يجسد الجدول الدوري للعناصر، الذي وضعه الكيميائيون والفيزيائيون بشغف على مدار
القرنين الماضيين، المبادئ التنظيمية التي تفسر السلوك الكيميائي لجميع العناصر التي
نعرفها في الكون، أو التي قد نكتشفها يومًا. ولهذا السبب حريٌّ بنا أن ننظر إلى هذا
الجدول كرمز ثقافي؛ نموذج لقدرة مجتمعنا على تنظيم معارفه. كما يشهد الجدول على تبني
البشر من شتى الأمم لمغامرة العلم كمسعى مشترك، وأن هذا المسعى لم يقتصر على المختبرات
وحسب، بل امتد إلى معجلات الجسيمات والفضاء، وحتى حدود الزمان والمكان في الكون
بأسره.
وسط كل ما يحظى به الجدول الدوري من احترام مستحق، يفاجئ من حين لآخر أحد عناصره
حتى
العلماء المخضرمين بسمات غريبة، وكأنه وحش عجيب في حديقة وحوش متفردة أنتجتها قريحة
كاتب الخيال د. سيوس. فكيف لنا أن نصدق أن الصوديوم، وهو معدن قاتل متفاعل يمكنك قطعه
بسكين الزبد، وأن الكلور النقي، ذلك الغاز السام ذو الرائحة الخبيثة، عندما نجمعهما
معًا، ينتج كلوريد الصوديوم، ذلك المركب غير المؤذي الضروري للحياة والمعروف بملح
الطعام؟ وماذا عن الهيدروجين والأكسجين، اثنان من أكثر العناصر وفرة على سطح الأرض وفي
الكون؟ أحدهما غاز متفجر، بينما الآخر محفز على الاشتعال، ومع ذلك عند جمعهما ينتجان
لنا الماء، الذي يطفئ النار.
وسط كل التفاعلات الكيميائية الممكنة التي يقدمها الجدول الدوري، نجد أكثر العناصر
أهمية للكون. وهذه العناصر تمكِّننا من رؤية الجدول من منظور الفيزيائيين الفلكيين.
وسوف ننتهز هذه الفرصة ونشق طريقنا بهدوء عبر الجدول، بحيث نركز على أكثر عناصره
تميزًا، ونبدي تقديرنا لغرائبه.
يؤكد الجدول الدوري على الحقيقة القائلة إن كل عنصر من عناصر الطبيعة يميز نفسه عن
غيره من خلال «عدده الذري»؛ أي عدد البروتونات (الجسيمات موجبة الشحنة) في كل نواة لهذا
العنصر. الذرات الكاملة بها إلكترونات (جسيمات سالبة الشحنة) تدور حول النواة عددها
مساوٍ لعدد البروتونات، وبهذا تصير الشحنة الكهربية الإجمالية متعادلة. النظائر
المختلفة للعنصر موجود بها العدد نفسه من البروتونات والإلكترونات، لكن عدد النيوترونات
هو المختلف.
الهيدروجين هو أخف العناصر الكيميائية وأبسطها؛ إذ
يحتوي على بروتون وحيد في نواته، وقد تكوَّن هذا العنصر بالكامل خلال الدقائق القليلة
التي أعقبت الانفجار العظيم. ومن الأربعة والتسعين عنصرًا الموجودة بشكل طبيعي، يشغل
الهيدروجين أكثر من ثلثي الذرات الموجودة في جسدك، إضافة إلى أكثر من ٩٠ بالمائة من
جميع الذرات الموجودة في الكون، بما في ذلك الشمس وكواكبها العملاقة. والهيدروجين
الموجود في قلب أكبر الكواكب التي تدور حول الشمس، المشتري، يقع عليه ضغط هائل من
الطبقات المغلفة للكوكب، حتى إنه يتصرف كمعدن موصِّل للطاقة الكهرومغناطيسية أكثر من
تصرفه كغاز، ويساعد في تكوين أقوى مجال مغناطيسي في كواكب المجموعة الشمسية. اكتشف
الكيميائي الإنجليزي هنري كافنديش الهيدروجين عام ١٧٦٦ أثناء إجراء بعض التجارب على
المركب H2O (كلمة
hydro-genes تعني باليونانية «تكوين الماء»،
والمقطع gen يظهر في كلمات إنجليزية مثل
genetic بمعنى «وراثي»)، مع أن شهرته بين الفلكيين
تعود إلى أنه أول من تمكَّن من حساب كتلة الأرض بدقة عن طريق قياس ثابت الجاذبية الذي يظهر في معادلة نيوتن الشهيرة عن الجاذبية. وفي كل ثانية من
الليل والنهار تصطدم ٤٫٥ ملايين طن من أنوية الهيدروجين (البروتونات) المتحركة بسرعة
بعضها ببعض؛ كي تكون أنوية الهيليوم داخل قلب الشمس الذي تصل حرارته إلى ١٥ مليون درجة
(مئوية). حوالي ١ بالمائة من الكتلة الداخلة في تفاعل الاندماج هذا تتحول إلى طاقة،
بينما تظل اﻟ ٩٩ بالمائة الأخرى على صورة هيليوم.
