كتاب الأمثال
١
تحدَّرت قطرة خائفة
تحدرت قطرةٌ خائفةٌ من السماء
وسط أنواع البحار فعصفت بها الأمواج،
لكن الله كافأ شجاعةَ الإيمان
ووهب القطرةَ القوة والبقاء،
ضمتها المحارة الساكنةُ في هدوء
وهي الآن لؤلؤة تنعمُ بالتكريم والخلود
وتتألق في تاج قيصرنا المجيد
بنظرةٍ ساحرةٍ سنيةِ البهاء.
٢
شدو البلبل في الليل
شدو البلبل في الليل تصاعد وسط الأنواء
نفذ الصوت لعرش الله الوضَّاء
كافأه الله على شَدْوه
في قفص ذهبيٍّ حبسه
والقفص ضلوع الإنسان
لم يزل الروحُ يحسُ بضيقِ السجن ولكن
لا ينفكُّ يرددُّ نغمًا حلو الأصداء
حين يفكر في محنته كالعقلاء!
٣
إيمان عجيب
حطَّمتُ ذات مرَّة قدحًا جميلًا
وكاد اليأس ينتابني،
ورحت ألعن كل الشياطين
على نَزقي وتهوُّري.
ثارت ثائرتي في مبدأ الأمر
ثم بكيتُ بكاءً حارًّا
وغلبني الحزن وأنا أجمع الشظايا
رقَّ الله لحالي فسوَّى القدحَ على الفور
وردَّه كاملًا صحيحًا كما كان من قَبل.
٤
تركت جوف محار لؤلؤة
تركت جوفَ محار لؤلؤة،
زينة اللؤلؤ، من أصلٍ نبيل،
هتفتْ بالصائغ الطيِّب أن
يصنع المعروفَ فيها والجميل،
إن ثقَبتَ الرأسَ مني فلقد
ضعتُ وانهدَّ كياني وانحطم
سأذوق المُرَّ لو جمَّعني
ورفاق السوء عقد منتظم!
•••
لستُ أبغي الآن إلا مكسبي،
فاعذريني واغفري ظلمي لك،
كيف للعقد إذن أن يزدهي
لو ترفقتُ ولم أقسُ عليك؟
٥
رأيت بدهشة وابتهاج
رأيت بدهشة وابتهاج
ريشة طاووسٍ بين صفحات القرآن،
مرحبًا بك في هذا المكان المقدس،
أغلى كنزٍ بين بدائع الأرض.
إن عظمة الله التي تتجلَّى في أصغر الكائنات،
نتعلمها منكَ، كما نتعلمها من نجوم السموات،
ونؤمنُ بأنه، وهو الذي يحيطُ الأكوان بنظرته،
قد طبَع هنا آثارَ عينيه،
وبهذا زيَّن هذه الريشة الخفيفة،
بحيثُ لم يُفلح الملوكُ (في يومٍ من الأيام)
في محاكاة بهاء هذا الطائر (الفتَّان).
ابتهجي بتواضعٍ بهذا المجد العظيم،
تكوني جديرةً بالمكانِ المقدَّسِ الكريم.
٦
كان عند أحد القياصرة
كان عند أحد القياصرة محاسبان،
اختصَّ أحدهما بالتحصيل والآخرُ بالصرف والإنفاق،
هذا فاضت الأموال من يديه،
وذلك لم يدرِ من أين يجمعها.
وماتَ الصرَّاف فاحتارَ الحاكم
لمن يعهد بأمر الصرْف،
ولم يكد يمضي وقتٌ يسمح للمرءِ بالالتفات،
حتى كان المحصِّل قد أثرى أفحشَ ثراء،
ولم يدرِ أحد — من كثرة الذهب — كيفَ يعيش،
لأنه لم يصرِف يومًا واحدًا أي شيء منه،
عندئذٍ اتَّضح للقيصر كل الوضوح،
من الذي كان السبب في ذلك البلاء.
وعرف كيف ينتفعُ بتلكِ الصدفة،
حين قرَّر ألا يشغل أحد أبدًا تلك الوظيفة.
٧
قال القِدرُ الجديد للمقلاة
قال القِدرُ الجديد للمقلاة:
— ما هذا البطنُ الأسود!
— هذا هو الذي تعوَّدنا عليه عند الطبخ.
تعال، تعال، أيها المغفل اللامع المصقول،
فسرعان ما يخفُّ غرورك.
وإذا احتفظت يد القدر بوجه صافٍ،
فلا يحملك ذلك على التفاخر؛
إذ ليس عليك إلا أن تنظر إلى مؤخرتك.
٨
الناس جميعًا من كبيرهم إلى صغيرهم
الناس جميعًا من كبيرهم إلى صغيرهم
يتفننون في نسج نسيجٍ لأنفسهم،
ويتباهون بالجلوس في وسطه
وفي أيديهم مقصاتهم ذات الأطراف الحادة المدببة.
فإذا اجتاحته مكنسة وأزاحته (من الوجود)
هتفوا صائحين: هذا شيءٌ فظيع.
لقد خربوا أعظم القصور.
٩
لما نزل يسوع من السماء
لما نزل يسوع من السماء، أتى معه بالكتاب الخالد، وهو الإنجيل،
قرأه على حوارييه ليلَ نهار
وللكلمة الإلهية فعلٌ وتأثير.
ثم صعدَ إلى السماء وأخذه معه،
ولكنهم كانوا قد أحسُّوا به غاية الإحساس.
ودنا كلُّ واحد منهم خطوة فخطوة
ما شعر به واختلف فيه عن غيره.
ليس لهذا أهمية، فقد تفاوتت قدراتهم،
ومع ذلك فإن المسيحيين يمكنهم
أن يعيشوا عليه حتى يوم الحساب.
١٠
حسن
على ضوء القمر في جنة الفردوس
وجد «يهوا» آدم غارقًا في نومٍ عميق
فوضع حواء صغيرةً بجانبه في هدوء
وراحت هي الأخرى في سُبات مديد.
وهكذا رقدت، في إهابٍ أرضيٍّ محدود
أجمل فكرتين من أفكار الله.
«حسن!» هكذا قال راضيًا عن صنعه البديع،
حتى لقد ابتعد عنهما وهو غير مستريح.
•••
لا عجبَ إذن أن تهزنا النشوة
عندما تنظر العين في العين نظرةً منتعشة،
وكأننا قد بلغنا من الأمر مداه
وأصبحنا قريبين ممن فكَّر فينا وبَرَأتْنا يداه.
فإذا دعانا إليه رحَّبنا بدعوته
ولكن بشرط أن نصعدَ إليه معًا لا كل واحد بمفرده.
فلتُحطك الآن أغلال ذراعيَّ بحبٍّ،
أنت يا أحلى ويا أجمل ما صوَّر ربِّي!