الفصل السابع

عودة العصافير

فجأةً، ظهر «تختخ» وهو يبتسم، اندهش مستر «براون»، بينما نظر «حسام» إلى «تختخ» نظرةً متسائلةً، انضم إليهم «تختخ» وهو يقول: هذا ما حدث كما توقعت.

سأل مستر «براون»: ما هو الذي حدث؟

قال «تختخ»: «فودة» لم يكن وحده، كان معه اثنان.

انطلق «بيومي» يقول وقد ملأ صوته الخوف: أبدًا … «فودة» كان وحده، لم يكن معنا أحد … وكنَّا نقف هنا وحدنا، ولم يكن معه آخَر.

قال «تختخ»: واضح أن «فودة» هذا — وأعتقد أن اسمه ليس «فودة» وإنما اسم آخَر — واضح أن «فودة» ومن معه، كانوا يراقبون الفيلَّا لفترةٍ في انتظار أن تحين الفرصة لسرقتها، وربما يكون البائعون الذين يمرُّون على «بيومي» وهم يدَّعُون أنهم يشترون الروبابيكيا، هم أنفسهم الذين سرقوا الفيلَّا.

وقبل أن يكمل «تختخ» كلامه، قال «بيومي» بتأكيد: كيف؟ إنهم كانوا ينصرفون عندما أخبرهم أنه ليس لدينا أشياء قديمة نبيعها.

قال الضابط «حسام»: أنا مع الصديق «توفيق»، ومعه حقٌّ، وهذا يكشف لنا كيف دخلوا الفيلَّا ثم سرقوها، وخرجوا من نافذة المطبخ، لأنها تطلُّ على الحديقة، ولن يكشفهم أحد.

سأل مستر «براون»: أريد أن أفهم، كيف دخلوا الفيلَّا، إذا كان «بيومي» موجودًا، وأغلق الفيلَّا بعد خروجه هو والمدعو «فودة»؟!

قال «تختخ»: كان هناك اثنان يختفيان في مكان ما، وعندما دخل «بيومي» وخلفه «فودة» الذي أشار إليهما أن يدخلا بسرعة، وبالطبع كان ظهر «بيومي» للباب، فدخلا بسرعة دون صوتٍ، واختفيا داخل المكتب، تمامًا كما فعلتُ، لقد دخلتُ معكم، وفي هدوءٍ ودون أن تشعروا بي، دخلتُ حجرة المكتب.

ثم ابتسم لمستر «براون»، وقال: ألم تسأل عنِّي؟

ملأت الدهشة وجه مستر «براون» لحظةً، ثم هتف: هذه خطةٌ شيطانية.

ثم مدَّ يده يُحيِّي «تختخ» وهو يقول: أنت عبقريٌّ يا عزيزي «توفيق».

كان «بيومي» يُتابع ما يحدث وهو لا يصدق ما يسمعه، فصاح مستر «براون» في وجهه: حتى تتأكد يا غبي أنهم خدعوك، ولهذا لا بد أن تنال جزاءك!

فجأة قالت «لوزة» مندفعة: أين إجابة السؤال؟

تجمَّدت ملامح المغامرين لحظةً، ثم انفجروا في الضحك، وأسرع «تختخ» يقول: نحن آسفون … إن الموقف لا يحتمل الضحك، لكنها مسألةٌ أخرى.

انصرف الضابط «حسام» ومعه «بيومي» مقبوضًا عليه، فقال مستر «براون»: هل أدعوكم إلى عصير ليمون مثلج؟

ابتسم المغامرون الخمسة، فهذا هو المشروب الذي يفضِّلونه، ووافقوا على دعوة مستر «براون»، وفي حجرة المكتب جلس المغامرون، في حين اختفى مستر «براون»، فقالت «نوسة» تُخاطب «لوزة»: ما كان ينبغي أن تسألي هذا السؤال يا عزيزتي «لوزة»؛ فقد اتفقنا على أن نناقش هذا الأمر في اجتماعنا.

فقالت «لوزة»: أعتذر، ولو أنِي لم أحتمل الانتظار أكثر من ذلك!

ابتسم «تختخ» وقال: حتى يعود مستر «براون»، يمكن أن أُجيب عن السؤال الذي يشغل تفكير «لوزة»، وهو طبعًا يشغلنا جميعًا.

عاد مستر «براون»، وهو يحمل صينية عليها خمسة أكواب من عصير الليمون المثلج، وقال وهو يبتسم لهم: لقد صنعته بنفسي، وأنتم تستحقون ذلك، ولم أكن أعرف أنكم على هذا القدر من الذكاء.