الهيليوم، ثاني أكثر العناصر وفرة في الكون، لا
يمكن العثور عليه على كوكب الأرض إلا في عدد قليل من الجيوب التي تحبس الغازات تحت
الأرض. أغلبنا يعرف الجانب المرح لغاز الهيليوم، والمتاح للتجربة من خلال المنتجات التي
تحتوي عليه — كالبالونات — من المتاجر. فحين تستنشق الهيليوم، تتسبَّب كثافته المنخفضة
مقارنة بغازات الغلاف الجوي في زيادة حدة ذبذبات الصوت في القصبة الهوائية؛ ما يجعلك
تتحدث بصوت أشبه بصوت شخصية ميكي ماوس. كمية الهيليوم الموجودة في الكون تساوي أربعة
أضعاف كمية العناصر الأخرى مجتمعة (باستثناء الهيدروجين). من الأسس التي تقوم عليها
نظرية الانفجار العظيم في علم الكونيات التنبؤ بأنه في كل أرجاء الكون لا تقل نسبة ذرات
الهيليوم عن ٨ بالمائة من إجمالي الذرات، وهذا المقدار أنتجته كرة النار البدائية التي
تكوَّنت في أعقاب مولد الكون مباشرة. وبما أن الاندماج النووي الحراري للهيدروجين داخل
النجوم يُنتج المزيد من الهيليوم، تحتوي بعض مناطق الكون على نسبة أعلى من نسبة
الثمانية بالمائة الأساسية، لكن — كما يتنبأ نموذج الانفجار العظيم — لم يعثر أحد على
منطقة في مجرتنا أو في أي مجرة أخرى تقلُّ بها نسبة الهيليوم عن هذا الرقم.
قبل نحو ثلاثين عامًا من اكتشاف الفيزيائيين الفلكيين للهيليوم على الأرض وعزله،
كانوا قد تمكَّنوا من رصده في الشمس من خلال الملامح المميِّزة التي رأوها في الطيف
الضوئي للشمس خلال الكسوف الكلي الذي حدث عام ١٨٦٨. وبتلقائية أسموا هذه المادة
المجهولة حتى ذلك الوقت على اسم هليوس، إله الشمس لدى الإغريق. ويعد الهيليوم — بقدرته
على الطفو في الهواء التي تبلغ ٩٢ بالمائة من قدرة الهيدروجين، لكن دون سمات الهيدروجين
المتفجِّرة التي دمرت المنطاد الألماني هندنبرج — الغاز المثالي لملء البالونات الكبيرة
التي ينتجها متجر ماكي لاستخدامها في استعراضات عيد الشكر، التي تجعل من هذا المتجر
ثاني أكبر المؤسسات استهلاكًا لهذا الغاز في العالم بعد الجيش الأمريكي.
الليثيوم، ثالث أبسط العناصر في الكون، له ثلاثة بروتونات في كل نواة.
وقد تكوَّن الليثيوم — مثل الهيدروجين والهيليوم — بعد الانفجار العظيم بقليل. لكن على
عكس الهيليوم، الذي يتكوَّن من خلال تفاعلات نووية تالية، يُدمَّر الليثيوم مع كل تفاعل
نووي يحدث في النجوم. ولهذا السبب لا نتوقَّع أن نجد أي جسم أو منطقة تحوي من الليثيوم
ما يزيد عن النسبة الصغيرة نسبيًّا — التي لا تزيد عن ٠٫٠٠٠١ بالمائة من إجمالي الذرات
—
المُنتَجة في فترة الكون المبكر. وكما يتنبأ نموذجنا لتكون العناصر خلال النصف ساعة
الأولى من عمر الكون، فلم يعثر أحد بعد على مجرة تحوي من الليثيوم ما يتخطى هذا الحد
الأقصى. يمدنا كل من الحد الأقصى من الهيليوم والحد الأدنى من الليثيوم بقيد مزدوج فعال
يمكن تطبيقه عند اختبار نظرية الانفجار العظيم في علم الكونيات. ثمة اختبار مشابه
لنموذج الانفجار العظيم للكون، تم اجتيازه بنجاح ساحق، يتمثل في مقارنة وفرة أنوية
الديوتيريوم، التي تملك كل واحدة منها بروتونًا وحيدًا ونيوترونًا وحيدًا، بمقدار
الهيدروجين العادي. لقد أنتج الاندماج النووي خلال الدقائق القليلة الأولى هذين النوعين
من الأنوية، لكنه أنتج قدرًا أعظم بكثير من أنوية الهيدروجين البسيطة (المحتوية على
بروتون وحيد).
