حديث صحفي
(مُثِّلث على مسرح الأوبرا المصرية، في حفلة
الاتحاد النسائي عام ١٩٣٨م.)
أشخاص الرواية
-
هو: قام به الأستاذ «سليمان نجيب».
-
هي: قامت به السيدة «أمينة السعيد».
-
السكرتيرة: قامت به الآنسة «عظيمة السعيد».
هو
(يتمشَّى في حجرة، ذهابًا وإيابًا
مفكِّرًا، وهو يُملي على «السكرتيرة الجالسة أمام الآلة
الكاتبة)
:
كتبت؟! … اكتبي كمان! … وإني من رأي الفيلسوف الألماني
«شوبنهور»، فهو قد فهم الحقيقة! … فهذا الجنس اللطيف، لا
يتغيَّر أبدًا، في أي زمان، ولا أي مكان! … إني كنت أرى
دائمًا، وما زلت أرى، أن المرأة مخلوق.
السكرتيرة
(تقف عن الكتابة فجأةً وتقول)
:
تافه!
هو
(يلتفت إليها)
:
إيش عرفك؟
السكرتيرة
:
مش حضرتك كنت ناوي تقول كده بالضبط؟
هو
:
أبدًا! … أنا كنت ناوي أقول حاجة تانية بالمرة … لكن كنت
حقول كده بعدين … وحيث إنك قلتيها … فمفيش لزوم أكسفك!
السكرتيرة
:
مرسي! (ثم تعود إلى الضرب على الآلة الكاتبة.)
هو
:
الناس اللي بيقولوا عني إني «عدو المرأة» غلطانين؛ لأني زي
ما انت شايفه دلوقت … ما اقدرشي أبدًا أكسف واحدة ست!
السكرتيرة
(لا تلتفت إليه، وتنظر في ساعة
معصمها)
:
الساعة دلوقت خمسة … وفيه ميعاد مع مندوب مجلة «المصور» جاي
يعمل حديث مع الأستاذ!
هو
:
حديث؟ … موضوعه إيه؟
السكرتيرة
:
موضوعه … «لماذا لا يتزوَّج عدو المرأة؟!
هو
(يقف)
:
لماذا لا يتزوج؟ … شيء جميل! … وده موضوع؟ … أنا مستحيل أعطي
حديث زي ده … الصحفيين دول مش فاهمين إيه المسألة، وأنا كمان
ما اقدرشي أتكلم بالصراحة، وأقول لهم إن الجواز عندي زي الموت!
… حد بيروح للموت برجليه؟ … والا هو حضرته اللي يطب على الواحد
منا كده غصب عنه؟! … أنا ما اقدرشي أحلف اني مش رايح أموت …
وكمان ما اقدرشي أحلف اني مش رايح أتجوز … الجواز جايز يدخل
عليَّ من الباب ده، في أي ساعة النهارده! … بكرة! … بعد سنة! …
اتنين! … مين عارف؟!
(جرس الباب يدق بشدة.)
هو
:
اللهم اجعله خير!
السكرتيرة
(تنهض مسرعةً وتذهب، ثم تعود وتقول بكل
جد)
:
واحده ست بتقول إنها جايه علشان تتجوز حضرتك!
هو
(كالمصعوق)
:
إيه؟
السكرتيرة
(تُخفي ابتسامة)
:
أقول لها تدخل؟
هي
:
إنت مجنونة؟!
السكرتيرة
:
أنا مالي … هي جايه علشان كده!
هو
:
جايه علشان كده؟ … وده معقول؟ … الجواز يطب على دماغي كده من
السما على غفلة!
السكرتيرة
:
ما انت حضرتك لسه كنت بتقول …
هو
(مقاطعًا)
:
أستاهل اللي بشرت على نفسي! … هي قالت لك إيه بالضبط؟
السكرتيرة
:
قالت كده …
(تدخل فتاة رشيقة جريئة.)
هي
:
أيوه … أنا قلت كده!
هو
(يُحملق فيها مستغربًا)
:
نعم؟!
(السكرتيرة تنظر إليها لحظة، ثم تخرج
وتتركهما.)
