الفصل الخامس

تغيير حالة المادة

لا يهتم علماء الكيمياء الفيزيائية بحالات المادة في حد ذاتها فحسب؛ وإنما يهتمون أيضًا بالتحولات التي تخضع لها وتحولها من صورة إلى أخرى، كما في عمليتَي التجمد والغليان المعتادين، اللتين يعتبرهما الكيميائيون جزءًا من اختصاصهم. وسأعرض هنا لعملية الذوبان، لأنه سُجلت ملاحظات حول ذوبان الغازات في السوائل في بدايات علم الكيمياء الفيزيائية، وهي لا تزال ذات صلة حتى اليوم فيما يخص الدراسات البيئية وطب التخدير وعملية التنفس والأنشطة الترفيهية وكذلك البنية الرسمية للكيمياء الفيزيائية.

لا بد أنه اتضح من الفصول السابقة، لا سيما الفصلان الثاني والثالث، أن الكيمياء الفيزيائية تولي اهتمامًا بالغًا بالعمليات عند حالة الاتزان. وفي نطاق علم الكيمياء، نهتم بحالات الاتزان «الديناميكي» التي تستمر فيها العمليات الأمامية والعكسية ولكن بمعدلات متطابقة ولا يحدث فيها تغير كلي. وتُعد حالات الاتزان الكيميائي حالات اتزان حية بمعنى أنها تستطيع التفاعل مع التغيرات في الظروف نظرًا إلى أن العمليات الأساسية لا تزال نشطة. وهذا الجانب من الاتزان ذو أهمية قصوى لكل من الاتزان الكيميائي (الخاص بالتفاعلات) والاتزان الفيزيائي، وهو تغيرات الحالة التي أوليها الاهتمام هنا.

الغليان والتجمد

ربما يطرح عالِم الكيمياء الفيزيائية هذا السؤال: لماذا تتغير المادة من شكل إلى آخر عندما تتغير الظروف من حولها؟ من جهة، لا بد أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في الديناميكا الحرارية التي تحدد اتجاه التغيير التلقائي. كما رأينا في الفصل الثاني، تُعد طاقة جيبس مؤشرًا على اتجاه التغير التلقائي. ومع ذلك، عند مناقشة حالات الاتزان، يرى علماء الكيمياء الفيزيائية أنه من المناسب الاستعانة بالخاصية التي قدمها جوسايا جيبس في معادلته الأصلية للديناميكا الحرارية الكيميائية والمتمثلة في «الجهد الكيميائي»، ويرمز إليه ﺑ (مو). وبقدر ما يعنينا الأمر هنا، يمكن النظر إلى الجهد الكيميائي باعتباره طاقة جيبس التي تتمتع بها كتلة بحجم قياسي من العينة. (بتعبير أدق، بالنسبة إلى المادة النقية، الجهد الكيميائي هو طاقة جيبس المولية، أي طاقة جيبس لكل مول من الذرات أو الجزيئات.) والتسمية معبرة للغاية، لأنه يمكن اعتبار الجهد الكيميائي قوة الدفعة الكيميائية الخاصة بمادة ما. وبالتالي، إذا كان الجهد الكيميائي الخاص بسائل ما أكبر من الجهد الكيميائي الخاص ببخار ما، إذن يميل السائل إلى تكوين البخار. وإذا كان العكس صحيحًا، يكون الدفع في الاتجاه المعاكس ويكون للبخار ميل ليتكاثف ويتحول إلى السائل. وإذا تساوى الجهد الكيميائي وقوة الدفع الخاصة بكل من البخار والسائل، تكون حالتا المادة متوازنتين: تكونان في حالة اتزان ولا يكون هناك ميل إجمالي نحو التبخر أو التكاثف. تخيل لعبة شد الحبل، بحيث يحل الدفع محل الشد أو الجذب.

ويمكن التعبير عن جميع أنواع التغيرات في الحالة وحالات الاتزان المناظرة التي يُتوصَّل إليها عند التحول بين الحالات من خلال الجهد الكيميائي وقوة الدفع التي يمثلها. ويبتكر علماء الكيمياء الفيزيائية تعبيرات من أجل الجهد الكيميائي الخاص بمادة ما لتحديد الظروف التي تكون فيها أي حالتين (أو أكثر) من حالات المادة في حالة اتزان. فعلى سبيل المثال، ربما يُثبتون الضغط عند ١ ضغط جوي (وهو الضغط الجوي الطبيعي عند مستوى سطح البحر) ثم يُغيرون قيمة درجة الحرارة في المعادلات الخاصة بهم حتى يتطابق الجهد الكيميائي لحالتي السائل والبخار: تكون درجة الحرارة هذه هي «نقطة غليان» المادة. وبدلًا من ذلك، قد يغيرون درجة الحرارة في تعبيرات الجهد الكيميائي للشكلين السائل والصلب للمادة ويبحثون عن درجة الحرارة التي يتساوى عندها الجهدان الكيميائيان. وعند درجة الحرارة هذه، تصل المادة بحالتيها الصلبة والسائلة إلى حالة الاتزان وتسمى «نقطة تجمد» المادة.