يدين العنصران التاليان في الجدول الدوري، البيريليوم والبورون (اللذان تحمل
أنويتهما أربعة وخمسة بروتونات على الترتيب)، بوجوديهما إلى تفاعل الاندماج النووي
الحراري الذي حدث في الكون المبكر، شأنهما في ذلك شأن الليثيوم، وهما يظهران بأعداد
متواضعة نسبيًّا في أرجاء الكون. إن ندرة العناصر الثلاثة الخفيفة التي تلي الهيدروجين
والهيليوم على كوكب الأرض تسبب بعض المشكلات لمن يتناولها عَرَضًا؛ لأن تطور البشر
استمر بنجاح دون التعرض لها. لكن المثير للدهشة أن تناول جرعات مُحكمة من الليثيوم يبدو
أنه يسكِّن بعض أنواع المرض العقلي.
مع حلول الكربون — العنصر السادس — يشهد الجدول
الدوري ازدهارًا كبيرًا. فذرات الكربون، التي تحتوي نواة الواحدة منها على ستة
بروتونات، تظهر في أنواع من الجزيئات يفوق عددها الجزيئات غير المحتوية على الكربون
مجتمعة. إن وفرة عنصر الكربون في أرجاء الكون — الذي يتكون في قلوب النجوم، ويتحرَّك
بعنف على أسطحها، ثم ينطلق بكَمِّيَّات وفيرة في أنحاء مجرة درب التبَّانة — إلى جانب
السهولة التي يكون بها الكربون المركبات الكيميائية؛ يجعلان الكربون أفضل عنصر تقوم
عليه الكيمياء وتنوع الحياة. أيضًا يعد الأكسجين
(الذي تحمل نواته ثمانية بروتونات)، والذي يناهز الكربون في الوفرة، من العناصر الوفيرة
عالية التفاعل في الكون، وهو يتكوَّن بالمثل في النجوم المسنة والنجوم التي تنفجر
كمستعرات عظمى، ثم ينطلق منها. إن كلًّا من الكربون والأكسجين يعدان من المكونات
الأساسية للحياة التي نعرفها. العمليات نفسها تسبَّبت في إيجاد وتوزيع عنصر النيتروجين، العنصر السابع، الذي يوجد هو الآخر بكمِّيَّات
وفيرة في أنحاء الكون.
لكن ماذا عن الحياة التي لا نعرفها؟ هل يمكن لأشكال أخرى من الحياة أن تستخدم عناصر
مختلفة كأساس لأشكالها المعقدة؟ ماذا عن حياة مبنية على السليكون، العنصر رقم ١٤؟ يقع السليكون أسفل الكربون مباشرة في الجدول
الدوري، وهو ما يعني (انظر كيف يكون الجدول مفيدًا لمن يعرفون أسراره) أن السليكون
يستطيع تكوين أنواع المركبات الكيميائية نفسها التي يكوِّنها الكربون، مع وضع السليكون
محل الكربون. في النهاية نتوقع أن يظل الكربون أعلى مكانة من السليكون؛ ليس فقط لأن
الكربون يزيد عن السليكون بعشرة أضعاف في الكون، لكن أيضًا لأن السليكون يكون روابط
كيميائية تكون إما أقوى بكثير أو أضعف بشكل ملحوظ من تلك التي يكوِّنها الكربون. وعلى
وجه التحديد تتسبَّب قوة الروابط بين السليكون والأكسجين في تكوين الصخور الصلبة، بينما
تفتقر الجزيئات المعقَّدة المبنية على السليكون إلى الصلابة الكافية التي تمكِّنها من
تحمُّل الضغوط البيئية التي تتحمَّلها الجزيئات المبنية على الكربون. لكن هذه الحقائق
لا تمنع كتَّاب الخيال العلمي من مناصرة السليكون، وبهذا يجعلون عالم البيولوجيا
الفلكية في حالة من الترقُّب الدائم، ويجعلوننا نتساءل عن الصورة التي سيكون عليها أول
أشكال الحياة القادمة من خارج الأرض.
