نحو فلسفة علمية
«إننا نريد للفلسفة أن تكون شبيهةً بالعِلم، لكننا لا نريد أن نُقرِن الفلسفةَ بالعِلم بالمعنى
الذي يجعل الفلاسفة يُشارِكون العلماءَ في موضوعاتِ بحثهم، فيبحثون في الفَلك مع علماء الفَلك،
وفي الطبيعة مع علماء الطبيعة، وفي تطوُّر الأحياء مع علماء البيولوجيا وهكذا … ولكننا نحب لهما
أن يَقترنا بعدَّةِ مَعانٍ أُخَر؛ أولها التزامُ الدقة البالغة في استخدام الألفاظ والعبارات،
التزامًا يُقرِّب الفيلسوفَ من العالِم في دقةِ استخدامه للمصطلحات العلمية.»
مع بداية القرن العشرين دخَل العالَم عصرًا جديدًا هو عصر العِلم؛ حيث بات العِلم هو السِّمةَ
الأساسية فيه، وباتت أدواته هي المُفرَدات الأوَّلية لهذا العصر، وكان من الطبيعي أن تَنحُو
الفلسفة مَنحًى جديدًا يتوافق مع سِمة العصر؛ فانتقلَت من الأسئلة النمطية حول الإنسان والكون،
إلى تحليل العبارات والجُمل وربط الفلسفة بدُنيا العِلم ودُنيا الحياة اليومية؛ وهو ما أطلَق عليه
الدكتور «زكي نجيب محمود» ثورةَ الفلسفة في القرن العشرين. وانطلاقًا من هذه الثورة يَرسم
مُفكِّرنا أبعادَ هذه «الفلسفة العلمية» وأدواتها، وسِمات الفيلسوف ذي النزعة العلمية، كما
يُعرِّج على كثيرٍ من الفلاسفة والجماعات الفلسفية التي أصَّلَت لها، مثل «جورج مور» و«برتراند
رسل» و«جماعة فيينا» وغيرهم، كما يتناول بالتحليل «الفلسفةَ التقليدية»، راصدًا مُشكِلاتها
وعجْزَها عن التوفيق بين دورها وآليات العصر.
هذه النسخة من الكتاب صادرة ومتاحة مجانًا بموجب اتفاق قانوني بين مؤسسة
هنداوي وأسرة السيد الدكتور زكي نجيب محمود.
تحميل كتاب نحو فلسفة علمية مجانا
تاريخ إصدارات هذا الكتاب
-
صدر هذا الكتاب
عام ١٩٥٨.
-
صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٢.
عن المؤلف
زكي نجيب محمود: من أبرز فلاسفة العرب ومفكريهم في القرن العشرين، وأحد رُوَّاد الفلسفة الوضعية المنطقية. وصَفَه العقاد بأنه «فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة؛ فهو مفكِّرٌ يصوغ فكره أدبًا، وأديبٌ يجعل من أدبه فلسفة.»
وُلِد زكي نجيب محمود في قرية «ميت الخولي عبد الله» بمحافظة دمياط في أول فبراير سنة ١٩٠٥م، والتحق بكُتَّاب القرية، وعندما نُقِل والده إلى وظيفةٍ بحكومة السودان أكمَلَ تعليمَه في المرحلة الابتدائية بمدرسة «كلية غوردون»، وبعد عودته إلى مصر أكمَلَ المرحلةَ الثانوية، ثم تخرَّجَ في مدرسة المُعلمين العليا بالقسم الأدبي سنة ١٩٣٠م، وفي سنة ١٩٤٤م أُرسِل في بعثةٍ إلى إنجلترا حصل خلالها على «بكالوريوس الشرفية من الطبقة الأولى» في الفلسفة من جامعة لندن؛ لينال بعدَها مباشَرةً درجةَ الدكتوراه في الفلسفة من كلية الملك بلندن سنة ١٩٤٧م.
اشتغل بالتدريس في عدة جامعات عربية وعالَمية؛ فدرَّسَ في قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وجامعة كولومبيا بولاية كارولاينا الجنوبية، وجامعة بوليمان بولاية واشنطن، وجامعة بيروت العربية بلبنان، وعدة جامعات في الكويت. كما عُيِّن ملحقًا ثقافيًّا بالسفارة المصرية في واشنطن عامَيْ ١٩٥٤ و١٩٥٥م. اختِيرَ عُضوًا في العديد من اللجان الثقافية والفكرية؛ فكان عُضوَ لجنتَيِ الفلسفة والشِّعْر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعُضوَ المجلس القومي للثقافة، وعُضوًا بالمجلس القومي للتعليم والبحث العلمي.
انضمَّ إلى لجنةِ التأليف والترجمة والنشر ليشترك مع أحمد أمين في إصدارِ سلسلةٍ من الكتب الخاصة بالفلسفة وتاريخ الآداب بأسلوبٍ واضحٍ سهلٍ يتلقَّاه المثقفُ العام، وفي سنة ١٩٦٥م أنشأ مجلة «الفكر المعاصر» وترأَّسَها حتى سنة ١٩٦٨م.
حصَد العديدَ من الجوائز والأوسمة على أعماله، منها: جائزة التفوق الأدبي من وزارة المعارف (التربية والتعليم الآن) عام ١٩٣٩م عن كتابه «أرض الأحلام»، وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة سنة ١٩٦٠م عن كتابه «نحو فلسفة عِلمية»، ووسام الفنون والآداب من الطبقة الأولى عام ١٩٦٠م، وجائزة الدولة التقديرية في الأدب عام ١٩٧٥م، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام ١٩٧٥م، وجائزة الثقافة العربية من جامعة الدول العربية عام ١٩٨٤م، وجائزة سلطان بن علي العويس عام ١٩٩١م. كما منحَتْه الجامعة الأمريكية بالقاهرة درجةَ الدكتوراه الفخرية سنة ١٩٨٥م.
له العديدُ من المُؤلَّفات في الفلسفة، منها: «المنطق الوضعي»، و«موقف من الميتافيزيقا»، و«نافذة على فلسفة العصر». وله مُؤلَّفاتٌ عِدة تَمسُّ حياتَنا الفكرية والثقافية، منها: «تجديد الفكر العربي»، و«في حياتنا العقلية»، و«في تحديث الثقافة العربية». ومن مُؤلَّفاته الأدبية: «الكوميديا الأرضية»، و«جنة العبيط». وقدَّمَ سِيرتَه الذاتية الفكرية في ثلاثة كتب: «قصة نَفْس»، و«قصة عقل»، و«حصاد السنين»؛ هذا بجانب ترجماته.
تُوفِّي بالقاهرة في ٨ من سبتمبر سنة ١٩٩٣م عن عُمرِ ثمانٍ وثمانين سنة، بعد أن ترك بَصماتِه البارزةَ في حياتنا الفكرية ورؤيتنا الفلسفية.