أسرعت «نوسة»، وحملت منه الصينية، ومرَّت على المغامرين، تقدِّم لكلٍّ منهم كوب الليمون، في حين جلس مستر «براون» وهو يقول: كنت أعرف العزيز «توفيق» منذ مدة، ولكني لم أكن أعرف أنكم مجموعة من الشباب الصغير الذكي، تتطوَّعون لمساعدة مَن يحتاج، وأتمنى أن أعرف بعض المعلومات عنكم، فهذه مسألةٌ جديدة بالنسبة لي، فهي غير موجودةٍ في بلادي، أقصد أمريكا، فمَن يحدثني؟

بدأ «تختخ» يشرح لمستر «براون» اهتمام المغامرين الخمسة بمساعدة الآخَرين، وعدَّد له عددًا من المغامرات التي قاموا بها، لكن فجأةً قطع حديث «تختخ» صوت السيدة «فرانسوا» وهي تصيح: «براون» … «براون» … لقد عادوا!

ملأت الدهشة وجوه المغامرين، بينما وقف مستر «براون» وهو يصيح: مَن هم الذين عادوا؟

ثم خرج من المكتب مسرعًا، نظر المغامرون إلى بعضهم، لكن فجأةً ترددت أنغام جميلة تصل إلى أسماعهم، فقالت «لوزة»: يبدو أنها العصافير.

وترددت بعدها ضحكات مستر «براون»، وهو يقول: أحبائي، أخيرًا عُدتم! نبح «زنجر» وكأنه يشارك مستر «براون» فرحه.

ثم ظهر في باب المكتب وهو يقول في سعادةٍ: إنني متفائلٌ بوجودكم يا أعزائي، لقد عادت مجموعة أخرى من العصافير.

فسأل «تختخ» بسرعة: وهل عادت الببغاء «روز»؟

اكتسى وجه مستر «براون» بالحزن وهو يقول: للأسف لا … ولكن …

توقف لحظة ثم أضاف: ولكن كيف عادت العصافير؟! وهل يمكن أن تعود «روز»؟!

كانت لحظة مشحونة بالفرح والحزن معًا بالنسبة لمستر «براون» والسيدة «فرانسوا»، وترددت دقات الساعة تعلن منتصف الليل …

وقف «تختخ» يُهنئ مستر «براون» بعودة العصافير، ويستأذنه في الانصراف على أن يكون المغامرون الخمسة على اتصال دائم بمستر «براون»، وعندما خرجوا من المكتب وهم يصافحون مستر «براون»، كانت السيدة «فرانسوا» تقف بين الأقفاص سعيدة، فحيَّوْها وانصرفوا.

في الطريق سألت «لوزة»: حتى الآن لم أعرف إجابة السؤال!

ابتسم «تختخ» وقال: حتى لا تظلين قلقة … وحتى لا تزعجي «عاطف» طول الليل بنفس السؤال …

وقبل أن يُكمل كلامه قاطعته «لوزة» غاضبة: وهل أنا مُزعجة؟!

ضحك «تختخ» وقال: بل أنتِ ابتسامة المغامرين.

ابتسمت «لوزة» وقالت: أين إجابة السؤال إذن؟!

قالت «نوسة»: لقد تأخَّر الوقت، ولن يحدث شيءٌ إذا انتظرنا حتى اجتماع الغد.

قال «تختخ»: ومع ذلك سوف أُجيب «لوزة» عن السؤال: إن اللصوص لم يدخلوا الفيلَّا لسرقة شيءٍ معيَّن؛ فهم لا يعرفون ماذا في الفيلَّا … والدليل هو سرقتهم لأشياء متناقضة، مثلًا سرقة العصافير، وسرقة المجوهرات … كان يمكن أن يسرقوا المجوهرات فقط، لكنهم دخلوا لسرقة أي شيءٍ، ولأنهم عرفوا أن مستر «براون» خبير أمريكي في البترول، فقد تصوَّروا مثلًا وجود خزانة مملوءة بالدولارات، ولذلك كسروا الدولاب بحثًا عنها فلم يجدوا نقودًا، لكنهم وجدوا مجوهراتٍ ثمينة، وكما أخبرني مستر «براون» أن ثمنها يتجاوز المليون دولار، خصوصًا عصفور البلاتين المُطعَّم بالماس، إنني أتصور ذلك.

قالت «نوسة»: تصورٌ جيِّد … لكن يبقى سؤال: لماذا سرقوا العصافير؟

وسأل «محب»: ولماذا عادت العصافير ولم تعُد «روز»؟

وكانت الأسئلة تحتاج إلى مناقشة، والوقت قد تأخَّر، فاتفقوا على مناقشتها في اجتماع الغد، لكن «زنجر» قفز من خلف «تختخ»، وهو ينبح، ثم اختفى في الظلام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