بالطبع، سيضع عالِم الكيمياء الفيزيائية المُتمرِّس في اعتباره دومًا ما يحدث على المستوى الجزيئي ليتسبب في تغير الجهد الكيميائي. ويُعد الجهد الكيميائي، مثل طاقة جيبس نفسها، شكلًا مستترًا من أشكال الإنتروبي الكلي للنظام والوسط المحيط به. فإذا كان الجهد الكيميائي الخاص بالبخار أقل من ذلك الخاص بالسائل (مما يشير إلى ميل للتبخر)، فهذا يعني أن الإنتروبي الكلي بعد عملية التبخر أكبر مما كان عليه قبلها. وثمة عاملان مساهمان في تلك الزيادة. يتمثل أحدهما في زيادة إنتروبي النظام الذي يصحب انتشار السائل المضغوط على هيئة غاز. أما الآخر فيتمثل في انخفاض إنتروبي الوسط المحيط عند تدفق الحرارة منه إلى النظام لتمكين الجزيئات من التحرر من الجزيئات المجاورة. ذلك الانخفاض في الإنتروبي يعاكس زيادة إنتروبي النظام وقد يطغى عليه. في تلك الحالة، يكون الإنتروبي الكلي أقل بعد عملية التبخر ويكون الاتجاه التلقائي للتغير في الاتجاه العكسي، أي التكاثف. ومع ذلك، ينبغي أن تتذكر من الفصل الثاني أن التغير في الإنتروبي يُحسب من خلال قسمة الحرارة المكتسبة أو المفقودة على درجة الحرارة التي حدث عندها الانتقال. ويترتب على ذلك أنه إذا زادت درجة الحرارة، سيكون الانخفاض في إنتروبي الوسط المحيط أقل (تُقسم نفس حرارة الانتقال على عدد أكبر). وستأتي نقطة تكون فيها درجة الحرارة عالية جدًّا لدرجة أن صافي التغير يتحول من الانخفاض إلى الارتفاع (انظر شكل ٥-١). وحينئذٍ يصير التبخر تلقائيًّا.
fig19
شكل ٥-١: المراحل الثلاثة المتضمنة في الأحداث التي تؤدي إلى الغليان. عند درجات الحرارة المنخفضة، يكون انخفاض إنتروبي الوسط المحيط كبير جدًّا لدرجة أنه يطغى على زيادة إنتروبي النظام ويكون التكاثف تلقائيًّا. وعند درجات الحرارة المرتفعة، يحدث العكس ويكون التبخر تلقائيًّا. ويحدث الاتزان عندما تكون درجة الحرارة متوسطة ويتساوى تغيرا الإنتروبيين. تكون درجة الحرارة هذه هي نقطة الغليان. تشير الأسهم إلى تغيرات الإنتروبي.

لقد بينت الكيمياء الفيزيائية سبب تبخر المواد عند ارتفاع درجة الحرارة، والإجابة غريبة جدًّا فعلًا: فالزيادة في درجة الحرارة تحد من انخفاض الإنتروبي في الوسط المحيط لدرجة أنها لم تعد تطغى على زيادة إنتروبي النظام. في الواقع، يخفف ارتفاع درجة الحرارة من حدة التغيرات في الوسط المحيط بحيث يصبح التغير في إنتروبي النظام هو السائد. وتُعد نقطة الغليان — وكذلك نقطة التجمد بنفس المنطق — تجسيدين لقدرتنا على التلاعب بتغير الإنتروبي في الوسط المحيط من خلال تعديل درجة حرارته.

والآن، دعنا نتأمل الدور الذي يلعبه الضغط. كان أول النجاحات التي حققتها الديناميكا الحرارية الكيميائية هو التنبؤ الذي وصل إليه بينوا (إميل) كلابيرون (١٧٩٩-١٨٦٤) بخصوص تأثير الضغط على نقطة تجمد السوائل؛ وهو النجاح الذي أوحى إلى علماء العصر الفيكتوري بأنهم كانوا على الطريق الصحيح فيما يخص علم الطاقة الناشئ. الصورة البديهية واضحة تمامًا. تنكمش عينة معظم السوائل عندما تتجمد، إذن (وفقًا إلى مبدأ لو شاتلييه ومن الناحية العملية) تأتي زيادة الضغط لصالح المادة الصلبة ولا تكون هناك حاجة إلى خفض درجة الحرارة كثيرًا حتى يحدث التجمد. وهذا يعني أن تطبيق الضغط يرفع درجة التجمد. والماء، كما هي الحال في معظم الأشياء، لافت للنظر؛ إذ إن الثلج أقل كثافة من الماء السائل، لهذا يتمدد الماء عندما يتجمد (فتطفو الجبال الجليدية، ومن المفارقات أن سفينة «تايتانيك» غرقت لهذا السبب). في هذه الحالة، يأتي تطبيق الضغط لصالح السائل، وبالتالي لا يتحقق التجمد إلا من خلال خفض درجة الحرارة أكثر. هذا يعني أن تطبيق الضغط يخفض نقطة التجمد بالنسبة إلى الماء. تسهم تلك الاستجابة في سريان الأنهار الجليدية إلى الأمام، حيث يذوب الجليد عندما يحتك بالحواف الحادة للصخور الدفينة.

