تاريخ الفلسفة الغربية (الكتاب الثاني): الفلسفة الكاثوليكية
«وتختلف الفترةُ التي سنجعلها موضوعَ بحثِنا في هذا الكتاب عن العصور التي سبقَتها، وعن العصور التي لحِقَتها على السواء؛ تختلف عنها لا في الفلسفة فحسب، بل كذلك في وجوهٍ كثيرة أخرى، أهمها قوة الكنيسة.»
اتَّخذ الفكرُ الأوروبي في العصر الوسيط اتجاهًا مختلفًا ومتمايزًا عن الفترة السابقة له؛ إذ شهد هذا العصر سيطرةَ الكنيسة على المجال السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، وتكوينَ نظام اجتماعي يدور في فَلكها، وهو ما انعكس جلِيًّا على روح الفكر أيضًا؛ فأدَّى إلى بَلْورة ما عُرِف في تاريخ الفلسفة الغربية بالفلسفة الكاثوليكية، وظهورِ الكثير من الفلاسفة القِدِّيسين، مثل القِدِّيسَين «أوغسطين» و«توما الأكويني» وغيرهما من الفلاسفة والمدارس الفكرية المتوافِقة مع العقيدة المسيحية. كما تميَّز هذا العصر بالثُّنائيات، مثل: ثُنائية السلطة الدينية (ممثَّلةً في الكنيسة) والسلطة العلمانية (ممثَّلةً في الملوك)، وثُنائية الروح والجسد، وثُنائية مملكة الربِّ ومملكة الدنيا؛ وهو ما نَلمسه في هذا الكتاب الذي يُؤرِّخ فيه «برتراند رسل» للفلسفة الكاثوليكية، ضِمن مشروعه الأضخم؛ وهو التأريخ للفلسفة الغربية.