في الطريق إلى العصابة!
كان مؤشر جهاز الكشف يتحرك باستمرار، فجأة توقَّف، لكن الإشارة الحمراء ظلَّت كما هي، نظر «أحمد» إلى الجهاز، وقال: إن المكان يقع عند الزاوية ٤٥، وهذا يعني أننا سوف نتجه يمينًا.
تساءل «قيس»: أين يذهب «هربرت» في هذه الساعة ما لم يكن مع العصابة؟!
ردَّ «أحمد»: هذه مسألة طبيعية، ويبدو أن الأخبار قد وصلَتهم بأن شحنة «الماء الثقيل» قد وقعَت في أيدي المسئولين؛ ولهذا سوف يبدأ حسابه.
همس «فهد»: لقد احترق «بريشور»!
ضحك «قيس» وعلَّق قائلًا: ما لم تظهر له أسماء أخرى!
كانت السيارة قد انحرفَت يمينًا، فجأةً ظهر طريقٌ ضيق، لا يتسع إلا لمرور سيارة واحدة.
قال «فهد»: إنه طريقٌ محكمٌ جيدًا، ولا بد أن هناك أجهزةَ إنذار؛ فالمرور من هنا لا بد أن يخضع لخريطة، فلم تكن هناك سيارة تُغادر المكان، أو سيارة تدخل إليه، وفي هذه الحالة لا بد أن يعرفوا مَن سيغادر، أو مَن سيأتي.
قال «قيس»: علينا أن نعطِّلَ أجهزةَ الإنذار إذن!
بسرعةٍ ضغط «أحمد» زرًّا في تابلوه السيارة، فانطلقَت أشعةٌ خاصة، بعدها سجَّلَت شاشة الرادار الصغيرة في السيارة أن كل شيء قد تم، لكن يبدو أنهم تأخروا في تعطيل أجهزة الإنذار، ففجأة ظهرَت سيارة قادمة تكاد تسد الطريق، قال «أحمد»: يجب ألَّا نصطدم بها، وإلَّا هلكنا!
ابتسم «فهد» وقال: لا بأس، سوف نلعب معهم لعبة جيدة.
ضغط قدم البنزين، فارتفعَت سرعة السيارة، كانت السيارة القادمة تتقدم بسرعة كبيرة هي الأخرى.
وكان يبدو أن الصدام وشيك، لكن عند نقطة معينة حرَّك «فهد» ذراعًا في السيارة، فارتفعَت عن الأرض، ثم مرَّت من فوق السيارة الأخرى، وعندما هبطَت إلى الأرض، سمع الشياطين صوتَ فرملة زاعقة، نظر «أحمد» إلى الخلف فرأى السيارة الأخرى تعود بظهرها في سرعة، في نفس الوقت كان «فهد» يرى صورة السيارة منعكسةً في المرآة الجانبية، ابتسم وقال: لا بأس!
ثم ضغط زرًّا في التابلوه أمامه، فخرجَت أشعةٌ غير مرئية، وفجأةً توقَّفَت السيارة الأخرى، قال «فهد» مبتسمًا: لقد تعطل الموتور تمامًا كعربة «الماء الثقيل».
في نفس الوقت، قال «أحمد»: يجب أن نتخلص من ركَّابها.
وبسرعة، أعاد «فهد» السيارة إلى الخلف في عنف، وفي المرآة شاهد أربعة من الرجال يغادرونها، قال ﻟ «قيس»: عليك ﺑ «كرات الدخان»!
بسرعة، كان «قيس» قد أخرج عددًا من كرات الدخان، وفتح باب السيارة، ثم ألقاها ناحيتهم، وقبل أن تمرَّ دقيقة، كان الدخان يغطي الطريق، في نفس الوقت، قفز «أحمد» و«قيس»، واتجهَا إليهم، وفي هدوء، قيدوهم في جذع شجرة على جانب الطريق.
قال «فهد»: إن وجود السيارة سوف يخدمنا كثيرًا؛ فإن أحدًا لن يستطيع الدخول في الطريق.
عاد بسرعة إلى سيارة «فهد»، وما إن قفزَا داخلها، حتى انطلق بها في سرعة، وتساءل: هل المكان يبعد عنَّا كثيرًا؟
ضغط «أحمد» زرًّا في جهاز الكشف، ثم قال: ثلاثة كيلومترات.
هزَّ «فهد» رأسه ثم قال: لا بأس، سوف نكون هناك بعد لحظة.
تساءل «قيس»: هل يجب أن نَصِل بالسيارة إلى هناك، أو نتركها بعيدًا؟
أجاب «أحمد»: يجب أن نتركَها بعيدًا، على الأقل على بُعْد خمسمائة متر.
في نفس اللحظة، كان «فهد» قد أوقف السيارة، وقال لا يبدو أن هناك شيئًا.
قال «أحمد»: إن المنطقة مزروعة كما نرى، ولا بد أن المكان يختفي خلف المزروعات، هذا إذا لم يكن تحت الأرض.
ثم أضاف: علينا أن نغادر السيارة بحثًا عن مكانهم.
نزل الثلاثة، وحملوا السيارة معًا، وأدخلوها بين المزروعات، فاختفَت تمامًا، قال «قيس»: يجب أن نضع علامة حتى لا نتوهَ عن مكانها.
ابتسم «فهد» وقال: لا تخشَ شيئًا؛ فهي مجهزة بكل ما تفكر فيه!
أسرع الثلاثة يمشون بين المزروعات، وبمحاذاة الطريق، فجأة ظهرَت سيارة جيب مدرعة، كانت تتقدم ببطء.