قدمت حسابات كلابيرون تنبؤات حول تأثير الضغط على نقطة انصهار الماء من حيث الفرق في كثافة الثلج والماء السائل، ولم تكن تنبؤاته في الاتجاه الصحيح فحسب (أي إن الضغط يقلل نقطة التجمد) وإنما كانت قريبة أيضًا من القيمة العددية التي رُصدت. يعرف علماء الكيمياء الفيزيائية الآن طريقة إعداد التعبير العام: يمكنهم حساب تأثير الضغط على الجهد الكيميائي لكل من الثلج والماء ومن ثَم تحديد كيفية ضبط درجة الحرارة بحيث يظل الجهد الكيميائي متساويًا عندما يتغير الضغط. ويمكنهم إجراء حسابات مماثلة حول تأثير الضغط على نقاط الغليان (بحيث تؤدي زيادة الضغط دائمًا إلى زيادة نقطة الغليان).

قاعدة الطور

أحد الجوانب الخاصة جدًّا للغليان والتجمد هو الاستنتاج الذي توصلت إليه الديناميكا الحرارية فيما يتعلق بحالات الاتزان بين الأشكال المختلفة للمادة. هذه هي «قاعدة الطور» التي وضعها جوسايا جيبس، وهي واحدة من أروع الاستنتاجات في الديناميكا الحرارية الكيميائية على الإطلاق. وقد صاغها في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر، وهو العصر الذهبي للديناميكا الحرارية الكيميائية.

«الطور» هو أحد أشكال المادة مثل الحالة السائلة أو الصلبة أو الغازية. وهو أكثر تحديدًا من «الحالة الفيزيائية» لأن المادة الصلبة قد توجد في عدة أطوار مختلفة. على سبيل المثال، يُعد الجرافيت طورًا صلبًا من الكربون، والألماس طورًا آخر منه. والهيليوم هو العنصر الوحيد المعروف بأنه يحظى بطورين سائلين، أحدهما سائل تقليدي والآخر مائع فائق، ينساب بدون لزوجة. ولا توجد مادة تحظى بأكثر من طور غازي واحد. ويكون أي طور خاص بمادة هو الطور الأكثر استقرارًا في ظل نطاق معين من قيم الضغط ودرجة الحرارة. على سبيل المثال، يُعد الطور الصلب التقليدي للماء (الثلج العادي؛ في الحقيقة يوجد نحو ١٢ شكلًا مختلفًا من الثلج) الطور الأكثر استقرارًا الخاص به عند ضغط مقداره ١ ضغط جوي ودرجات حرارة تقل عن صفر درجة مئوية، ويكون الطور الغازي («بخار الماء») هو الطور الأكثر استقرارًا الخاص به عند ضغط مقداره ١ ضغط جوي ودرجات حرارة تزيد عن ١٠٠ درجة مئوية. ونقصد بعبارة «الأكثر استقرارًا» هنا أن الطور يحظى بأقل جهد كيميائي وجميع الأطوار الأخرى، ذات الجهد الكيميائي الأعلى، تتمتع بميل تلقائي للتحول إليه. ومن ثَم، يمكن رسم خريطة باستخدام الضغط ودرجة الحرارة باعتبارهما إحداثيين يُبيِّنان مناطق الضغط ودرجة الحرارة التي يكون عندها كل طور الأكثر استقرارًا. وثمة تشبيه يتمثل في خريطة قارية؛ حيث إن كل بلد أو دولة تمثل نطاقات الضغط ودرجات الحرارة التي يكون عندها الطور المكافئ الأكثر استقرارًا (انظر شكل ٥-٢). يُطلق على هذا المخطط «مخطط الطور» وله أهمية كبرى في علم المواد، لا سيما عندما يتكون النظام قيد الدراسة من أكثر من مكون واحد (الحديد وعدة أنواع من الفولاذ مثلًا).
fig20
شكل ٥-٢: يُظهر مخطط الطور، الخاص بالماء في هذه الحالة، مناطق الضغط ودرجة الحرارة التي يكون فيها كل طور الأكثر استقرارًا. وتوجد أشكال كثيرة للثلج. الشكل البلوري السداسي هو أكثرها شيوعًا.

