دراسة في التجربة الصوفية
«ووحدة الشهود نوعٌ من التوحيد يختلف عن توحيد الإيمان الذي نصَّت عليه الشريعة، من حيث إن التوحيد الأول توحيد يقيني، تجريبي، أو ذوقي، على حدِّ المصطلح الصوفي. بينما التوحيد الشرعي إيماني، نقلي، يُلتمَس إليه الدليل بالنظر العقلي. وعلى هذا فإن التوحيد الشهودي، أو وحدة الشهود، حال أو تجرِبة، لا فِكر ولا اعتقاد.»
للتجرِبة الصوفية الإسلامية خصوصيةٌ متميزة في التراث الروحي الإنساني؛ لما قدَّمه المتصوِّفون المسلِمون من تجارب روحية عميقة سلكوا فيها طُرقًا متنوعة في سبيل معرفة الذات العَليَّة والاتصال بها، وقد شكَّلت تجاربهم الملامحَ العامة والخاصة للتصوُّف الإسلامي وجوهره. يقف هذا الكتاب على أهمِّ مَظاهر التصوُّف الإسلامي، ويتناول عدَّة تجارب ثَرِية لبعض أعلامه، مثل: «محيي الدين بن عربي»، و«الحلَّاج»، و«أبي يزيد البسطامي»، و«رابعة العدوية»، و«أبي بكر الشبلي»، مثيرًا من خلال هذه التجارب الركائزَ الرئيسة في التصوُّف الإسلامي، مثل وحدة الشهود، والفرق بينها وبين الحلول، وتقديم أمثلة على وحدة الوجود في القرآن والسُّنة والأحاديث النبوية، مع شرحٍ مستفيض لحالتَي الفناء والبقاء، ومناقَشة بعض مظاهر الشَّطْح على لسان بعض المتصوِّفين.