كتاب العشق
خبِّرني،
ماذا يبغيه القلب؟
قلبي مِلكُ يديك،
فصُنْه بحب.
١
نماذج
أنصِتْ واحفظ (في ذاكرتك)
قصص العُشَّاق الستَّة
•••
الكلمة تطلق شررًا
يشعله الحب:
رستم من رُوذابه …
•••
مجهولان لبعضهما
لكن أحدهما بجوار الآخر:
يوسف وزليخا.
•••
الحب مع الحرمان:
فرهاد مع شيرين.
•••
ما عَرفا إلا الحب:
ليلى والمجنون.
•••
عشقُ جميلٍ لبثينة
حتى وهي عجوز.
•••
وعذوبةُ نزوات العشق
بين سليمان (وبلقيس) السمرا!
لو أنت وعيتَ حكايات القلب،
لتشجَّع قلبكَ وعرفتَ الحب.
٢
زوج آخر
أجل، إن العشق من أكبر النِّعم!
من ذا الذي ينال (حظًّا) أجمل منه؟
لن تكون (بفضله) قويًّا، لن تصبح ثريًّا،
لكن ستكون شبيهًا بأعظم الأبطال.
سوف يتحدث الناس عن وامق وعذراء
كما يتحدثون عن الرسول.
هم بالأحرى لن يتحدثوا عنهما، بل سيذكرون اسمهما،
فالاسم (في الحقيقة) معلومٌ للجميع.
أمَّا ماذا فعلا، ماذا أتيا،
فأمرٌ لا يعلمه إنسان.
لقد أحبَّا، هذا هو (كلُّ) ما نعرفه (عنهما)،
وهو يُغْني عن أيِّ قولٍ، حين يسألنا أحدٌ عن وامق وعذراء.
٣
كتاب مطالعة
إن كتاب الحب
لأعجبُ الكتب،
عليه قد عكفتُ،
نظرت عن كَثَب،
به من الأفراح
صحائفُ قليلة،
للحزن والأتراح
ملازمُ طويلة،
للهَجر فيه باب،
وللقاء فضلٌ
مشتت شحيح.
مجلدات الهم
مُسْهبة الشروح
(بالسهد والجروح)
وما لها من حدٍّ.
أوَّاه يا نشاني!
وجدت في النهاية
طريقك الصحيح،
واللغز من يحله؟
أن يلتقي العشاق
(بعد عذاب القلب)
والهجر والفراق.
٤
أجل كانت هي العيون
أجل، كانت هي العيون التي رَنَت إليَّ،
وكان هو الفمُ الذي قبَّلني.
فخذانِ ضيِّقان، وجسدٌ ممتلئٌ بَضْ
وكأني أتمتع بنعيم الفردوس.
أوَكانت ها هنا، وإلى أين مضت؟
أجل هي التي كانت هنا، وهي التي أجزلتْ في العطاء،
أعطتني نفسها وهي تَفِر
وأسرتني (في أغلالها) طولَ العمر.
٥
تحذير
كذلك كان يلذُّ لي عن طيب خاطر
أن أضع نفسي في شِرَاك الغدائر،
ومِنْ ثَمَّ جرى لصديقك، يا حافظ،
ما سبق أن جرى لك.
•••
لكنهن يُضفِّرن اليوم
خُصلاتهن من الشعور الطويلة،
(على هيئة) خوذات لشنِّ غاراتهن،
كما عوَّدتنا الخبرةُ على ذلك.
•••
غير أن الذي يتروَّى (في الأمر) ويتدبَّر،
لا يسمح بأن يُفرَض عليه هذا القهر:
فقد يخاف المرء من الأغلال الثقيلة
ويندفع بنفسه (للوقوع) في الحبائل الخفيفة.
٦
غريق
يا له من رأس مستدير غنيٍّ بالخُصَل المجعَّدة!
وكلما سمحَ لي أن أتخلَّل بملء يديَّ
هذه الغدائر الثرية مرةً بعد مرة،
شعرت من أعماق القلب بأنني مُعَافى.
وكلما لثمت الجبينَ، والقوسَ، والعينَ، والفم،
أحسست بأني منتعشٌ وعاودني (نزفُ) الجرح.
أين تُراه سيتوقف، هذا المُشط بأسنانٍ خمس؟
إنه ليرجع من جديد إلى الغدائر.
والأُذُن لا تتمنَّع عن اللعب،
فليس ها هنا لحمٌ ولا ها هنا جلد،
وما أرقَّها للملاطفة، ما أحبَّها!
ومع ذلك فكلما داعب المرءُ هذا الرأس الصغير،
شعر دائمًا بالرغبة في أن تجوس يداه
صاعدةً هابطةً في هذا الشَّعر الأثيل.
هذا ما فعلته أنت كذلك يا حافظ،
أمَّا نحن فنبدأ فيه من جديد.
٧
أمر محير
هل لي أن أتكلم عن الزمرد،
الذي يزيِّنُ بنانك؟
أحيانًا ما تدعو الحاجةُ للكلمة،
وكثيرًا ما يغدو الصمتُ هو الأفضل.
•••
لأقُل إذن إن اللون
هو الأخضرُ والمنعشُ للعين!
ولا تقولي إنك تخشَين
أن يكون الألم والنُّدبة منه قريبين.
•••
أيًّا كان الأمرُ ففي وُسعك أن تقرئيه!
ما السر في هذه القوة، لماذا تؤثِّرين كلَّ هذا التأثير!
«إن جوهرك لجِدُّ خطير
بقدر ما الزمرد منعش ومثير.»
٨
أيتها المحبوبة آه!
أيتها المحبوبة، آه! في القيد الصارم
تنحبس أغانيَّ الحُرَّة
وهي التي كانت تطير هنا وهناك
في آفاق السماء الصافية.
