الأحداث النصرانية بين عرب الجاهلية

(١-١) التكوين

روى في تاج العروس (٣: ٥٤٣) البيتين الخامس والسادس لأُمَيَّة بن أبي الصَّلْت، وكذلك ابن سيده في المخصص (١٣: ١٦٤)، روى البيت السادس لأمية إلا أن شهادة كتاب البدء، وكتاب الحيوان للجاحظ (٤: ٦٥) أقدمُ وأصحُّ، وكلاهما يروي الأبيات لعدي بن زيد.

وروى في كتاب البدء (١: ٦٥)، وفي سيرة الرسول (ابن هشام، ص١٤٨) لزيد بن عمرو بن نوفل في تكوين الأرض قوله:

ومثلهما لأُمَيَّة بن أبي الصَّلْت (شعراء النصرانية، ص٢٢٦):

وقال يذكر خلق الله للنَّيِّرَين الكبيرين (شعراء النصرانية، ٢٢٩؛ وسيرة الرسول، ٤٠):

وله أيضًا (شعراء النصرانية، ٢٢٨):

وقال أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت (حياة الحيوان، ٢: ١١٣):

وقال أيضًا في الأرض وخلقة الإنسان (فيه):

وقال أيضًا (جمهرة شعراء العرب، ص١٨):

(١-٢) سكنى آدم في الفردوس وخطيئته

ولعَديٍّ وصْفٌ آخَر لتجربة إبليس لحواء وعِقَاب الحية رواه العصامي في تاريخه «بسط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي» (نسخة مكتبتنا الشرقية، ص١٩) قال:

ورُوِي في كتاب البدء (١: ٦١)؛ وفي اللسان (١٣: ٤٥٧)؛ والتاج (٦: ٦٥) عن الحية قول أُمَيَّة:

ورواها الزمخشري في الأساس: «أخرجها من جُحْرِها أيمنات الله والقَسَم.» (قال): «ويقال: حية حتفة؛ أي قاتلة كما يقال امرأة عدلة.»

ونروي هنا أبياتًا من أرجوزة نقلها صاحب كتاب البدء (٢: ٨٥)؛ والمسعودي في مروج الذهب لعلي بن جَهْم عن بدء الخليقة كما رواها له النصارى وإن تأخَّر زمانه عن الجاهلية:

والعرب يضربون المثل بآدم في القِدَم، قال الأخطل بن ربيعة (الأغاني، ١٢: ١٦٥) يَهْجُو بني منقر:

(١-٣) بنو آدم

وقد عرف شعراءُ العرب في الجاهلية نَسْل آدم وقصة ولديه كما ورَد في قصيدة ابن جَهْم حيث قال عن آدم وحوَّا:

ومن الشَّر المتضمن لأخبارِ بني آدم رثاء يرويه العرب على لسان آدم وحواء عند قَتل قاين (ويقولون قابيل) لأخيه هابيل، وهو لا محالة مصنوع إلا أنه قديم يُروَى في أقدم كُتب المسلمين كتاريخ الطبري (١: ١٤٦)؛ ومروج الذهب للمسعودي؛ (طبعة باريس، ١: ٦٥) وغيرهما كثيرون (راجع: المشرق، ٦، ١٩٠٣م، ٤٩٢)، وهم يَنسبون إنشاده إلى علي بن أبي طالب، ما يدل على أنَّ الشعر سبق الإسلام، قال آدم:

ونسبوا إلى حواء قولها كجواب على قول آدم:

وأضافوا إلى هذه الأبيات قولًا على لسان إبليس لآدم:

(١-٤) نوح والطوفان^٣٣

ليس في الكتاب الكريم بعد ذكر التكوين واقعٌ أخطر من الطوفان في عهد نوح، ولا شك أن عرب الجاهلية نَقَلُوا الخبر عن أهل الكِتَاب ولا سيما النصارى، منهم الأعشى الكبير حيث قال يمدحُ إياسًا ويُشبِّهه بنوح في صنع سفينته (شعراء النصرانية، ص٣٨٩):

ومثلها قوله (كتاب البدء، ٣: ٢٤):

وله أيضًا (رواه صاحب خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، ٤: ٤):

وروى البحتري في حماسته (راجع: طبعتنا، ص١٢٤) لرجل الكندي في نوح وسفينته فقال في تَصرُّف الأيام:

وممن ذكروا نوحًا وسفينته في الجاهلية النابغة الجعدي في مِيميَّته التي أولها:

ثم قال يذكر بأمر الله إلى نوح لِيُعِدَّ له فُلكًا (خزانة الأدب، ٤: ٤):

وفيها زعم الجَعديُّ أن سفينة نوح كانت من خشب الجوز لصلابته وجودته قال (لسان العرب، ٧: ١٩٥):

ومثله لأبي العتاهية (ديوانه، ص٦٧):

