الماسونيَّة العملية من سنة ١٠٠١ إلى سنة ١٧١٧ بعد المسيح
عصر الظلمات
-
سنة ١٠٠١ب.م: زعم الناس في هذا العصر أن الألف سنة المذكورة في الكتاب المقدس مضت،
وأنه سيأتي المسيح الدجال، ويملك سنتين ونصف، فلا يسلم العالم من
شرورهِ فتهلك الدنيا بما فيها وينبعث الموتى من قبورهم ليحضروا يوم
المشهد العظيم، فاضطربت الأحوال وتأخرت الأعمال واعترى العالم الغربي
خمول عظيم، فتفرقت الجمعيات وترك الناس الصنائع والفنون، ولم يعد أحد
يهتم في بناية ليشيدها، وكانت البنايات تتلاشى، وما من آسفٍ عليها يجدد
بناءها، وتقهقرت أوروبا كلها وبقي البنَّاءُون بلا عمل فوقعوا في
الرزايا والضيقات.
وظلَّت بعض المدارس في لومبارديا وبافيا وكوم، كما كانت في السابق ولم تقفر من الطلاب، وكان العلماء الذين فيها يدرِّسون الفلَك والطبيعيات حتى نبغوا فيها، ولم يشاركوا الشعب في أفكارهم وتخميناتهم، وكانوا يعلمون أسرارهم وتعاليمهم لطالبي الانتظام في سلكهم.
- سنة ١٠٠٣ب.م: هدأ الاضطراب في هذه السنة، وابتدأ دور التمدن والحضارة في الغرب، وصار الناس يُقبلون أفواجًا للانضمام إلى جماعة البنَّائين، وزال ما ألمَّ بالمسيحيين من الخوف والرعشة، فعادوا إلى أعمالهم ساخرين بجبانتهم السابقة، وشمَّروا عن ساعد الجِد والاجتهاد لتعويض ما خسروه أثناءَ السنين الماضية. وسنة ١٠٠٥ جدَّد البنَّاءُون بناء كل الكنائس والمعابد التي كانت من خشب فهدموها وشيدوا مكانها غيرها ذات متانة وفخامة.
الماسونيَّة في لومبارديا
-
سنة ١٠١٠ب.م: وفي السنة الألف والعشرة بعد المسيح كانت المدارس التي في لومبارديا
لا تزال زاهرة، وكانت لومبارديا في ذلك العهد مهد التمدن ومركز
الحضارة، ولبثت على ما كانت عليهِ رغمًا عن الحروب الداخلية
والاضطرابات والقلاقل، ودامت مدارس البنَّائين محافظة على تعاليمها
وقوانينها واعتقاداتها واتخذت لها اسم الجمعية الحرَّة، فأتاها عدد
عديد من الإكليروس ليدرسوا علم البناء ويتضلعوا فيهِ.
وكانت مدرسة كوم أشهر هذه المدارس وأعظمها، وكان يأتيها البنَّاءُون من سائر أنحاء العالم، وخصوصًا من إسبانيا واليونان لاكتساب أشياء جديدة منها مما كان أساتذتها يتفننون به وما استنبطوه من النوع الجديد الذي كان في غاية من الجمال، وقد سموه رومان Roman.
- سنة ١٠٤٠ب.م: في هذه السنة امتدت الماسونيَّة امتدادًا عظيمًا، وفي مدةٍ وجيزة ازدانت إيطاليا كلها ولومبارديا، خصوصًا بالكنائس والمعابد وغصت البلاد بجماعة البنَّائين حتى ضاقت عليهم بما رحبت فتألبوا يدًا واحدة ليروا إلى أمرهم مصيرًا فقرَّ رأيهم أن يتفرقوا جماعات إلى بلاد أخرى غريبة يبثون فيها روح التعاليم الماسونيَّة، واجتمع جماعة كبرى منهم، وألفوا جمعية عظيمة ليذهبوا ويجوبوا العالم المسيحي فيشيدوا الكنائس والأديرة ومحلات العبادة، وطلبوا من البابا أن يمنحهم امتيازاتهم القديمة ويساعدهم على إتمام هذا العمل المجيد، فخوَّلهم ما طلبوا وزاد عليهِ أن خصصهم وحدهم ببناء الكنائس والأديرة وأعفاهم من الضرائب التي كانت موضوعة على الشعب وحُفِظَت لهم هذه الامتيازات مرعية الجانب من جميع الشعوب وسائر الملوك.
الملك إدورد المعترف Edward the Confessor
- سنة ١٠٤٢ب.م: وُلد هذا الملك سنة ١٠٠٤ب.م في أسلب كونتية أُكسفورد، وجلس على تخت الملك سنة ١٠٤٢، وتوفي في ٥ يناير سنة ١٠٦٦، وله ترجمة في كتابنا «الجوهر المصون في مشاهير الماسون». وقد رأس الماسونيَّة في أول ملكهِ فنبذ كثيرًا مما لم يرَ له لزومًا في الجمعية، وأعاد لها رونقها فرمم كنيسة وستمنستر الشهيرة التي يتوَّج ملوك إنكلترا فيها الآن، وساعده لفريك أرل أُف كوفنتري Leofrieq of Coventry في أعمالهِ الماسونيَّة فأقامه إدورد رئيسًا أعظم على الماسون فأتمَّ هذا الأرل بنايات عديدة، وكان إدورد حاميًا للماسونيَّة كل تلك المدة.
- سنة ١٠٦٠ب.م: في هذه السنة تفرَّق البنَّاءُون من لومبارديا فذهبوا إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من البلدان والممالك، وباشروا أعمالهم فيها بالهمة والنشاط.
وليم الظافر William the Conqueror
-
سنة ١٠٦٦ب.م: في سنة ١٠٢٧ ولد وليم الظافر، وهو أول ملوك الدولة النورمندية، وحكم
سنة ١٠٦٦، ومات سنة ١١٠٧، وبعدما جلس على عرش الملك تتوَّج يوم عيد
الميلاد في كنيسة وستمنستر وعيَّن غوندولف Gondulph النقاش الشهير أسقفًا على روشستر، وجعل روجر
مونغميري أرل أوف شروبسري أستاذًا أعظم للماسون فتقدمت في أيامهما
الأعمال المدنيَّة والحربية، واشتغل البنَّاءُون في قلعة لندن التي
تمَّ بناؤُها في أيام وليم روفس الذي جدَّد جسر لندن بالخشب، وأقام قصر
ودار وستمنستر سنة ١٠٨٧.
وأمر وليم أن يهدموا الكنائس والمعابد القديمة ويشيدوا مكانها أخرى تكون أنيقة تفوق ما تقدمها وما عاصرها من البنايات في بريطانيا، وظهرت البلاد المسيحية في ذلك العهد بمظاهر واحدة من حب التقدم والعمران.
-
سنة ١٠٨٠ب.م: واشتهر في هذه السنة بيشيت نقاش كاتدرائية بيز، وفي هذه السنة دخلت
طائفة من البنَّائين بلاد البلجيك واستوطنوها وأقاموا بها معابد وكنائس
كثيرة. وأراد لِفيك أسقف دونرشت أن يبني في بلاده كاتدرائية عظيمة فطلب
من النقاش البارع بِلِبل Plebel
الهولندي، وهو أحد المشاهير في تلك الأيام، أن يرسم له خطة البناء
فامتثل ما أمره ورسم ما طُلب منه، ولكن الأسقف لم يكفهِ ما فعل، بل
أراد أن ينتحل لنفسهِ فخر التشييد والبناء، بغير أن يترشح لدرجات
الجمعية، ولكثرة ما وعد وتوعَّد ابن بِلِبل المذكور آنفًا أطلعه جهلًا
منه على أسرار الصناعة ومكنوناتها ودرَّبه في كيف يضع الأساس ويشيِّد
البناء، وكانت أسرار بناية الكنائس والمعابد محفوظة بغاية الضبط تحت طي
السر العميق، فلا يجسر على الإباحة بها أحد.
ورأى بِلِبل كيف أن الأسقف خدع ولده وسرق منه الأسرار التي لا ينالها المرءُ إلا بكل صعوبة، فحنق أشد الحنق وعزم أن يحفظ هذا السر فقتل الأسقف.
واشتهر في تلك السنة ريمي دي فيكان الذي كان كاهنًا ونقاشًا.
هنري الأول ملك إنكلترا
- سنة ١١٠٠ب.م: سنة ١١٠٠ كان هنري الأول ملك إنكلترا حاميًا للماسونيَّة، وهو ثالث أولاد وليم الفاتح ولد سنة ١٠٦٨ وتوفي سنة ١١٣٥، وفي مدة ملكهِ نال الماسون تمام الحرية، وكانت الاجتماعات الماسونيَّة في عز نموها وحُسن رونقها (انظر ترجمته في كتابنا «الجوهر المصون»).
- سنة ١١٢٥ب.م: في هذه السنة هاجر كثيرون من البنَّائين إلى ألمانيا، وكانوا يلقِّبون أنفسهم إخوة ماري يوحنا، ويدعون محافلهم محافل ماري يوحنا، وهذا اللقب قديم بين الماسون؛ لأنهم كانوا يدعون إخوة ماري يوحنا في بريطانيا في الجيل الرابع، وسببه أن الماسون قبل ظهور الديانة المسيحية كانوا يعيدون كل سنة في الانتقال الشمسي باحتفال عظيم، ولما انتشرت النصرانية بينهم ألغوا ذلك العيد واختاروا بدله عيد ماري يوحنا الموافق لعيد جانوس الإله الروماني الواقع في الاعتدال الشمسي في ٢٤ يناير، ولم يحوروا سوى ما لا يوافق روح الديانة المسيحية، ومن هؤلاء نشأ جماعات ماري يوحنا الذين امتدوا إلى ألمانيا وعموا بريطانيا. واشتهر في تلك السنة «هنري دي بلوا» الذي كان كاهنًا ونقاشًا لكنيسة الصليب المقدس قرب ونشستر.
- سنة ١١٣٥ب.م: وسنة ١١٣٥ خلف «هنري الأول» ستيفن، وأشغل البنَّائين ببناء معبد في وستمنستر وغيرها فتمَّ بناء ذلك في أيام غِلْبَرْت دي كلير Gilbert de Clare مركيز بمبروك سنة ١١٣٦ الذي كان في ذلك الوقت رئيسًا أعظم للمحافل الماسونيَّة الإنكليزية.
- سنة ١١٥٠ب.م: جاءَ البنَّاءُون من لومبارديا وأقاموا الكنائس والمعابد في إنكلترا وبنوا دير كلوينن (انظر [الباب الثاني، الماسونية العلمية، روبرت بروس الأول ملك اسكوتلندا]) الذي صار فيما بعد محلًّا لاجتماعهم.
- سنة ١١٥٢ب.م: اشتهر دجوتي سالفي نقاش كنيسة بيز.
هنري الثاني ملك إنكلترا
- سنة ١١٥٢ب.م: ولد هنري الثاني في مان سنة ١١٣٣ وحكم سنة ١١٥٤، وتوفي في شنيون سنة ١١٨٩، كما ترى في ترجمته ﺑ «الجوهر المصون» مفصلًا، وتولى حماية الماسون بنفسهِ، وكان أستاذًا أعظم للبنَّائين ورئيسًا أعظم للفرسان الهيكليين، ومن أخبارهِ أنه اهتمَّ بالهيكليين فأمرهم ببناء هيكلهم في فيلتستريت، وزهت الماسونيَّة في مدة حكمهِ شأنها في أيام كل ملك حر يحب خير الإنسانية، وفي أيامهِ جُعلت لندن عاصمة مملكة الإنكليز ولا تزال إلى الآن.
- سنة ١١٧٥ب.م: جاء فرنسا جماعة من البنَّائين وخصصوا أنفسهم لبناء الجسور (الكباري) وهم الذين بنوا جسر أفينيون سنة ١١٨٠، ثم بنوا كل جسور البروفنس واللورين. واشتهر في هذه السنة غيليوم دي سانس النقاش الإفرنسي الذي بنى كاتدرائية كنتربري.
رتشرد (ريكاردوس) قلب الأسد
- سنة ١١٨٢ب.م: ولد رتشرد الأول الملقب بقلب الأسد في أُكسفورد في ١٣ سبتمبر سنة ١١٥٧، وحكم سنة ١١٨٩ بعد وفاة والدهِ هنري الثاني السابق ذكره، وتوفي سنة ١١٩٩، وهو ثاني ملك لإنكلترا من عائلة بلانتاجنيت. ولما تولى الملك انتخبه جماعة الهيكليين الذين يدعون فرسان ماري يوحنا رئيسًا عليهم وانتخبه الماسون أستاذًا أعظم أيضًا للمحافل البريطانية، وظلَّ يسوس الجمعيتين كل حياتهِ. وفي أيامهِ جاءت طائفة من البنَّائين السوريين إلى أوروبا لرواج الأشغال فيها واتساع نطاق الأعمال وساعدوا في بناء كنيسة في فيلتستريت. وظهر من هيئة البناء أن هذه الجمعية حافظت على كل التعاليم والتقاليد الرومانية التي تعلموها بغير تغيير، وكان رتشرد عاضدًا لهذه الجمعية بكل إمكانهِ وفي ترجمته بكتابنا «الجوهر المصون» ذكر أخبارهِ وحروبه الصليبية مع السلطان صلاح الدين الأيوبي وغيرهِ.
- سنة ١١٩٩ب.م: ولما توفي رتشرد أوصى بالملك لأخيهِ يوحنا دوق مورتاني المولود سنة ١١٦٦ فتُوِّج في وستمنستر سنة ١١٩٩ ملكًا على إنكلترا. وفي ذلك العهد عيَّن بطرس كولتشرش أستاذًا أعظم للماسون فجدَّد بناء جسر لندن بالحجر، وتمَّ بناؤُه في أيام وليم الكمين النقاش الإنكليزي الشهير، وذلك سنة ١٢٠٩.
- سنة ١٢٠٩ب.م: وخلف بطرس كولتشرش بطرس ريوبيبس في الرئاسة على الماسون ونائبه في الرئاسة جيوفري فيتس بيبر الذي كان موكلًا على أشغال الملك. وتحت عناية هذين الشهمين زهت الماسونيَّة. وبقيت زاهية في حكم يوحنا سنستر الذي توفي سنة ١٢١٦، وهنري الثالث الذي ولد سنة ١٢٠٧ وحكم سنة ١٢١٦، وتوفي سنة ١٢٧٢.
