صراع في الجو!
كانت المطاردة في الغابة بين «أحمد» و«عثمان» خلف «رام» تتَّسم بالخطر الشديد … فمن الممكن إطلاق الأسهم السامة عليهما، ولكن ما تصوراه لم يكن ما حدَث …
فعند نقطة معينة من الغابة، ظهر بناء ضخم لم يرَه الأصدقاء من قبلُ … إنه معبد هندي، وكان واضحًا أن «رام» يتَّجه إليه … وكان المبنى الرابض في الظلام يشبه قلعة حصينة … ومن المستحيل على «أحمد» و«عثمان» اقتحامه، وكان عليهما أن يصلا إلى «رام» قبل أن يصل إلى المعبد …
ولكن، فجأة اختفى الفيل الذي يركبه «رام» … اختفى في الظلام وأخذ «أحمد» يحث الفيل الذي يركبه حتى وصلا إلى قُرب المعبد … ولكن لم يكن هناك أثر للزعيم.
نزل «أحمد» و«عثمان» واقتربا من المعبد … وكانت المشاعل التي تضيء المكان تبعث الرهبةَ في القلوب … ولم يكن هناك أحدٌ على الإطلاق …
دخل الصديقان المعبد … سارا ينظران حولهما … ولكن لم يكن هناك أثَر ﻟ «رام» أو أي شخص آخر …
قال «عثمان»: أين اختفى؟!
أحمد: شيءٌ مُدهش … لقد اختفى فجأة، وكأن الأرض انشقت وابتلعته!
عثمان: والفيل؟!
وسمعا في هذه اللحظة صوتَ أقدام عارية تمشي على بلاط المعبد … وشاهدا فتاة صغيرة تجري في اتجاههما وقد بدا عليها الفزع.
أخذت الفتاة تتحدَّث إليهما دون أن يفهما شيئًا، ولكن استطاعا أن يُدركا أنها تستغيث بهما؛ فسارا خلفها … مشت في دِهْليزٍ تنطلق منه رائحة البخور … ثم اتجهت إلى باب ضخم، أخذت تحاول فتحه فتقدَّم «أحمد» وفتحه، وعلى الفور شاهد شيئًا مثيرًا لم يسبق له أن رآه …
كانت هناك عشرات الأفاعي الضخمة تتحرك على ضوء المشاعل … ولاحظا أن ثمةَ رجلًا تفتك به الأفاعي الرهيبة، وأن مقاومته تلاشت وأخذت الفتاة تبكي وتولول … وأطلق «أحمد» مجموعة من الطلقات من مدفعه الرشاش على الأفاعي …
كان يعرف أنه لا أمل فيه … وأن الأفاعي قد فتكت بالرجل … بينما قام «عثمان» بسحب الفتاة بعيدًا عن المشهد … ومع إطلاق الرصاص ظهرت فتحة في السور الذي يحيط بالمكان وظهرت فوهة مدفع رشاش … وأطلق «أحمد» مدفعه في هذا الاتجاه ثم انسحب على الفور.
أخذت الفتاة تشيرُ إليهما فتبعاها … ومرت من باب ضيق إلى دِهْليز متَّسع، تضيئه المشاعل أيضًا … وكان الدهليز ينحدر بشدة إلى أسفل … ونزلوا معها … وفي نهاية الدهليز وجدوا معبدًا صغيرًا تزينه مئات القطع من الجواهر والتماثيل المصنوعة من الذهب الخالص … وأشارت الفتاة عدة إشارات، فَهِم منها الصديقان أن هناك من حاول سرقة الجواهر …
وقال «عثمان»: في الأغلب أن الرجل الذي فتَكَت به الأفاعي هو حارس المعبد، وأن هذه الفتاة ابنته … وأن أحدهم كان يحاول سرقة المعبد، فلما قاومه الحارس ألقاه إلى الأفاعي القاتلة!
وسبقتهما الفتاة إلى باب في الجانب الآخر، خرجا منه إلى حظيرة ضخمة تغطيها النباتات، وشاهدا مجموعة من الفِيَلة المزركشة، وعرفا أن «رام» اختفى هو وفيله في هذا المكان.
وفكَّر «عثمان» لحظات ثم قال: تعالَ نُطلِق هذه الفيلة … ستثير الاضطراب في كل مكان … وقد يظهر «رام» في هذه الفوضى.
