التلصص
«بائع اليانصيب علَّق أوراقَه على الحائط. يُخرِج أبي ورقتَين من جيبه ونظارةَ القراءة. يقارن أرقامَهما بدفاتر البائع. يكمش الورقتَين ويُلقي بهما في الطريق. يشتري ورقتَين جديدتَين؛ واحدة باللون الأزرق، والثانية بالأحمر.
صفٌّ من باعة الأشياء القديمة وماسحي الأحذية. كوم من النظَّارات القديمة فوق جريدةٍ على الأرض. البائع يرتدي نظارةً طبية مكسورةً من المنتصف وملحومةً بقطعةٍ بارزةٍ من الصفيح.»
تُطالِعك الرواية بالكثير من التفاصيل الدقيقة للحارة المصرية عامَ ١٩٤٨م، من خلال عيونِ طفلٍ صغير يبلغ من العمر تسعَ سنوات، يَتجوَّل دائمًا مُمسِكًا يدَ أبيه؛ الرجلِ الكبير الذي تَجاوَز الخامسةَ والستين من عمره، وكأنك أمام أحد الأفلام المصرية القديمة التي صُوِّرت في الحارة المصرية في تلك الفترة. مشاهد فوتوغرافية كثيرة برع «صنع الله إبراهيم» في وصفها بدقةٍ بالغة، مع سردٍ للكثير من الأحاديث التي كانت تَتناقَلها ألسنةُ الناس آنذاك، والتي تَتعلَّق بالشأن السياسي، وقيام دولة إسرائيل، ونزوات الملك «فاروق»، وتَندُّر العامة عليه، وصعود الإخوان المسلمين، والحديث عن الغلاء، والأوضاع الاقتصادية، وغير ذلك من الأحاديث التي كانت تَمُوج في الشارع المصري آنذاك. روايةٌ خفيفة ومُمتِعة تَسرد تفاصيلَ الحياة اليومية المصرية التي اندثرَت الآن، لكن «صنع الله» يُعيد إحياءَها ببراعته المعتادة.