مناجات وردة
جنى عليكِ الحسنُ يا وردتي
وطيبُ ريَّاكِ فذقْتِ العذابْ
لولاهما لم تُقطفي غَضَّةً
بل لانْطوى في الروض عنكِ الشباب
لولاهما مرَّ بكِ العاشقونْ
لا ينظرونْ
وربما أعرضَ عنكِ الندى
وجازكِ الطيرُ فما غرَّدا
عُرفتِ بالفضل، وكم فاضلٍ
جنى عليه الفضلُ يا وردتي
روضتُكِ الغنَّاءُ يا وردتي
قد أنبتتْ من كلّ زوجٍ بهيجْ
تنفَّسَ الصبحُ بأزهارها
عن ضاحكِ اللَّونِ زكيّ الأريج
نَسرينُها، ورَنْدُها، والأقاحْ
كلٌّ مُباحْ
تَنْقلُ عنها نَسَماتُ الصَّبا
تحيّةً لكلِّ قلبٍ صَبا
وطوَّفَ الناسُ بأرجائها
فوقَّفوا عندكِ يا وردتي!
للّهِ ما أصدقَها حكمةً
فاهَ بها (المجهولُ في عهدهِ)
«تشتاقُ أيارَ نفوسُ الورى
وإنَّما الشوقُ إلى وردِهِ»
تعزيةٌ أودعَ فيها الضَّريرْ
حُكْمَ البصيرْ
ألم يكنْ في قومِه كوكبا
لاحَ ليمحو نورُه الغيهبا
فما لهم آلمهُمْ فضلُهُ
حتى لقد آذَوْه يا وردتي
تَحكُّمُ الناسِ بمُسْتضعَفٍ
سِرٌّ من الأسرار لا يُدرَكُ
يا وردتي ورُبَّ سهْلٍ بدا
طريقُه يُهلِك من يسلُكُ
هل حسبوا غُصْنَكِ لمّا دنا
سهلَ الجنى؟
كلاّ، بَلِ النَّفسُ التي تضعُفُ
تصطنعُ البأسَ فلا تعرفُ
والسرُّ في بطشِ الورى خوفُهمْ
منْ هذه الأشواكِ يا وردتي
نشرت في حزيران ١٩٣٠