إضافة إلى كون الصوديوم (الذي تحمل نواته أحد عشر
من البروتونات) مكونًا فعَّالًا في ملح الطعام، فإنه يتوهَّج في أرجاء الأرض على صورة
غاز الصوديوم الحار الموجود في غالبية مصابيح الإضاءة في شوارع المدن. هذه المصابيح
«تشتعل» بسطوع أكبر، ولوقت أطول، وتستهلك طاقة أقل من المصابيح التقليدية. وهذه
المصابيح تأتي في نوعين: مصابيح الضغط العالي الشائعة، التي تشع ضوءًا أبيض ضاربًا إلى
الصفرة، ومصابيح الضغط المنخفض الأقل شيوعًا التي يبدو ضوءُها برتقاليًّا. وقد اتضح أنه
مع أن مصابيح الإضاءة الصناعية كافة تضايق الفلكيين، فإن مصابيح الصوديوم ذات الضغط
المنخفض هي أقلها ضررًا؛ لأن التداخل الذي تسببه، والمحدود في نطاق ضيق من الألوان،
يمكن تبيُّنه بسهولة ومن ثم إزالته من بيانات التلسكوب. وفي نموذج للتعاون بين المدن
والتلسكوبات حوَّلت مدينة توسكان بولاية أريزونا — وهي أقرب مركز حضري إلى مرصد كيت بيك
الوطني — بالاتفاق مع علماء الفلك المحليين، كافة مصابيح إضاءة الشوارع إلى مصابيح
الصوديوم ذات الضغط المنخفض، التي أثبتت أنها أعلى كفاءة من المصابيح الأخرى؛ ومن ثَمَّ
وفَّرت الطاقة للمدينة.
يمثل الألومنيوم (الذي تحمل نواته ثلاثة عشر
بروتونًا) حوالي ١٠ بالمائة من القشرة الأرضية، ومع ذلك فقد ظل غير معروف للقدماء وغير
مألوف لأجدادنا بفضل امتزاجه الفعَّال للغاية بالعناصر الأخرى. إن تحديد الألومنيوم
وعزله لم يجرِ إلا في عام ١٨٢٧، كما لم يدخل الألومنيوم في تصنيع الأدوات المنزلية إلا
في أواخر الستينيات، حين استعاض المصنِّعون عن علب ورقائق القصدير بعلب ورقائق
الألومنيوم. ولأن الألومنيوم المصقول يعكس الضوء المرئي بصورة شبه مثالية، يبطِّن
الفلكيون اليوم جميع مرايا تلسكوباتهم تقريبًا بطبقة رقيقة من ذرات الألومنيوم.
مع أن التيتانيوم (الذي تحمل نواته اثنين وعشرين
بروتونًا) له كثافة أعلى من الألومنيوم بنسبة ٧٠ بالمائة، فإنه أقوى منه بأكثر من
ضعفين. وقد جعلت قوة التيتانيوم وخفته النسبية — خاصة وأنه العنصر التاسع من حيث الوفرة
في القشرة الأرضية — منه العنصر المفضل في العديد من التطبيقات الحديثة، مثل أجزاء
الطائرات الحربية التي تحتاج أن تُصنَّع من معدن خفيف قوي.
في أغلب أنحاء الكون تزيد ذرات
الأكسجين في العدد عن ذرات الكربون. وفي النجوم، فور أن تلتصق كل ذرة كربون بذرة أو
أكثر من ذرات الأكسجين المتاحة لتكوين جزيئات أول أو ثاني أكسيد الكربون، ترتبط ذرات
الأكسجين المتبقِّية بالعناصر الأخرى، كالتيتانيوم. إن طيف الضوء القادم من النجوم في
طور العملاق الأحمر تتخلَّله بعض السمات الخاصة بثاني أكسيد التيتانيوم (جزيئات
TiO2)، التي في حد
ذاتها ليست بالغريبة على الأحجار الكريمة على الأرض؛ فأحجار الياقوت الأزرق والأحمر
التي تشع على شكل نجوم تدين بشكلها هذا إلى شوائب ثاني أكسيد التيتانيوم التي تتخلل
شبكاتها البلورية، بينما تضفي شوائب أكسيد الألومنيوم عليها ألوانًا إضافية. إضافة إلى
ذلك يدخل ثاني أكسيد التيتانيوم في الطلاء الأبيض المستخدم في دهان قِبَاب التلسكوبات؛
لأنه يشع أشعة تحت الحمراء بكفاءة عالية، وهو ما يقلل الحرارة المتراكمة داخل القبة
أثناء النهار. ومع حلول الليل، حين تُفتح القبة، تنخفض درجة الحرارة قرب التلسكوب بسرعة
إلى حرارة هواء الليل؛ الأمر الذي يقلل انكسار الضوء بفعل الغلاف الجوي، ويسمح لضوء
النجوم وغيرها من الأجرام الكونية بالدخول بدقة ووضوح أكبر. ومع أن تسمية عنصر
التيتانيوم لم تؤخذ من جرم كوني، فإنها مشتقة من كلمة تعني العمالقة في الأساطير
الإغريقية، والأمر نفسه ينطبق على القمر «تايتان»، أكبر أقمار زحل.
