أفكار مؤثَّمة: من اللاهوتي إلى الإنساني
«إذا كان العربي المسلم يعيش غربةً مزدوجة عن عصره وعن تراثه، فإن الأصل في تلك الغربة يكمن في عجزه عن إنتاج معرفةٍ حقَّةٍ ومنضبطةٍ بهما. ويرتبط هذا العجز المعرفي بوقوع الوعي في قبضة أرتالٍ من الأيديولوجيا التي لم تُقدِّم له إلا ضروبًا من المعرفة الاختزالية.»
قدم الدكتور «علي مبروك» بحثًا تلو بحثٍ إلى لجنة ترقيات أساتذة الفلسفة في مصر للحصول على درجة الأستاذية، إلى أن بلغَت خمسة بحوث، لكنها جميعًا رُفضت للتحفُّظ على مضمونها. وإذَن فهذه البحوث تحتوي على «أفكار آثمة» كما ترى لجنة الترقيات، لكنها على الرغم من ذلك لا ينبغي أن يَطويها النسيان؛ فهي تفتح نافذةً للحوار والتأمل؛ ولذا فقد آثر «مبروك» أن يجمعها في هذا الكتاب. في هذه البحوث يؤكد «مبروك» على ضرورة إعادة بناء العلوم الإسلامية على أساسٍ جديد، ويُنادي بانتهاج نهجٍ آخر في مقاربة القرآن يتسع لدلالاته المتعددة، على نحوٍ يمكن معه التحرك بينها وَفق مُجريات الواقع لا وَفق دلالةٍ واحدةٍ نهائية مطلقة. ويقرأ المؤلف ثُنائية النقل والعقل قراءةً أنثروبولوجيَّة، ويحاول استخراج البِنية الأيديولوجيَّة للتراث الديني، انطلاقًا من مصنفات الأشعري والشافعي.