- سنة ١٢٢٥ب.م: ظلت لومبارديا مهدًا لصناعة البناء ومحطًّا لرحال الطالبين الذين كانوا يتقاطرون من أربعة أقطار العالم ليقتبسوا من الماسونيَّة تلك الأنوار التي أشرقت وأنارت العالم بأسرهِ، وجاء البنَّاءُون البيزنطيون والذين تخرجوا من مدرسة كوردو ورأوا أعمال البنَّائين اللومبارديين وما يأتون من عجائب الصناعة، فعدلوا عن طريقتهم التي تكثر فيها الزخرفة والتنميق، ورأى اللومبارديون أن أعمالهم عطلة عن كل زخرفة وزينة، فأدخلوا إليها قليلًا من أعمال أولئك فنشأ عن هذا الامتزاج طريقة جديدة دعوها الكوتيك gothique، وهي غاية في الرقة والجمال، وقُبل هذا النمط فيما بعد في جميع بنايات الكنائس والأماكن المسيحية إلى القرن الخامس عشر.
- سنة ١٢٢٨ب.م: اشتهر النقاشان روبرت لوزارخس ونوماس كورمون سنة ١٢٢٠ إلى سنة ١٢٢٨.
- سنة ١٢٣٤ب.م: اشتهر جفتروي فتز بتر الأستاذ الأعظم.
- سنة ١٢٤١ب.م: اشتهر روبرت دي كوت نقاش كاتدرائية ريم التي بُدئ بإنشائها سنة ١٢١٤، وانتهت سنة ١٢٤١.
- سنة ١٢٤٨ب.م: اشتهر جيرار نقاش كاتدرائية ريم التي حُرِّقت سنة ١٢٤٨، وأُعيد بنائها سنة ١٢٤٨.
- سنة ١٢٥٠ب.م: اشتهر إدي دي مونتريل النقاش الإفرنسي بإنشائهِ ستة مدارس.
- سنة ١٢٥١ب.م: دعا لويس التاسع ملك فرنسا (وهو القديس لويس) النقاش إدي دي مونتريل Eudes de Montreuil ليحصن ميناء يافا في سورية، وقد رافقه في سفرتهِ هذه كثير من الإخوة البنَّائين.
إدورد الأول ملك إنكلترا
- سنة ١٢٧٢ب.م: تبوأ إدورد الأول ملك إنكلترا أريكة الملك، وانتُخب ولترجفرد أسقف يورك أستاذًا أعظم للماسون، وغِلبرت دي كلير أرل أوف كلوسستر نائبًا له، ورالف لورد أوف مونت هرمر جد عائلة مونتاغيو وكيلًا للأستاذ الأعظم. وهؤلاء النقاشون أتموا بناء كنيسة وستمنستر التي ابتدئَ ببنائها سنة ١٢٢٠، والكنيسة المدرسية التي في وستمنستر على اسم القديس استفانوس، وكان قد ابتدأ الملك إدورد بترميمها ثانيةً، وبقي الماسون يعملون فيها نحو سنتين، وليس لنا خبر حقيقي عن تمام بنائها، ولكننا نعرف أنه أثناءَ الحريق الذي حدث في وستمنستر حرقت هي أيضًا، وليس ثمت خبر أن بناءها أُعيد في عهد إدورد الأول؛ لأنه كان مشغولًا بالحروب فلا وقت عنده ولا مال لبنائها.
- سنة ١٢٧٥ب.م: اجتمع الماسون من أربعة أقطار المعمور في ستراسبورج بناءً على طلب الأخ أروين دي ستينباخ Erwin de Stinbach ليتذاكروا في أمر إتمام كاتدرائية ستراسبورج، فإنهم كانوا قد انقطعوا عن البناء فيها طويلًا وقرروا أن تكون بنايتها أعظم من التي وُضعت أولًا؛ أي سنة ١٠١٥، فحضر الأساتذة إلى ستراسبورج، وهناك بنوا لهم محفلًا وحلفوا اليمين المعظم أن يبقوا أبدًا محافظين على القوانين والشرائع الماسونيَّة، وأن لا يبوحوا لأحد بسر ما يأتونه من الأعمال المجيدة، وبنوا قرب الكاتدرائية المَنْوِي إنشاؤُها محفلًا من خشب يجتمعون فيهِ ويقررون أعمالهم وانتخبوا أروين دي ستينباخ أستاذًا لهم لأجل أتعابهِ ومكافأةً عليها وخصصوا له نقل السيف بيدهِ اليمنى، وأن يجلس على منبر عالٍ عن الآخرين، وكان هذا الأخ مهندسًا ونقاشًا لكاتدرائية ستراسبورج التي بدئَ بإنشائها سنة ١٢٧٥. وشكلوا في ذلك الزمان إشارات يتعارفون بها، ويميزون بعضهم بعضًا، وكان معظم هذه الإشارات والكلمات مأخوذ عن الطريقة البريطانية، فكان الأساتذة والمعلمون والتلامذة يتدرجون في المراتب كلٌّ منهم بحسب استحقاقهِ وأهليتهِ، وكان لكل درجة من هذه الدرجات احتفالات وأعمال تمثل أعظم الأسرار الماسونيَّة (انظر [الباب الأول، الفصل التاسع]).
- سنة ١٢٨٨ب.م: اشتهر رينو دي كرمون نقاش كاتدرائية أميانس التي نجز بناؤها في هذه السنة.
- سنة ١٢٩٠ب.م: اشتُهر جان دي شيل النقاش الإفرنسي الذي بنى جزءًا من كاتدرائية باريس.
- سنة ١٣٠٠ب.م: توفِّي أرنولف دي لابو نقاش كاتدرائية فلورنسا.
- سنة ١٣٠٧ب.م: وفي حكم إدورد الثاني١ اشتغل الماسون في بناء كلية إكستر Exeter وكلية أوريل وكلية أُكسفورد وكلية هول وكلية كمبردج وبنايات أخرى كثيرة تحت عناية وُلتر ستابلتون أسقف إكستر الذي عُيِّن أستاذًا أعظم سنة ١٣٠٧.
- سنة ١٣١٠ب.م: نجز بناءُ كاتدرائية كولونيا العظيمة التي بدأ البنَّاءُون بإنشائها سنة ١٢٤٨ وأهَّلت بعظمتها محفلًا بناها إلى أعلى درجات العز وأسمى معارج الفخر، فصارت كولونيا مقرًّا للعلوم البنائية إليها كان يتقاطر البنَّاءُون أفواجًا ليروا هذا العمل المجيد ويتفحصوه ورأى ماسون ألمانيا قصورهم وعجزهم عن الإتيان بمثله فأقروا برئاستهِ ودعوه المحفل الأعظم الكولوني هبتهوت Haupthutte، وأحرز رئيسه الرئاسة على كل الماسون الألمانيين ودعي أستاذًا أعظم.
- سنة ١٣١٢ب.م: أثار فيلبُّس ملك فرنسا الاضطهاد على فرسان ماري يوحنا، وكان اضطهادًا شديدًا أوصلهم إلى دركات الهوان، وكان يعينه على عمله البابا كليمانت الخامس فهرب هؤلاء ولجئُوا إلى المحافل الماسونيَّة بعد وفاة أستاذهم الأعظم جاك دي مولاي Jacques de Molay سنة ١٣١٤ فرأوا فيها حرزًا من الاضطهاد حريزًا.
روبرت بروس الأول ملك اسكوتلندا
- سنة ١٣١٤ب.م: اشتهر روبرت بروس الأول ملك اسكوتلندا الذي كان من سلالة ملوكية تولى الملك سنة ١٣٠٦، وتوج في سكوني، وكان في أول عمرهِ في بلاط إدورد الأول الملقب بذي الساقين فعندما هاجم إدورد الثاني ابن إدورد الأول الاسكوتلنديين بمائة ألف مقاتل من الإنكليز كان روبرت بروس رئيسًا لقومهِ الاسكوتلنديين فقابل إدورد بثلاثين ألف مقاتل وفتك بجيش خصومهِ الكثير العدد، وغنم غنائم كثيرة منهم، فقفل إدورد بالخيبة والفشل، وكان ذلك في ٢٤ يونيو سنة ١٣١٤، وقيل: إنه قُتِلَ ثلاثون ألف نفس من الإنكليز في تلك الموقعة التي لم يسمع بخسارة الإنكليز مثلها، وساعد الماسون روبرت بروس بإخلاص في تلك الحرب وفي الغاية التي كان ينازع عليها لنيل تاج الملك بعد وفاة حفيدتهِ مرغريت، ولما رأى ما أتوه نحوه من المبرات، وكيف أنهم أنجدوه في حربهِ حتى فاز على أضدادهِ أراد مكافأتهم على أعمالهم كي لا يعد كنودًا فصيَّر محفل كلوينن Kilwinning الذي تشيد عند بناية الكاتدرائية عينها محفلًا أعظم ودعاه مجمع هيرودوم الملوكي الأعظم Grande Loge royale de Hérodom وحفظ لنفسهِ حق الرئاسة على الماسونيَّة بشروط فقبلها الإخوة، ومن هذه الشروط؛ أولًا: أن تبقى الرئاسة العظمى إرثية منه لبنيهِ. ثانيًا: أن يكون نائبه رئيسًا على المحافل التي يوجد فيها، وشرط أن ينتخب نائبه من الإكليروس أو الأشراف، وحفظ لنفسهِ حق قبوله أو رفضهِ. وتوفي روبرت بروس سنة ١٣٢٩، وكانت الماسونيَّة زاهية مدة ملكهِ.
- سنة ١٣١٨ب.م: توفي الفاضل أروين دي ستينباخ المشهور الذي التأم مجمع ستراسبورج إجابةً لطلبهِ فحزن عليهِ عموم الماسون في ذلك الوقت، وتولى بعده جان دي ستينباخ فأنجز بناء كاتدرائية ستراسبورج سنة ١٣٣٨.
- سنة ١٣٢٠ب.م: توفي جان دي بيز نقاش كامبو سانتو.
- سنة ١٣٢٨ب.م: توفي جيوتو نقاش بيز الذي بنى جزءًا من كاتدرائية فلورنسا بعد أرنولف دي لابو المار ذكره.
- سنة ١٣٣٨ب.م: اشتهر إنكيران نقاش كاتدرائية بوفي التي بدأ بإنشائها هذه السنة.
داود الثاني ملك اسكوتلندا
- سنة ١٣٤١ب.م: ولد داود بروس المعروف بداود الثاني سنة ١٣٢٤، وتوِّج في سكون سنة ١٣٣١، وفي السنة التالية من ملكهِ خلعه إدورد باليول فالتجأ إلى فرنسا. وسنة ١٣٤١ طُرد باليول من اسكوتلندا، فعاد داود إليها وحمى الماسونيَّة في بلاده. وسنة ١٣٤٦ شن داود الغارة على إنكلترا لغياب ملكها إدورد الثالث بفرنسا، فهزم في دورهام وأُسر وبقي مسجونًا في برج لندن إلى سنة ١٣٥٧، ثم أُطلق سبيله بشرط أن يدفع مائة ألف ماركة في عشرين قسطًا. وتوفي داود في إدنبرو سنة ١٣٧٠، ولم ينجح في مدة ملكهِ ولا ترك أثرًا يذكر فيشكر.
- سنة ١٣٥٠ب.م: كان جان دي سبولي أستاذًا أعظم للماسون.
إدورد الثالث ملك إنكلترا
-
سنة ١٣٥٠ب.م: هو أكبر أولاد إدورد الثاني وابن إيزابلا الفرنسوية وُلد في وندسور
في ١٣ نوفمبر سنة ١٣١٢، ونودي باسمهِ ملكًا لإنكلترا في ٢٥ يناير سنة
١٣٢٧، وتوفي في شين التي اسمها الآن رتشمند في ٢١ يونيو سنة ١٣٧٧ (انظر
ترجمته في كتابنا «الجوهر المصون في مشاهير الماسون»).
دخل الماسونيَّة في الحادية والعشرين من عمرهِ سنة ١٣٣٣ وتولى رئاستها فزهت في أيامهِ وأينعت المعارف لتشجيعهِ إياها وتنشيطهِ المدارس ومساعدتها.
وقد ترتبت الماسونيَّة وتنظمت مدة ملكهِ وواظب على العمل بلا ملل محافظًا على مبادئ الجمعية وخيرها فحوَّر لائحة يورك القديمة التي وضعها أَدْوِن شقيق أثلستان سنة ٩٢٩، وأضاف إليها المواد المدرجة [الباب الأول، الفصل السادس، إضافة مهمة] من هذا الكتاب. وقد أيد المحافل وعضدها وعين خمسة مفتشين لملاحظة أعمال البنَّائين المفتش الأول يوحنا دي سبولي الذي رمم كنيسة ماري جرجس في وندسر، وفي ذلك الوقت أنشئوا وسام الساق (أو رباط الساق) سنة ١٣٥٠ بعد المسيح، والمفتش الثاني وليم يواكيم الذي صار بعد ذلك أسقف ونشستر وهو الذي رمَّم قلعة وندستر، وكان رئيسًا في ذلك الوقت على أربع مائة ماسوني يشتغلون بها سنة ١٣٥٧، والمفتش الثالث روبرت بارنهام الذي أتمَّ كنيسة ماري جرجس، وكان يرأس ٢٥٠ بنَّاءً وعمَّالًا غيرهم في القلعة (سنة ١٣٧٥)، والمفتش الرابع هنري بُوِل المكتوب عنه في الماسونيَّة القديمة أنه بنَّاءُ الملك، وبنى أعظم البيوت والدواوين مثل تشارتر هوس وقصر الملك والقاعة الملوكية في كمبردج، وبنى قصرًا للملكة ورمَّم كنيسة مار استفانوس٢ ووستمنستر وغيرها، والمفتش الخامس سمعان لانكهام راعي وستمنستر، وهو الذي رمم كاتدرائية وستمنستر، ولا تزال على ما كانت عليهِ إلى الآن، ثم ارتقى فصار أستاذًا أعظم سنة ١٣٨٧.وتعددت المحافل مدة وجود هؤلاء المفتشين وزادت اجتماعات الإخوة، وزهت الماسونيَّة تحت رعاية ذلك الملك.
