البلد الكئيب
بمناسبة إضراب فلسطين يوم وعد بلفور
يا أيها البلدُ الكئيبُ
حيّاكَ مُنهمِرٌ سَكوبُ
لا تبتئسْ بالظلم «إنَّ
غدًا لناظره قريب»
وغَدٌ عصيبٌ لا يَسُرُّ
الظالمين، غدٌ عصيب
أشرقْ بوجهكَ ضاحكًا
ولشمسِ شانئكَ الغُروب
ما بعدَ غمّكَ غَيْرُ يَوْ
مٍ، تطمئنّ به القلوب
•••
لَهْفي على البلد الكئيـ
ـبِ، تعطّلتْ أسواقُهُ
عارٍ كما اعرورى الخَريـ
ـفُ، تساقطتْ أوراقه
خفقتْ جوانحُه أسًى
وتقرّحتْ آماقه
صبرًا فإنّ الصبرَ قد
يحلو بفِيكَ مذاقه
هذا عدوُّكَ، لا يَرُعْـ
ـكَ، وهذه أخلاقه
•••
بلفورُ كأسُكَ من دم الشُّـ
ـهَداءِ، لا ماءِ العِنَبْ
لا يخدعنّكَ أنّها
راقت وكَلّلها الحَبَب
فحبابُها الأرواحُ قد
وثبتْ إليكَ كما وثب
فانظرْ لوجهكَ إنّهُ
في الكأس لوّحه الغضب
وانظرْ، عمِيتَ، فإنّهُ
من صرخة الحقِّ التهب
•••
بلفورُ يومُكَ في السَّما
ءِ، عليكَ صاعقةُ السماءِ
ما أنتَ إلا الذئبُ قد
صُوِّرتَ من طين الشقاء
والذئبُ وحشٌ لم يزلْ
يَضْرى برائحة الدماء
اخْسأْ بوعدكَ، إنّ وَعْـ
ـدَكَ، دونه ربُّ القضاء
وإلى جهنّمَ أنتما
حطبٌ لها طولُ البقاء
•••
اخْسأْ بوعدكَ لن يَضْيـ
ـرَ الوعدُ شعبًا هبَّ ناهضْ
لا تنقضِ الوعدَ الذي
أبرمتَه فله نواقض
ويلٌ لوعد الشيخِ مِنْ
عزماتِ آسادٍ روابض
أتضيع يا وطني وها
عِرْقُ العروبةِ فِيَّ نابض؟
فلأذهبنَّ فداءَ قومي
في غمار الموتِ خائض
•••
بُشراكَ يا وطني فقد
نُفِضَ الرقادُ عن البلادِ
نهضتْ بواسلُ فيكَ تَقْـ
ـذِفُ بالنفوس إلى الجهاد
شقّوا الطريقَ إلى العلا
وخطَوْا على نهج السداد
وَلَسوف تنطق في سبيـ
ـلِ الحقِّ ألسنةُ الجماد
والويلُ يا وطني لمن
أضحى يُصرّ على العناد
•••
بُشراكَ يا وطني فقد
نهضتْ بكَ الغيدُ الأوانسْ
حيّتْ جموعَ الغانيا
تِ عيونُ نرجسِك النواعس
أقبلنَ من باب الخليـ
ـلِ، يمسنَ في سُودِ الملابس
وصرخنَ في وجه العميـ
ـدِ، وحقُّهنَّ لهنَّ حارس
وطني، ظفرتَ إذا النِّسا
ءُ، هتفنَ باسمكَ في المجالس
•••
وطني، علينا العهدُ جَمْـ
ـعًا أنْ نسير إلى الأمامِ
ونعيشَ إخوانًا على
محضِ المودّةِ والوئام
ونردَّ عنكَ النّازِلا
تِ، مُسابقين إلى الحِمام
ونكونَ، في إعلاء شَأْ
نِكَ، عاملين على الدوام
حتى تُرى مُتَفيّئًا
ظلَّ الكرامةِ والسلام
٢ تشرين الثاني ١٩٢٩