قد يكون الكربون العنصر الأهم للحياة، لكن الكثيرين يعتبرون الحديد، العنصر رقم ٢٦، أهم العناصر في الكون قاطبة. تصنِّع النجوم
الضخمة العناصر في قلوبها، على امتداد الجدول الدوري من خلال زيادة عدد البروتونات في
الأنوية، بداية بالهيليوم ومرورًا بالكربون والأكسجين والنيون، وهكذا وصولًا إلى
الحديد. يتَّسم الحديد، ببروتوناته الستة والعشرين، ونيوتروناته التي لا تقل عن ذلك
الرقم، بخاصية مميزة مستمَدَّة من قواعد ميكانيكا الكم التي تحكم التفاعل بين
البروتونات والنيوترونات؛ فنواة الحديد لها أعلى قوة ارتباط للجسيمات النووية
(البروتونات أو النيوترونات). هذا معناه بسيط؛ فإذا أردت شطر نواة الحديد (ما يطلق عليه
الفيزيائيون عملية «الانشطار»)، عليك تزويدها بطاقة إضافية. على الجانب الآخر، إذا أردت
الجمع بين ذرتي حديد (العملية المسماة ﺑ «الاندماج»)، فسيمتص هذا التفاعل طاقة هو
الآخر؛ أي إنك ستحتاج إلى طاقة لدمج أنوية الحديد، وستحتاج إلى طاقة لشطرها. لكن مع
العناصر الأخرى ينطبق هذا مع إحدى العمليتين وحسب.
لكن النجوم تعمل طوال الوقت على تحويل الكتلة إلى طاقة وفق المعادلة ط = ك ×
س٢، وهو الأمر الواجب عليها فعله لتجنب الانهيار تحت
وطأة جاذبيتها. وحين تندمج الأنوية في قلوب النجوم، تفرض الطبيعة حدوث تفاعل الاندماج
النووي الذي يطلق الطاقة، وهو ما يحدث بالفعل. لكن حين يوشك النجم على الانتهاء من دمج
أغلب الأنوية الموجودة في قلبه إلى أنوية حديد، يكون قد استنفد كافة خياراته لاستخدام
تفاعل الاندماج النووي الحراري لتوليد الطاقة؛ لأن أي تفاعل اندماج آخر سيستهلك الطاقة
ولن يطلقها. ومن دون مصدر للطاقة من عملية الاندماج النووي الحراري، ينهار النجم تحت
وطأة وزنه، ثم يرتدُّ على الفور في انفجار مَهُول يُعرف بالمستعر الأعظم، الذي يفوق
سطوعه مليارات الشموس لأكثر من أسبوع. السبب وراء حدوث هذه المستعرات العظمى هو تلك
الخاصية المميِّزة لنواة الحديد؛ رَفْضُها أن تنشطر أو تندمج إلا باستهلاك
الطاقة.
بوصف كل من الهيدروجين والهيليوم والليثيوم والبيريليوم والبورون والكربون
والنيتروجين والأكسجين والألومنيوم والتيتانيوم والحديد، نكون قد ألقينا نظرة سريعة على
كل العناصر التي يعتمد عليها الكون — والحياة على الأرض — تقريبًا.
لنلقِ الآن — بدافع من الفضول لا أكثر — نظرة سريعة على بعض العناصر الغريبة في
الجدول الدوري. لن نقابل بالتأكيد أيَّ كميات وفيرة من هذه العناصر، لكن العلماء لا
يرونها فقط كأمثلة مثيرة للاهتمام على الوفرة التي تقدمها الطبيعة، بل أيضًا يجدونها
مفيدة في بعض الظروف الخاصة. تدبر، مثلًا، معدن الجاليوم اللدن (الذي تحمل نواته واحدًا وثلاثين بروتونًا). للجاليوم
نقطة انصهار منخفضة للغاية حتى إن حرارة يدك تكفي لإسالته. إضافة إلى ذلك يعد الجاليوم
العنصر الفعال في مادة كلوريد الجاليوم التي تفيد الفيزيائيين الفلكيين في تجاربهم لكشف
جسيمات النيوترينو الآتية من قلب الشمس. فلقنص هذه الجسيمات المراوغة يصنِّع
الفيزيائيون الفلكيون وعاء سعة ١٠٠ طن من كلوريد الجاليوم السائل، ويضعونه في أعماق
الأرض (لحجب تأثيرات الجسيمات الأخرى الأقل قدرة على الاختراق)، ثم يراقبونه بحرص لرؤية
نتائج الاصطدام بين النيوترينوات وأنوية الجاليوم، وهذا الاصطدام هو الذي يحول أنوية
الجاليوم إلى أنوية الجرمانيوم، التي تحمل الواحدة منها اثنين وثلاثين بروتونًا. كل
عملية تحول من الجاليوم إلى الجرمانيوم تنتج فوتونات للأشعة السينية، يمكن رصدها
وقياسها في كل مرة يقع اصطدام بإحدى الذرات. باستخدام «تلسكوبات النيوترينو» المصنوعة
من كلوريد الجاليوم، تمكن الفيزيائيون الفلكيون من حل ما عُرف ﺑ «مشكلة النيوترينوات
الشمسية»، التي نبعت من عثور كاشفات النيوترينو السابقة على قدر أقل من النيوترينوات
مما تنبأت نظرية الاندماج النووي الحراري في قلب الشمس بوجوده.
