آفاق الإنسانية
آفاق الإنسانية واسعة، وأغوارها عميقة، ومداها من الزمن بعيد.
وحقٌّ على كل إنسان أن يذرع هذه الآفاق، وأن يسبر هذه الأغوار، وأن يبسط الرجاء على هذا المدى البعيد.
لا لأنه يعلم سيرة هذا الإنسان وحسب، ولا لأنه يحيط بتاريخ هذه الأمة وكفى، ولكن لأنه يحقق معناه ويبلغ به كماله، كلما عرف غاية من الغايات التي تنتهي إليها طاقة الإنسان.
وليس أعون له على ذلك من سير العظماء؛ لأنهم يتماثلون ويتناقضون، ويعرضون لنا ألوانًا من القدرة، وأنماطًا من الفطرة، وكلهم بعد ذلك على خلق عظيم.
وليس أجدر من عظمة «غاندي» بالمقابلة بينها وبين غيرها من ضروب العظمة الإنسانية؛ لأنك تقابله بألف عظيم من الأقدمين والمحدثين، كلهم يخالفه في كثير أو قليل أو يناقضه في كل صفة من الصفات، وهو بعد ذلك عظيم، وكلهم بعد ذلك عظماء.
والإنسانية العظيمة تطويهم في رحابهم أجمعين.
هذه صفحات تنزع إلى هذه الغاية ولا تنزع إلى غاية غيرها، ليست هي بسجل حوادث ولا تقويم أيام، ولكنها مرآة صغيرة يبدو فيها مناط العظمة من «مهاتما الهند» … وهو الروح العظيم.