هي
(تشير إلى الآلة المكاتبة)
:
أنا متأسفة إني قطعت على الأديب الكبير، والروائي الشهير،
سلسلة أفكاره … لكن أنا مضطرة!
هو
:
مضطرة؟
هي
:
إنت عارف أنا جايه ليه طبعًا؟
هو
:
معلوماتي في الموضوع محتاجة لشوية تصحيح!
هي
:
السكرتيرة بتاعتك مش قالت لك!
هو
:
السكرتيرة بتاعتي كلامها غير موثوق به؛ لأنها طول شغلها
معانا في التأليف الخيالي … وكتابتها المواقف الروائية على
«الماكينة» كل يوم، أثَّرت في عقلها، وجعلتها تخلط الحقيقة
بالخيال.
هي
:
لأ … تقدر تعتمد على كلامها المرة دي؛ لأنه مضبوط خالص، ولا
فيش فيه خيال!
هو
:
سبحان الله! … بقى الكلام ما يطلعش مضبوط خالص، ولا فيش فيه
خيال إلا في الموضوع ده!
هي
:
وإيه رأيك بقى؟
هو
:
في إيه؟
هي
:
في سبب وجودي هنا؟!
هو
:
وأنا لا سمح الله تسبَّبت في وجودك هنا؟!
هي
:
يعني تحب اني أكون موجودة هنا والا لأ!
هو
:
الحب وعدمه دي مسألة تانية!
هي
:
بقى اسمع يا حضرة الروائي، أنا اتعودت في حياتي، أمشِّي
إرادتي على كل شيء في الدنيا! … عمر ما حد خالف لي طلب! … عمري
ما طلبت حاجة ولا نلتهاش! … وانا صغيرة قلت لبابا … أنا عايزه
أتعلم ركوب «الموتوسيكل»! … وفعلًا جاب لي «موتوسيكل»!
هو
:
كويس! … ده أنا لحد النهارده، ما عرفتش أركب
«بسكليت»!
هي
:
ولمَّا كبرت شوية، قلت لبابا يشتري لي باكار ٨ سلندر، أسوقه
بنفسي!
هو
:
برافو!
هو
:
والنهارده لمَّا سمعت ان فيه واحد اسمه «عدو المرأة»
…
هو
:
قلت لبابا إنه لازم يشتريه؛ علشان تسوقيه بنفسك!
هي
:
مضبوط كده!
هو
:
وحضرتك متأكدة ان في إمكانك بالطريقة دي؟!
هي
:
طبعًا … اللي خلاني قدرت أسوق موتوسيكل في سن ١٢، وباكار ٨
سلندر في سن ١٥، ما اقدرش دي الوقت أسوق حضرتك؟!
هو
:
أنا معترف صحيح إني مانيش ٨ سلندر … لكن …
هي
:
اطمئن! … أنا شاطرة في السواقة.
هو
:
وان حصل تصادم؟
هي
:
وما له؟ … هو انت اللي رايح تسوق؟ … أنا المسئولة عن دفع
جميع المخالفات والغرامات!
هو
:
والتحطيم، والتكسير، والتخرشيم، كل ده حاييجي في مين؟
هي
:
أنا أعرف جراج، يرجَّع العربية المكسرة، زي الجديدة
تمام!
هو
:
اعملي معروف! … أنا … يا حضرة الآنسة قدامي شغل! … وعندي
ميعاد صحفي!
هي
(تجلس وتخلع قفازها)
:
وأنا مش خارجة من هنا قبل ما أنفذ اللي في دماغي!
هو
:
كويس خالص! … إيه بقى غية حضرتك من كده يعني دلوقت؟
هي
:
غيتي اني أثبت للناس اني قدرت أمشي «عدو المرأة» على العجين
ما يلخبطوش! … إحنا متراهنين على كده، أنا وواحدة صاحبتي،
ولازم أكسب الرهان!
هو
(يخرج محفظته)
:
متراهنين على كام من فضلك؟
هي
:
إيه؟ … ناوي تدفع لي الرهان وتخلص؟!
هو
:
أظن كده أضمن!
هي
(باسِمة)
:
متراهنين على ١٠٠٠ جنيه؟!