(١-٥) ابنا نوح

لم نجد في شعر عرب الجاهلية ذِكرًا لأبناء نوح إلا في قصيدة لصلاءَة بن عمرو الشهير بالأفوه الأودي (راجع: شعراء النصرانية، ص٧٠) ذَكَر فيها ملوك التبابعةِ والمَثامِنة، وقد ورد منها أبيات في كتاب وصايا ملوك العرب (ص٢٠) فقال:

(١-٦) ذِكر إبرهيمَ الخليل وابنه إسحاق

ورد اسم إبرهيم في الشعر الجاهلي، ويقال: إبراهِم وإبراهَم، قال عبد المطلب (المعرب، للجواليقي، ص٩؛ واللسان، ١٤: ٣١٤) ينسب ابتناء الكعبة إلى إبراهيم:

وله:

ودعاه ورقة بن نوفل باسم الخليل فقال (شعراء النصرانية، ٦١٨) يخاطب زيد بن عمرو:

وكذلك قال جرير (الطبري، ١: ٤٣٣):

وقد وصف أُميَّة بن أبَي الصَّلْت تقدمة إبراهيم كما رُوِيَت في التوراة فقال (تاريخ الطبري، ١: ٣٠٨؛ وكتاب البدء، ٣: ٦٥؛ وقصص الأنبياء، ٩٣؛ وخزانة الأدب، ٢: ٥٤٣):

وقد اختصر ذلك السموءل في ديوانه (راجع، طبعتنا، ص٣٠) فقال:

(١-٧) ذِكْر لوط وعِقاب سَدُوم

لوط أخو إبراهيم، ذكره العرب ورووا ما جرى لسدوم من العقاب في عهده، ورد في المعاجم (الصحاح؛ والتاج؛ واللسان، في مادة: سدم) لشاعر لم يذكروا اسمه، ولعله هو الشاعر الآتي ذكره:

وجاء في التاج، واللسان لعمرو بن دراك العبدي يشير إلى مَثَل العرب: «أَجْوَر من قاضي سدوم» فقال:

وقال أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت يذكر قصة سدوم وفجور أهلها وعقابهم (سفر التكوين، ف١٩؛ ثم معجم البلدان، لياقوت، ٣: ٥٩؛ وكتاب البدء، ٣: ٥٨؛ وآثار البلاد للقزويني):

(١-٨) يعقوب وبنو إسرائيل

يعقوب أبو الأسباط الاثني عشر الذي دُعِيَ إسرائيل ويقول العرب إسرائين، قال بعض القدماء (اللسان، ١٧: ٣٥١):

وروى الجاحظ (في البيان والتبيان، ١: ١٩٠) لبعض بني إياد النصارى قوله وفيه إشارة إلى رُؤيا يعقوب عند مَسيره إلى ما بين النهرين إذ رأى سُلَّمًا تَصْعَد عليه ملائكة الله وتنحدر (تكوين، ٢٨: ١٢) فقال:

ونَسبوا الأسباط إلى يعقوب، قال السموءل (اطلب: طبعتنا لديوانه، ص١٢):

(١-٩) موسى الكليم

وروَى المَقدِسيُّ في كتاب البدء (٣: ٨٢) لأُمَيَّة بن أبي الصَّلْت يَذكُر صَلَف فرعون وعقابه:

وممن ذكروا موسى وفرعون السموءل حيثُ قال (راجع: ديوانه، ص٣١):

وقال الأعشى مشيرًا إلى أكل بني إسرائيل المَن والسَّلوى في البرية (سيرة الرسول، لابن هشام، ٣٦٨؛ ولسان العرب، ١٩: ١١):

وللسموءل يصف ما جرى في البرية لبني إسرائيل (ديوانه، ص٣١):

(١-١٠) القُضاة إلى داؤد

كان خلَفَ موسى في قِيادة شَعب إسرائيل يشوعُ بن نون، ولم نجد اسْمَه في الشعر الجاهلي، وإنما ذَكَر الشَّريشي في شرح مقامات الحريري (١: ٨٠) بَيتين للرُّصَافي الشاعر يخاطب وجيهًا اسمه موسى فيهما إشارة إيقاف يشوع للشمس فقال:

وقد ذكر المسعودي في مروج الذهب (طبعة باريس، ١: ٩٨) أبياتًا لشاعر جاهلي اسمه عوف بن سعد الجُرْهُمي يذكر فيها حرب يشوع للعمالقة وقَتْلَه لملكهم مَلِك أَيْلة الذي دعاه السَّمَيدَع بن هوبر فقال:

ثم ذكروا أول ملك بني إسرائيل المُسمَّى شاؤل وهم يَدْعُونه طالوت، قال السموءل (ديوانه، ص١٢):

(١-١١) داؤود الملك

تكرَّر اسمه في الشعر الجاهلي، ولم يكد الشعراء يذكرون من أمره غير وَضْعِه للزبور وسَرْدِه للدروع، إلا أن السموءل أشار إلى قَتْله جُلْيَات وهو يدعوه جالوت، قال (ديوانه، ص١٣):

