صراع النمور!
اختار «أحمد» و«بو عمير» طريق الشاطئ المكشوف رغم خطورته … فالغابة أكثر خطورة … وعلى الشاطئ يمكن أن يكتشفا أي شخص يطاردهما، أما في الغابة الكثيفة فمن الصعب رؤية أي شيء … إضافة إلى مخاطر الحيوانات المتوحشة … والأسهم السامة التي يمكن أن تطلق عليهما في الظلام.
كانا يجريان أحيانًا وينبطحان أحيانًا أخرى … ثم يتوقفان لحظات لاسترداد الأنفاس … واقتربا من مرسى اليخت الذي حملهما إلى الجزيرة … ولاحظا على الفور أن اليخت يقترب من الشاطئ في نفس اللحظة التي وصلا فيها إلى هناك … فاختبأ وراء الحشائش العالية حتى لا تكشفهما أضواء اليخت …
وشاهدا مجموعة تنزل من اليخت … وسمعا ما لم تصدقه آذانهما … نعم … سمعا صوت «عثمان» يتحدث!
وهمس «أحمد»: هل سمعت؟
بو عمير: نعم …
أحمد: هل هذا معقول؟!
بو عمير: إنني لا أصدق أذني!
كان عدد النازلين من اليخت خمسة … واستطاع «بو عمير» و«أحمد» على ضوء النجوم البعيدة أن يعرفا من بين الأشباح الخمسة … شبح «عثمان» وشبح «رشيد».
قال «أحمد»: إنهما سيتعرضان لتجربة التخدير!
بو عمير: أكثر من هذا أن وجودهما قد يكشف عن غيابنا من القصر الصغير!
أحمد: إذن!
بو عمير: إذن ليس أمامنا إلا الهجوم الآن … إن حضورهما قد قلب خطتنا رأسًا على عَقِب!
وبدأ الأشخاص الخمسة يقتربون من حيث قبع «أحمد» و«بو عمير» في الظلام وأطلق «بو عمير» صيحة البومة بطريقة يعرفها الشياطين …
وعرف «عثمان» و«رشيد» أن زميليهما قريبان … وتحفَّز الشياطين … ثم اقترب الأشخاص الخمسة تمامًا من مكْمَن «أحمد» و«بو عمير» بحيث أصبحت سيقانهم أمام أيديهما مباشرة … وأطلق «بو عمير» صيحة البومة مرة أخرى، ثم مدَّ يده وأمسك بساق الرجل الذي أمامه ثم جذبه بشدة أسقطه على الأرض … وكذلك فعل «أحمد» بالرجل الثاني … ولم تكن هناك مشكلة مع الرجل الثالث؛ فقد قفز عليه «عثمان» كالفهد، وشل حركته ثم ضربه ضربة ساحقة سقط على أثَرِها ساكنًا.
التقى الشياطين الأربعة لقاءً حارًّا … وكان أول سؤال وجَّهه «أحمد» إلى «عثمان» هو: كيف وصلتما؟
ولكن «رشيد» هو الذي أجاب: لقد سقط منك الدبوس الماس في الغرفة، وعندما عدتُ إليها شاهدته يلمع في الظلام … وعند حضور «عثمان» شرحت له الموقف، وقررنا أن ندعي أننا جئنا من طرف «يوجاراجا» أيضًا … وأننا في حاجة إلى البضاعة … وذهبنا إلى المحل في وسط المدينة، وأبرزنا الدبوس الماس … وقد كان أكبر دليل على علاقتنا الطيبة ﺑ «يوجاراجا».
أحمد: وهكذا وصلتما!
عثمان: كيف تسير الأمور؟
أحمد: إننا نواجه عصابة من أخطر العصابات على الإطلاق … ولست أُبالغ إذا قلت إنها عصابة من الشياطين ولكن ليس مثلنا … إننا نبحث عن العدل، وهم يبحثون عن الشر!
بو عمير: هل معكما أية أسلحة؟
عثمان: كان هذا مستحيلًا!
