بيني وبين الناس …
كم قائلٍ لو كنتَ تلقاها
لأنكرتْ عيناكَ مرآها
ذابلةً، ناحلةً، قد محتْ
يدُ الأسى القاسي مُحيّاها
لا تلقَها، لا تَرَها، إنها
مَرَّ بها الموتُ فأخطاها
•••
وسائلٍ هل بقيتْ فضلةٌ
لديكَ من حبِّها وذكراها!
قد مرَّ عامان وها ثالثٌ
فواحدٌ كافٍ لتنساها
وأنتَ كالنحلة من زهرةٍ
لزهرةٍ، تُسليكَ إياها
أخطأتما، لم تعرفا ما الهوى
كلاكما عن كنهه تاها:
•••
السقْمُ لا يصرف وجهَ امرئ
عن وجه محبوبٍ وإن شاها
كلا ولا يُقصيه يومًا ولو
كان من الأسقام أعداها
والموتُ ما أبلى هوى عاشقٍ
ومهجة المعشوقِ أبلاها
دونكَ قيسًا مثلًا إنّهُ
إن جئتَ بالأمثال، أعلاها
ما زال يغشى قبرَ ليلى إلى
أن أسلم الروحَ فلبّاها
•••
ألا ترى النحلةَ مهما حلا
زهرُ الرُّبى، لم تنسَ مأواها
تَطلّبتْ عيني سواها، وقد
تَعلّقَ القلبُ بمغناها
نعم، تذوَّقتُ هوى غيرها
فلم يطبْ للقلب إلَّاها
وإنْ أجدْ حُسْنًا فمن حُسْنها
أو نفحةً فتلك ريّاها
أو قلتُ في شكوايَ واهًا سَرَتْ
وردّدَ الوادي صدى آها
•••
مظلومةٌ سِيقتْ إلى ظالمٍ
نَغّصَ مَغداها ومَسراها
كان أبوها راعيًا ظالمًا
للذئب لا للحبِّ ربّاها
القدس، ١٤ تموز ١٩٣٢