يا موطني
ألقيت في حفلة توزيع الشهادات في مدرسة النجاح النابلسية.
خطر المَسَا بوشاحه المتلوّنِ
بين الرُّبى يَهَب الكرى للأَعْيُنِ
وتَلمّسَ الزهرَ الحَيِيَّ فأطرقتْ
أجفانُه شأنَ المُحبِّ المذعن
ودعا الطيورَ إلى المبيت فرفرفتْ
فوق الوكونِ لها لُحونُ «الأُرْغُن»
وتَسلَّلَتْ نسماتُه في إثْرهِ
فإذا الغصونُ بها تَرنُّحُ مُدْمِن
آمالُ أيامِ الربيعِ جميعُها
حَسَنٌ (وعِيبالُ) اكتسى بالأَحْسن
جبلٌ له بين الضلوعِ صَبابةٌ
كادت تحول إلى سَقام مُزْمِن
وتفجّرتْ شِعرًا بقلبي دافقًا
فسكبتُ صافيه ليشربَ موطني
•••
يا موطنًا قرع العداةُ صفاتهُ
أشجيتَني ومن الرقاد منعتني
يا موطنًا طعن العداةُ فؤادَهُ
قد كنتَ من سِكّينهم في مأمن
لَهْفي عليكَ وما التهافي بعدما
نزلوا حِماكَ على سبيلٍ هَيّن
وأتَوْكَ يُبدون الودادَ وكلُّهم
يزهو بثوبٍ بالخداع مُبطَّن
قد كنتُ أحسب في التمدّن نعمةً
حتى رأيتُ شراسةَ المتمدّن
فإذا بجانب رِفْقه أكرُ الوغى
وإذا الحديدُ مع الكلامِ الليّن
الذنبُ ذنبي يومَ هِمتُ بحبّهم
يا موطني هذا فؤادي فاطْعن
واغمرْ جراحَكَ في دمي فلعلّهُ
يُجدي فتبرأَ بعده يا موطني
•••
عجبًا لقومي مُقْعَدين ونُوَّمًا
وعَدوُّهم عن سحقهم لا ينثني
عجبًا لقومي كلُّهم بُكْمٌ ومَنْ
ينطقْ يَقلْ يا ليتني ولعلّني
لِمَ يُوجسون من الحقيقة خِيفةً؟
لِمَ يصدفون عن الطريق البيِّن؟
إن البلادَ كريمةٌ يا ليتها
ضنّتْ على من عقَّها بالمدفن
•••
قالوا: الشبابُ … فقلتُ: سيف باترٌ
وإذا تَثقّفَ كان صافي المعدن
مرحى لشبّان البلادِ إذا غدا
كلٌّ بغير بلاده لم يُفْتَن
مرحى لشبّان البلادِ فما لهم
إلَّا السموُّ إلى العُلا من دَيْدَن
نهض الشبابُ يطالبون بمجدهم
يا أيها الوطنُ المجيد تَيمَّن
١٦ يوليه ١٩٢٥