ليالي العنقاء
غيبوبةٌ بحجمِ ألفِ ليلةٍ وليلةٍ،
وبعدها تساقط القناعُ
قطعةً فقطعة،
وصرتُ في حديقتي شجيرةً عارية،
يفحُّ في خوائها الخريف.
قلبُ الربيعِ كان دافئًا بلا نهاية،
وحبُّهُ وسيلةٌ وغاية.
•••
وقلتُ: إنني الذي يهيِّئُ السماءَ للمطر،
يا أرضُ ما عليك غيرُ أن تبوحي،
وتعشقي بذور صبوتي،
وتحتفي بروحي.
•••
فيضُ الأساطيرِ استبدَّ بالشعورِ،
أصدأَ السيوفَ،
خدَّرتْ عقاربَ الخلاص.
•••
دارَ قلبيَ البريءُ نصفَ دورةٍ،
وصرتُ فارسًا يطاردُ السرابَ؛
كيفَ كنتِ دونَ سائرِ النساء؟
قتلتني أيتها العنقاء؟
•••
أكنتِ طائرًا بمهجتي؟!
أم الزواحفُ التي تسلَّلتْ، تسلَّقت إرادتي؟!
تحتشدين بالدماء الباردة،
ركبتِ موجةَ الهواءِ دافئًا،
وسعتِ عالمَ المناوراتِ،
شفرةُ السماء قد تبرْمَجت،
والأرضُ والبحارُ جاذبيةٌ تشيَّأت؛
فكيف تعبثين بالقلوبِ،
تبعثينَ سُمَّك الشهيَّ،
تأخذينني رهينةَ الجزيرةِ العذراءِ،
تدمنينَ منتهى الشذوذِ،
تضاجعينَ حلمكِ العصيَّ والعنادِ
في حمايةِ الغشاءِ؟!
•••
لكِ الخيارُ نشوةٌ مبتسرة،
تذوبُ في مدى الشفاهِ الأربعِ،
«كيشوت» كانَ فارسًا برغمِ سيفِهِ الخشب
وسيفُكِ الطريُّ — حينما يشبُّ —
لا يلامسُ الدماءَ
فاتكًا بنفسهِ،
وقاتلًا لحسِّهِ،
وقاصرًا على اغتيالِ قمةِ الشبق.
•••
ومخفقًا يظل خافقًا أهاضه الجنونُ،
غارقًا بمائه الذي يفيضُ
من شرارةِ التقاءِ موجبٍ بسالبٍ،
ومارجُ الصدى الذي استفز ماردَ الطيوفِ
حينما رأى العروقَ تحتَ جلدِها
الرخاميِّ الشفيفِ
مُدخلًا إلى دمائِها،
وحينما تبرَّحت ثقوبُها،
تباعدتْ منابعُ النهرين؛
وأصبحا
مختلطين،
ممتزجين دونما تذاوُب.
•••
تنوَّعتْ روافدُ السلاحِ،
كم مضى والعمر تشحذين!
حينما أنكرتها تخثَّرت بوجهكِ الدماء.
•••
أتكتفينَ مرةً برأسيَ المقطوعِ في الطبق؟
تدحرجتْ عيونُهُ التي أصابَها الدوارُ،
فاهتززتُ في الضمير صورةً مقلوبةً
حفريةً باهتة
على الفؤادِ ماثلة.