وقد ذكره عبيد بن الأبرص (خزانة الأدب، ١: ٣٢٣) بيانًا لطول عمره:

وقال الأعشى يذكر حوادث الدهر (حماسة البحتري، ص٩٠):

وقال حصين بن الحمام المُرِّي (حماسة أبي تمام، ص١٨٩) يصف كتائب كان يقودها عمرو بن هند ملك الحيرة الملَقَّب بالمُحَرِّق:

وكذلك جاء في حماسة أبي تمام (ص٢٨٤) لحُسَيل بن سُجَيع الضَّبِّي في وصف الدرع:

ومثله للبيد (حماسة البحتري، ص٨٤؛ وديوانه، طبعة الخالدي، ٨٣) في كوارث الزمان:

ومثلهم قال الأعشى (شعراء النصرانية، ٣٨٨):

وكذا لسلامة بن جَنْدَل (الأصمعيات، ص٥١) في وصف درع:

وله أيضًا (راجع: طبعتنا لديوانه، ص١٤):

أما زَبُور داود فقد مرَّ لنا ما ورد فيه من شِعْر العرب (راجع ما سبق [القسم الثاني، الجزء الأول، الوحي وكُتُبه وأئمته]).

(١-١٢) سُليمان الحكيم

أطنبَ شعراء الجاهلية في حكمة سليمان وسَمُّو سلطانه وأبنيته العجيبة التي ذكرها الكتاب الكريم في سفر الملوك الثالث وأخبار الأيام الثاني، ويزيد العرب أن سليمان كان يَقْهَر الحيوان ويُسخِّر الجن للقيام بأعماله الجبارية، فمن ذلك قول النابغة من قصيدة مدَح فيها النعمان فجعله مقتفيًا لآثار سليمان في تسخيره الجن لبناء تَدمر (ديوانه في العقد الثمين، ص٧؛ وشعراء النصرانية، ٦٦٣):

وكذلك قد نَسب أعشى قيس بِناء قصر الأبْلَق الفَرْد إلى سليمان بن داؤود حيث قال (معجم البلدان، ١: ٩٣؛ وشعراء النصرانية ص٣٧٥):

وللأعشى أيضًا في سليمان وسعة ملكه وتَسخيره للجن (كتاب البدء، ٣: ١٠٨):

وقال الأعشى (حماسة البحتري، ص٩٠) في تسخير الجن لسليمان:

ولأُمَيَّة بن أبي الصَّلْت في قهر سليمان للجن (اللسان، ١٩: ٢١٥):

ومثله لشاعر حميري (حماسة البحتري، ص٨٧) في صروف الدهر:

وكذا قال عدي بن زيد (حماسة البحتري، ص٨٦):

وقد مر سابقًا أن اسم سليمان ورَد على صور أخرى كسالم وسلَّام وسُلَيْم (راجع [القسم الثاني، الفصل الثالث، الأعلام النصرانية المستعارة من الأسفار المقدسة]):

(١-١٣) يونان النبي

لم نجد في الشعر الجاهلي ذكرًا لأحد ملوك بني إسرائيل بعد سليمان، وكذلك الأنبياء إلا يونان النبي فإنهم يَدعُونه يونس ويشيرون إلى قصته وبعثته إلى أهل نينوى فيذكرون ابتلاع الحوت له، قال أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت (شعراء النصرانية، ص٢٣١؛ وسيرة الرسول، لابن هشام، ص١٤٦):

وروى في كتاب البدء (١: ٧٦) بيتًا لصرمة بن أنس المعروف بالراهب فيه إشارة إلى قصة يونس، ولعل البيت مُصَحَّف:

ونُضيفُ إلى ما سبق بيتًا رواه الجاحظ لأمية (كتاب الحيوان، ٧: ١٧) ذكر فيه نُبوَّة حِزْقِيال التي رآها حيث ظهر له رجل ثم أسد ثم ثور ونسر، وهي الحيوانات الرمزية المشار بها إلى الأربعة الإنجيليين؛ أعني مَتَّى الذي بدأ إنجيله بذكر ناسوت السيد المسيح ونَسبه، ثم مرقس الذي افتتح إنجيله ببشارة يُوحَنَّا المعمدان كزئير الأسد في البرية، ثم لوقا الذي ذَكَر في بدء إنجيله ضحية زكريا في الهيكل، وأخيرًا يُوحَنَّا الذي ارتفع كالنسر بوصف مَولِد ابن الله الكلمة الأزلية، وهذا هو البيت:

وكذلك ورد في الشعر الجاهلي اسم حَيقار أو حَيْقر المذكور في الترجمة اليونانية من سفر طوبيا (١: ٢٣)، وله قصة طويلة عند العرب نشرها حضرة الأب أنطون صالحاني في ملحقات ألف ليلة وليلة، قال عدي بن زيد (حماسة البحتري، ص٨٦) في بلايا الدهر: