تحية مصر
قيلت القصيدة في الحفلة التي أقامتها الجمعية المصرية (في الجامعة الأميركية) لفرقة لاعبي كرة القدم من الجامعة المصرية، وقد أقيمت هذه الحفلة في (فسيريو) وتكلم فيها كل من رئيس الجامعة، ورئيس القسم الطبي، والأستاذ الخولي، وقنصل مصر … وغيرهم، وفي القصيدة إشارة إلى ترفع المصريين عن بقية الأقطار الشرقية على شدة تعلق هذه الأقطار بمصر، وقد وضعت الواقع في شكل عتاب لين الملمس في أنيابه العطب:
٣٣٩٤ البرق
تحيّةً لكِ يا مصرَ الفراعينِ
ذوي المآثرِ من حيٍّ ومدفونِ
ولم تزل دوحةُ الآدابِ وارفةً
على جواركِ خضراءَ الأفانين
إليكِ يا مصرُ إيمائي ومُلْتَهفي
ونورُ نهضتكِ الغرّاء يهديني
ولي أواصرُ قُربى فيكِ ما برحتْ
لما مضى ذاتُ توثيقٍ وتمكين
شقُّوا القناةَ عساها عنكِ تُبعدني
أنّى، ومن لغتي جِسرٌ سيُدنيني
أُحبُّ مصرَ ولكنْ مصرُ راغبةٌ
عني فتُعرض من حينٍ إلى حين
وإن بكتْ، لا بكتْ همًّا، فقد علمتْ
وأيقنتْ أنّ ذاك الهمَّ يُبكيني
وما عتبتُ على هَجْرٍ تدلُّ بهِ
إن الدلال يُمنّيني ويُغريني
لكنْ جزعتُ على ودٍّ أخاف إذا
فقدتُه لم أجد خِلًّا يُواسيني
في أصدقائي أُعزِّي إن هُمُ هلكوا
وفي الصداقات ما لي من يُعزّيني
قالوا شفاؤكَ في مصرٍ وقد يئسوا
مني وأعيا سَقامي من يداويني
خلّفتُها بلدةً «يعقوبُ» خلَّفَها
شوقًا ليوسفَ قبلي فَهْو يحكيني
تُقلّني من بنات النارِ زافرةٌ
تَكْتَنُّني وهجيرُ البيد يصليني
تمضي على سَنن الفولاذِ جامحةً
وجذوةُ الشوقِ تُزجيها وتزجيني
حتى سمتْ ليَ جنّاتُ النخيلِ على
ضفافِ مُطَّردِ النعماءِ ميمون
هبطتُ مصرَ وظنّي أنها رقدتْ
في ظلِّ أجنحةٍ من ليلها جُون
كأنها وكأنّ الليلَ مُنصدِعًا
بنورها سرُّ صدرٍ غيرُ مكنون
والأزبكيّةُ في الأَمْساء راقصةٌ
لها غلائلُ من شتّى الرياحين
والنَّوْرُ ذو لحظاتٍ في خمائلها
كأنها لحظات النُّهَّدِ العِين
ما لي وللسَّقْم أخشاه وأسأل عن
طبيبه (وعمادُ الدينِ) يشفيني
لو أنشب الموتُ بي أظفارَه لكفى
بأُمّ كلثومَ أن تشدو فتُحييني
هذا، ومصرُ بساتينٌ مُنمَّقةٌ
(شبابُها) بعضُ أزهارِ البساتين
خاضوا ميادينَ من جِدٍّ ومن لعبٍ
فأحرزوا السبقَ في كلِّ الميادين
٦ شباط ١٩٣١