تُعد الخطوط الراسمة للحدود في مخطَّط الطور مواضع خاصة، أشبه تمامًا بالحدود الفاصلة بين القارات على أرض الواقع. وفي مخطط الطور، هي تمثل الظروف التي بموجبها يكون طوران متجاوران في حالة اتزان. على سبيل المثال، يبين الخط الفاصل بين السائل والبخار ظروف الضغط ودرجة الحرارة التي يصل فيها الطوران إلى حالة الاتزان ومن ثَم يمكن اعتباره رسم بياني لدرجة حرارة الغليان مقابل الضغط.

توجد عادةً مواضع في مخطَّط الطور، تمامًا كما هي الحال في الخرائط الخاصة بالقارات، حيث تلتقي الأطوار الثلاثة. عند هذه النقطة التي يُطلق عليها «النقطة الثلاثية» تكون الأطوار الثلاثة في حالة اتزان متبادل، وثمة عمليات مستمرة بلا توقف لتبادل الجزيئات بين جميع الأطوار الثلاثة بمعدلات متطابقة. والنقطة الثلاثية لمادة ما، الماء مثلًا، هي نقطة تحددها الطبيعة، وفي كل مكان بالكون (بحسب افتراضنا) تكون لها نفس القيمة تمامًا. في الواقع، لقد استُخدمت النقطة الثلاثية للماء لتحديد مقياس كلفن لدرجة الحرارة، لتكون ٢٧٣٫١٦ كلفن بالضبط (في الشكل الحالي للتعريف)، وبدوره يُستخدم ذلك التعريف لتحديد مقياس درجة الحرارة المئوية اليومية بواقع درجة الحرارة على مقياس كلفن ناقص ٢٧٣٫١٥ (أجل ٢٧٣٫١٥ وليس ٢٧٣٫١٦).

كانت مساهمة جيبس في فهم مخططات الطور هي استخلاص قاعدة بسيطة للغاية، وهي «قاعدة الطور»، لتفسير بنية أي مخطط طور، وليس فقط مخطط الطور البسيط المكون من مكون واحد فقط الذي وصفته. تساعد قاعدة الطور الكيميائي على تفسير المخططات واستخلاص استنتاجات حول تراكيب المخاليط، وفي ذلك التركيب المتغير للسوائل مثل البترول، أثناء تقطيرها وتنقيتها. وتُعد مخططات الطور للأنواع الأكثر تعقيدًا ضرورية في علم المعادن وعلم السبائك، حيث تلخص تكوين المعادن والسبائك.

تعليق

حتى تكتمل الفكرة، تنص قاعدة الطور على ما يلي: ؛ حيث هو عدد المتغيرات الخارجية (مثل الضغط ودرجة الحرارة) التي يمكن تغييرها، و هو عدد المكونات، و هو عدد الأطوار.

الذوبان والخلط

تندرج العمليتان المهمتان الخاصتان بالذوبان وتلك الظاهرة المماثلة في الأهمية، الخلط، تحت نطاق تخصص الكيمياء الفيزيائية. ويعود الاهتمام بهما إلى بدايات علم الكيمياء الفيزيائية وويليام هنري (١٧٧٤-١٨٣٦) الذي وضع قانون ذوبان الغاز في عام ١٨٠٣.

من السهل فهم عملية خلط الغازات باستخدام مبادئ الديناميكا الحرارية، وهي نقطة البداية لمناقشة الخلط والذوبان بشكل عام. يركز علماء الكيمياء الفيزيائية بشكل مبدئي على خلط الغازات المثالية التي لا يكون فيها أي تفاعلات بين الجزيئات: عندما يُسمح لغازين شغل الحاوية نفسها، يمتزجان حتمًا وينتشر كل منهما على نحو متجانس عبرها. ويفكر عالِم الكيمياء الفيزيائية في هذا الخلط على النحو التالي.

نظرًا إلى أن خلط غازين مثاليين يحدث تلقائيًّا، يمكننا أن نستنتج أن طاقة جيبس لأي خليط ينتج عنهما يجب أن تكون أقل من إجمالي طاقة جيبس للغازين قبل خلطهما عند مقدار الضغط نفسه ودرجة الحرارة عينها، إذ حينئذٍ يكون الخليط تلقائيًّا بغض النظر عن نسب الغازين. ولا يحدث أي تغيير في إنتروبي الوسط المحيط؛ فالطاقة لا تدخل الحاوية أو تخرج منها على هيئة حرارة حين تمتزج الجزيئات لأنه لا توجد أي تفاعلات بينها ولا تعرف بعضها بوجود البعض. ومن ثَم، لا بد أن سبب الخلط التلقائي يكمن في زيادة إنتروبي الغازين داخل الحاوية نفسها. وهذا أمر بديهي تمامًا، لأن النظام قبل حدوث الخلط يكون أقل اضطرابًا مما بعده، عندما تختلط جزيئات الغازين معًا.