كل نواة من عنصر التكنيشيوم — وعدده الذري ٤٣ —
مشعة، وهو يتحلل على نطاق يتراوح من بضع ثوانٍ إلى بضعة ملايين من الأعوام إلى أنواع
أخرى من الأنوية؛ لذا من غير المدهش ألا نجد التكنيشيوم في أي مكان على الأرض باستثناء
معجلات الجسيمات، حيث يجري تصنيعه حسب الطلب. ولأسباب ليست معروفة تمامًا يوجد
التكنيشيوم في الغلاف الجوي لمجموعة فرعية مختارة من النجوم في طور العملاق الأحمر.
وكما ذكرنا في الفصل السابق، فهذا لا يلفت انتباه الفيزيائيين الفلكيين البتة — ما عدا
حقيقة أن التكنيشيوم له عمر نصف قدره مليونا عام فقط — وهو عمر أقصر بكثير من عمر
النجوم التي نجده فيها. هذا يثبت أن النجوم يستحيل أن تكون قد ولدت وهي تحمل هذا العنصر
بها؛ إذ إنه لو حدث هذا، فلم يكن ليتبقى أي قدر منه إلى اليوم. أيضًا يفتقر الفيزيائيون
الفلكيون إلى أي آلية معروفة لتخليق التكنيشيوم في قلوب النجوم، ناهيك عن رفعه إلى
السطح حيث يمكننا رؤيته، وهي الحقيقة غير المريحة التي نتجت عنها تفسيرات عجيبة، لا
يحظى أي منها بموافقة مجتمع الفيزيائيين الفلكيين.
يعد الإيريديوم، إلى جانب الأوسميوم والبلاتين،
أعلى ثلاثة عناصر كثافة في الجدول الدوري؛ إذ إن القدمين المكعبين من الإيريديوم (عدده
الذري ٧٧) يزنان ما يعادل سيارة بويك، وهو ما يجعله أحد أفضل مثقلات الورق في العالم
لقدرته على تحدي أي مراوح مكتبية أو رياح آتية من النوافذ. أيضًا يعد الإيريديوم أشهر
دليل دامغ يستعين به العلماء. ففي كل أنحاء العالم، تظهر طبقة رقيقة من المواد الغنية
بالإيريديوم في الطبقة الجيولوجية التي تميز الحد الفاصل بين العصر الطباشيري والعصر
الثلثي، التي ترسبت منذ ٦٥ مليون عام. ومن غير المصادفة أن يؤمن أغلب علماء الأحياء بأن
هذه الطبقة تميز أيضًا الوقت الذي انقرضت فيه كل الكائنات البرية الأكبر حجمًا من سلة
الخبز، بما في ذلك الديناصورات المهيبة. الإيريديوم عنصر نادر على سطح الأرض، لكنه أكثر
شيوعًا بعشر مرات في الكويكبات المعدنية. وبغض النظر عن قصة انقراض الديناصورات التي
تؤمن بصحتها، ففرضية الكويكب القاتل البالغ عرضه عشرة أميال القادم من الفضاء الخارجي،
والقادر على نثر طبقة من الحطام الحاجب للضوء حول العالم قبل أن يهبط بهدوء بعدها بشهور
عديدة، تبدو الآن أكثر إقناعًا.
لا نعرف كيف كان ألبرت سيشعر حيال هذا الأمر، لكن حين اكتشف الفيزيائيون عنصرًا غير
معروف في الحطام المتخلف عن اختبارات القنبلة الهيدروجينية فوق المحيط الهادي (نوفمبر
١٩٥٢)، أسموه أينشتاينيوم تكريمًا له. وربما كان
حريًّا بهم أن يسموه اسمًا أكثر ملاءمة هو أرماجدونيوم بدلًا من ذلك.
بينما يستقي الهيليوم اسمه من إله الشمس نفسه، استقت عشرة عناصر أخرى في الجدول
الدوري أسماءها من الأجرام التي تدور حول الشمس:
كلمة الفسفور التي تعني «حامل الضوء» بالإغريقية،
كانت الاسم القديم لكوكب الزهرة حين كان يظهر قبيل شروق الشمس في سماء الفجر.
أما السلينيوم فيشتق اسمه من كلمة إغريقية بمعنى
القمر، وقد اكتسب هذا العنصر هذه التسمية لأنه عادة ما كان يُعثر عليه مصاحبًا لعنصر
التيلوريوم، الذي كان قد سمي بالفعل باسم مشتق من كلمة لاتينية تعني الأرض.