قال «أحمد»: ينبغي أن نتعامل معها حتى لا تصلَ إلى السيارة الأخرى المعطلة.
فكَّر لحظة، ثم قال: سوف أظهر أنا و«قيس» في منتصف الطريق، أما «فهد» فعليه بالمراقبة.
بسرعة، قفز الاثنان إلى منتصف الطريق الضيق، فجأة، انهالَت طلقات الرصاص عليهما، لكنهما كانَا أسرع منها؛ فقد قفز كلٌّ منهما إلى جانب من الطريق، واختفيَا بين المزروعات، ولكن عند النقطة التي اختفيَا فيها، فجأة توقَّفَت سيارة، ثم سمع «أحمد» صوتَ رجل يقول: إنهما غريبان عن المكان، فلا أحدَ يستطيع أن يمشيَ هنا.
بسرعة، غادر ثلاثة رجال السيارة، قال واحد منهم: لقد اختفيَا هنا، ولا بد أن نمشِّطَ المنطقة.
ثم فجأة، انهالَت طلقات الرصاص على المزروعات، وكان «أحمد» يقظًا، فقد تسلَّق ساق شجرة.
ثم اختفى بين أغصانها، ظلَّت الطلقات تُدوِّي فترة، ثم انقطعَت، وسمع «أحمد» صوتًا يقول: نحتاج إلى كلاب حراسة!
ردَّ آخر: سوف أطلبها حالًا!
قال ثالث: علينا أن نبحث عنهم، حتى وصول الكلاب.
فجأة، رأى «أحمد» اثنين منهم يمران تحت الشجرة التي يختفي فوقها، فكر لحظة ثم قال في نفسه: ينبغي أن نتخلص منهما قبل أن تَصِل الكلاب.
أرسل رسالة إلى «فهد» و«قيس»، حتى يراقبَا الموقف، كان الرجلان لا يزالان في مكانهما يبحثان يمينًا وشمالًا، فجأة، قفز «أحمد»، وقد فتح رجلَيه، وعندما أصبح بينهما، ضرب كلًّا منهما ضربةً قوية، فاصطدم أحدُهما بساق شجرة، ثم سقط بلا حَراك، أما الآخر، فقد وقع على الأرض، وقبل أن يتمالك نفسه، كان «أحمد» قد قفز فوقه، ثم جذبه في قوة، وسدَّد إليه ضربة فوقع مرة أخرى، كان يبدو أنه قويٌّ تمامًا؛ ولذلك فقد أسرع إليه، وضربَه ضربةً عنيفة، جعلَت الرجلَ يهوي مرة أخرى، عاجله بأخرى وثالثة حتى فقدَ القدرة على الحركة، في نفس الوقت، سمع صوتًا ينادي: «جيم»، «زجلوب»، أين أنتما؟!
ثم ظهر الرجل الثالث، اختفى «أحمد» خلف شجرة، وعندما اقترب الرجل صاح في دهشة: ماذا حدث؟!
وقبل أن يُفيقَ من دهشته، كان «أحمد» قد جذبه بشدة إلى خلف الشجرة، ثم أمسك به وضربَه بقوة ضربة قوية، فترنح الرجل، ثم سقط على الأرض، فكر «أحمد» بسرعة، ثم أرسل رسالة إلى «فهد» و«قيس» أن يلتقوا عند النقطة «م»، قفز في اتجاه المكان الذي حدَّده، وعندما وصل إليه، كان الاثنان هناك، سأل «فهد»: كانت معركة عنيفة؟!
ابتسم «أحمد»، وقال: لا بأس بها، فمنذ مدة لم أشترك في معركة.
ثم قال: الآن، يجب أن نتصرف قبل أن تظهر الكلاب، علينا أن نهاجم السيارة.
وبسرعة، تحرَّك الثلاثة حتى وقفوا عند مشارف الطريق، كانت السيارة تبدو أمامهم تمامًا، فكر «أحمد» قليلًا ثم قال: لا يبدو أن أحدًا بداخلها!
قال «فهد»: إن الاختبار بكرات الغاز يمكن أن يكشفَ كلَّ شيء.
أخرج من حقيبته عددًا من كرات الغاز، ثم دحرجها في إتقان فاستقرت أسفل السيارة تمامًا، مرَّت دقيقة، ثم بدأ صوت رجل يَسعُل، نظر الثلاثة إلى بعضهم، مرَّت دقائق، كان السعال قد بدأ يرتفع، فجأة، ظهر رجلان يسعلان، همس «أحمد»: واضح أنه لا يوجد غيرهما، يجب أن نتخلص منهما!
قفز هو و«قيس» إليهما، بينما كان «فهد» يراقب الطريق، أخرج «أحمد» مسدسه، ثم ضرب أولهما فترنَّح، ثم سقط، في نفس الوقت، كان «قيس» قد ضرب الآخر ضربةً عنيفة جعلَت الرجل يدور حول نفسه، ثم يقع في حضن «قيس»، وبسرعة، كان الرجلان قد اختفيَا وسط المزروعات، وجلس الثلاثة، «أحمد»، و«فهد»، و«قيس»، بين الأشجار، وفجأة، تعالَى نباحُ الكلاب، قال «أحمد»: ينبغي أن نُسرع للقاء الكلاب حتى نقتربَ من المكان!
قال «فهد»: سوف أتعامل معهما بغاز الأعصاب، حتى نتخلص منها.
أسرع الثلاثة يقفزون بين الأشجار في اتجاه صوت النباح، فجأة وقف الثلاثة في دهشة، لقد ظهر ما يبحثون عنه!