يستعين علماء الكيمياء الفيزيائية بالمنطق نفسه لفئة المادة التي يطلقون عليها «المحلول المثالي»، وهي تمثل نقطة الانطلاق لجميع النقاشات الخاصة بالديناميكا الحرارية لخلط السوائل. والمحلول المثالي يشبه إلى حد كبير خليط الغازات المثالية من حيث إنه يُفترض أن الخلط يحدث دون تغير في الطاقة. ومن ثَم، ففي السائل ، تتفاعل الجزيئات بعضها مع بعض وتحظى بطاقة معينة بموجب هذه التفاعلات؛ وعلى نحو مماثل في السائل تتفاعل جميع الجزيئات بعضها مع بعض وتحظى أيضًا بطاقة معينة. وعندما يتكوَّن المحلول المثالي، تُحاط جزيئات السائلين بعضهما ببعض — فحول أي جزيء من السائل توجد جزيئات و بالنسب التي جرى إعداد الخليط بها، وبالمثل حول أي جزيء من السائل توجد جزيئات و بتلك النسب — وتتمتع بطاقة معينة. وفي المحلول المثالي تكون تلك الطاقة مماثلة لما عليه الحال في السوائل النقية عندما يكون كل جزيء مُحاطًا بجزيئات من نفس نوعه. ويوحي هذا التقريب، لأنه بالفعل تقريب، بأنه عندما يحدث الخلط، تختلط الجزيئات معًا بدون أي تغير للطاقة وبالتالي لا تؤثر على إنتروبي الوسط المحيط. وكما هي الحال مع الغاز المثالي، ترجع تلقائية الخليط فقط إلى الزيادة في إنتروبي النظام نظرًا إلى أن الجزيئات تختلط ويزداد اضطراب النظام.

لا توجد مخاليط سائلة كثيرة تسلك هذا النهج المثالي: يجب أن تكون الجزيئات مشابهة جدًّا حتى يكون من الممكن أن تكون تفاعلاتها الكيميائية مستقلة عن وسطها المختلط أو غير المختلط: وعادةً ما يجري الاستشهاد بالبنزين وميثيل البنزين (التولوين) كمثالين جديرين بالاعتبار، رغم أنهما ليسا مثاليين تمامًا. والمحلول المثالي مثال آخر على الحالة المثالية في الكيمياء الفيزيائية، وعلى الرغم من أنه نقطة انطلاق جيدة، فهو يتطلب بعض الاستفاضة.

والاستفاضة التي جرى استكشافها على نحو مثمر في الكيمياء الفيزيائية هي «المحلول العادي». يُفترض، في المحلول العادي، أن نوعي الجزيئات موزعين عبر الخليط بعشوائية تامة، كما هو في المحلول المثالي تمامًا. ومع ذلك، على عكس المحلول المثالي، الطاقة الخاصة بأي جزيء تعتمد على نسبة جزيئات و المحيطة بها، والشيء نفسه يسري على أي جزيء . ويوضح هذا النموذج الكثير جدًّا من الخواص الخاصة بالمحاليل الحقيقية. على سبيل المثال، إذا كانت قوة التفاعلات التي بين جزيئات والتي بين جزيئات تفوق التفاعلات بين جزيئات و ، حينئذٍ لن يختلط السائلان بالكامل ويتكون النظام من طورين، واحد خاص بالسائل مذاب في فائض من والآخر خاص بالسائل مذاب في فائض من .

لقد تحدثتُ عن الغاز المذاب في غاز آخر (أو المختلط معه) والسائل المذاب في سائل آخر (أو المختلط معه). ولكن ماذا عن الغازات المذابة في السوائل؟ هذا هو الموضع الذي قدم فيه هنري إسهامه قبل قرنين من الزمان وأرسى مبدأً ما زال مستخدمًا حتى اليوم. وجد هنري أن كمية الغاز المذابة في أي سائل تتناسب طرديًّا مع ضغط الغاز. قد يبدو هذا بالنسبة إلينا استنتاجًا طبيعيًّا إلى حد ما من واقع التجربة العملية، إلا أنه يجدر بنا تأمل الكيفية التي قد ينظر بها عالِم الكيمياء الفيزيائية إلى هذا الاستنتاج من حيث العمليات الجزيئية التي تحدث عند السطح البيني الواقع بين السائل والغاز.