هو
(يُدخل محفظته في جيبه)
:
بس كده؟
هي
(منتصرة)
:
شفت ازاي؟ … المسألة جد … والمبلغ جامد … الأسهل انك تسيبني
أمشيك على العجين!
هو
:
طيب أنا مستعد أمشي على العجين … بس اتفضلي روَّحي انت، وأنا
أعدك إني أمشي على ألف عجين، لوحدي ولا الخبطوش!
هي
:
لأ … الشرط اني أنا اللي أمشيك بنفسي.
هو
:
وان مشيت لوحدي في أمان الله، ما ينفعش؟
هي
:
مش معقول!
هو
:
اللهم آمنت وصدقت!
هي
:
آمنت بإيه؟
هو
:
باللي في بالي من زمان.
هي
:
… ألا على فكرة … قل بشرفك … إنت ليه «عدو المرأة»؟
هو
(بقوة ونفاد صبر)
:
بالضبط علشان الأعمال اللي بتعمليها انت دلوقت!
هي
:
آه! … بعطَّلك عن شغلك؟ … فهمت!
هو
:
فهمت دلوقت بس.
هي
:
اسمع … أنا مستعدة أكتب لك تعهُّد إن أسيبك تقرأ وتكتب
ساعتين في اليوم … مش كفاية كده؟
هو
:
وبقية اليوم؟
هي
:
استراحة.
هو
(في حِدة)
:
ساعتين شغل و٢٢ ساعة استراحة؟ … عايزاني أخرج من هدومي يا ست
انت؟
هي
:
أمال عايز ترتِّب ازاي «البروجرام»؟
هو
:
«البروجرام»؟
هي
:
أيوه «البروجرام»!
هو
(منفجرًا)
:
وأنا إيش زنقني إني أقيد حياتي ﺑ «بروجرام» … وأنا إيش أضنى
فؤادي إني أتجوز حضرتك؟! … ما تآخذنيش … وأنا إيه حكم عليَّ
بالزواج على العموم يا ناس وانا لسه في زهرة شبابي؟!
هي
:
طيب ما تزعلش! … نعمل اتفاق تاني!
هو
:
أبدًا ما اتفقش مع امرأة أبدًا!
هي
:
إيش عرفك؟
هو
:
المسألة باينة زي الشمس!
هي
:
إنت غلطان. إحنا يا ستات، بالرغم من كل شيء، عندنا فضيلة ما
تلقهاش عند الرجال! … هي إننا نحب نعرف عيوبنا ونصلحها … قل
لنا بالصراحة: إيه هي عيوبنا، قبل ما تزعل منا
وتعادينا!
هو
:
عيوبكم؟! … عيوبكم ان الواحدة منكم من نهار ما تعلمت تسوق
أوتوموبيل، فهمت ان كل راجل في الدنيا عبارة عن أوتوموبيل …
وان وثيقة الزواج عبارة عن رخصة سواقة!
هي
:
يعني بالاختصار عايزين أنتم يا رجال اللي يكون في يدكم
«الدركسيون»!
هو
:
أنا مش عايز في إيدي لا «دركسيون»، ولا «فرملة»! … قلت لك
ستي أنا شخصيًّا، ما اعرفش أسوق «بسكلت» … كل المسألة اني راجل
لازم أعيش في حرية مطلقة! … يعني لا حد يسوقني ولا أسوق حد …
أمَّا فيما يختص بغيري الأتومبيلات، يعني بقية الرجال
المتزوجين، أو اللي لسه خارجين من «الأجانس والجراج»، على وش
زواج … فأنا نصيحتي إنكم يا ستات تعاملوهم بشيء من اللطف،
ويكون أظرف لو أحسنتم بهم الظن، وتركتموهم يمشوا لوحدهم … يعني
بس خاسس عليكم إيه يا ستات؟ … اركبوا وانتم ساكتين!
هي
:
ساكتين ازاي؟ … كمان ما نضربش النفير؟
هو
:
آه … ضرب النفير ده أنا كنت ناسيه!
هو
:
ما لك؟
هو
:
المسألة مش نافعة أبدًا!