إن الزمن يُفني كل شيء،
أمَّا هي فستبقى أبدًا.
وسيبقى كل سطرٍ فيها
خالدًا خلودَ الحب.
٩
عزاء سيئ
في منتصف الليل بكيتُ، نشجتُ
لأني احتجت إليك، شعرتُ بحرماني منكِ.
عندئذٍ جاءت أشباح الليل،
(فخفتُ)، خجلت.
ناديتُ عليها: يا أشباحَ الليل!
ها أنت ترينَ دموع العين
وكنت تمرين عليَّ
غريقًا في أحضان النوم،
إني أفتقدُ الخير كثيرًا، كل الخير
بربك إلا أحسنت الظن (وأقللت اللوم)،
من أضفيتِ عليه قديمًا ثوبَ الحكمة
حلَّ عليه الكرب ونزل الشؤم!
عبَرت أشباحُ الليل
وذهبت كالحة الوجه
فلم تحفل بي
إن كنت حكيمًا أو أحمق (يُعوِزُني الفهم).
١٠
قنوع
كم تخدع نفسك حين يصورُ لك الحبُّ
أن فتاتك، قد صارت مِلكَ يديك.
هذا شيء لا يمكن أن يسرَّ خاطري أبدًا،
فهي تعجبُ بألوان التملق (وتنتظرها منك).
الشاعر:
حسبي أن المحبوبةَ ملك يديَّ
وعذري الواضح
أن الحبَّ عطاءٌ حرٌّ
أمَّا الملقُ فإني لا أنشدُ منه
إلا تمجيدَ حبيب العمر.
١١
تحية
آه كم كانت سعادتي
وأنا أجوبُ تلك البلاد
التي يسير فيها الهدهد على الطريق.
رحت أبحثُ في الصخور
عن قواقع البحر المتحجرة،
وأتى الهدهد بالقرب مني
ناشرًا أهداب تاجه
وأخذ يخطرُ في خُيَلاء
— وهو الممتلئ بالحياة —
مُبديًا سخريَته من كل ما هو ميت.
قلت له: «يا هدهد!
الحق أنك طائرٌ جميل.
أسرع لتعلن للحبيبة
إنني أحبها
حبًّا أبديًّا
لقد سبق لك أيضًا القيام
بدور رسولِ الغرام
بين سليمان (الحكيم)
وملكة سبأ!»
١٢
تسليم
«أوَتَفْنى وتظلُّ ودودًا وتحب،
تضوي وتغني بغناءٍ عذب؟»
الشاعر:
الحب يعاملني بقسوة ويعاديني!
لهذا أودُّ أن أعترفَ عن طيب خاطر،
بأنني أغنِّي بقلبٍ ثقيلٍ محزون.
حاول أن تنظر مرة إلى الشموع،
(تجدها) تسطع بالضوء بينما تذوي وتموت.
ألمُ الحبِّ بحث عن مكان
شديد الوحشة ووحيد،
فلم يجدْ غيرَ فؤادي المُقْفر
حيث أقام عُشه في الفراغ.
١٣
أمر حتمي
من ذا يمكنه أن يأمر الطيور
بأن تلزم السكون في المروج؟
ومن ذا يستطيع أن يمنع الشِّياه
من الارتجاف تحت مقص الحلَّاق؟
•••
فهل أبدو متمرِّدًا وسيئ الأدب
إذا ما تلبَّد صوفي؟
كلا! فإن التمرُّد وسوء الأدب
يضطرني إليهما الحلَّاقُ الذي يجزُّ لِبْدَتي.
•••
من ذا الذي يمنعني من الغناء
على هواي حتى أبلغ عنان السماء،
وأسرَّ بنجواي إلى السحاب
وكيف فتنني فتنة تأخذ بالألباب؟
١٤
سر
وقف الخلقُ حيادَى مشدوهين
من نظرات المحبوب إليَّا،
أمَّا أنا فعليم، ولديَّ يقين
بالمعنى الكامن فيها (والمغزى)،
ذلك أنها تقول: أحب هذا الإنسان
لا ذلك الفُلان أو العِلَّان.
فتخلوا إذن، أيها الناس الطيبون
عما (يملأ نفوسكم) من تعجُّبٍ وحنين،
أجل إنها تنظر بغضبٍ رهيبٍ
إلى الجموع المتحلِّقة من حولها،
بينما تريد أن تعلن له وحده
عن موعد اللقاء الحلو القريب.
١٥
سر أعمق
«إننا مهتمون أعظمَ اهتمام
— نحن صيَّادي النوادر والأخبار —
بأن نعرف من هو حبيبك
وهل لك كذلك كثيرٌ من الأصهار
•••
أمَّا أنك ولهانٌ فهذا ما نراه،
ونُغبِطُك عليه من طيب خاطر،
وأمَّا أن حبيبك يبادلُكَ الغرام،
فهذا شيءٌ لا يمكننا تصديقه.»
•••
هلُمُّوا أيها السادةُ الأعزَّاء،
بادروا بالبحث عنها، ولكن حذار،
ستُصابون بالفزع إن هي وقفتْ هناك.
فإذا غابت قبَّلتم خيالها.
•••
إنكم تعرفون كيف تجرَّد شهابُ الدين
من ثيابه فوق (جبل) عرفات،
ولا تصفون أحدًا بالحمق
لأنه يحاكيه فيما فعل.
وإذا ذُكر اسمك في يوم من الأيام
أمَّا عرش قيصرك
أو أمام حبيبة قلبك
فليكن لك في ذلك أعظمُ جزاء.
•••
لذلك كان أفظع الفواجع والأحزان
أن يطلب المجنون ساعة احتضاره
ألا يذكر اسمه إنسان
أبدًا أمام ليلى (العامرية).