أياس
كان أياس بن تيلامون ملك سلامين بطلًا من أبطال اليونان أمام تروادة، حارب فأحسن البلاء وظفِر على الترواديين في مشاهدَ عظيمة، وحَمَى اليونانيين جميعًا بعد أن انهزم زعماؤهم وأبطالُهم، فما زال يدافع عنهم حتى أقبل أخيل فردَّ أعداءهم منهزمين. فلما كان مقتل أخيل جعل اليونان سلاحه جائزة لأعظم أبطالهم شأنًا وأجلِّهم خطرًا ففاز بها أوديسيوس، وغضِب لذلك أياس، فذهب عقلُه وأنحى بسيفه على ما كان في حظائر اليونان من ماشية، فلما عاد إليه صوابه استخزى لما فعل فقتل نفسه، وقد رُوِيَتْ هذه الأسطورة في قصيدة قصصية أُنشِئَت تكملة للإلياس واسمها الإلياس الصغيرة.
الأشخاص
- أياس.
- أثينا.
- أوديسيوس.
- توكروس: أخو أياس.
- تكمسا: زوج أياس.
- مينيلاووس.
- أجاممنون.
- رسول.
- الجوقة: تتألف من أهل سلامين.
تقع القصة في معسكر اليونان بإزاء تروادة أمام خيمة أياس.
الفصل الأول
أوديسيوس واقفٌ بإزاء خيمة أياس كأنه يرقُبه ويبحث عمَّا أحدث من عمل، فتظهر له الإلهة أثينا وتنبئه بأنها عالمة بما هو فيه، وأن أياس قد كان يريد اغتيال رؤساء الجيش فحالت هي بينه وبين ذلك بأن سلبته عقله وخيلت له الماشية كأنها ملوك اليونان وأبطالهم، فأعمل فيها السيف وقاد طائفة منها إلى خيمته فهو يعذبها ضربًا بالسوط. ثم تأمر أوديسيوس أن ينتظر غير خائف ولا وجِل؛ لأنها مُظْهِرَةٌ له أياس أبله مجنونًا، وتدعوه فيظهر ويعلن أنه قتل جماعة اليونان وقاد بعضهم إلى العذاب، وأنه لم يَقتُل أوديسيوس وإنما شَدَّهُ إلى أحد أعمدة الخيمة ليُمَزِّقَ جسمه بالسياط، ثم يعود إلى خيمته.
المنظر الأول
(ثم تتغنى الجوقة ما شاع من أمر أياس، وأن ذلك قد ساء أثرُه في جيش اليونان، وتدعو أياس إلى أن يظهر فينفي هذا الزور ويقطع ألسنة المُرجفين.)
الفصل الثاني
تأتي تكمسَّا فتقص على الجوقة ما قدمنا من جنون أياس، وما كان من قتله الماشية، فتثِق الجوقة بأن الخبر صحيح وتشفق من سخط اليونان، وتَوَدُّ لو استطاعت أن تنجو إلى وطنها لتأمن شرهم، ثم تخبرها تكمسا بأن أياس قد استرد رُشده، فتهدأ وتطمَئن، ولكنها تجزع حين تعلم أن أثر الندم في نفس البطل شديد، وأنه يُضمِر أمرًا منكرًا، وإنهم لفي ذلك إذ يُسمع صوت أياس متولهًا يدعو ابنه وأخاه.
المنظر الأول
(ثم يطول الحوار بينه وبين الجوقة وتكمسا، تُرِيدَانِ أن تحولا بينه وبين الموت ويأبى إلا أن يفارق الحياة، فيوصي بأن يطلب إلى أخيه توكروس حماية زوجه وابنه وردهما إلى وطنه.)
(ثم تتغنى الجوقة سوء حالها وسوء حال أياس، وما سيصيب أباه من الحزن حين يصل إليه هذا النبأ السيئ، وإنها لكذلك إذ يأتي أياس ومعه زوجه فيعلن أنه قد عدل عن رأيه، وأنه لن يقتل نفسه ولن يصر على خلاف أجاممنون، وأنه ذاهب إلى البحر ليستحم وباحث عن عزلةٍ يستريح فيها ويخفي فيها سيفه الذي أهداه إليه هكتور فكان مصدر شقائه ومحنته. ويطلب إلى الجوقة أن تكلف أخاه توكروس العناية به وبها مشيرًا بذلك من طرفٍ خفي لي أنه لا يذهب ليستحم، وإنما يذهب ليبحث عن الموت. ولكن الجوقة لا تفهم، فتتغنى ما نالها من سرورٍ وبهجة، ويخيل إليها أن قد منحها الفرح أجنحة فهي توشك أن تطير وترقص داعية «بان وأبلون» ليعيناها على ذلك ويشاركاها فيه.)
