درَجٌ إلى عربات نبو
درَجٌ يؤدِّي إلى مكتبةٍ في الطابق الثالث، قراءاته تزداد تناقُضًا كلما تقدَّم به العمر … لكنَّه لا يخاف ما دام الشِّعرُ مركزَها … يصعد.
حلقات الدائرة حول المركز تكبر بسرعةٍ مذهلة.
تاريخ الجنس، الدراما المسربَلة بالشِّعر، كِسرُ الأساطير، التعاويذ والرُّقى، تاريخ السينما العراقية، الشِّعر الغنوصي، صناعة النبيذ، الطقوس الزراعية والجنسية القديمة، القرى السومرية المُهمَلة، علم الفيروسات، حركة القمر وعلاقته بحيض المرأة، القصائد الطحالية، مرحلة ما تحت الصباح، الأُقنوم الشِّعري، فلاسفة الحلَّة، المخطوطات الغجرية، البقرة نوت، المندالا الشرقية، الساروس الشِّعري، خارطة الجينات البشرية، الطِّب والسِّحر في سومر، التنجيم الزراعي، الفلَك الكلداني، النِّحل الأورفية، رسائل النساطرة، كتاب الكنزا، موسيقى حرَّان قبل الميلاد، ملفوفات المريخ الساقطة على الأرض، تعاويذ عشيرا، تطور الزهور البدائية، السِّحر العربي، تاريخ الحبليات، حقيقة هرمس، بنود على باليل، ك/ن.
صعد من النون بالكاف.
صعد بالصولجان إلى السبت الأصفر.
صعد باتجاه المأتم الحزين … مأتم الكلمة.
طوَّق شعرَه بالأعاجيب والتاج … في يده فنُّ الخطيئة.
وضع السمَّاعة على صدره، فلَمْ يسمع دقَّ قلبه (عقدة أفاعٍ حقًّا)، استمرَّ بالصعود إلى المأتم … أكثر بكثير من هذه الخرافات صادفتْه، ولكنه ما زال يسجِّل نزواتِ الورد بجُمَل غامضة.
فيما يخصُّ جنس الموسيقى … هل يجب العودة إلى الرياضيات فقط؟ … يجب العودة إلى علم الجبر.
الزهور على الإهاب وهو يصعد إلى المأتم.
لم يعُد هناك ما يشبه النهار، نزلتْ أجناس «الكالو» من سُرَّة الشمس ولعبوا في الوِديان، وهو يمشي تحت عنكبوت النجوم ولُعابه شائكٌ، سُباعيٌّ وغامض ولامِع.
زَمَّارو … يغنِّي ويشتعل.
الخطيئة تظهر في أربعة أعضاء فقط (العين والأذن والأنف والفم)، أمَّا الأخطاء فسبعةٌ تتوزَّع على باقي الفتحات … أمَّا الخطايا فبالمئات على عدد أعضاء الجسد.
كان ينفث كالآثاريِّ … لم تعُد هناك مخطوطاتٌ مندائية جديدة، التعرية والخطيئة في آنٍ واحد … صعود مرفرف إلى الكلمة.
أين ذهبت مفاتيح المعابد السومرية؟
تحت مخدَّته … حسنًا، أخيرًا وصل.
كان عيدُ الأكيتو منقلبًا … بدأت الطقوس بالعكس من اليوم الثاني عشر من نيسان وعادت إلى اليوم الأول … ماذا حصل؟ كيف تحوَّل مردوخ إلى حوذي … وكيف انكسرتْ عربة نبو، ها هي أكوابه محطَّمة ومِحْجنه في الطين … أمَّا العنزات فتجرُّ لحاها في التراب.
ماذا فعَلَ الأعراب بكلِّ هذا الفردوس؟
لك الزلَّات كلها … لك الرايات كلها … لك الوردة والتجلَّة، قمْ يا شمْرةَ عصا … قمْ يا سترَ الدمع … قم يا دمعَ الشمس. النجمة والضحكة أم ذويل ضاعتْ في يدك. النجمة والضحكة ضاعت في الطين.
الثيران والأعشاب والرعد … اهتماماته الأُولى تعود.
هذا تطورٌ عنيف منقطِع، رطلٌ منسيٌّ من الموسيقى يندفع بالتمام إلى المقدمة. شِعره مرتبط بالفولكلور والروائح.
قال مع نفسه: «يمكن لعِلم الأجنَّة أن يكون عِلمًا للكون.»
أنتِ النور واللَّالة
أنتِ عيونُ الخيَّالة
أنتِ البَلَم والفالة
ما لكِ لا تشبعين، الجروحُ على ركبتيكِ ولا تكفِّين … أعظم فرسٍ رأيتُها في حياتي.
أين سأكون بعد ساعة … في منعطفِ جنَّةٍ أم إردوازٍ أم في رمادِ التخت رمل، وما لي أرى نشْرَ هذا الغسيل الأسود للسماء أمامي، وسَّخها دخانُ التايرات … امسحوها … امسحوها، كلُّ واحدٍ يمسك وصلةً ويمسح ما أطلَّ عليه من السماء، علَّنا نشفى من هذا البرَص.
أين سأكون بعد ساعة؟
حسنًا … حسنًا لا تزعل، أين سأكون بعد يوم؟
الكاميرا تنفتح من الأعلى على الشوارع الفارغة المملوءة قهرًا، الشوارع التي لا أعرف ماذا تنتظر!
غصَّت ذاتَ يوم بالجثث، والتَّتَر، والخيول، والرَّماد.
أقصى انفتاح الكاميرا على مجموعةٍ تُطلِق النار.
أين سأكون بعد شهر؟ حسنًا … حسنًا لا تزعل.
أين سأكون بعد سنة؟
لا أعرف … لا نعرف، في مستنقعِ دم! في مستنقع رماد! في بحبوحةِ الخريف! في زحزوحةِ الربيع! في الهُتاف في الزُّعاف … في الغِلاف، أين سنكون؟
هل نكون؟