ريتشارد ﭬاجنر
«أُومِنُ بالله، وَبِموتسارت وَبيتهوفن، وَبِآلِهِمْ وأَصْحابِهم. أُومِنُ بالرُّوحِ القُدُسِ وبِفَنٍّ واحِدٍ لا شَرِيكَ لَه. أُومِنُ بأنَّ هَذا الفَنَّ إنَّما يَأتِينا مِن عِندِ الله، ولا يَعمُرُ إِلَّا القُلُوبَ الَّتي أَنَارَها الله … أُومِنُ بأنَّ في وُسْعِ الكُلِّ أنْ يَصِلُوا إلى السَّعَادةِ بِفَضلِ هَذا الفَن، وأنَّه مِنَ المَعقُولِ لِذَلِكَ أنْ يَمُوتَ المَرْءُ جُوعًا وهُوَ يُشِيدُ بِعَظَمةِ ذَلِكَ الفَن.»
يَحْفِلُ تارِيخُ المُوسِيقَى ببَعضِ الرُّموزِ الذِينَ استَطاعُوا أنْ يُعطُوا للمُوسِيقَى بُعْدًا مُستَقبَليًّا؛ إذْ لَا يُمْكِنُ دِراسةُ تارِيخِ المُوسِيقَى بِمَعْزِلٍ عَنهُم، فَتَحيَا المُوسِيقَى بِهِم وتَقُومُ على أَمْجادِهِم، ومِن هَؤُلاءِ ريتشارد ڨاجنر؛ إِذْ أسهَمَتْ أَبحَاثُهُ ومُوسِيقاهُ في نَقْلةٍ نَوْعيةٍ للمُوسِيقَى. وإنْ كُنَّا هُنا نَتحدَّثُ عَن ڨاجنر المُوسِيقيِّ فإنَّ هُناكَ جانِبًا آخَرَ مِن حَياتِهِ يَدُورُ حَولَ تاريخِهِ السِّياسيِّ وما قدَّمَهُ مِن أَفْكارٍ قَد تَجِدُ لَه العَدِيدَ مِنَ المُناصِرِينَ والمُعارِضِين. وفِي هَذا الكِتَابِ يَتطرَّقُ فؤاد زكريا بِذَوْقِهِ المُوسِيقيِّ إلَى ڨاجنر بوَصفِه فنَّانًا، بَدأَ حَياتَهُ مُعدِمًا وتَوَالَتْ عَليهِ النَّكَبات، وتَكَاثرَتْ عَليهِ الدُّيُون، إلَّا أنَّهُ استَطاعَ فِي نِهايةِ الأمْرِ أنْ يُحقِّقَ هَدفَه، لِيَظلَّ اسمُهُ عَاليًا فِي مَجالِ الإِبدَاعِ المُوسِيقِي.