انتشار الماسونيَّة في أوروبا
-
سنة ١٣٦٠ب.م: في سنة ١٣٦٠ وما بعدها لم يبقَ في ألمانيا بلدة إلا تأسس فيها محفل
ماسوني، إذ إن البنايات والكنائس كانت تشيد بسرعة والبنَّاءُون يشتغلون
بهمة شماءَ لا تعرف الملل ولا يعروها الكلل، وكانت المحافل الألمانية
تزهو وتزيد مثل المحافل البريطانية وعُدَّت مثل المحافل العظمى ولبث
محفل كولونيا Cologne طويلًا معدودًا
أعظم المحافل الماسونيَّة وأشهرها وأستاذه الأعظم رئيسًا عامًّا
للماسون الألمانيين إلى أن قام محفل ستراسبورغ Strasbourg، ونازعه الرئاسة، فأصبح رئيسًا لمحافل
ألمانيا العليا، ومحفل كولونيا لألمانيا السفلى.
وكانت ألمانيا تحوي خمسة محافل عظيمة: محفل كولونيا وستراسبورغ وبرن Berne وفينا Vienna ومكدبورغ Magdebourg، وكانت محافل فرنسا وبلجيكا Belgique تابعة لمحفل كولونيا ومحافل هيس Hess وسواب Suabe وتورنج Thuringe وفرانكونيا Franconie وبافاريا Bavière، وقسم من محافل فرنسا معترفة برئاسة محفل ستراسبورغ ومحافل النمسا Autriehe وهنكاريا Hnogrie وستيريا Styrie خاضعة لمحفل فينا، ومحافل سويسرا لبثت تابعة لمحفل برن طالما كانت تبني كاتدرائيتها، أخيرًا نقلت مركزها إلى زوريخ Zurich سنة ١٥٠٢، وانفصلت محافل الساكس Saxe عن محفل ستراسبورغ لتتبع محفل مكدبورغ.
روبرت ستوارت الثاني ملك اسكوتلندا
- سنة ١٣٧١ب.م: ولد هذا الملك سنة ١٣١٦، وقبض على زمام الملك مدة أسر خاله داود بروس، ثم خلفه سنة ١٣٧٠، وتولى رئاسة الماسون سنة ١٣٧١، وثبَّت أركان دولتهِ رغمًا عن وليم دوغلاس، واتحد بفرنسا وحارب إنكلترا فانتصر في معركة أوتر برن سنة ١٣٨٨، حيث عقد الصلح، وتوفي سنة ١٣٩٠.
رتشرد الثاني ملك إنكلترا
- سنة ١٣٧٧ب.م: خلف رتشرد الثاني جده إدورد الثالث ملك إنكلترا سنة ١٣٨٨، وكان وليم يواكيم أسقف ونشستر لا يزال رئيسًا على الماسون فرمَّم قاعة وستمنستر على الهيئة الباقية للآن، وشغل الماسون في بناء الكلية الجديدة في أُكسفورد وكلية ونشستر، وهاتان الكليتان بنيتا على نفقة وليم يواكيم الخصوصية.
- سنة ١٣٨٠ب.م: نجز بناءُ قصر الحمراء في غرناطة وهو الذي بدءوا بإنشائهِ سنة ١٢٤٨ وأتموه هذه السنة، وكان هذا القصر بدعة من بدائع الزمان، وآية في الجمال والأبهة والجلال، لم يبنَ مثله من قبل، وقد اشترك في بنائهِ قوم من كل النحل والملل حتى ظهر أخيرًا وعُدَّ من غرائب الزمان.
- سنة ١٣٨٠ب.م: في هذه السنة انتخب هنري بكلي أستاذًا أعظم للماسون في بريطانيا.
روبرت ستورت الثالث ملك اسكوتلندا
- سنة ١٣٩٠ب.م: بعد وفاة روبرت الثاني سنة ١٣٩٠ خلفه على أريكة الملك ولده ستِوَرْت الثالث المولود سنة ١٣١٦، فانتخب أستاذًا أعظم للماسون في تلك السنة، وقد كان بينه وبين هنري الرابع ملك إنكلترا معارك واختلافات شتى ولم تنجح الماسونيَّة في أيامهِ لانهماكهِ بأمور مختلفة، وهجر الملك ورحل إلى جزيرة بوت، ومات حزينًا على ولديهِ سنة ١٤٠٦.
هنري الرابع وهنري الخامس ملكا إنكلترا
-
سنة ١٣٩٩ب.م: اغتنم هنري دوق أوف لنكستر فرصة غياب رتشرد في أيرلندا، فعقد
اجتماعًا من محازبيهِ وخلعوا رتشرد عن الملك وقُتل (رتشرد) بعد ذلك
بقليل.
وجلس دوق أوف لنكستر على سرير الملك، وسمي هنري الرابع،٣ فعين توماس فتز أَلِن أرل أوف سوري أستاذًا أعظم للماسون سنة ١٣٩٩، وبعد ظفرهِ العظيم في الحرب على شروبري أقام الكنائس وبنى غلدهول في لندن، وتوفي سنة ١٤١٣ فخلفه في الملك ابنه البكر هنري الخامس٤ سنة ١٤١٣، وفي تلك السنة عُيِّن هنري تشيتشلي أسقف كنتربري أستاذًا أعظم للماسون، وكان البنَّاءُون يجتمعون بنشاط تحت رئاستهِ وروح المحبة والاتحاد سائدان عليهم.
جمس الأول ملك اسكوتلندا
-
سنة ١٤٢٤ب.م: جمس الأول ابن روبرت الثالث هو ثالث ملك من عائلة ستورت، وُلد في
انفرملين سنة ١٣٩٤، وقتل في برث في ٢١ فبراير سنة ١٤٣٧.
تربى على أيادي أسقف ماراندراوس، وبينما هو ذاهب إلى فرنسا سنة ١٤٠٥ قبضت بارجة إنكليزية على السفينة التي كان فيها، وأُسر عند الإنكليز، وبقي ١٩ سنة في الأسر، فأحسن هنري الرابع وهنري الخامس ملكا إنكلترا معاملته وتربيته، وسنة ١٤٢٤ أُعيد من أسرهِ إلى بلادهِ فجلس على عرش الملك، وكان حاميًا للماسونية ومثالًا لشعبهِ في الصبر والفضيلة، وقد أثرت في أخلاقهِ حُسن المعاملة التي عامله بها ملكا الإنكليز مدة أسرهِ واقتبس كثيرًا من عوائدهم الحسنة، ورأى فضائل الماسونيَّة في بلادهم فشجع قومه على اتباعها، وكان يحضر بنفسهِ الاجتماعات الماسونيَّة واقتدى به رجال بلاطهِ الملوكي وأعيان البلاد، فضاهت اسكوتلندا إنكلترا في محافلها واجتماعاتها. وسنَّ هذا الملك الفاضل للماسونية لوائح وقوانين وأحكامًا زادتها كمالًا، وفرض على من يطلب الانتظام في سلكها أن يدفع مبلغًا من المال، وأن يجمع من كل أستاذٍ فيها مبلغًا معينًا سنويًّا يسلَّم للأستاذ الأعظم الذي ينتخبه المحفل الأكبر ويوافق على انتخابهِ أحد أعضاء العائلة المالكة، أو أحد كبار الإكليروس من الماسون.
وكان مركز هذا الملك يخوِّله أن يرتِّب بين الماسون ما كان خارجًا عن شرائع بلاطهِ الملوكي من القوانين، فكان الأمراءُ والعظماءُ والبنَّاءُون من الماسون يأتون إليهِ فيفصل الاختلافات بينهم، وفي غيابهِ ينوب عنه بمثل هذه الأمور أحد كبار بلاطهِ أو ياوره الذي كان ساكنًا بالقرب منه.
هذا وتجد ترجمة حياتهِ مفصلة في كتابنا «الجوهر المصون».
هنري السادس ملك إنكلترا: والحوادث الماسونيَّة في بلاده ومدة ملكهِ
-
سنة ١٤٢٥ب.م: ولد هنري السادس ابن هنري الخامس في ٦ ديسمبر سنة ١٤٢١، وتوفي والده
وهو ابن تسعة أشهر، فتولى عمه دوق بدفورد نيابة الملك، وذهب إلى فرنسا؛
لأنه كان في ذلك الوقت قسم كبير منها تابعًا لإنكلترا، وعمه همفري دوق
أوف كلوسستر الوصاية عليهِ،٥ وتدبير أمور الحكومة في إنكلترا، وتولى هنري بيوفورت أسقف
ونشستر تربيته وهو عم دوقي كلوسستر وبدفورد، وكان مقتدرًا في قواه
العقلية، ومختبرًا أحوال المملكة حق الاختبار، لكنه كان رديء الطبع،
ذميم الخُلق، خبيث الطوية، وصفه التاريخ الماسوني الإنكليزي بأقبح
الصفحات، وذمَّ غدره ومكره وخداعه والوسائل التي استحلها لقهر خصمهِ،
وأحبَّ هذا الأسقف المداخلة في شئون المملكة لما رأى الملك قاصرًا
فمنعه ابن أخيهِ دوق كلوسستر عن قصدهِ فزادت النفرة بينهما حتى اضطر
البرلمان للمداخلة في الأمر.
ويقول التاريخ الماسوني الإنكليزي: إن الكردينال هنري بيوفرت وجماعته الذين لم تقبلهم الماسونيَّة لسوء خلقهم كانوا يقولون: إن لهم الحق في الاطلاع على كل ما يفعله الماسون، وأن الواجب عليهم أن يعترفوا لهم بما يفعلونه، ولكن الماسون كانوا ينفرون منهم ويحتقرونهم؛ ولذلك كانوا يشيعون أن وجودهم في المملكة خطر على الملك والشعب، فأثَّر هذا الكلام في البرلمان فعقد اجتماعًا بوسائط هذا الكردينال٦ ومداخلتهِ سنة ١٤٢٥، وقرر منع الاجتماعات والاحتفالات الماسونيَّة زعمًا منه أنها تلقي العراقيل بين العمَّال وتشوش نظام المملكة، وأصدروا أمرًا بإلغاء الماسونيَّة من المملكة بمصادقة الملك، وإذا عقد اجتماع أو احتفال يعاقب المجتمعون بالسجن والغرامة، وسنُّوا شرائع وقوانين بهذا الشأن فاحتجَّ الماسون على هذا العمل المنافي للعدل والصدق، ولم يجد احتجاجهم نفعًا، فداوموا اجتماعاتهم سرًّا غير مبالين بتلك الأوامر، وكانت المحافل تجتمع بنظام أكثر من العادة، وسادت المحبة بين الإخوان، واتحدوا برابطة الإخاء، وأنشئت محافل شتى في سائر أنحاء المملكة، فأنتجت المضادة خيرًا لها ودامت الحال على هذا المنوال زمنًا طويلًا والمحافل الماسونيَّة لا تزال تجتمع برئاسة هنري تشيتشلي أسقف كنتربري الذي قيل عنه في السجل اللاتيني لوليم مُلَر رئيس كنتربري: إنه الرجل الحر الصادق الأمين.٧
ولم تخفَ كل هذه الاجتماعات عن الحكومة وعن هنري بيوفورت، ولكنهم لم يستطيعوا أن يؤذوا أصحابها بشيءٍ، وكان بيوفورت يظن أنه بواسطة قرار البرلمان وكلام الإكليروس يحقِّر الماسونيَّة، فجاءت النتيجة بالعكس، وزادت الشحناءُ بينه وبين دوق كلوسستر وزيَّنت له نفسه الخبيثة الاستيلاء على لندن ومضايقة الدوق المذكور وقهر الماسونيَّة فدرى بأمرهِ دوق كلوسستر فبعث رسولًا بالسرعة إلى محافظ لندن، وكان يتغدى صباح عيد مار سمعان بعدما رجع من المحافظة في وستمنستر، وطلب منه أن يحضر إليهِ حالًا فأتاه اللورد المحافظ على الفور فأخبره أن المدينة في خطر وأنه ينبغي ملاحظتها كل الليل المقبل؛ لأنه علم أن عمه هنري بيوفورت مزمع أن يدخلها ويمتلكها بالقوة، فبقي المحافظ كل الليل سهران، وثاني يوم الساعة التاسعة صباحًا جاء الكردينال بيوفورت ومعه خدامه وأتباعه وحاولوا دخول المدينة من باب الجسر فردَّهم الأهالي بالقوة، فاغتاظ الكردينال العاتي، وعاد فجمع قوة أعظم وأتى برجالها مسلحين وهجم على باب الجسر، ولما علم الأهالي بعملهم أقفلوا محلات أشغالهم وتجمهروا على الجسر لصدهم، وكادت تحدث مذبحة هائلة لولا وصول محافظ لندن في تلك الدقيقة وتفريقه تلك الجماهير بالقوة. ووجد في ذلك الوقت الكردينال كنتربري وبطرس دوق أوف كويمبرا الابن الأكبر لملك البورتغال فتداخلوا في الأمر، وسكنوا الهياج وحجبوا سفك الدماء بعد الجهد الجهيد.
وعاد الكاردينال إلى بيتهِ وقلبه ملآن حقدًا ومكرًا وفكَّر ماذا يفعل حتى يغيظ دوق أوف كلوسستر فكتب إلى دوق بدفورد نائب الملك بفرنسا يقول:٨Right high and mighty prince, and my right noble, and after one leivest (earthly) lord
I recommend me unto your grace with all my heart. And as you desire the welfare of the king our sovereign lord, and of his realms of England and France, your own weal (health), with all yours haste you hither; For, by my troth, if you tarry long, we shall put this land in jeopardy (adventure) with a field; such a brother you have here; God make him a good man. For your wisdom well knoweth that the profit of France standeth in the welfare of England etc. The blessed Trinity keeps you. Written in a great haste at London, on Allhalloweneven.the 3lst of October, 1425By your servant, to my lives endHenry Winchesterأيها الأمير السامي القدير ومولاي الشريف الأرضي
إني أسلم نفسي لسموكم بكل قلبي، وبما أنك تريد خبر ملكنا وملكتيهِ إنكلترا وفرنسا، فمصلحتك ومصلحة من لك تدفعانك إلى ذلك بسرعة وبالحق أقول لك: إنك إذا تأخرت كثيرًا (عن الحضور إلينا) جعلنا هذه البلاد في خطر الحرب، وما هذا الأخ الذي لك أصلح الله حاله، وأنت تعلم أن خير فرنسا موافق لخير إنكلترا … إلخ — ليحفظك الثالوث الأقدس.