الفصل الثالث
يأتي رسول من قبل توكروس ينبئ بأنه قد عاد من غارةٍ كان يشنها على العدو، وأنه أرسله ليُمسك أخاه في خيمته، فقد أعلن الكاهن كلكاس أن أياس إن خرج اليوم من خيمته فهو قاتل نفسه، وتأمر تكمسا الجوقة أن تتفرق فيذهب بعضها إلى الشرق، وبعضها إلى الغرب باحثًا عن أياس، وتُعلن أنها ذاهبةً من جهةٍ أخرى ويتفرقون.
الفصل الرابع
المنظر الأول
إنهن ليريدني أسلب نفسي الحياة بيدي، فلعل هذين الرجلين يسلكان هذه الطريق التي أسلكها، فيمزق كل منهما صدره ويجود بنفسه أمام أعز الناس عليه وأحبهم إليه. أقبلن إذن أيتها الآلهة المنتقمة، أسرِعْن لا تبقين على شيء، سلِّطْن غضبكن على هذا الجيش كله. وأنت أيتها الشمس تقود عجلتها على قبة السماء، إذا بلغت مسقط رأسي حيث رأيت الضوء لأول مرة فأمسكي لجامك الذهبي، وألقي إلى أبي الذي قد أثقلته السن وإلى أمي التعسة ما لقيت من بؤس وما ادَّخَر القضاء. يا لها من شقية! بأي أنينٍ سيمتلئ بيتها حين يبلغها هذا النبأ! ولكن ماذا أصنع؟ لندع هذا البكاء لا يجدي شيئًا ولنسرع إلى إتمام ما بدأنا. يا للموت! يا للموت! أقبل الآن، زرني! لأُساكننَّك هنا ولأحادثنَّك عما قليل. أيها الضوء اللامع، ضوء النهار، أيها النور المشرق، أيتها الشمس، إني لأراك، إني لأناجيك لآخر مرة! أيتها الأسوار المقدسة، أسوار سلامين وطني، أيتها المنازل العزيزة، منازل أجدادي، أيتها المدينة الكريمة مدينة أثينا، أيها الأصدقاء الذين قاسموني الغذاء، أيتها العيون والأنهار والحقول تحيط بتروادة، إليكم أُهدِي التحية. أي هذان اللذان منحاني الحياة، في ذمة الآلهة: هذه آخر كلمة يوجهها إليكما أياس، فلن ينطق بعدها في دار الجحيم.
(ثم يقتل نفسه.)
•••
(ثم يقبل نصف الجوقة من جهةٍ ونصفها من جهةٍ أخرى آسفًا لما لقي من عناء من غير أن يستكشف شيئًا. وتقبل تكمسا فترى زوجها صريعًا فتصيح وتجيبها الجوقة، وتبكيان أياس وتعولان لسوء حالهما. ويأتي توكروس فيتفجع ويتوجع ناعيًا أخاه متخوِّنًا إياه ساخطًا على هذا السيف الذي أهداه هكتور إلى أياس فأهدى إليه به الموت، كما أن أياس أهدى إلى هكتور حمالة واتخذها أخيل آلة لتعذيبه شده بها إلى عجلته، وأخذه يجره جريحًا حتى مات، وإنه ليألم ويشكو إذ يُقبل مينيلاووس.)
المنظر الخامس
(ثم تحث الجوقة توكروس على أن يسرع بمواراة أخيه قبل أن تحول قوة اليونان بينه وبين ذلك، ويأتي ابن أياس وزوجه فيأمرهما توكروس أن يلتزما الجثة، ويأمر الجوقة أن تحرسها حتى يعود، ويمضي باحثًا عمَّا لا بد منه لدفن أياس. وتتغنى الجوقة سخطها على الحرب ومن اخترعها، وأسفها على ما تعاني من بُعدٍ عن الوطن وفراق لما فيه من لذة.)
الفصل الخامس
يأتي توكروس وأجاممنون فيشتد بينهما حوار كالذي ترجمناه آنفًا، ثم يأتي أودسيوس فينصح لأجاممنون أن يسمح بدفن أياس، ويعترف بأنه بعد أخيل أشجع اليونان وأكرمهم، وأن حرمانه شرف القبر انتهاك لحرمة الآلهة.
(ثم تشكر الجوقة وتوكروس أودسيوس على صنيعه، ويَوَدُّ هذا لو شاركهم في إقامة القبر لأياس ولكن توكروس يأبى مخافة أن يؤذي أخاه، فينصرف أودسيوس ويأخذ توكروس ومن معه في مواراة القتيل.)