وأشار «أحمد» إلى الفتاة، وقاموا بفتح الأبواب وإطلاق الفيلة التي خرجت تجري وهي تصيح بعد أسرها الطويل!
وفجأة سمعوا صوت انفجارات مدوِّية تأتي من أماكن مختلفة من الجزيرة وعرف «أحمد» و«عثمان» أن «رشيد» و«بو عمير» قد نجحا في المهمة، أخذا الفتاة معهما، وركبوا أقرب فيلٍ … ولكنهم لم يكادوا يبدءوا السير حتى سمعوا صوت رصاصة تئز … ثم ظهر «رام» الذي كان يراقب ما يحدث من مَكْمنه … صاح في وحشية: سأقتلكم جميعًا … سألقي بكم إلى الحيات المقدسة!
واختفى …
ولكن «عثمان» كان قد قفز إلى الأرض … واستطاع أن يلحقَ به … وعندما وصل «أحمد» إليهما كان «رام» يمسك خِنجرًا يحاول أن يطعنَ به «عثمان» … وأطلق «أحمد» عليه طلقة واحدة أصابته في ذراعه … فهوى إلى الأرض صارخًا.
عندئذ أرْكَباهُ فيلًا رغمًا عنه … وركبا فيلًا آخر خلفه ومعهما الفتاة الصغيرة … واتجهوا جميعًا إلى المطار … كانت الحرائق قد شبَّت في كل مكانٍ … وتحوَّلت الغابة السوداء إلى غابة حمراء … واقتربوا من المطار … وكم كانت دهشتهم عندما فوجئوا بالطائرة الهليوكبتر تُحلِّق فوقهم … وظن «أحمد» و«عثمان» أن «رشيد» و«بو عمير» يركبانها … ولكن اقتربت الطائرة وتدلَّى منها حبل فوق «رام» الذي تعلق به سريعًا، ثم انطلقت الطائرة قبل أن تُصيبها طلقات المدافع.
أسرع الصديقان والفتاة إلى الطائرة الأخرى … كان في انتظارهم «بو عمير» و«رشيد»؛ فقفزوا جميعًا إلى الطائرة … وجرت على المدرَّج بسرعة بقيادة «بو عمير» ثم حلَّقت في الفضاء قبل أن تنفجر النيران في المطار …
استطاعوا أن يشاهدوا الطائرة الهليوكبتر وهي تطير في اتجاه جنوب الجزيرة … وانطلق خلفها «بو عمير» … كانت طائرتهم صغيرة، ولكن سريعة الحركة، ولكن قائد الهليوكبتر كان شديد الذكاء … لقد كان يطير على ارتفاع منخفض فوق أشجار الغابة … ولم يكن في إمكان «بو عمير» أن يفعل مثله … ولكن ما حدث بعد ذلك كان مدهشًا لقد اختفت الطائرة الهليوكبتر تمامًا …
أخذت طائرة الشياطين تحلِّق فوق الغابة. كان كل شيء واضحًا على ضوء النيران المشتعلة … وكانت الأفيال تجري في كل مكان … والنمور الهائجة تنطلق على غير هُدًى …
وقال «أحمد»: اتَّجِه إلى الشاطئ.
وأسرعت الطائرة إلى الشاطئ … إلى مرسى اليخوت … وصح استنتاج «أحمد» كانت الطائرة الهليوكبتر قد نزلت عند مرسى اليخت …
ولكن المفاجأة، التي قابلت «رام» ومن معه أن الشياطين كانوا قد أخفوا اليخت بعيدًا عن الشاطئ … واضطر «رام» ومن معه للعودة إلى الهليوكبتر … ولكن «بو عمير» انقض بطائرته عليها …
وفتح «أحمد» النافذة، وأخذ يطلق رصاص مدفعه الرشاش عليها … ولكن الطائرة استطاعت التحليق … ثم اتجهت إلى المحيط مُبتعدة عن الشاطئ … وكانت فرصة … هبط «بو عمير» بالطائرة إلى قرب سطح الماء … وأصبح في أعقاب الهليوكبتر …
ثم فجأةً صعد فوقها مباشرة … وأطلق «أحمد» مدفعه الرشاش على المروحة مباشرة … وترنَّحت الطائرة كوحش خرافي ثم أخذت تهبط تدريجيًّا. وبعد لحظات شاهدها الشياطين وهي تسقط في مياه المحيط، وتختفي عن الأنظار …