وكما رأينا في الفصل الرابع، وفقًا للنموذج الحركي، الغاز عبارة عن دوامة من الجزيئات التي لا تنقطع أبدًا عن الحركة، فتتصادم بعضها مع بعض مليارات المرات في الثانية. وجزيئات الغاز الموجودة فوق سطح السائل تصطدم دون توقف بالسطح، وإذا كان التناثر مناسبًا عند هذا المستوى، فإنها تتناثر لأسفل إلى داخل السائل. وفي الوقت نفسه، جزيئات الغاز المدمجة بالفعل في السائل ترتفع إلى السطح من خلال التأرجح الجزيئي المستمر في السائل، وبمجرد أن تصل إلى هناك يمكنها أن تعلو وتنضم إلى الجزيئات الأخرى الموجودة فوق السطح (انظر شكل ٥-٣). وفي حالة الاتزان، يتساوى المعدل الذي تنفصل به جزيئات الغاز عن السائل مع معدل تناثر الجزيئات إلى أسفل داخل السائل. وفي حالة الاتزان هذه، يمكننا تسجيل درجة معينة من ذوبان الغاز (مثل عدد الجزيئات المذابة الموجودة في كل حجم من السائل). وإذا زاد ضغط الغاز، يزداد عدد جزيئات الغاز التي تصطدم بالسائل وتدخل فيه، ولكن يظل معدل تسلل الجزيئات المذابة بلا أي تغير. وعندما تتجدد حالة الاتزان، سيوجد المزيد من الجزيئات في السائل، تمامًا حسبما يوضح قانون هنري.
fig21
شكل ٥-٣: أحد التفسيرات البسيطة لقانون هنري يرى أنه في حالة الاتزان يتساوى معدل اصطدام جزيئات الغاز بسطح السائل واختراقها داخله مع معدل تسلل الجزيئات الموجودة فعليًّا بداخله للسطح. ويزداد معدل اصطدام جزيئات الغاز بسطح السائل واختراقها لداخله بزيادة ضغط الغاز، إلا أن هذا لا ينطبق على معدل تسلل الجزيئات الموجودة فعليًّا داخله للسطح.

عندما ترتفع درجة حرارة السائل، يسهل على الجزيء المُذاب أن يكتسب الطاقة الكافية ليتسلل عائدًا إلى الغاز؛ لا يتغير معدل الاصطدام من الغاز على نحو كبير. والنتيجة هي انخفاض تركيز الغاز المذاب في حالة الاتزان. وبالتالي، تبدو الغازات أقل قابلية للذوبان في الماء الساخن منها في الماء البارد. وعندما يستيقظ أحد علماء الكيمياء الفيزيائية في الصباح وتقع عيناه على الفقاعات في زجاجة الماء الموجودة على الطاولة بجوار السرير نظرًا إلى ارتفاع درجة حرارتها بالليل، فإنه يتذكر، أو الأوقع ينبغي عليه أن يتذكر، ويليام هنري ومناقشته لذوبان الغازات.

يساهم قانون هنري في فهمنا لشبكة العمليات التي تقوم عليها الحياة. فقدرة الحياة المائية على البقاء متوقفة على وجود الأكسجين المُذاب: فضغط الأكسجين في الهواء كافٍ للحفاظ على تركيزه عند مستوى قابل للاستمرار. ومع ذلك، إذا ارتفعت درجة حرارة الماء لأسباب صناعية أو طبيعية، قد ينخفض مستوى الأكسجين إلى درجات مميتة. ويلعب قانون هنري دورًا أيضًا في الأنشطة الترفيهية، مثل الغوص بجهاز التنفس، ونظيره التجاري المتمثل في الغوص على أعماق سحيقة في البحار، حيث بموجب هذا القانون يمكن تفسير ذوبان الأكسجين والنيتروجين في الدم وإمكانية تكوين الفقاعات الخطيرة مما يتسبب في داء الغوَّاص أو انخفاض الضغط المميت.

عمليات تحول المحاليل

لقد توصل علماء الكيمياء الفيزيائية إلى فهم الكيفية التي تؤثر بها المواد المذابة على خواص المحاليل. فعلى سبيل المثال، تأتي الممارسة اليومية المتمثلة في نثر الملح على الطرق لإعاقة تكوُّن الجليد استغلالًا لحقيقة انخفاض نقطة تجمد الماء في وجود الملح. كما أن هناك أيضًا خاصية مهمة جدًّا للمحاليل لا تتمتع بها السوائل النقية؛ ألا وهي الأسموزية أو التناضح. والأسموزية (والتي مقابلها الإنجليزي مشتق من الكلمة اليونانية التي تعني «الدفع») هي ميل مذيب لشق طريقه إلى داخل محلول من خلال غشاء ما. وهي مسئولة عن مجموعة متنوعة من الظواهر البيولوجية، مثل صعود النُّسغ في الأشجار والحفاظ على شكل كرات الدم الحمراء لدى الإنسان.