كتب بسرعة في لندن في ٣١ أكتوبر سنة ١٤٢٥عبدك إلى المماتهنري ونشستر -
سنة ١٤٢٦ب.م: ولما وصل الكتاب إلى بدفورد أسرع وجاء إلى لندن في ١٠ يناير سنة ١٤٢٦
وعقد عدة اجتماعات للتسوية بين عمهِ الكردينال وأخيهِ، وآخر مرَّة
اجتمع البرلمان٩ للبحث في كتاب الكردينال الذي بعثه لبدفورد بفرنسا، وسبب
قولهِ: «وبالحق أقول لك: إذا تأخرت كثيرًا جعلنا هذه البلاد في خطر
الحرب.»
وسألوا الكردينال بماذا يجيب عما كتب؟ فأجاب: إنه كان خائفًا من الماسونيَّة وأمثالها لئلا تسبب خراب المملكة لحنقها من قرار البرلمان السابق ذكره بإلغائها وتعطيل اجتماعاتها؛ ولذلك كتب ما كتب.
ولما كانت السلطة بيد أوف كلوسستر كان قادرًا على تنفيذ قرار البرلمان بإلغاء الماسونيَّة، ولكنه كان عالمًا ببراءَتها وحُسن نيتها وطويتها، وأن ما أصابها كان بدسائس الكردينال وانقياد البرلمان لآرائهِ السافلة فأخذ الجمعية بحمايتهِ وبرَّأها مما اتهمها بهِ أعداؤُها، وألقى التهمة على الكردينال وأتباعهِ.
-
سنة ١٤٣٧ب.م: وعلم الكردينال أنُه مخطئٌ لدى الشريعة فتداخل مع كثيرين حتى جعل
البرلمان يستعطف الملك فعفا عن أعمالهِ السيئة واعتداءاتهِ المضادة
لشريعة البلاد، وبعد خمس سنين نال من الملك عفوًا عن كل ذنوبهِ من يوم
خلق إلى ٢٦ يوليو سنة ١٤٣٧.
ومع كل الاحتياطات التي عملها الكردينال وجد «دوق كلوسستر» منه أمورًا توجب العقاب فشكاه إلى الملك بنفسهِ والملك حوَّل الشكاوى إلى محلات اختصاصها فعيَّن مجلسًا لمحاكمة الكردينال، وكان أكثر أعضائِه من حزبهِ فبعد المحاولة والمطاولة حكموا ببراءَة ساحتهِ، فاتخذ الحكم ببراءتهِ وسيلةً للإضرار بدوق كلوسستر.
وصمم هذا الكردينال على الوقيعة برجل اشتهر علمه وفضله. وبدهائهِ وخراب ذمتهِ استحضر جماعة من أمثالهِ يشهدون له بما يضر بدوق كلوسستر واتهمه بخيانةٍ فاجتمع البرلمان في أدموندسبري سنة ١٤٤٧، ولما حضر الدوق سجنوه، وثاني يوم وجدوه ميتًا في السجن فأشاعوا أنه مات موتًا طبيعيًّا لعدم وجود آثار في جسمهِ فحزن عليهِ الشعب حزنًا عظيمًا واعتقدوا أنه مات ظلمًا وذهب فريسة غدر الكردينال الخائن، وبعد ذلك اتهموا خمسة من الخدم أنهم شركاؤُه بالخيانة، فحكموا عليهم بالموت، وذلك بأن يقطَّعوا إربًا وهم أحياءُ فعلقوهم وعرَّوهم ورسموا على أجسامهم محلات التقطيع، ثم عفي عنهم فنجوا من الموت.
وسبَّب موت الدوق كلوسستر حزنًا عامًّا في المملكة ورثاه الشعب زمنًا طويلًا ولقبوه بالرجل «الصالح»؛ لأنه كان محبًّا لبلادهِ حاميًا للماسونية وللفضيلة مثالًا للعلم منشطًا للصناعة. أما الكردينال الخائن فمن كثرة توبيخ ضميرهِ له ومراجعة سيرتهِ الفاسدة توفي بعد شهرين من قتل دوق كلوسستر وسمعوه يقول قبل وفاتهِ بدقائق: لماذا أموت أنا الرجل الواسع الثروة إذا كانت المملكة تنقذني من الموت أحفظها بسياستي وأشتريها بمالي؟! ألا يُفدَى الموت بالمال الذي يقولون إنه يفعل كل شيء؟ وقد وصف شكسبير الشاعر الإنكليزي الشهير موت هذا الكردينال وصفًا مدققًا.
واستمر الماسون على اجتماعهم بلا خوف ولا ممانعة ودخل الملك الماسونيَّة سنة ١٤٤٢ ودرس قوانينها وشرائعها القديمة والحديثة ووهبها هبات عظيمة ومنحها امتيازات خصوصية فتهذبت المدارس وزادت البنايات وارتقت الصناعة وثبَّت المحافل بأوامر عالية وشجع الأشراف للانتظام في سلكها فأقبلوا إليها أفواجًا،١٠ ثم إن الملك نفسه رأس المحافل وحماها وعيَّن وليم وانفليت أسقف ونشستر أستاذًا أعظم فبنى على نفقتهِ الخصوصيَّة المدرسة المجدلية الكلية في أُكسفورد ومعابد كثيرة، وبنى وانفليت في مدة حكم هذا الملك كلية أتون بقرب وندسور وكلية الملك في كمبردج، وبنى هنري كلية المسيح في كمبردج، وبنت الملكة كليَّة الملكة في نفس المدرسة الجامعة. وبالإجمال إن الماسونيَّة زهت في مدة هذا الملك، ولكنَّ الحروب التي حدثت في المملكة والظروف المحيطة بالملك جعلت حكم إنكلترا على فرنسا يزول شيئًا فشيئًا من ذلك الوقت، وتوفي هنري السادس في ٢٢ مايو سنة ١٤٧١. - سنة ١٤١٥ب.م: احترقت مكتبة الزاوية والبركار في براك، وهي المكتبة الشهيرة التي وقفها المعلم المشهور في الماسونيَّة «يوحنا هيس» لمحفل الزاوية والبركار.
- سنة ١٤٢١ب.م: اشتهر «ماتياس هنتز دي ستراسبورغ» نقاش كاتدرائية برن في تلك السنة.
- سنة ١٤٤٢ب.م: اشتهر جان دي كولونيا وابنه نقاشا كاتدرائية برغوسه.
جمس الثاني ملك اسكوتلندا
-
سنة ١٤٤٤ب.م: إن «جمس الثاني» هو الولد الوحيد لجمس الأول ملك اسكوتلندا المذكور
آنفًا، ولد سنة ١٤٢٠ وتولى الأحكام سنة ١٤٤٤، وبينما كان سنة ١٤٦٠
يتفقد البطاريات انفجر مدفع فأصابته قطعة منه ألقته قتيلًا.
وكانت الماسونيَّة الاسكوتلندية قد انتخبته رئيسًا أعظم وحاميًا لمحافلها في تلك الأيام، وذكر في التاريخ الماسوني الفرنسوي لعمانوئيل ريبولد المطبوع في باريس سنة ١٨٥١ صفحة ١١٩،١١ أن الماسون اجتمعوا في كلوينن في أيام جمس الثاني، وقرروا أن كل أستاذ أعظم يُنتخب حديثًا يدفع للبلاد أربعة دنانير اسكوتلندية، وقرر الأستاذ الأعظم فرائض أخرى على بقية الماسون، وشُكِّلت محاكم مخصوصة للبنَّائين الأحرار في معظم البلدان الكبرى باسكوتلندا، وعيِّن الملك جمس وليم سانكلار بارون دي روسلين Guillaum de Sinclair baron de Roslin أستاذًا أعظم ببراءةٍ رسميَّة،١٢ وجعل له هذه الرئاسة إرثيَّة يتعاقبها الخلف عن السلف مع كامل حقوقها وامتيازاتها مكافأة له على خدماتهِ الصادقة للمملكة والأمة، ويوجد نسخة من هذه البراءة في مكتبة المحامين في أيدنبرج مؤرخة سنة ١٧٠٠.
أما بقية ترجمة جمس الثاني فمذكورة في كتابنا «الجوهر المصون في مشاهير الماسون».
- سنة ١٤٤٥ب.م: توفي هذه السنة «نقولا دي بورن» النقاش الشهير الذي ابتدأ بنقش كاتدرائية كولونيا سنة ١٤٣٧، وتولى بعده كونراد كوين.
- سنة ١٤٥٩ب.م: التأم مجمع ماسوني في راتسبون بناءً على دعوة الأخ جوبس دوتزنجر Jobs Dotzinger أستاذ محفل ستراسبورغ الأعظم، وهو الذي شيد كاتدرائيتها فدعا الإخوة الألمانيين لكونهِ أستاذًا أعظم لهم وأوجب عليهم الانقياد لأمرهِ والإذعان لما يطلبه، فاجتمع هؤلاء وقدم كلٌّ منهم تقريره عن حالة النقش والصناعة في تلك الأيام خصوصًا إبانتهم عن المشاكل والعقبات التي تعرقل سعيهم وتؤخرهم عن إتمام البنايات التي كانوا قد بدءوا بإنشائها.
جمس الثالث ملك اسكوتلندا
- سنة ١٤٦٠ب.م: «جمس الثالث» هو ابن «جمس الثاني» ولد سنة ١٤٥٣، وتوِّج في دير كلسو سنة ١٤٦٠ وسنة ١٤٦٩، تزوج مرغريتا الدنيماركية، وقد وُصف بالضعف، ولكن سياسته وأحكامه تدل على آرائهِ السديدة وعقلهِ النيِّر، وكان من همهِ المحافظة على السلام ومحالفة إنكلترا، وكان جماعة من قومهِ يكرهونه لحبهِ السلام وولعهِ بالآداب والصناعة، وقد اشتهر هذا الملك بحمايتهِ الماسون كما اشتهر غيره قبله وبعده من ملوك اسكوتلندا الذين زهت هذه الجمعية بمدة ملكهم، وفيما هو هارب إثر انكسار حزبهِ الملكي في معركة سوكيبرن قُتل بيد رجل غير معروف، وذلك سنة ١٤٨٨.
«إدورد الرابع» ملك إنكلترا
-
سنة ١٤٦١ب.م: ولد «إدورد الرابع» في روان في ٢٩ أبريل سنة ١٤٤٣، وحكم سنة ١٤٦١،
وتوفي في ٩ أبريل سنة ١٤٨٣ (انظر ترجمته في كتابنا «الجوهر
المصون»).
وقد ذُكر في السجل الماسوني الإنكليزي القديم «أنه في أيام إدورد الرابع كان جماعة البنَّائين الملقبين بالأحرار في إبَّان زهوتهم، وكانوا يتسابقون في الفضائل وهم نظير إخوة يحبون بعضهم بعضًا ويفعلون الخير.»
وجاء في التاريخ الماسوني الإنكليزي أن الماسونيَّة تأخرت أثناء اضطراب السياسة والحروب التي جرت بين «بيت يورك» و«بيت لانكستر»، ولكنها عادت فنمت سنة ١٤٧١ برئاسة رتشرد بيوتشامب أسقف ساروم الذي عينه إدورد الرابع أستاذًا أعظم وشرَّفه بأحسن الألقاب، فرمم هذا الأسقف قصر وندسور وكنيسته وعمل أعمالًا أخرى تُذكر فتشكر.
- سنة ١٤٦٤ب.م: الْتَأم المجمع الماسوني في راتسبون وثابر على جلساتهِ متداولًا بشأن البناء وما صارت إليهِ الصناعة في تلك الأيام، وقرر أخيرًا أن يمنح للمحافل الخمسة الكبرى وهي محفل كولونيا وستراسبوغ وفينا وبرن ومكدبورغ حقوقًا متساوية من حيث المركز والنفوذ والأمر والنهي، وفي هذا المجمع انتخب الأستاذ «كونراد كوين Conrad Kuyn» نقاش كاتدرائية كولونيا أستاذًا لمحفلها الأعظم (انظر [الباب الأول، الفصل التاسع]).
-
سنة ١٤٦٩ب.م: اجتمعت المحافل الماسونيَّة في سببر فقدم محفل كولونيا الأعظم
تقريرًا عن أعمالهِ وحساباتهِ وأحوال الجمعيات الماسونيَّة في جهات
مختلفة وماهية الأماكن التي توقف عملها وما أشبه انظر [الباب الأول،
الفصل التاسع]).
وتوفي هذه السنة كونراد كوين الأستاذ الأعظم بكولونيا الذي ابتدأ سنة ١٤٤٥ بنقش كاتدرائية كولونيا وتولى مكانه على كاتدرائية كولونيا جاك دي فرانكبرج النقاش المشهور.
-
سنة ١٤٨٠ب.م: كان الشعب يتحمل نفقات جمة ويتجشم أخطارًا كثيرة لينشئ الكنائس
والمعابد، فبدأ يتذمر ويشكو من هذا الأمر وحدث أن الباباوات والكهنة
تغيرت مقاصدهم من جهة الماسونيَّة فبدءوا يجاهرون بعدائها وينسبون
إليها كل بذيئة دنيئة، وهي كما علم الله وشهد الناس براءٌ منه فتأخرت
لهذا السبب الأعمال كثيرًا. وليس المعنى أنه لم يعد يشيد محل جديد ولا
كنيسة جديدة، بل إن الأماكن التي بدأ البنَّاءُون بإقامتها لم يتمموها
لقلة ذات اليد والعسر العمومي الذي طرأ على البلاد.
ورغمًا عن الأمر الذي أصدره الإمبراطور «مكسيميليان» سنة ١٤٨٩ الذي منح به الماسونيَّة كل حقوقها وامتيازاتها القديمة كان عدد الإخوة يقل شيئًا فشيئًا، وأصبحت امتيازاتهم كأنها لم تكن فاضطروا أن يتداخلوا في البنايات العادية التي هم أرفع شأنًا عنها.
«جمس الرابع» ملك اسكوتلندا
-
سنة ١٤٨٩ب.م: كان ميلاد جمس الرابع سنة ١٤٧٢ وتوِّج في سكون سنة ١٤٨٨، وقتل في
معركة فلورن سنة ١٥١٣، وقد أصلح كثيرًا في مملكتهِ، وكان رئيسًا أعظم
للماسون في اسكوتلندا (انظر ترجمته في كتابنا «الجوهر المصون»).
وفي مدة حكم إدورد الخامس ورتشرد الثالث أخذت الماسونيَّة في إنكلترا بالانحطاط، وكانت تزهو في اسكوتلندا وألمانيا وغيرهما من الممالك الأوروبية، وما لبثت أن عادت فزهت ونهضت في إنكلترا بجلوس هنري السابع على سرير الملك.
