عيدُ الشجَرة
للغرس وقت، ولقلع المغروس وقت.
***
هذا نوَّار التهبت عين شمسه، فنهاره يهذي، وليله يعربد.
السنونو تطوف كالمجنونة، والفراشة ماعَ جناحها.
فكيف تغرس أيها الأمير، في هذا الجحيم؟!
السموم كوت أفواه البراعم المتأهبة لتقبيل الأثير.
والحرور لطمت الأقحوان فصار أدْرَدَ.
فكيف تغرس أيها العميد؟!
•••
ماذا تنصب يا سيد، أسدرةً أم أرزة؟
أشجرة حوَّاء الشرق الحالمة بالملكوت، وعلى جذعها تتعانق حيَّات التجربة؟
أم شجرة حوَّاء الغرب التي تطاول السماء فتقتنص الغذاء من فوق ومن تحت؟
أفسيلةً من شجرة «أفْقَا»، أم التعاويذ والتماتم الموروثة عن الفينيقيين؟
أم جذعًا من شجرة «فرسايل» يستأثر بالتربة والهواء، ولا يؤمن إلا بما يرى؟
اغرس «حقوق الإنسان» في الحقل المريض فيشفى، تلك شجرة عدن الجديدة التي غرستها أمتك في بستان الإنسانية.
اغرس، اغرس، أصلح خطأ حيرام وسليمان.
اغرس، اغرس، أما أنا فلا أستحسن غرسًا بلا قلع.
البيت يحلم بالعرائس فزُفَّها إليه.
والحماة خُلِقَتْ للبربرة، فلتنشقَّ.
اغرس لنا تفاحًا جديدًا فنأكل ونعرف …
حبذا الطردُ من الجنة، فلولاه لكان باستور كمتوشالح.
الخطيئة الأصلية تغسلها حفنة ماء.
ونفخة من فم ملاك أسود تُخرج الروح النجس …
انصب لنا شجرًا يثور على نفسه، فلا ينبت لتأكله الحشرات وتعيش عليه الطفيليات …
اغرس لنا شجرًا جديدًا، في عوده العبير وفي ماويته الرواء، والغذاء، والشفاء.
اغرس في حقل العقل والقلب، فالمغروس في التراب تتلفه العناصر.
•••
هذه شجرة جديدة فماذا نسمِّيها؟
هذه شجرة وليدة فكيف نربيها؟
أنتعهدها بالجَز والسماد والسياج، أم نصلي «لسيدة الزرع» فتحميها؟!
ها هم يرفعون الكؤوس على سلامتك، وحياتك، يا بنية، احلمي يا بنت المجد والسعد بماء السماء!
أما أنا فإنني أشرب نخب الأتون العتيد، والحطاب العنيد!