الدكتور محجوب أيضًا١
وإن الحديث ليحلو دائمًا في الدكتور محجوب راسبًا في الانتخاب، وعضوًا في مجلس النواب. كما يحلو فيه ملحًّا في طلب السودان، ومشغولًا عنه بالكلام في السماط والخوان. وإني لأوفر هذا الحديث على عتاب صديقي صاحب «الكشكول» على قسوته هذه الأيام على الدكتور وإغلاظه القول فيه بعض الأحيان. والأستاذ فوزي يداين صاحبه بقسط كبير من نجاحه في الانتخاب، فلقد طالما أيده بشديد القول في جريدته القوية، كما آزره بشخصه في الإسكندرية إذ حزبه الأمر وأعوزه النصير.
والأستاذ إنما ينقم من الدكتور أنه حين استوى على كرسي في مجلس النواب تكرش لسانه في شدقه وتقبض. فلم يعد يهتف بالسودان، ولا بملحقات السودان، ولا بشيء مما يمني به ناخبيه، ويصدع به رءوس المختلفين إلى «صولت»، وقهوة الشيشة، ونقابة العمال، ومطعم «الكوارع»، وحلواني محطة الرمل، والمترددين على عيادته من كل أرمد العين، ومضروب بالفالج، ومقروح الكبد، ومن خرج به جرب أو برص، وشاك مرض القلب وخفقانه، أو وجع الضرس وضربانه، ومصدورة تدارك بالعلة زفيرها، وماخض علا صياحها وزحيرها. وحين أظفره ناخبوه بمقام النيابة نسي وعوده المعالجة بالسمن والعسل، وخفر عهوده لأهل مينا «البصل» وترك حديث السودان في مجلس النواب، وأقبل على حديث «الكنافة» والكباب، وترديد ذكر الفطائر المدحوة، والقطائف «المحشوة»، والدجاج والسكابيج، والدراج والطهابيج، واللحمان المحمرة، «والطواجن المعمرة»، وكل ما يعالج بالسمن أو بالزيت، وما يصنع في السوق وما يطهى في البيت!
وحسب الرجل خدمة للأوطان أن «أقنع» المصريين بحاجتهم إلى النيل وحاجتهم إلى السودان! و«الوطنية» كما تعلم فنون، ولله في خلقه شئون!