هنري السابع ملك إنكلترا
-
سنة ١٥٠٠ب.م: ولد هذا الملك سنة ١٤٥٨، وتوفي سنة ١٥٠٩، وكان أول ملك من العائلة
التيودرية، ويتصل نسبه بابن إدورد الثالث، وقبل أن يجلس على عرش الملك
كان يُدعى الكونت دي ريشمون، وبعد انكسار اللانكستريين في نيوكسبُري
سنة ١٤٧١ جاء إنكلترا بجيش عرمرم فحارب رتشرد الثالث وقهره سنة ١٤٨٥،
وقُتل رتشرد في تلك المعركة فانتخب هنري ملكًا على إنكلترا وتزوج
إليصابات ابنة إدورد الرابع، وبذلك حقن الدماء بين عائلتي يورك
ولانكستر بعدما كادتا تهلكان في حرب الوردتين الشهيرة بالتاريخ التي
دامت أكثر من ثلاثين سنة، وهلك بسببها ألوف من العائلتين وأحزابهما.
وبزواجهِ هذا أخذ حقوق العائلتين المتنازعتين، ونازعه كثيرون المُلكَ
فحاربهم هنري وانتصر عليهم. وكان يكره الحروب والفتن وهو الذي جعل
لإنكلترا قاعدة سارت عليها من ذلك الحين، وهي أن لا تشهر الحرب عاجلًا،
بل يجب أن تستعمل الإناءَة لأجل المداولات واتخاذ وسائل السلم أولًا،
ثم توسُّط الغير لإزالة الموانع قبل المبادرة إلى سفك الدماء، وربما
اقتبس ذلك من المبادئ الماسونيَّة الطاهرة. ولا يبعد أن تحالفه مع جمس
الرابع ملك اسكوتلندا الرئيس الأعظم للمحافل الماسونيَّة فيها وتزوجهِ
بابنتهِ مرغريت نَجَمَ عن اتفاقٍ ماسوني أو فكرةٍ سلميَّة لتوطيد
الأمن. وكان هنري يحب تخفيف سطوة أشراف البلاد فأدخل أواسط الشعب
بالخدامات الأميرية، ورقَّى كثيرين حتى أوصل مقاماتهم إلى مقامات أبناء
الأشراف.
وكان يميل إلى حشد المال؛ ولهذا السبب قبل من «شارل الرابع» ملك فرنسا أربعمائة ألف ليرة وأخلى مقاطعة بريتانيا، وهي أملاك إنكلترا الوحيدة التي كانت باقية لها في فرنسا، وقيل إنه وُجد في قصرهِ بعد موتهِ مبلغًا يضاهي العشرة ملايين ليرة إنكليزية.
وكان لفرط ما وعاه من المال أغنى ملوك العالم في وقتهِ وكانت ملذته أن يرى الذهب مكدسًا أمامه يتلذذ بمرآه وله قصص مختلفة يطول شرحها ذكرتها التواريخ في محلاتها.
وكانت الماسونيَّة في بداية عمره تجتمع تحت رعاية أستاذ مار يوحنا ويعضدهم تلامذته في أعمالهم، وكانت اجتماعاتهم في رودس (مالطة الجديدة).
وسنة ١٥٠٠ انتخبوا «هنري» حاميًا لهم، فقبل ذلك بسرور، فعادت الماسونيَّة إلى عقد اجتماعاتها بنجاح مدة حمايته لها.
-
سنة ١٥٠٢ب.م: وفي ٢٤ يونيو سنة ١٥٠٢ اجتمع رؤساء المحافل الماسونيَّة وكبار
موظفيها في قصر الملك هنري، وكان هو نفسه رئيسًا عليهم فعين «يوحنا
أسلب» كاهن وستمنستر والسِّر رجينالد براي من فرسان رباط الساق حارسين
لذلك الاجتماع وخرج باحتفال عظيم وحوله الجماهير إلى الجانب الشرقي من
وستمنستر أبي ووضع حجر الزاوية للكنيسة المعروفة بكنيسة هنري السابع
إلى اليوم، وقد أثَّر هذا الاحتفال التأثير اللازم في الشعب وجعل
للماسونيَّة اسمًا عظيمًا. وقد وصف التاريخ الماسوني هذه الكنيسة، فقال:
بنيت هذه الكنيسة على النسق الغوطي الجميل، وهي قائمة على أربع عشرة قائمة كلها منقوشة بأبهى النقوش وبارزة البناء على زوايا مختلفة، ويدخلها النور من صفين من الشبابيك يضيئان إلى الداخل فيبهران الناظر من هيبة المكان وعظمته، وقوائمها متصلة بالسقف وعليها قناطر غوطية لتمكين المكان، ويُدخَل إليها من الشرق بَدَرج من الرخام الأسود تحت قنطرة عظيمة موصلة إلى الكنيسة وأبوابها من النحاس ومقاعدها على الجانبين من خشب السنديان، وكذلك مقاعدها الداخلية وأرضها مبلطة بالرخام الأبيض والأسود، وبالإجمال إنها بدعة من بدائع الزمان.
وجاء في التاريخ الماسوني الإنكليزي المطبوع في لندن لوليم بريستون صفحة ١٥٢ أن هذه الكنيسة شيِّدت بعناية وليم بُلتون الذي كان رئيس العمل بإرادة الملك هنري السابع ويلقبها ليلاند «أعجوبة العالم»، وقيل إنه لم يوجد نقش مثل نقشها ولا مهارة هندسة مثل هندستها في كل ما تقدمها من الأبنية.
وبعناية السر «ريجينالد براي» المذكور آنفًا بُني قصر رتشموند وبنايات أخرى.
وقد تم في حكم «هنري» أيضًا بناءُ كلية بريزن نوز في أُكسفورد وكلية المسيح وكلية مار يوحنا في كمبردج وغيرها من البنايات والأعمال الماسونيَّة.
- سنة ١٥٠٢ب.م: وفي سنة ١٥٠٢ نقل محفل برن مركزه إلى زوريخ.
هنري الثامن ملك إنكلترا
- سنة ١٥٠٩ب.م: وخلف «هنري الثامن» أباه سنة ١٥٠٩ وعين الكردينال ولسي أستاذًا أعظم على الماسون فبنى الكردينال همبتون كورت وهويت هول وكنيسة لكلية المسيح في أُكسفورد وغيرها من البنايات سنة ١٥٣٠. وخلف الكردينال ولسي ثوماس كرومويل أرل أوف إسكس فصار أستاذًا أعظم وشغل الإخوة في بناء سراي مار يعقوب، واستبالية المسيح والقلعة الخضراء.
- سنة ١٥١٠ب.م: وسنة ١٥١٠ تشكَّلت محافل كثيرة في بلدان عديدة وانتظم في سلكها كثير من السراة والأشراف بهيئة أعضاءٍ منتخبين فكانوا يقدمون آراءَهم ويدرسون الصناعة ويتعمقون بها، ولكن في ذلك العصر عصر الجهالة والتوحش لم يكن أحد له حريَّة بفعل ما يشاء فثار عليهم الاضطهاد بعواصفهِ وزعازعهِ الشديدة فاضطرَّ هؤلاء إلى التحفظ في أعمالهم والتستر العميق.
جمس الخامس ملك اسكوتلندا
هو ابن جمس الرابع، وُلد سنة ١٥١٢، وتوفي سنة ١٥٤٢، وأُلبس التاج في سكون، وجُعلت أمه نائبة له لحداثة سنهِ، وكان يعتبر خدمة الدين الكاثوليك، واضطهد البروتستانت والقائمين بدعوتهم، وأحرق كثيرين منهم، واضطرَّ آخرون إلى الهرب من أعمالهِ، وكان البابا بولس الثالث يحبه واستماله إليهِ ولقبه ﺑ «ناصر الإيمان». وسنة ١٥٣٦ تزوج مادلين ابنة فرنسيس الأول، فماتت بعد قليل فتزوج بغيرها. وسنة ٥٤٠ حارب الجزائر الغربية، ففاز فوزًا عظيمًا ونشَّط الصناعة، ودعا كثيرين من مهرة الصنَّاع الغرباء إلى بلادهِ، فأقبل كثيرون من الماسون إليها، وكان رئيسًا أعظم للمحافل الماسونيَّة، ومات بحالة اليأس لمخالفة الأشراف لرأيهِ بمحاربة الإنكليز. وجاء عنه أنه قال قبل وفاتهِ عندما بشَّروه بولادة ابنتهِ ماري: «جاءَ التاج مع فتًى وسيذهب مع فتًى.» والتاريخ لا يمدح اضطهاده لتابعي الإصلاح.
اضطراب الماسونيَّة
-
سنة ١٥٣٥ب.م: وإذ رأى الكهنة حالة هذه الجمعيات السرية وأن أعمالها مستورة لا يظهر
منها شيءٌ لأحد أيًّا كان ما لم يكن منتظمًا في سلكها ثار غضبهم عليها
وهددوها بالخراب المحيق، ولم يكتفوا بما أتوه من المظالم نحو هذه الفئة
الشريفة حتى شكوها سرًّا وجهرًا لعضدها مبادئَ «لوثيروس» المدعي
الإصلاح ونادوا بتظلمهم منها، وطلبوا ملاشاتها بأي وجهٍ كان ولم يختشوا
في ذلك عتابًا ولم يرهبوا عقابًا.
وكان من جملة الذين انصاعوا لتعاليم «لوثيروس» قوم من الإكليروس فاتهمهم الكهنة باشتراكهم في هذه الجمعيات وشكوهم بأنهم يدخِلون إلى تعاليم الكنيسة ما لا يجوز إدخاله من التعاليم الخفيَّة المضادة للأوامر الإلهية، ونسبوا إليهم بعض الرئاسة الزمنية والروحية مدَّعين أن هذه الجمعيات هي بقيَّة جمعيات فرسان مار يوحنا، وقد أرادت الانتقام لرئيسها الأعظم المقتول ظلمًا بقتلهم الملوك سلالة أولئك الآمرين بقتلهِ.
-
سنة ١٥٣٥ب.م: واجتمعت المحافل الماسونيَّة في كولونيا برئاسة «هرمانوس الخامس»
أسقف كولونيا (انظر [الباب الأول، الفصل التاسع]) يوم ٢٤ يونيو سنة
١٥٣٥ نفسها، وأذاعت منشورًا أظهرت فيهِ شيئًا من تعاليمها لتنافي قول
المعتدين، ونشرته على الملأ حتى إذا جرى الاضطهاد عليهم في تلك البلاد
شديدًا تمكنوا من المهاجرة إلى حيث يريدون، وهناك يبثون تعاليمهم
الشريفة في أربعة أقطار المعمور.
وفي هذه السنة ترك ملك إنكلترا والبرلمان طاعة البابا وسمى الملك نفسه رأس الكنيسة وحوَّل ٩٢٦ محلًّا للعبادة إلى أماكن للحكومة.
- سنة ١٥٣٩ب.م: وسنة ١٥٣٩ تلاشى كثير من المحافل الماسونيَّة لقلة ذات يدهم وعسر معاشهم، فتعذرت عليهم أسباب الأشغال فعادوا يسيرون القهقرى بعد تقدمهم العظيم. وكانت هذه الجمعيات — وقد بقي منها أثر قليل لا يعتد بهِ — قد قامت يدًا واحدة لنصرة بعضها البعض علَّها تفوز بإرجاع عظمتها الأولى، وذهب بعض أعضائها ليكرزوا في أربعة أقطار فرنسا، ويحثوا الناس على التكافؤ والانتظام في سلك هذه الجمعية الشريفة، وكادوا يفوزون بمآربهم لولا أمر أصدره فرنسوا الأول منع بهِ كل اجتماع سري خصوصًا جماعة الماسون من أي نِحلة كانوا.
- سنة ١٥٤٠ب.م: وسنة ١٥٤٠ قتل «توما كرومويل» الأستاذ الأعظم في إنكلترا وخلفه يوحنا توتشت لورد أودلي أستاذًا أعظم على الماسون وشغل الماسون في بناء كلية المجدلية في كمبردج وبنايات أخرى.
- سنة ١٥٤٠ب.م: وفي هذه السنة اشتُهر إصلاح «لوثيروس» في ألمانيا وغيرها فزعزع أساس السلطة البابوية ورمى الماسونيَّة بمقلاع المصائب والرزايا ورشقها بسهام الانشقاق المميتة، فتأخرت الأشغال والأعمال عما كانت عليهِ كثيرًا وتوقف الشعب المسيحي عن بناء الكنائس والمعابد في ألمانيا؛ فأُقفلت المحافل الواحد بعد الآخر حتى إنه بمدة وجيزة تناسى الجميع البناء العظيم وكيفيته وقام مقامه البناءُ البسيط، ولم يكن الحال كذلك في إنكلترا، بل كانت الماسونيَّة زاهية فيها.
إدورد السادس ملك إنكلترا
- سنة ١٥٤٧ب.م: وتبوأ الملك «إدورد السادس» سنة ١٥٤٧، وكان قاصرًا فعيَّن وصيًّا له إدورد سيمور دوق أوف سومرست فأخذ على نفسهِ ترتيب الماسون، وبنى بيت سومرست في سترند. وقُتل هذا الدوق سنة ١٥٥٢؛ لأنه كان مخلصًا لعائلة ستورت، وبعد قتلهِ أخذت الحكومة بيته، ثم عُيِّن يوحنا بوينت أسقف ونشستر رئيسًا على المحافل الماسونيَّة إلى حين موت الملك سنة ١٥٥٣.
- سنة ١٥٥٣ب.م: ولما توفي إدورد السادس في ٦ يوليو سنة ١٥٥٣ جعلت «حنة غراي» حفيدة «هنري السابع» ملكة لإنكلترا، واستمرَّ ملكها عشرة أيام فقط وتشتت حزبها، وجلست ماري بكر هنري الثامن مكانها، فقتلت دوق نورثمبرلند وحنة وزوجها، وماتت على إثر انتصار الفرنسويين في كالي في ١٧ نوفمبر سنة ١٥٥٨ بعدما أحرقت كثيرين وظلمت ظلمًا فاحشًا.
- سنة ١٥٥٨ب.م: وبقي الماسون بلا أستاذ أعظم إلى أن جلست إليصابات على سرير الملك بعد وفاة ماري في ١٧ نوفمبر سنة ١٥٥٨، فعين السر توما ساكفيل أستاذًا أعظم، وكانت المحافل تجتمع في كل جهات إنكلترا بلا ممانعة ولا معارضة، وكان مركز المحفل الأكبر في يورك، حيث كان الإخوة أكثر عددًا من بقية الجهات، وكانوا مشهورين بغيرتهم فاعتبروا كثيرًا.
