الفصل الحادي عشر

المرتِّلون ينهضون من النوم

اسمع أيها العبَق … اسمع:

المرتلون ينهضون من النوم
أدوات عزفهم معطَّلة، يحيطون
في كلِّ ساعة، ويبتهلون
حشوات الصدر، واختلاجات الحنجرة.

اسمع: لماذا لا تأتي معي؟ دوِّخني بالدخان، وأدوِّخك بالرمَّان أفضل من هذه الهلُمَّة.

صُنع المزاج بالتطرف أحلى
صُنع المزاج ربَّاني
صُنع المزاج حديد

تحت ليفته وهو يسبح، يشتبك الغار مع الذهب، يشتبك الورد مع الضوء، مخطَّط بالشمس كأنه بحرٌ مسمَّك. ماذا يفعل بكلِّ أُبَّهاته هذه؟

اسمع: اسمك يطلع بين البساء، اسمك يرتفع بالطلع وأنا فرِحٌ بنفاختك تطير من بينهنَّ وترتفع، فأُمسك بها وأرتفع معك.

يدفع بمِكنسته بقايا أكلي البرتقالَ، وربيع الخرافات الناهضة في هذه الأرض … السمك تتطاير حوله أورفيوس، يتكوَّم محاصرًا بالسهام في دجلة، إنكي يبكي عليه ويشهق.

كيف استطعنا رفعَ كلِّ هذه الأنقاض؟

رفَعَ الكلبُ قدمه الخلفي الأيسر، وبال في البحر، وبعد أن أنهى بولته قال: مياه كلِّ هذا البحر خرج منِّي.

يدوووور ويلفلفلفلف عرقه من بين عروق أولاد الشوارع، أكتافها تنتفخ وقدمها يطول، إبَر تبزبز، إبَر تهزهز، إبَر تحلحل … كلمات.

تصعد على سيقانها، وينوح تحت تنُّورتها كلَّ مرة.

أُمسك الشخاطة.

وأريد أن أحرق أبنائي؛ خوفًا من الجوع … أمَّا أنا فسأحترق رأسًا؛ لأني ما زلتُ صامتًا. مربرب بكدْحِ الأمواج والأرصفة … السجاد الأخضر السندسي، خلاصة الحشيش، في يدي الشَّعر المجعَّد، هذه عصا الكاهن أم عكازتك؟

احكِ الحقيقة … أم هذه عصا السائس الذي يسوسك؟ احكِ، الفارُّون ينهزمون تحت المطر … تطفو جثَّة سوداء مبقَّعة للتأريخ فوق دجلة، ويطفو رماد رشقته قلعةٌ لاهوتية موسيقية، علَّمتْه تأريخ الرُّوح.

كيف إذن سقط لوسيفر مع الضوء … لماذا لم يسقط مع قِطَع الظلام؟ تحوَّل إذن؛ تحوَّل من آدمي إلى طير، ثم إلى قِط، ثم إلى عقرب، ثم إلى بُخار … هبل معناه البخار.

عاد به البخار سكرانَ إلى البيت، وخطَّ بقلم الحمرة تأريخه السريَّ على المِرآة … وحين أفاقت زوجته، قرَّرَت الانفصال عنه:

البذيء … الشاعر … الداعر … الغنوصيُّ … المنذور للقطط هذا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