسِه.»
بمزيجٍ من رُوحَين فارسيةٍ وألمانية، وثقافتَين شرقيةٍ وغربية، يَصوغُ لنا «جوته» جواهرَ كلماتِه من عقلٍ تفتَّحَ على نوافذَ عربية، فاستنشقَ نسائمَ البلاغة، واستشعرَ عَراقةَ التراثِ وحكمتَه؛ فكانَت كُتبُه الاثنا عشرَ نبعًا يفيضُ رِقةً وعُذوبة، وزادَ من جمالِ ديوانِه حُسنُ ترجمتِه المنظومةِ على شاكلتِه «شعرًا». وقد رُصِّعَ الديوانُ بأسماءِ العديدِ من الأدباءِ والشعراءِ العربِ والمسلمين، واستلهمَت نصوصُه معانيَ من القرآنِ الكريمِ والأحاديثِ النبوية؛ فكانَ مزيجًا فريدًا بين الحضاراتِ والدِّيانات، ومثالًا على التسامحِ الفِكريِّ وشَراكةِ الضميرِ الإنساني. وقد تفضَّلَ مترجِمُه الدكتور «عبد الغفار مكاوي» بدراستِه وتقديمِه مع إضافةِ تعليقاتٍ وشروحٍ على الديوان، مُتبِعًا نفسَ الترتيبِ الموجودِ في النصِّ الأصلي؛ ليجعلَ من الكتابِ وجبةً متكاملةً لأصحابِ الذوقِ الأدبيِّ الرفيع.