في الأول من يناير عام ١٨٠١، في أول أيام القرن التاسع عشر، اكتشف الفلكي الإيطالي
جوسيبي بياتزي كوكبًا جديدًا يدور حول الشمس داخل الفجوة الكبيرة المثيرة للريبة التي
تفصل المريخ عن المشتري. أطلق بياتزي، محافظًا على تقليد تسمية الكواكب على أسماء
الآلهة الرومانية، على هذا الجرم اسم سيريس — ربة الحصاد — وهي الكلمة نفسها التي قدمت
جذر الكلمة الإنجليزية cereal التي تعني الحبوب. تسببت
الإثارة التي اجتاحت المجتمع العلمي نتيجة اكتشاف بياتزي في تسمية العنصر التالي
المُكتشف باسم السيريوم؛ وذلك تكريمًا له. بعدها
بعامين اكتُشف كوكب آخر يدور حول الشمس في الفجوة نفسها التي يشغلها سيريس. سُمي هذا
الجرم باسم بالاس، على اسم ربة الحكمة لدى الرومان، وكما حدث مع عنصر السيريوم من قبل،
سمي العنصر المكتشف بعد ذلك باسم بالاديوم تكريمًا
له. انتهى حفل التسمية هذا بعد عقود قليلة، حين اكتُشفت عشرات الكواكب المشابهة في
الموقع نفسه تقريبًا، وبعد تحليل دقيق تبيَّن أن هذه الأجرام أصغر بكثير من أصغر
الكواكب المعروفة. تبيَّن وجود صف كامل من الأجرام داخل المجموعة الشمسية، تتكون من كتل
صخرية ومعدنية صغيرة وعرة. وتبيَّن أن سيريس وبالاس ليسا من الكواكب، بل من الكويكبات،
وهي أجرام لا يتجاوز عرضها مئات معدودة من الأميال. وهما موجودان في حزام الكويكبات،
الذي نعرف الآن أنه يحتوي على ملايين منها، صنف الفلكيون منها وأسموا ما يربو على
الخمسة عشر ألفًا؛ وهو العدد الذي يتجاوز عدد العناصر التي يحويها الجدول الدوري
بكثير.
معدن الزئبق، بالإنجليزية
mercury، الذي يظل في حالة سائلة في درجة حرارة
الغرفة، يدين باسمه إلى عطارد (mercury)، إله التجارة
سريع الحركة لدى الرومان. والأمر عينه ينطبق على كوكب عطارد، أسرع الكواكب حركة بين
كواكب المجموعة الشمسية.
جاء اسم الثورميوم من ثور، الإله الإسكندنافي ذي
المطرقة القادر على تسخير الرعد، الذي يقابله الإله جوبيتر (سمي كوكب المشتري على اسمه
بالإنجليزية)، الذي يسخر الصواعق والبرق، لدى الرومان. والعجيب في الأمر أن صور تلسكوب
هابل الفضائي الحديثة للمناطق القطبية في كوكب المشتري تظهر وجود تفريغات واسعة من
الشحنات الكهربية في أعماق طبقات سحبه المضطربة.
أما زحل، الكوكب المفضل لدى الكثيرين، فلا يوجد عنصر مسمى باسمه. لكن الكواكب أورانوس
ونبتون وبلوتو ممثلين بعناصر شهيرة؛ فعنصر اليورانيوم، المكتشف عام ١٧٨٩، حصل على هذه التسمية تكريمًا للكوكب الذي
اكتشفه ويليام هيرشل قبلها بثمانية أعوام وحسب. كل نظائر اليورانيوم غير مستقرة، وهي
تتحلل من تلقاء نفسها ببطء إلى عناصر أخرى أخف، وهي العملية التي يصاحبها إطلاق للطاقة.
وإذا استطعت تسريع معدل التحلل بواسطة «تفاعل متسلسل» بين أنوية اليورانيوم، فسيكون بين
يديك طاقة متفجرة يمكن استخدامها كقنبلة. في عام ١٩٤٥ استخدمت الولايات المتحدة أولى
قنابل اليورانيوم (المسماة بالقنبلة الذرية) في الحرب، ومحت بها مدينة هيروشيما
اليابانية. يعد اليورانيوم، بنواته التي تحمل اثنين وتسعين بروتونًا، أضخم وأثقل
العناصر الموجودة بصورة طبيعية، بالرغم من ظهور آثار لعناصر أخرى أضخم وأثقل في الأماكن
التي يجري فيها استخراج اليورانيوم.
إذا كان كوكب أورانوس يستحق تسمية أحد العناصر باسمه، فالحال لا يختلف مع نبتون. لكن
على العكس من أورانوس، الذي حمل العنصر اسمه بعد اكتشافه بقليل، اكتُشف النبتونيوم عام
١٩٤٠ في معجل الجسيمات المسمى بيركلي سايكلوترون، بعد سبعة وتسعين عامًا من عثور الفلكي
الألماني يون جال على نبتون في بقعة من السماء تنبَّأ بها الرياضي الفرنسي جوزيف لي
فيريي، الذي درس السلوك المداري الغريب لأورانوس، واستنتج وجود كوكب آخر أبعد منه. وكما
يأتي نبتون بعد أورانوس في المجموعة الشمسية، يأتي النبتونيوم بعد اليورانيوم في الجدول
الدوري للعناصر.