- سنة ١٥٦١ب.م: وسنة ١٥٦١ ثار المفسدون فأضرموا فؤاد الملكة «إليصابات» غيظًا على الماسونيَّة واتهموا البنَّائين الأحرار وجمعيتهم بالتشيُّع والأغراض، وأنها لم توجد إلا للخراب والدمار، وزادوا لها الوشاية عن الجمعية أنها تجتمع سرًّا لأمور لا توافق المملكة، وكانت إليصابات تخاف من الجمعيات السرية فأوجست منها شرًّا. ودرى الأستاذ الأعظم بوشايات المفسدين، فتدبر الأمر بحكمته وعقله، وأدخل ضباط العساكر وأصحاب المناصب العالية في المحافل الماسونيَّة بعدما صادقهم وعاشرهم وامتزج معهم.
- سنة ١٥٦١ب.م: وفي ٢٧ ديسمبر سنة ١٥٦١ أرسلت الملكة قوة مسلحة إلى يورك لقفل المحفل الماسوني ومنع الإخوان من الاجتماع، فأحاطت العساكر بالمحفل ومنعوا افتتاحه. ولكن الضباط الذين كانوا يقودونهم عادوا إلى الملكة ورفعوا لها التقارير الحسنة عن الجمعية فصدَّقتهم واقتنعت بحسن نيَّة الجمعية، فأصدرت أمرًا ثانيًا يخالف أمرها الأول ومنحتهم كل امتيازاتهم وحقوقهم القديمة، ولم تعد إلى معارضتهم في كل مدة حكمها. وفي مدة حكم هذه الملكة حدثت مذبحة مار برثولماوس في فرنسا، حيث قُتل جمهور غفير من البروتستانت وبينهم جماعة من الماسون، وكان هؤلاء يأتون من ألمانيا وهولندا وفرنسا وغيرها ويستجيرون بإنكلترا فتحميهم من الظلم، فأدخلوا معهم كثيرًا من الصنائع والفنون إلى البلاد الإنكليزية. وأدخل الهولنديون الشاي إلى إنكلترا والجرمانيون الساعات، وأدخل أحد أمراء الإنكليز التبغ والبطاطا، وسنة ١٥٨٠ عُملت المركبات وسنة ١٦٠٠ أُسست شراكة الهند الشرقية التي دخلت بلاد الهند بسببها في طاعة بريطانيا.
- سنة ١٥٦٢ب.م: وفي سنة ١٥٦٢ب.م الْتأمت الجمعيات الماسونيَّة المنقطعة لبناء الجسور وانتخبت جان دي ميديسيس أستاذًا أعظم لها.
محفل ستراسبورج الألماني الأعظم
- سنة ١٥٦٣ب.م: وسنة ١٥٦٣ اجتمع محفل ستراسبورج الألماني الأعظم بعدما نازع محفل كولونيا الرئاسة طويلًا، وطلب في تلك السنة اجتماع مجمع عام، فالتأم ماسون ألمانيا وسويسرا في بال وقرءوا التقارير والفصول المطولة عن حالة البناء والصناعة، وما وصلت إليه في تلك الأيام وبحثوا طويلًا ليروا الوسائل الممهدة للعقبات الحائلة دون إتمام بنايات الكنائس والمعابد، إذ كان يضادهم الكهنة بذلك (انظر [الباب الأول، الفصل التاسع]).
-
سنة ١٥٦٤ب.م: وسنة ١٥٦٤ اجتمع الماسون في ستراسبورج أيضًا وقرروا أن المحافل
الباقية ترفع قضاياها فيما بعد لمحفل ستراسبورج الأعظم وهو يرى بها ولا
يتعرض فيما بعد لمجالس أخرى، فصار محفل ستراسبورج مركزًا لأعمالهم
بدلًا من محفل كولونيا.
وبقي السر توما ساكفيل أستاذًا أعظم للمحافل الإنكليزية إلى سنة ١٥٦٧ فاسْتُعْفِيَ وصار رئيسًا مكانه فرنسيس روسل أرل أوف بدفورد والسر ثوماس جريشام أحد التجار المشهورين وتولى الأول رئاسة الماسون في الجهة الشمالية، والثاني الرئاسة في الجهة الجنوبية؛ لأن الماسون كانوا قد زادوا بسبب التقرير الحسن الذي تقدم للملكة إليصابات عنهم وارتياحها إليهم كما ذكرنا آنفًا.
وبقي الاجتماع السنوي يُعقَد في يورك، حيث تحفظ كل التقارير والسجلات، وحيث تُفصل كل المشاكل والأشغال المهمة.
وبنى السر ثوماس جريشام سوقًا للبورصة غاية في الإتقان اشتغل فيها جماعة الماسون ووصفها التاريخ الماسوني الإنكليزي وصفًا مدققًا فلم نرَ حاجة لذكر فخامتها، وإنما نقول: إنها كانت تحتوي على مائة وعشرين دكانًا١٣ عدا البنايات الأخرى.وزارت الملكة إليصابات السر ثوماس جريشام وتغدت عنده ثم زارت السوق وسُرَّت من إتقانها وترتيب بضائعها، وأمرت أن تصدح الموسيقى العسكرية فيها وحينئذٍ ظهر السر ثوماس بملابسهِ الماسونيَّة أمام جميع الناس، وأعلن أنه رئيس الماسونيَّة فسرَّت الملكة، وتأكدت أن الجمعية مؤلَّفة من بنَّائين ماهرين ومن غير بنَّائين ممن لهم شغف وحب للبناء، وأن لا دخل للسياسة فيها، ورأى الشعب ذلك فنمت الجمعية وأنشئت المحافل في كل جهات المملكة وكثر عدد الماسون في لندن وضواحيها وأتموا أعمالًا عظيمة بتنشيط السر ثوماس جريشام المشار إليهِ.
- سنة ١٥٣٨ب.م: وخلف السر ثوماس في الرئاسة على الماسون بالجهة الجنوبية تشارلس هوَرد أرل أوف اثنهام، وبقي يرأس تلك المحافل إلى سنة ١٥٨٨، فانتخبوا جورج هاستنس أرل أوف هانتدون، وبقي في هذا المنصب إلى وفاة الملكة إليصابات في ٢٤ مارس سنة ١٦٠٣، وقد دام حكمها ٤٥ سنة في أثنائها قتلت ماري ستورت ملكة اسكوتلندا أم جمس السادس بعدما أبقتها أسيرة عندها ١٩ سنة، وعملت أعمالًا عظيمة، وزاد مجد شعبها بمستعمراتهِ التي أُسست في جهات الأرض المختلفة، وانقرضت دولة تيودور بوفاتها بعدما ملكت نحو ١١٨ سنة.
الملك جمس ستورت السادس لاسكوتلندا والأول لإنكلترا
-
سنة ١٦٠٣ب.م: ولد جِمس ستورت الملك السادس لاسكوتلندا والأول لإنكلترا في ١٩ يونيو
سنة ١٥٦٦ في مدينة أيدنبرج باسكوتلندا وملك على اسكوتلندا في يوليو سنة
١٥٦٧، وبعد وفاة إليصابات في ٢٤ مارس سنة ١٦٠٣ خلفها ملكًا على إنكلترا
وتوِّج في ٢٥ يوليو سنة ١٦٠٣ بكنيسة وستمنستر، وكانت إليصابات قبل
موتها قد أقرَّت له بالخلافة من بعدها؛ لأنه كان ابن ابن ابنة هنري
السابع ملك اسكوتلندا التي قطعت إليصابات رأسها، ومن ذلك الوقت انضمت
اسكوتلندا إلى بريطانيا وصارت مملكة واحدة وتوفي جمس في قصر ثيوبلدس
سنة ١٦٢٥ (انظر ترجمته في كتابنا «الجوهر المصون»).
وقد ابتدأ مُلك جِمس عندما خلعت أمه ماري ستورت ملكة اسكوتلندا وانتقلت السلطة إلى أيدي البروتستانت فجعل الوصي عليهِ أرل مار، وعين العالم جورج بوكانان أستاذًا له، وسنة ١٥٧٧ استلم جمس السلطة وسنة ١٥٨٢ عقد محالفة بالنيابة عن البروتستانت مع إليصابات ملكة إنكلترا التي كانت الدول الكاثوليكية تتهددها، وسعى في نجاة أمهِ من الموت عندما صدر الحكم عليها بالقتل في إنكلترا فلم ينجح، واتحد مع إنكلترا عند خروج الأسطول منها.
- سنة ١٥٨٩ب.م: وسنة ١٥٨٩ سافر إلى الدنيمارك وتزوج بحنة ثانية بنات فردريك الثاني، وألَّف كتابه المعروف ﺑ «باسيليكون دورُن» لتعليم ابنهِ هنري، وقد طبع هذا الكتاب سنة ١٥٩٩.
- سنة ١٦٠٣ب.م: وحاول إرجاع الطريقة الأسقفية فخاب مسعاه. وفي ٢٤ مارس سنة ١٦٠٣ نادى المجلس الملكي باسمهِ ملكًا لإنكلترا ضد وصية هنري الثامن، وكانت إليصابات قد اعترفت له بهذا الحق كما تقدم. وفي ٥ أبريل سنة ١٦٠٣ خرج من أيدنبرج قاصدًا لندن، وكان جسمه ضخمًا وعوائده خشنة قبيحة وهيئته مكربة فلم تحبه رعيته الجديدة كما يجب، ولكنَّ الماسونيَّة التي كان منها عضدت أعماله الأدبية، ولا سيما عند المباشرة بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الإنكليزية تحت نظرهِ وتدبيرهِ، وكان عالمًا عارفًا حَذِقًا أديبًا بارعًا في العلوم والمعارف يحب المطالعة والتأليف ويعرف اللغة العبرانية واليونانية واللاتينية مغرمًا بالتكلم بها حتى إن وزراءَه كان يصعب عليهم أحيانًا أن يفهموا كلامه، وكان يبغض الحروب ولذلك قضى معظم حياتهِ بالسلم.
- سنة ١٦٠٧ب.م: وسنة ١٦٠٧ انتخب الملك «جمس» حاميًا للماسونية في إنكلترا فزاد عدد المحافل في أيامهِ؛ ولذلك بعد إعلان حكمهِ على إنكلترا واسكوتلندا وأرلاندا نَمَتِ الماسونيَّة كثيرًا في إنكلترا واسكوتلندا، وكانت المحافل تجتمع تحت عنايتهِ. وعاد كثيرون من الماسون الذين تفرقوا في جهاتٍ أخرى، وقد زادوا اختبارًا ومعرفةً فأحيوا ما كان قد اندرس من الماسونيَّة الرومانية واليونانية القديمة وجلبوا معهم رسومًا وكتبًا وأشياءَ مختلفة لفن البناء، وجاءَ بينهم الماسوني الشهير أنيكوجونس ابن أنيكوجونس من أهالي لندن، وهو الذي كان يتعلم صناعة النجارة. وبرع هذا الشاب في أعمالهِ، وكان يميل ميلًا خصوصيًّا لفن الرسم والتلوين، فبرع بهما وأتقنهما على يد المعلم وليم هربرت، ثم على يد الأرل أوف بمبروك، فلما رأى هذا براعته وأمياله الخصوصية إليهما أرسله على نفقته إلى إيطاليا، وهناك أتقن هذا الفن على أحد تلامذة أندريا بلاديو المشهور، وعاد إلى إنكلترا وتعاطى فن البناء والنقش، ففاق الأقران وزاحم مَهَرة الإيطاليين.
-
سنة ١٦٠٧ب.م: ولما كان الملك «جمس الأول» حاميًا للماسونية ونموها يزيد في أيامه
سمَّى «أنيكوجونس» المذكور مهندسًا عموميًّا له وعيَّنه أستاذًا أعظم
على المحافل الماسونيَّة في إنكلترا فانضم إليها كثيرون من المتعلمين،
وازدادت أهمية الجمعية وشهرتها، وأتى كثيرون من النقاشين والبنَّائين
إلى إنكلترا من الخارج فقوبلوا بالترحاب ولقوا كل تشجيع.
وزادت العلاقات الماسونيَّة بين الإنكليز والطليان، ونظمت المدارس على نسق مدارس إيطاليا وبنيت المباني الفخيمة بعناية الملك وأُمر أنيكوجونس أن يبني للملك قصرًا جديدًا في هوَيتهول يليق بسكنى الملوك.
- سنة ١٦٠٧ب.م: وفي هذه السنة جاءَ الملك «جمس» بحضور «جونس» الأستاذ الأعظم و«وليم هربرت» و«أرل أوف بمبروك» المنبهين والأستاذ نقولا ستون وكثيرين من الماسون، وكانوا جميعهم بملابسهم الماسونيَّة الرسمية. وجاء كثيرون من غير الماسون بالدعوة أيضًا لمشاهدة الاحتفال فتقدم الملك بعد تقديم الفروض الماسونيَّة ووضع بيدهِ حجر الزاوية لتلك البناية التي لم يقم أكبر من قاعتها من أيام أغسطس قيصر وجُعلت لمقابلة السفراء، وقد نقشها السر بطرس بولس روبنسن (الذي كان سفيرًا لإنكلترا في أيام تشارلس الأول)، وقد صارت الآن كنيسة للعبادة، وكان لهذا العمل تأثير عظيم في كل المملكة.
- سنة ١٦١٨ب.م: وبقي «أنيكو جونس» أستاذًا أعظم للماسون إلى سنة ١٦١٨ وخلفه أرل أوف بمبروك، فانضمَّ إلى الماسونيَّة كثيرون من الموسرين وأشراف الأهالي بمدة الرئاسة.
- سنة ١٦٢٥ب.م: وتوفي جمس سنة ١٦٢٥ غير محمود في سياسة المملكة الداخلية والخارجية، وتبوأ تخت الملك بعده ابنه تشارلس الأول.
- سنة ١٦٣٠ب.م: وبقى أرل أوف بمبروك أستاذًا أعظم للماسون إلى سنة ١٦٣٠، حيث اسْتُعْفِيَ وخلفه على الرئاسة العظمى في المحافل الإنكليزية أرل أوف دانبي هنري دانفرس.
- سنة ١٦٣٠ب.م: وفي هذه السنة (١٦٣٠) كانت الماسونيَّة في اسكوتلندا لا تزال على حالها واجتمع الإخوة الماسون وقرروا إثبات وراثة الرئاسة العظمى لورثة وليم سانكلار بارون دي روسلين التي كان جِمس الثاني ملك اسكوتلندا قد منحه إياها مكافأةً له على أعمالهِ المجيدة (انظر [الباب الثاني، الماسونية العلمية، جمس الثاني ملك اسكوتلندا)، وبقي هذا القرار معمولًا به إلى سنة ١٧٣٦.