هي
:
ليه؟
هو
:
كله إلا ضرب النفير!
هي
:
طيب نضرب «كلاكسون»!
هو
:
وان قفلتم بقكم، وقعدتم كافيين خيركم شركم، من غير ضرب
الألسن والا «الكلاكسون»، يجرى إيه في الدنيا؟
هي
:
ودي تبقى عيشة إيه دي؟!
هو
:
سبحان الله!
(تدخل السكرتيرة، وتضرب على الآلة
الكاتبة.)
هي
:
يظهر اني عطلتك كتير!
هو
(يجيبها وينظر إلى السكرتيرة)
:
ما تقعديش تكسري دماغنا انت رخره دلوقت بالخبط ده … كفاية
اللي احنا فيه … إنت بتكتبي إيه؟
السكرتيرة
:
ولا حاجة … بس عايزه أبيض «المنظر الرابع» من جديد، زي ما
أمرتني، لكن بقى مش ضروري دلوقت! (تخرج).
هي
:
لما انت «عدو المرأة» ليه بتجيب لك «سكرتيرة» امرأة؟
هو
:
أمال أجيب مين أمرمط فيه وأوريه نجوم الضهر غير
امرأة؟
هي
:
بتنتقم؟
هو
:
دا السبب الأول … والسبب التاني إني أعترف لكم … الحق ان ما
فيش حد في الدنيا قدر ينبغ في وظيفة سكرتير غير المرأة! …
لأنها لمَّا تضع همَّها في عمل تخلص له، وتنقطع له بالكلية! …
لاحظي إن شغلي ده متعب جدًّا … يمكن أملى المنظر في رواية
ساعتين على السكرتيرة، وأقول لها بعد كده تبيضه على «الماكينة»
… وأرجع أقطع اللي كتبته وأمليها من جديد … وأحيانًا
«الديالوج» يقف مني، أقوم أقعد مبلم ساعة أفكر، والسكرتيرة
قاعدة رخره مبلمة قدامي من غير ذنب … وان تحركت، أو كحت، أو
تنفست، يبقى نهارها أسود … مسكينة! … يعجبني منها قوة الصبر
عندها!
ھي
(ضاحكة)
:
بس الصبر؟
هو
:
والذكاء المدهش! … بعض ساعات تسبق أفكاري أو توضَّحها أكتر
مني.
هي
:
هيه … كويس … بس كده؟
هو
:
فيه إيه غير كده كمان.
هي
:
جميلة! … جذابة جدًّا!
هو
:
دي نقطة ما خدتش بالي منها … ومحبتش آخد بالي منها!
هي
:
مسكين!
هو
:
ليه مسكين؟!
هي
:
الجمال … النعمة اللي ربنا بعتها للناس في العالم القاسي …
دي عشان تلطف عليهم قسوته، وتروَّح عن نفسهم المتعبة! … المتعة
دي تبقى قدامك، وتعمى عنها؟
هو
(ينظر إليها قليلًا شاردًا … يسمع جرس
التليفون … يتناول السماعة وهو لا يزال ناظرًا إليها …
يتكلم)
:
ألو! … مين؟ … مجلة المصور؟ … لأ … النمرة غلط؟ (يضع
السماعة، فتأخذ هي في الضحك! … جرس التليفون يدق مرةً
أخرى).
هو
:
ألو! … مين؟ … مجلة «المصور» إيه؟ … آه … أنا كنت حددت ميعاد
النهارده علشان حديث؟ … آه … ده صحيح … إيه؟ … فيه واحد صحفي
من طرفكم عندي دلوقت؟ … مش ممكن … أنا بقول لك كده، أنا متأكد
ان ما عنديش دلوقت صحفيين بالمرة! (يضع السماعة).
هي
(تنهض باسمة)
:
متشكرة يا أستاذ … الحديث المطلوب أخذناه والحمد لله!
هو
(في دهشة)
:
إنت؟
هي
:
مندوبة «المصور» يا أفندم … مش برضه طريقة مبتكرة لأخذ حديث
عنوانه: «لماذا لا يتزوج عدو المرأة؟»
هو
:
آه … لأ … اسمحي لي … اسمحي لي أشهد للمرأة بالذكاء
والمهارة، والأمر الله!