اكتشف فيزيائيو الجسيمات العاملون في بيركلي سايكلوترون أكثر من نصف دستة عناصر غير
موجودة في الطبيعة، من بينها البلوتونيوم، الذي يأتي
خلف النبتونيوم مباشرة في الجدول الدوري، وسُمِّيَ على اسم كوكب بلوتو، الذي اكتشفه
الفلكي الشاب كلايد تومبو عام ١٩٣٠ في صورة مأخوذة من مرصد لويل بأريزونا. وكما حدث مع
اكتشاف سيريس منذ ١٢٩ عامًا، تسبب الأمر في إثارة شديدة. كان بلوتو أول كوكب يكتشفه
أمريكي، وفي غياب بيانات تجريبية دقيقة، كان يعتقد أن حجم الكوكب وكتلته يعادلان حجم
وكتلة كل من أورانوس ونبتون. لكن مع تحسن سبل قياس حجم بلوتو، أخذ الكوكب يصغر في
الحجم. ولم تترسخ معرفتنا عن أبعاد بلوتو إلا في أواخر السبعينيات، أثناء مهمة فوياجر
إلى تخوم المجموعة الشمسية. ونحن الآن نعلم أن كوكب بلوتو الجليدي البارد هو أصغر كواكب
المجموعة الشمسية بفارق كبير، والمحرج في الأمر أن حجمه أصغر من حجم أكبر ستة أقمار في
المجموعة الشمسية. وكما حدث مع الكويكبات، وجد الفلكيون لاحقًا عدة مئات من الأجرام
الأخرى في مواضع مشابهة، لكن في هذه الحالة في النطاق الخارجي للمجموعة الشمسية في
مدارات شبيهة بمدار بلوتو. أشارت هذه الأجرام إلى وجود مخزون غير مسجل من الأجرام
الصغيرة الجليدية، التي نسميها الآن حزام كويبر للمذنبات. وقد يحاجُّ أحد المتشددين
بالقول إن سيريس وبالاس وبلوتو انسلُّوا خلسة إلى الجدول الدوري بفضل مظهرهم
الخدَّاع.
شأن نواة اليورانيوم، فإن نواة البلوتونيوم نواة مشعة أيضًا. وقد شكلت أنوية هذا
العنصر المكون النشط في القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناجازاكي اليابانية، بعد
ثلاثة أيام من قصف هيروشيما، واضعة بذلك نهاية سريعة للحرب العالمية الثانية. يستطيع
العلماء استخدام كميات صغيرة من البلوتونيوم، الذي ينتج الطاقة بمعدل معتدل ثابت،
لتزويد مولدات النظائر المشعة الكهربية الحرارية بالطاقة في سفن الفضاء المسافرة لتخوم
المجموعة الشمسية، حيث لا يفيد ضوء الشمس ألواح الطاقة الشمسية. إن رطلًا واحدًا من
البلوتونيوم يولد ما مقداره ١٠ ملايين كيلووات/ساعة من الطاقة الحرارية، وهو ما يكفي
لتشغيل المصباح الكهربي المنزلي لأحد عشر ألف سنة، أو لتزويد الفرد بالطاقة لفترة
مماثلة. لا تزال سفينتا الفضاء فوياجر، اللتان أُطلقتا عام ١٩٧٧، تعتمدان على مخزونهما
من البلوتونيوم في إرسال الرسائل إلى كوكب الأرض، حتى بعد تجاوزهما مدار بلوتو بمسافة
بعيدة. إحدى السفينتين، التي تبعد عن الشمس الآن مائة ضعف المسافة التي تبعدها الأرض،
بدأت في الدخول في الفضاء النجمي الحقيقي بمغادرة الفقاعة التي يخلقها تدفق الجسيمات
المشحونة الآتية من الشمس.
هكذا نختم رحلتنا الكونية في أرجاء الجدول الدوري للعناصر الكيميائية، على حافة
مجموعتنا الشمسية مباشرة. ولأسباب غير معروفة بعد، لا يحب أغلب الناس المواد
الكيميائية، وهو ما يفسر الحملة المتواصلة لتخليص الطعام منها. ربما تبدو العناصر
الكيميائية ذات الأسماء مفرطة الطول خطيرة. لكن في هذه الحالة ينبغي علينا لوم
الكيميائيين أنفسهم، لا المواد الكيميائية. بصفة شخصية نشعر نحن — مؤلفي الكتاب — براحة
تامة نحو المواد الكيميائية؛ فنجومنا المفضلة، إضافة إلى أفضل أصدقائنا، يتألَّفون
منها.