- سنة ١٦٣٣ب.م: وبقي أرل أوف دانبي هنري دانفرس أستاذًا أعظم على المحافل الإنكليزية إلى سنة ١٦٣٣ وخلفه ثوماس هورد أرل أوف أروندل، جد عائلة نورفوك وخلفه سنة ١٦٣٥ فرنسيس روسل أرل أوف بدفورد، وكان أنكوجونس يعضد المحافل بتلك المدة فانتخب ثانيةً إلى الرئاسة العظمى في سنة ١٦٤٦، وبقي رئيسًا إلى يوم وفاتهِ من تلك السنة فحزن الناس عليهِ حزنًا شديدًا ودفنوه بالإكرام اللائق بمقامهِ، وكانت أعماله العظيمة وبناياته الجميلة أعظم أثر له ولا يزال التاريخ يذكر بالثناء شارع الملكة العظيم والمستشفيات والبنايات التي بناها أنكوجونس في لندن وغيرها، ويطنب في مديح هذا المفضال.
إلياس أشمول
- سنة ١٦٤٦ب.م: وبقيت المحافل الماسونيَّة في اسكوتلندا وفرنسا وألمانيا وغيرهما من الممالك تجتمع حسب عادتها بنجاح مستمر فانتظم في سلكها السراة والأشراف والأغنياءُ والعلماءُ، ومن ذلك الوقت أخذ موضوع الجمعية يتغير عما كان عليهِ وصار أكثر عملها رمزيًّا لا عمليًّا، وقام إلياس أشمول العالم بالآثار، والذي أسس متحف أُكسفورد ونقح قوانين جمعية الصليب الأحمر التي أُنشئت في لندن وطبقها على تعاليم الجمعية الماسونيَّة العملية، وغيَّر وبدَّل في إشاراتها ورموزها حتى صارت تقرب من رموز البنَّائين وإشاراتهم، إلى غير ذلك مما يطول شرحه، فقبلت تلك الجمعية عمله بالشكر، وصارت تعقد جلساتها في محافل البنَّائين الأحرار. والتاريخ الماسوني الإنكليزي يمتدح اجتهاد هذا الأخ الفاضل، ويقول إنه خدم الماسونيَّة بكل جهدهِ وجمع كثيرًا من بقاياها فعلم أنها تشبه ما هي عليهِ الآن من جهة أسرارها وإشاراتها وأقسامها وكل أعمالها، وتحقق قدميتها حسبما دوَّناه في هذا الكتاب، ويتضح من كتابات الدكتور نيب من كنيسة المسيح في أُكسفورد أنهم وجدوا مجموعات ثمينة من تاريخ الماسونيَّة نسقها ورتبها ونقحها إلياس أشمول وعليها عوَّل المؤرخون وصدَّقوها لانطباقها على حالة الجمعية في كل زمان ومكان، والتاريخ الفرنسوي يمدح هذا الأخ، ويقول إنه لما رأى نجاحه في العمل خطر في بالهِ أن يحوِّر في الدرجات التي كان يُقبل الطالب بها فنقَّح فيها كثيرًا، ووافقت المحافل البريطانية على كل ما ارتآه حسنًا وعوَّلت عليهِ من ذلك الحين، وتوفي سنة ١٦٤٦ فحزن عليهِ الماسون حزنًا عظيمًا.
تشارلس الأول ملك إنكلترا
- سنة ١٦٤٩ب.م: وفي ٣٠ نوفمبر سنة ١٦٤٩ أمر «كرومويل» فأُتي بالملك للقتل والعسكر حوله بالسلاح فتقدم نحوهم بثبات وهدوءٍ، وقال: لقد نزعوا عني تاجي الذي يفنى، ولكني ذاهبٌ لأنال تاجًا لن يفنى، ثم جثا على ركبتيهِ وصلَّى والتفت نحو الشعب وودَّعهم فأثَّر ذلك بهم أشد تأثير، ولا سيما بجماعة الماسون الذي كان منهم، وأمر كرومويل فوضع عنق الملك على خشبة ورفع الجلَّاد فأسه وقطع بها رأسه، فحقد الماسون من تلك الساعة على كرومويل، ولكنهم لم يجسروا على مقاومتهِ، بل أخفوا ابن تشارلس عنه لئلا يودي بهِ كأبيهِ. واستولى كرومويل على زمام المملكة وألقى مهابته في قلوب الناس وجعل إنكلترا جمهورية، وسنة ١٦٥٤ نودي بهِ حاكمًا وبقي أربع سنين ثم مات بالحمى سنة ١٦٥٨ وعمره ٥٩ سنة، وخلفه ابنه رتشرد في ذلك المنصب وبقي أربعة أشهر فقط.
منهاج جديد في الماسونيَّة
- سنة ١٦٥٠ب.م: وكانت الماسونيَّة من سنة ١٦٥٠، أي بعد مقتل «تشارلس الأول» قد نهجت منهجًا جديدًا بخلاف عادتها؛ لأنها لم تعد تحتمل الظلم — قال صاحب «التاريخ الماسوني الفرنسوي»: إن ماسون إنكلترا عمومًا وماسون اسكوتلندا خصوصًا استاءوا من ظلم كرومويل المغتصب وابتدءوا يشتغلون سرًّا وجهرًا ليلًا ونهارًا ليردُّوا إلى سرير الملك الوريث الشرعي لتشارلس الأول، ويخلعوا «كرومويل» فاستخدموا لذلك الإشارات والرموز المستعملة عند الماسون للتعارف ليتمكنوا من الاجتماع والمداولة فيما ينبغي عمله، ولما كان بينهم مبتدئون وأشخاص ضعفاءُ أدبيًّا لا يمكنهم أن يطلعوهم على هذا السر العظيم شكلوا درجات عالية لقبول من يروا فيهِ اللياقة للعمل وقبلوه في سلكهم فرحين، وفي خلال هذه المدة أدخلوا تشارلس الثاني ابن تشارلس الأول في محافلهم الماسونية وأطلعوه على ما ينوون.
-
سنة ١٦٦٠ب.م: وسنة ١٦٦٠ كان الجنرال «جورج منك» الماسوني الشهير الذي كان صاحب
سطوة وهيبة في العسكرية قد دعا بكر تشارلس الأول الذي كان مختفيًا
ليعود إلى لندن، ويستلم زمام الملك فأتاها، وفي ٨ مايو سنة ١٦٦٠ سُمي
ملكًا على إنكلترا باسم تشارلس الثاني.
وخلع «كرومويل» وقتئذٍ فقدر «تشارلس» ذلك للماسون حق قدرهم واندفع من ذلك الوقت أشد الاندفاع لخدمة هذه الجمعية، وكان يسميها الصناعة الملوكية، ويجتمع مع الإخوان في المحافل فَنَمَتْ وزَهَتْ في أيامهِ بعدما كانت قد تأخرت في أيام «كرومويل» المغتصب وترقى الجنرال مِنك وغيره وعوقب قتلة أبيهِ.
-
سنة ١٦٦٣ب.م: وفي ٢٧ ديسمبر سنة ١٦٦٣ اجتمعت الماسونيَّة الإنكليزية اجتماعًا
عموميًّا في مدينة يورك برئاسة «تشارلس الثاني»، فانتخبوا «هنري جرمين
أرل أوف سانت ألبانو» أستاذًا أعظم وهو اختار «يوحنا دنهام» نائبًا له
والسر «خريستوفر ورن»١٤ الذي منحه «تشارلس الثاني» رتبة الباث منبهًا أول، و«يوحنا
وب» منبهًا ثانيًا، وفي تلك الجلسة عمَّ الاتحاد المحافل كلها وتقرر
اتباع المواد الآتية في سائر المحافل، وهي:
- (١) لا يُقبل أحد في الماسونيَّة مهما كان مقامه إلا في محفل قانوني مؤلَّف من رئيس سابق أو حالي ومنبهين وموظفين أصوليين.
- (٢) لا يُقبل في الماسونيَّة إلا أقوياءُ الجسم المعروف لهم والدان شرعيان (أبناء حسب ونسب)، وينبغي أن يكون صيتهم حسنًا وسريرتهم طاهرة ويحافظون على شرائع المملكة.
- (٣) لا يَقبل محفل ماسوني إلحاق أخ فيهِ من محفل آخر ما لم يكن معه شهادة من محفلهِ الأصلي موضح فيهِ اسم المحفل وتاريخ القبول، وقبل قبولهِ يكتب الرئيس اسمه ويعرضه في كل اجتماع، ومتى قُبِل يُكتب اسمه بين الأسماء الملحقة ويُحفظ في سجل المحفل.
- (٤) على كل ماسوني يرغب زيارة أي محفل غير محفلهِ أن يجلب معه شهادة من محفلهِ لكي يُقبل كأخٍ في المحافل التي يزورها.
- (٥) يتعين أستاذ أعظم للمحافل ويحكم عليها بنظام من الآن فصاعدًا، وفي الاجتماع السنوي لكل محفل ينتخب له الموظفون للسنة كلها.
- (٦) لا يُقبل أحد في الماسونيَّة قبل بلوغهِ الحادية والعشرين من العمر.
- سنة ١٦٦٦ب.م: وفي شهر يونيو سنة ١٦٦٦ خلف أرل أوف سانت ألبانو ثوماس سافاج أرل أوف ريفرس، وانتخب السر خريستوفور وَرِن نائبًا له أيضًا، وأظهر خريستوفور وَرِن أهليةً ولياقةً في الماسونيَّة دلَّت على أنه أهل لكل اعتبار، ونجحت المحافل التي كانت تجتمع في ذلك الوقت باهتمامه، خصوصًا محفل مار بولس ومحفل أنتكوتي الذي رأسه أكثر من ثمانية عشر عامًا، وبرهن في كل أعمالهِ على ثقة الماسونيَّة بهِ، وظهر من مراجعة سجلات محفل أنتكوتي أنه كان يحضر كل اجتماعاتهِ القانونية وأهدى إليهِ ثلاثة شمعدانات من خشب الماهوكونو لا تزال محفوظة تذكار شرف وكنزًا ثمينًا يردد الرحمة عليهِ لأجلها كل ماسوني يقرأُ عنه في كتابات الأحرار.
تشارلس الثاني ملك إنكلترا
-
سنة ١٦٦٦ب.م: ولد تشارلس الثاني بكر تشارلس الأول في مدينة دنفرملين في ٢٩ مايو
سنة ١٦٣٠ وعندما قُتل أبوه في ٣٠ نوفمبر سنة ١٦٤٦ طلبه كرومويل ليلحقه
بأبيهِ؛ لأنه خاف من هياج العساكر وبكاء الشعب عندما قطع رأس تشارلس
الأول، وكان جماعة الماسون قد أبعدوه وحدثت حروب وفتن أثناء ذلك الوقت
لا محل لذكرها في هذا الكتاب. وجاء تشارلس إلى اسكوتلندا فأدخلوه
الماسونيَّة وتوجوه ملكًا عليها، وحارب إنكلترا سنة ١٦٥١ بالجيش
الاسكوتلندي الذي كان عنده لعله يعود إلى ما كان عليهِ والده فغُلِب
وهرب إلى فرنسا، ودوَّخ كرومويل اسكوتلندا، وبقي تشارلس في فرنسا
وهولندا وغيرهما إلى أن تغيَّرت الأحوال وجاء الجنرال منك بسبعة آلاف
فارس في ٣ فبراير سنة ١٦٦٠ من اسكوتلندا ودخل لندن، حيث حادث البرلمان
بعودة الملك تشارلس الثاني وجلوسهِ على عرش الملك فقرر البرلمان
ذلك.
وفي ٨ مايو سنة ١٦٦٠ أُعلن تشارلس الثاني ملكًا لإنكلترا واسكوتلندا فأحضره الجنرال منك من هولندا إلى إنكلترا في ٢٩ مايو الذي هو يوم عيد ولادتهِ فدخل لندن باحتفال عظيم وسط تهليل الأمة، وكان حَسَنَ الخصال حميد السلوك، ولكنه لم يُحسن التصرف بالملك كما ينبغي وأمر فنبشوا قبر كرومويل وغيرهِ من الذين قتلوا أبيهِ تشارلس الأول وصلبهم وعاقب الأحياءَ منهم.
وفي بداية ملكهِ على إنكلترا تأسست فيها الجمعية الملكية سنة ١٦٦٠، فكانت سببًا لتقدم العلوم والمعارف في تلك البلاد.
وتزوَّج كاترينا براغنزه ابنة ملك البورتغال سنة ١٦٦٢ فجلبت صداقها خمسمائة ألف ليرة ومستعمرتي طنجة في أفريقيا وبمباي في الهند فترك تشارلس طنجة لعدم انتفاعهِ منها وأعطى بومباي للشركة الشرقية الهندية.
وسنة ١٦٦٣ كان أول ضرب الجنيه الإنكليزي، وسمِّيت «جنيه» بسبب جلب الذهب من غينيا بمعرفة أرباب الشركة التجارية الأفريقية. ونشط الجمعية الماسونيَّة أي تنشيط، وكان رئيسًا عليها مدة حياتهِ.
وجرت حروب وقلاقل في مدة ملكهِ وأمور عظيمة جدًّا، وتوفي بداء السكتة في ٦ فبراير سنة ١٦٨٥ (انظر ترجمته في كتابنا «الجوهر المصون في تراجم مشاهير الماسون»).
حريق لندن
-
سنة ١٦٦٦ب.م: وفي سنة ١٦٦٥ حدث وباءٌ في لندن أهلك نحو مائة ألف نسمة، وفي ٢
سبتمبر سنة ١٦٦٦ حدث حريق هائل فيها أيضًا ابتدأ في بيت خبَّاز وامتدَّ
إلى البنايات الخشبية واندلع لسان اللهيب فالتهمت النار كل ذلك الشارع،
وامتدت بسرعة إلى جهات لندن الأربع على مساحة متسعة فاحترق ثلاثة عشر
ألف بيت و٨٩ كنيسة من جملتها كنيسة مار بولس الشهيرة عدا عن بيوت
العبادة الصغيرة، ولم ينجُ من الحريق سوى ١١ حيًّا من أحياء
المدينة.