وعندما يتأمل علماء الكيمياء الفيزيائية الديناميكا الحرارية الخاصة بالمحاليل، يضعون في اعتبارهم دوري الطاقة والإنتروبي. لقد شرحت أنه من أجل أن يصير التبخر تلقائيًّا، يجب أن تزداد درجة حرارة الوسط المحيط ليقل التغير في الإنتروبي الخاص به عندما تنبعث الطاقة منه على هيئة حرارة وتنفذ إلى السائل. وعندما تذوب مادة في السائل، يكون الإنتروبي أكبر مما يكون عليه عندما يكون المذيب نقيًّا لأنه يستحيل التأكد من أن الاختيار العشوائي للجزيء سيقع على المذاب أم المذيب: هناك المزيد من الفوضى وبالتالي درجة أعلى من الإنتروبي. ونظرًا إلى أن إنتروبي السائل أعلى بالفعل من ذي قبل، ويكون للبخار (الخاص بالمذيب وحده، لأن المذاب لا يتبخر) نفس القدر من الإنتروبي، فإن الزيادة في إنتروبي النظام عندما يتبخر السائل ليست كبيرة كما هي الحال مع السائل النقي. وكالمعتاد، يتراجع إنتروبي الوسط المحيط لأن الحرارة تنساب إلى داخل السائل وعند درجات الحرارة المنخفضة يكون كبيرًا جدًّا لدرجة أنه يطغى على الزيادة في إنتروبي النظام. ومن أجل تقليل التغير الطارئ على إنتروبي الوسط المحيط ليتوافق مع الزيادة الأقل حاليًّا في إنتروبي النظام، يجب رفع درجة الحرارة، ولكن يجب أن تُرفع أكثر من ذي قبل. بمعنى أن ترتفع نقطة الغليان من خلال وجود مادة مذابة (انظر شكل ٥-٤).
fig22
شكل ٥-٤: تأثير مذاب على نقطة غليان مذيب. يجب رفع درجة الحرارة لكي يتوافق انخفاض إنتروبي الوسط المحيط مع الزيادة الأصغر الحالية في إنتروبي المذيب عندما يتبخر من المحلول.

يسري منطق مماثل على نقطة التجمد، التي تنخفض بوجود مذاب ما. وكثيرًا ما يُقال إن إضافة مانع تجمد إلى محرك السيارة هو مثال حي على هذا الانخفاض في نقطة التجمد. وعلى الرغم من وجود تشابهات، تختلف وظيفة مانع التجمد عند التركيزات العالية المستخدمة اختلافًا جذريًّا: تختلط جزيئات مانع التجمد بكل بساطة مع جزيئات الماء وتمنع تكوينها للروابط وتجمدها بالوصول إلى الحالة الصلبة.

عندما يوجد سائل ما وبخاره في حاوية مغلقة، يبذل البخار ضغطًا معينًا (عندما يتساوى معدل تسلل الجزيئات من السائل مع معدل تدفقها مرة أخرى إليه، كما في شكل ٥-٣). ويعتمد هذا الضغط المعين على درجة الحرارة ويُطلق عليه «ضغط البخار» الخاص بالسائل. وعندما يوجد مذاب ما، يكون ضغط البخار عند أي درجة حرارة محددة أقل من ضغط بخار السائل النقي لأسباب متعلقة بالإنتروبي، بشكل أو آخر كما شرحت آنفًا. وحُدد مدى الانخفاض من خلال قانون مُحدد آخر خاص بالكيمياء الفيزيائية، وضعه فرانسو-ماري راؤول (١٨٣٠–١٩٠١)، الذي قضى معظم العقود الأخير من حياته في قياس ضغط البخار. ينص «قانون راؤول»، في جوهره، على أن ضغط البخار الخاص بمذيب ما أو بأحد مكونات خليط سائل ما يتناسب طرديًّا مع نسبة جزيئات المذيب أو السائل الموجودة. ومخاليط السوائل الخاضعة لهذا القانون بدقة هي «المحاليل المثالية» التي ذكرتها من قبل. ولا تخضع المحاليل الفعلية، «المحاليل الحقيقية»، للقانون إلا بشكل مقيد عندما يساوي تركيز المذاب أو المكون الثاني للسائل صفرًا. وبالنسبة إلى معظم القوانين المقيدة، يُستخدم قانون راؤول كنقطة للانطلاق من أجل مناقشة الخواص الميكانيكية الحرارية للمخاليط والمحاليل، وهو الأساس لمعالجات أكثر تعقيدًا، مثل معالجة المحلول باعتباره عاديًّا، وليس مثاليًّا.

