ذات
«تَعوَّدت ذات أن تحمل في حقيبة يدها منديلًا صغيرًا من القماش المُطرَّز الحواف، تُمسِكه في يدها عندما تعرق، أو ترتبك، وتمسح بطرفه ما قد يَتجمَّع في ركنَي عينَيها من إفرازات، أو يسيل حولهما من كحل في الأيام الحارة. وقد ظلَّت متمسِّكةً بهذه المناديل الصغيرة رغم انتشار بدائلها الورقية؛ إذ كانت عاجزةً عن تمثُّل نفسها في صورةٍ أخرى غير السيدة ذات المنديل القطني الصغير.»
يَسرد «صنع الله إبراهيم» سيرةَ وطن، وسيرةَ ثورة، وسيرةَ جيلٍ كامل خرجت منه «ذات» التي تمثِّل النموذجَ السائد للمرأة المصرية؛ فيَتحدَّث عن فترة صِباها وزواجها من «عبد المجيد»، وعملها وإنجابها وأمومتها، متَّخذًا من سيرة حياتها مِرآةً كاشفة لرصدِ تفاصيل الحياة اليومية التي يَمُوج بها المجتمع المصري خلال عصرَي «السادات» و«مبارك»، كما يُسلِّط الضوءَ على التحوُّلاتِ السياسية والاقتصادية خلال هذه الفترة، وطريقةِ استقبال «ذات» و«عبد المجيد» لها، وأثرها على تشكيل حياتهما. كما لا تخلو الروايةُ من التوثيق التاريخي والأرشيف الصحفي الذي حرص عليه «صنع الله إبراهيم» في الكثير من رواياته، والذي يُمكِن من خلاله تَتبُّع التغيُّرات والتطوُّرات التي عاشها المجتمع المصري آنذاك؛ فجاءت السردية مليئةً بالكثير من الحقائق التاريخية التي بلا شك شكَّلَت شخصيةَ «ذات»، والمرأة المصرية، وجيل الخمسينيات بأكمله.