وبعد هذا المصاب العظيم عزموا على بناء المدينة بحجر وقرميد عوضًا عن الخشب، وعيَّن الملك «تشارلس الثاني» الأستاذ الأعظم «ديبوتي وَرِن» ليخطط المدينة ويجعل شوارعها متسعة فاستعان وَرِن بروبرت هوك أستاذ الهندسة في كلية جريشام فخطط بيوت الأهالي، ووَرِن خطط عموم المدينة والكنائس والمعابد وكل محلات الحكومة المهمة ورفع خريطة إلى الملك فلقي وَرِن أشد المعارضات من أصحاب الأملاك، ولم ينجح في إقناعهم بتوسيع الشوارع وفات لندن فرصة لو اغتنموها لكانت بهجة الدنيا، ولكنهم أصرُّوا على عنادهم وأعادوا البناءَ على الأسكلة القديمة.
- سنة ١٦٦٧ب.م: وفي ٢٣ أكتوبر سنة ١٦٦٧ وضع الملك بيدهِ حجر الزاوية للرويال أكستشانج. وفي ٢٨ سبتمبر سنة ١٦٦٩ احتفل بها محافظ لندن بحضور أعيان المدينة، وكان في وسطها تمثال الملك الحالي من الرخام الأبيض صنع جيبونس المنبه الأول الأعظم للمحفل الأكبر وتماثيل بقية الملوك.
- سنة ١٦٦٨ب.م: وسنة ١٦٦٨ شرع في بناء كُمْرُك لندن الذي احترق فيما بعد وأقيم مكانه بناءٌ جميل، وشرعوا في بناء مرسح التمثيل في أُكسفورد على نفقة جلبرت شلدون أسقف كنتربري في ٩ يوليو سنة ١٦٦٩، وفي ذلك الوقت بنيت الأنتكخانة على نفقة الشعب بجانب المرسح.
-
سنة ١٦٧١ب.م: وسنة ١٦٧١ شرعوا في إقامة نصب تذكاريٍّ للحريق ولتجديد مدينة لندن،
وانتهى بناؤه سنة ١٦٧٧.
ثم تحول فكر الجمهور إلى بناء كنيسة القديس بولس فاشتغل أساتذة الماسون بعمل الرسوم المختلفة على أبدع الأساليب وأتقن الصناعة. وبعدما وافق الملك والأساقفة على أحسن رسم قدم لهم، باشروا العمل سنة ١٦٧٣ وحُفِظ هذا الرسم إلى الآن في إحدى غرف الكنيسة.
وقد احتُفل بوضع حجر الزاوية بحضور جمهور عظيم من اللوردية والأشراف والأعيان والإكليروس والمهندسين والنقاشين، وسَلَّم الرئيس الأعظم ريفر المطرقة للملك تشارلس الثاني فوضع الملك حجر الزاوية بيدهِ ودقه بالمطرقة (باسم مهندس الكون الأعظم)، وناول المطرقة إلى السر «خريستوفور وَرِن» الرئيس الأعظم السابق فحفظها ثم أهداها إلى محفل القديس بولس الذي يدعى الآن محفل الآثار (الأنتيكة)، ولا تزال محفوظة هناك إلى اليوم. وكان رئيس العمل الدكتور «وَرِن» الرئيس الأعظم السابق والمنبهون المستر «إدورد سترُن» وابنه. وقد وصف هذه الكنيسة سعادة الأخ المحترم أمين باشا فكري ناظر الدائرة السنية في كتابهِ المطبوع في مصر في مطبعة المقتطف المسمى «إرشاد الألبَّا إلى محاسن أوروبا» صفحة ٤٦٢ قال:«كنيسة القديس بولس الكاتدرائية» هي أفخم المباني التي تستوقف الأنظار وتحار عندها الأفكار، قائمة على مرتفع يشاهد من بعيد، وكان بمكانها في الأصل هيكل لعبادة بعض الآلهة في الأزمان الخالية، ففي سنة ٦٠٣ بنى بعض الملوك فيهِ كنيسة استمرت إلى سنة ١٦٦٦، فاحترقت بتمامها وبقي المحل خاليًا تسع سنين حتى شُرع في وضع أساس هذه الكنيسة الحالية يوم ٢١ يونيو سنة ١٦٧٥، وانتهت في سنة ١٧١٠ بعد أن ضربت الدولة لأجل إتمامها ضريبة على معادن الفحم الحجري، وبلغت نفقاتها نحو ٧٤٨ ألف جنيه.
وهي على هيئة صليب تشابه كنيسة القديس بطرس في رومه، وإن كانت أصغر منها، ويبلغ طول صحنها ١٥٢ مترًا، وعرضه ٣٦ مترًا، وارتفاع قبتها من الداخل ٦٨ مترًا، ومن الخارج ١١١ مترًا.
وهي أكبر الكنائس بعد كنيسة القديس بطرس برومه كما تقدم وبعد كنيسة ميلانو الكاتدرائية، والناظر إليها من قريب لا يتحقق جسامتها لإحاطة الأبنية بغالب أطرافها فلا يتحقق من ذلك إلا إذا كان بعيدًا عنها.
ومنظر وجهتها من الخارج جميل جدًّا، عرضها ٥٥ مترًا وأمامها سفينة محمولة على اثني عشر عمودًا من الرخام يُصعد إليها بسلم له اثنان وعشرون درجة وبمقدمها بنيَّةٌ مثلثة بها صور كثير من القديسين ناتئة في الحجر من صنع أحسن الصناع وأشهرهم.
أما من الداخل فهي خالية من النقوش والزخرفة كعادة البروتستانت في كنائسهم وبها كثير من قبور مشاهير الإنجليز وقوادهم جريًا على عادتهم في دفن المشاهير من موتاهم في الكنائس تعلو قبورهم فيها الصور والتماثيل، فمن ذلك قبر الأميرال رودني وبجوار قدميه تمثالا شخصين يحكي أحدهما للآخر حديث غزوات الأميرال المذكور على قصد أن الحاكي هو النصر والمحكي له هو التاريخ.
ولا يُمنع إنسان من التفرج على ما بهذه الكنيسة من التحف والآثار في كل وقت غير أوقات الصلاة ويُعمل بها في كل سنة احتفالان عظيمان في شهري مايو ويونيو أولهما لمساعدة أرامل القسس وأيتامهم، والثاني لمساعدة المدارس المجانية. انتهى.
والقسم الأسفل من هذه الكنيسة على الشكل الكورنثي ودشنت أول مرة في ٢ ديسمبر سنة ١٦٩٧، والحجر الأخير الذي عليهِ الفانوس وضعه حفيد وَرِن سنة ١٧١٠.
ولما كانت كنيسة مار بولس تبنى كان آخرون يبنون بنايات أخرى مثل مستشفى بيت لحم الذي وضع أول حجر منه سنة ١٦٧٥ والمدرسة الكلية للأطباء وغير ذلك من البنايات العظيمة الكثيرة، وقد ذكر بعضها بريستون في تاريخهِ الماسوني.
وبينما كانت هذه المباني الفخيمة تشاد في لندن تحت مراقبة السر خريستوفور ورن أمر الملك تشارلس الثاني السر وليم بروس بارت الرئيس الأعظم في اسكوتلندا أن يرمم سراية هوليرود في أيدنبرج ويعمم الإصلاح في كل البلاد، فبُنيت السراي المذكورة على الشكل الأغسطي.
وفي كل هذه المدة لم يهمل شغل الجمعية الخصوصي، بل كان الإخوة يجتمعون في محافل شتى وجددوا عدة محافل وازداد عددهم أيضًا وحافظوا على الدرجتين اللتين أُدخلتا على الماسونيَّة بعد مقتل «تشارلس الأول».
- سنة ١٦٧٤ب.م: وفي سنة ١٦٧٤ اسْتُعْفِيَ «أرل أوف ريفرس» من الرئاسة العظمى في إنكلترا وخلفه «جورج فيلارس» دوق أوف بوكنهام، وهذا سلَّم الأشغال لنائب الرئيس الأعظم السر «خريستوفور ورن» والمنبه الأول الأعظم.
- سنة ١٦٧٩ب.م: وسنة ١٦٧٩ اسْتُعْفِيَ دوق أوف بوكنهام فسمي هنري بنت أرل أوف أرلينتون رئيسًا أعظم مكانه. ومع أن أشغال هذا الأرل لم تسمح له بالحضور في الاجتماعات كثيرًا كان الإخوة يواظبون على الاجتماع وازداد عددهم ودخل بينهم جمهور من الأشراف.
-
سنة ١٦٨٥ب.م: وتوفي سنة ١٦٨٥ «أرل أوف أرلينتون» فاجتمع الماسون وانتخبوا مكانه
السر «خريستوفور ورن».
وتوفي الملك «تشارلس الثاني» وخلفه على المُلك «جمس السابع» لاسكوتلندا والثاني لإنكلترا.
جمس الثاني ملك إنكلترا والسابع لاسكوتلندا
-
سنة ١٦٨٥ب.م: هو ثاني أولاد «تشارلس الأول» من امرأتهِ «هنريت دي فرانس»، ولد في
١٥ أكتوبر سنة ١٦٣٣ في قصر سان جمس، وتوفي أبوه وهو صغير لا يتجاوز
التاسعة من عمرهِ وانتشبت إذ ذاك الحروب الأهلية فشهد معركة أوجهل،
وكاد يخسر فيها حياته وشهد حصار بريستول سنة ١٦٤٣ وأُخذ أسيرًا بعد
افتتاح أُكسفورد سنة ١٦٤٦، وأرسل إلى جزيرة فيرفكس. وكان يقضي معظم
أوقاتهِ في قصر سان جمس مع أخيهِ «غلوسستر» وأختهِ «إليصابات» تحت
وصاية «أرل نرثمبرلند»، وفي سنة ١٦٤٨ نجا من سجنهِ وفر إلى نذرلندا،
وذهب منها إلى باريس سنة ١٦٤٩ فانتظم في جيشها وحارب أعداءَها، وامتاز
ببسالتهِ تحت قيادة تورين القائد العام. وفي سنة ١٦٥٥ تصالحت إنكلترا
وفرنسا فاضطر جمس إلى ترك فرنسا فدخل في جيش الإسبانيوليين وحارب
الإنكليز والإفرنسيين، وكان الإسبانيول يحترمونه كثيرًا، وسبب لإنكلترا
قلقًا جسيمًا خصوصًا لانضمامه إلى الكاثوليك. وفي سنة ١٦٦٠ عاد مع
عائلتهِ إلى إنكلترا، وفي ٣ سبتمبر من تلك السنة تزوج بحنة هيو بنت
«أرل كلارندون» فتوفيت سنة ١٦٧١، وتزوج سنة ١٦٧٣ ثانيةً بماريا بياتريس
إليونورا، وهي برنسة من بيت إستي من مورية، وكانت أصغر منه بنحو ٢٥
سنة، وكان جمس قد اعتنق في منفاه الديانة الكاثوليكية، ولكنه لم يعترف
بها جهرًا إلا بعد رجوع الحكومة الملكية ببضع سنين؛ أي في سنة ١٦٧١،
وكان له في البلاط سطوة عظيمة، وعند وفاة أخيهِ تشارلس الثاني سنة ١٦٨٥
خلفه في الملك. ودخل جمس في الماسونيَّة وتولى حمايتها، قال صاحب
التاريخ الماسوني الفرنسوي: إن الملك جمس كان الأستاذ الأعظم لمجمع
هيرودوم الذي كان يدعى محفل كلوينن (وهو الذي عززه روبرت بروس ملك
اسكوتلندا سنة ١٣١٤ وصيَّره محفلًا أعظم. انظر [الباب الثاني،
الماسونية العلمية، روبرت بروس الأول ملك اسكوتلندا])، وجدد جمس دخول
درجة القديس أندراوس التي كانت قد أُهملت في عهد الإصلاح وضبطت كل
أموالها ومقتنياتها، وكان قصده أن يجعل هذه الدرجة علامة مميزة للذين
يمتازون عن غيرهم من الماسونيين.
وامتاز جمس بمضاء عزمهِ وشدة عزيمتهِ على تجديد الحروب الدموية واضطهاد المخالفين له في معتقدهِ وقاوم الكنيسة الأسقفية وألغى امتيازات المدارس الكلية؛ فانقسمت إنكلترا إلى حزبين عظيمين فكان الماسون الاسكوتلنديون من حزب الملك جمس الثاني (أي من حزب الجزويت) والماسون الإنكليز، ومن غرضهم خلعه، وكان كلٌّ من الحزبين يؤيد مدعاه ففاز أخيرًا الماسون الإنكليز واضطروا جمس إلى الفرار فهرب ومعه كثيرون من الأشراف والجزويت وجماعة الماسون المحازبين له.١٥
وفي ٣٠ يونيو سنة ١٦٨٨ طلب الإنكليز إلى «وليم» الذي كان يدعى «برنس أورانج»، وهو ابن أخ الملك جمس أن يُغِير على إنكلترا قصدَ امتلاكها بدلًا من عمهِ فسافر وليم بحرًا من هولاندا بجيش مؤَلف من ١٥ ألف رجل، ونزل المهاجمون من ترباي في ٢٥ أكتوبر سنة ١٦٨٨ فترك جمس الجميع حتى أخته حنة، وهرب من إنكلترا إلا أنه قُبض عليهِ وأُرسل إلى لندن، ولكنه تمكَّن من الهرب ثانيةً فلجأ إلى فرنسا فقابله «لويس الرابع عشر» بكل إكرام، وعيَّن له مبلغًا وافرًا لنفقاتهِ، وخصص قصر سان جرمين بإقامته. وابتدأ جمس الثاني يغري لويس الرابع عشر ويحركه ليحارب عدوه ويعيده إلى سرير الملك فأجابه. وبعد انتصارات قليلة أحرزها جمس الثاني عاد فانكسر انكسارًا عظيمًا في المعركة الفاصلة التي جرت في برلين في ١ يوليو سنة ١٦٩٠، فرجع إلى فرنسا حزينًا وظل فيها إلى أن مات في ٢ سبتمبر سنة ١٧٠١ بداءِ السكتة.
وكانت الماسونيَّة في كل مدة حكم جمس الثاني متأخرة وانحطت كثيرًا، وخصوصًا في جنوبي إنكلترا، ولم يبقَ إلا سبعة محافل أعظمها محفل القديس بولس الذي كان رئيسه السر خريستوفور وَرِن، ومحفل مستشفى القديس توما ورئيسه السر روبرت كلايتون. وسنة ١٦٨٩ جلس وليم الثالث وامرأته ماري على سرير الملك.