هي
:
الأمر لله طبعًا على كل حال؟ … إنما أنا أعتبر نفسي دلوقت
نجحت مرتين!
هو
:
في إيه؟
هي
:
أولًا أخذت الحديث غصب عنك! … وثانيًا أخذت شهادة بالذكاء،
والمهارة للمرأة غصب عنك برضه!
هو
:
غصب عني ليه؟ … أنا دايمًا أشهد لها بكده!
هي
:
تبقى حضرتك متناقض جدًّا مع نفسك!
هو
:
أبدًا!
هي
:
مش أبدًا … شخص ذكي وماهر … ليه تعاديه؟
هو
:
لأن مهارته وذكاؤه وقف على معاندتي بس!
هي
:
لو كان عندك شيء من حسن السياسة … كنت تجعله وقف على
مساعدتك!
هي
:
السياسة ما لهاش دخل هنا!
هي
:
بالعكس! … هي كل شيء! … وإنت بتستغلها أحيانًا … شوف
سكرتيرتك؟!
هو
:
ما لها؟
هي
:
إنت بسياستك قدرت تستغل مواهبها، وتنتفع بها إلى أقصى
حد!
هو
:
ودي سياسة؟ … دانا بامرمطها!
هي
:
أهي المرمطة دي هي سياسة الأعمال … صحيح انت ما قصدتش
بالمرمطة انها نوع من السياسة العملية! … ولكن الظروف عملت
كده! … أوجدت معارك «الآنسة» دي، وهي من النوع العملي بفطرتها
… فعجبها فيك أسلوب تفكيرك، ومخك الملتهب ده، وحبك الشديد لفنك
… فاشتغلت معاك بجد وإخلاص؛ لدرجة انك ما تمالكتش نفسك من
الإعجاب بها! … ولو انك غمضت عن الإعجاب بناحية تانية، هي
الجمال!
هو
:
الله! … الله!
هي
:
آه … أمال … تصور بقه ان دي تكون زوجة، تربطها بك روابط أشد
وأقوى … طبعًا إخلاصها يتضاعف، وجدها يتضاعف، وانتفاعك بيه
يتضاعف!
هو
:
إنت مش أخدت الحديث خلاص؟!
هي
:
لسه نقطة واحدة!
هو
:
أرجوكي تأجليها لوقت تاني! (يلتفت إلى جهة أخرى، محوِّلًا
وجهه ويجلس مفكرًا).
هي
(باسمة)
:
إلى اللقاء يا أستاذ!
(تخرج بخفة وهي ناظرة إليه باسمة، وهو لا يزال
مطرقًا مفكرًا ووجهه للجمهور … تلتقي بالسكرتيرة على الباب …
تتبادلان كلمتين سرًّا … تشير السكرتيرة بالموافقة … تختفي «هي» في
جانب الباب … تدخل السكرتيرة … تذهب للآلة الكاتبة، تخبط عليها …
يرفع رأسه ببطء ناظرًا إليها نظرةً طويلة، ثم يقف بغتةً
بعصبية.)
هو
:
كملي!
السكرتيرة
:
إن المرأة مخلوق تافه.
هو
:
لأ … اشطبي تافه!
السكرتيرة
(تمسح بالأستيكة)
:
نعم! … مخلوق …
هو
:
عجيب! … تنبعث قوته من قلبه مباشرة؛ فهو إذا دفعه قلبه إلى
الإتقان أو إلى الإهمال، قام بما يدفعه إليه خير قيام! …
وأعتقد أن الرجل يكون إنتاجه عبقريًّا إلى حد بعيد (يطل رأس
«هي» من الباب … إذا استطاعت زوجته أن تقوم له بعمل
السكرتيرة).
هي
(تدخل قليلًا من الباب)
:
أو سكرتيرته بعمل الزوجة!
هو
(مبغوتًا)
:
إنت لسه هنا؟!
هي
:
خلاص النقطة الأخيرة من الحديث يا أستاذ! … متشكرة!
هو
(ناظرًا إلى السماء)
:
إنا لله وإنا إليه راجعون!