الفصل الرابع عشر

درَج البروج

قمَّة برج الحمل … أصابعه ببرج السرطان، قيثارته في الميزان، كبده القوس، يدخل فيه المشتري … بماذا سيبوح هذا القلب العقرب الذي يقطر ماسًا، عيونه ترى الجدي، شفاهه تخور في الثور … حرارته نباتية؛ ولذلك تسلَّق في الليل إلى الدلو … كان يترك فأسه في الماء، كانت الجوزاء عضلاته … دار دورةً واحدة، وسقطت حنجرته في الحوت. غنَّى عن الحوت عندما بلعه «يا نون … يا ليل … يا عين». وخزةُ ألمٍ في اليد … دمعُ الشمع يملأ الصحن.

الْتصق بك الكالا … الْتصقت بك السحليات، لا أبَ ولا أمَّ تريد العودة إلى التراب.

حرارةٌ نباتية بين سيقاني … حرارة الشفلَّح … حرارة الوكيح، شغفٌ يتسلق في عمود النور. المناحة حولي وأنا أصعد فيه، أحمل تميمتي وأضيع في الليل، ولكني أصعد فيه. نقط الليل … ونقط الشمس مطحونة … ولكني أصعد فيه. اضربني على الطبل من أجلها، ولكني أصعد فيه.

تشير إلى أخطائها وتحتها … سأصعد فيه.

عضَّت شفتها … أَخ.

السرور يملأ أطلسه، وأطلسه يملأ نوني … سأصعد فيه.

الأقدام عارية ومحناة … سأصعد فيه.

أصعد فيه ولا أَبين.

نهاية الزمن تشبه القبضة … داكنة وعنبريَّة.

ذهب إلى نهاية الزمن … قال أريد أن أشوف … ولم يعُد. كانت الجام المكسورة تملأ السماء.

يكبس هويته وشهاداته، ويتجول في الشوارع … الحشيش ينمو في دماغه.

نفَّاثة الزمن لم تتوقف مدخنتها … كلَّ عصر يصلي لإصبع، والإصبع تلوي رقبةَ الجماعة.

القراءة فعلٌ أنثوي، والكتابة فعلٌ رجولي؛ وكلاهما مَضيعةٌ للوقت. زجاجةُ عرق تلعلع مخَّه هذه الليلة … خفاراته مع الأجراس الخفية، عطشه المروِّع للبنات … يستره بالأدب واللُّطف، متاهةٌ تتَّسع مثل طاولة … خفافيش ومنازل مثل القصور، بزلتْهم النجوم وألقتْهم من منخلها على هذا الطشت.

ماعزاتي خرجنَ من القبور … ماعزاتي الساطعات بالحليب والنهار لغمر البلاد.

عن ماذا يبحث في هذه الشوارع الطولية: المال، أم المرأة، أم الخلود. منشنش أليس كذلك؟ يا لك ويا لهم! … لم يشطفوا الشوارع من الدماء بعدُ.

مزودات السحاب تزداد عويلًا … البرقُ، غضبُ الربِّ علينا.

حسنًا قلْ … قلْ ما هي آخِر الأشياء التي تحبُّها؟

– الطوابع التي على المطر.

غفران هذا الورد، مسحتُ أخطائي.

غفران أخطائي، مسحتُ بها رغباتي.

غفران رغباتي، لم أنجزْها كما يجب.

غفرانها؛ بررتُ عقلي الصغير.

غفران عقلي، داسه البعير.

غفران قلبي فارغ.

غفران وردي في الزريبة.

غفران مهدي في اللَّحد.

غفران كبدي منسوف.

غفران هذا الوطن … مجرَّح وملفوف.

غفران هذي السماء … ممزَّقة.

غفران هذا الهواء … مسخَّم.

غفران غفراني؛ لكيلا أعيش.

أشوِّش على ماضيَّ كلِّه … أخربطه … وأطلق عليه ألفَ رصاصة؛ ماذا جنيتُ سوى هذه الأصابع العَشْر الجائعة لتناول الكأس.

ماذا جنيتُ سوى عيونٍ مزيفة وذيولٍ سوداء وآذانٍ بلا أقراط.

بشرفي … كلُّ ما نفعله زائف.

بالقوة نرقِّع جيفتنا؛ لتصبح أحلى.

بالقوة نستر عوراتنا بالشعر.

بالقوة نظهر خارجَ الحشد.

بالقوة نبدو على شكلٍ منفرد.

تعالَ وانظرْ إلى المستنقعات التي تركناها خلفنا.

تعالَ وابكِ معي على كلِّ هذه البساتين التي لم نُحسن العناية بها.

تعالَ وانظرْ فضيحتنا ونحن صاغرون لكلِّ شيء.

عيوني تحجب خشمي، وخشمي يحجب أذني، وأذني تحجب حلقي، وحلقي يحجب الحقيقة … لماذا؟ لماذا؟ ولذلك علينا أن نتحاسب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