ثقافتنا في مواجهة العصر
«وها هنا نضع أصابعنا على ركيزةٍ أُولى، لا مَحيصَ لنا عن قَبولها إذا أردنا أن نَتشرَّب روحَ عصرنا، وهي أن نُزيل عن الماضي كلَّ ما نتوهَّمه له من عصمةٍ وكمال؛ فمهما تكن وسائلُ الماضي الثقافيةُ والحضارية ملائمةً لظروف عصرها؛ فهي بالضرورة تفقد هذه الصلاحيةَ في ظروف عصرنا.»
ما أهمُّ عناصر ثقافة العصر؟ وكيف واجَهها الإنسانُ العربي؟ هل بالقَبول، أم بالرفض، أم بالتعديل؟ هل يُمكِن أن تنجح المذاهبُ الفلسفية المعاصرة في إخراج الثقافة العربية من أزمتها، أم أن لكل مجتمعٍ مشكلاتِه التي تَنبثق منها المذاهبُ الفلسفية، وما يَصلح لمجتمعٍ ما لا يصلح بالضرورة لمجتمعٍ آخَر؟ هل يُمكِن التوفيقُ بين هذه المذاهب وبين الثقافة العربية؟ هل تحتاج الثقافة العربية إلى ثورةٍ فكرية؟ وإذا كانت كذلك فكيف تكون الثورة؟ أسئلة كثيرة يُثيرها ويجيب عنها الدكتور «زكي نجيب محمود» في كتابه الذي يضم مجموعةً من المقالات أراد بها إيجادَ صيغة ثقافية يلتقي فيها الموروث وثقافة العصر، راصدًا البناءَ الهيكلي للثقافة العربية، والخلط بين العقل والوجدان، ومؤكدًا على ضرورة الإيمان بالتقدُّم، وجاعلًا من المستقبل، لا الماضي، المعيارَ السليم نحو حضارةٍ جديدة.