أحمد: لنجرد هؤلاء الرجال الثلاثة من أسلحتهم ثم ننطلق.
عثمان: هل ثمة خطة معينة؟
أحمد: الحقيقة كل ما نبحث عنه هو طريق للإفلات من هذا السجن الجهنمي، ولكن الآن وأنتما معنا سنواجه العصابة.
رشيد: الخطة الوحيدة هي تدمير المكان!
أحمد: هذا صحيح … سنشعل النار في الجزيرة كلها.
وانحنى الأربعة على الرجال الثلاثة … كانوا مسلحين تسليحًا جيدًا … كل منهم يحمل مدفعًا رشاشًا من طراز حديث، وخِنجرًا طويلًا يكفي لذبح فيل …
وتم تجريد الرجال الثلاثة من أسلحتهم … ثم انطلق الأربعة في اتجاه المطار بعد أن أخفوا اليخت بين الأعشاب، فقد يحتاجون إليه.
وصل الشياطين قريبًا من المطار … وكانت هناك طائرتان … طائرة صغيرة من طراز «جيت ستار» ذات الأربعة محركات … وطائرة هليوكبتر ضخمة تشبه القلعة.
ولاحظ الشياطين أشباحًا تتحرك حول الطائرتين … كان هناك حارسان … وسمعوا حوارهما وهما يتحدثان … وتوزَّع الشياطين الأربعة حول المكان … ثم أخذوا يطبقون على الحارسين كالكماشة … وعندما اقتربوا تمامًا من الحارسين استخدم «بو عمير» مدفعه الرشاش وضرب الحارس الأول ضربة قوية، وكذلك فعل «رشيد» بالحارس الثاني … واستولوا على مزيد من الأسلحة ثم قفز «بو عمير» إلى الطائرة واستولى على المفاتيح … وكذلك فعل «رشيد» بالطائرة الثانية.
وفجأة سمعوا زمجرة النمور قريبة منهم … صوتٌ مرعب كأنه هدير البحر … وأسرعوا يختبئون … ولكن النمور تستطيع أن تشُمَّ رائحة الإنسان في أي مكان …
وهكذا سمعوا صوت أقدامها الثقيلة وهي تكسر أغصان الأشجار والأعشاب الجافة … وصوت حارس يستحثها على السير …
واختبأ الشياطين كل منهم خلف شجرة، وقد أعد كل منهم مدفعه الرشاش، وظهرت النمور بعد قليل عند حافة المطار … كانت أربعة … ومعهم رجلان.
وهمس «أحمد»: إنني آسف من أجل هذه الحيوانات … فلا ذنب لها فيما يحدث!
بو عمير: لو كانت الفيلة قريبة لأطلقناها عليها … فالفيل لا يحب النمر، ويهاجمه حينما وجده!
أحمد: لا أدري أين الفيلة الآن … وعلى كل حالٍ، لن نطلق النار إلا إذا هوجمنا!
ولم يكن هناك أدنى شك في أن النمور الأربعة تعرف طريقها إليهم … فقد كانت تتقدم بثبات على أرض المطار في اتجاههم تمامًا …
ارتكز الأربعة على رُكبهم … وسدَّدوا الرشاشات إلى النمور أولًا … وأخذت المسافة تضيق وتضيق … ثم تسارع وَقْع أقدام النمور … وأطلق لها الحراس العنان، وارتفع زئيرها المدوِّي يهز صمت الليل … وقفزت النمور الأربعة في اتجاه الشياطين … وانطلقت المدافع الرشاشة في نفس الوقت … وارتفعت صيحات الألم من النمور المسكينة، وهي تتلقى الرصاصات القاتلة … واستطاع نمر منها أن يصل إلى قرب «عثمان» … كان نمرًا جريحًا لم تُصبه رصاصة قاتلة … والنمر الجريح هو أخطر الحيوانات على الأرض … وكانت لحظة رهيبة.