تُعد الأسموزية — وهي ميل جزيئات المذيب إلى التدفق من المذيب النقي إلى محلول منفصل عنه بغشاء منفذ (من الناحية الفنية، «غشاء شبه منفذ»، وهو الغشاء الذي يسمح بمرور جزيئات المذيب ولكن لا يسمح بمرور الأيونات أو الجزيئات الخاصة بالمذاب) — مظهرًا آخر من آثار الإنتروبي التي يسببها وجود مذاب ما. وعند وجود مذاب في مذيب، يكون الإنتروبي أعلى مما هو عليه عند غياب المذاب، ومن ثم فإن زيادة الإنتروبي، وبالتالي حدوث عملية تلقائية، تتحقق عندما ينساب المذيب عبر الغشاء من السائل النقي إلى المحلول. ويمكن التغلب على الميل نحو هذا الانسياب من خلال تطبيق ضغط على المحلول، والحد الأدنى للضغط اللازم للتغلب على الميل نحو الانسياب يُسمى «الضغط الأسموزي».

إذا اتصل أحد المحاليل بمحلول آخر عبر غشاء شبه منفذ، حينئذٍ لن يكون هناك انسياب إجمالي إذا بذلا نفس الضغط الأسموزي ويكونان «متساويَي الضغط الأسموزي». ومن ناحية أخرى، إذا تعرض المحلول المتصل بمذيب نقي عبر الغشاء شبه المنفذ لضغط أكبر من الضغط الأسموزي، سيتمتع المذيب بميل للانسياب في الاتجاه المعاكس، لينساب من المحلول إلى المذيب النقي. وهذا التأثير هو «الأسموزية المعاكسة أو التناضح العكسي» المستخدمة لتنقية مياه البحر وجعلها صالحة للشرب.

وإذا كان المحلول مثاليًّا، فثمة علاقة بسيطة جدًّا بين الضغط الأسموزي وتركيز المذاب، لخصتها المُعادلة التي اقترحها ياكوبس فانت هوف (١٨٥٢-١٩١١)، الفائز بأول جائزة نوبل للكيمياء (في عام ١٩٠١). وتُعد معادلته، التي تنص على أن الضغط الأسموزي يتناسب مع تركيز المذاب ودرجة الحرارة تناسبًا طرديًّا، أحد القوانين المقيدة الأخرى الخاصة بالكيمياء الفيزيائية، لأنها صحيحة على نحو دقيق فقط في حالة التركيز الصفري للمذاب. ومع ذلك، فهي نقطة انطلاق مفيدة للغاية في مناقشة المحاليل الحقيقية.

ويتمثل التطبيق الرئيسي لمعادلة فانت هوف وأشكالها الأكثر تفصيلًا في تحديد الأوزان الجزيئية للبوليمرات. المشكلة فيما يخص هذه الجزيئات هي أنها ضخمة جدًّا لدرجة أن حتى كمية كبيرة منها لا ترقى إلى مستوى المحلول المركز (من حيث الأعداد الموجودة). غير أن الضغط الأسموزي شديد الحساسية تجاه التركيز، ويمكن استنتاج أوزانها الجزيئية من قيمه. إلا أن أحد المشاكل الباقية هي أنها بعيدة تمامًا عن تكوين محاليل مثالية نظرًا إلى ضخامتها، ولذا هناك حاجة ضرورية لأشكال أكثر تفصيلًا من معادلة فانت هوف لتحليل النتائج.

تحولات أخرى

تتمثل التحولات الأكثر تعقيدًا من الغليان أو التجمد في التحولات بين الأطوار الصلبة المختلفة، التي جميعها يستهدف دراسته علماء الكيمياء الفيزيائية، رغم أنها في حالات كثيرة تندرج أكثر بطبيعة الحال ضمن تخصص علماء الفيزياء. تشمل تلك التحولات التغيرات في السلوك المغناطيسي والتحول من الحالة الفلزية إلى الحالة فائقة التوصيل. والحالة الأخيرة صارت ذات أهمية بالغة منذ اكتشاف المواد الخزفية ذات درجات الحرارة التحولية التي ليست أقل بكثير من درجة حرارة الغرفة. والتحولات بين الأطوار الصلبة المختلفة مهمة أيضًا في الكيمياء غير العضوية، والكيمياء الجيولوجية، وعلم المعادن، وعلم المواد بشكل عام وكل هذه المجالات تتعاون مع علماء الكيمياء الفيزيائية لتفسير العمليات المتضمنة والسعي وراء طرق للتعبير عن التحولات من الناحية الكميَّة.

التحدي الراهن

ثمة نوعان معقدان جدًّا من التحولات الطورية يجتذبان الآن اهتمامًا كبيرًا من جانب علماء الكيمياء الفيزيائية. أحدها تحول المادة من نوع إلى آخر من خلال عملية «التجميع الذاتي». في هذه العملية، تشجع البنية الجوهرية للجزيئات الفردية على التجمع في بنى معقدة دون أي تدخل خارجي. والأكثر تعقيدًا من ذلك هو تعديل البنى موضعيًّا، وهو ما يكمن وراء تخزين المعلومات. ومثال صارخ على ذلك تخزين كميات مهولة من المعلومات، مثل أعمال شكسبير، عن طريق توليف خيوط الحمض النووي مع وجود تسلسل قواعد مناسب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