الشاعر المعلم
(شوقي) يقول: وما درى بمصيبتي
«قُمْ للمعلِّم وَفِّهِ التبجيلا»
اقعدْ، فديتُكَ، هل يكون مُبجَّلًا
من كان للنشءِ الصغارِ خليلا.؟!
ويكاد (يفلقني) الأميرُ بقولهِ:
«كاد المعلم أن يكون رسولا!»
لو جرّب التعليمَ (شوقي) ساعةً
لقضى الحياةَ شقاوةً وخُمولا
حسبُ المعلّمِ غمَّةً وكآبةً
مرأى (الدفاترِ) بُكْرةً وأصيلا
مئةٌ على مئةٍ إذا هي صُلِّحتْ
وجد العَمى نحو العيونِ سبيلا
ولَوَ أنّ في «التصليح» نفعًا يُرتجى
وأبيكَ، لم أكُ بالعيون بخيلا
لكنْ أُصلِّحُ غلطةً نَحْوِيَّةً
مَثَلًا، وأتّخذ «الكتابَ» دليلا
مُستشهِدًا بالغُرِّ من آياتهِ
أو «بالحديث» مُفصَّلًا تفصيلا
وأغوص في الشعر القديمِ فأنتقي
ما ليس مُلْتبِسًا ولا مبذولا
وأكاد أبعث (سِيبَوَيْهِ) من البِلى
وذويه من أهلِ القرونِ الأولى
فأرى (حمارًا) بعد ذلك كلِّهِ
رفَعَ المضافَ إليه والمفعولا!!
لا تعجبوا إنْ صحتُ يومًا صيحةً
ووقعتُ ما بين «البنوكِ» قتيلا
يا من يريد الانتحارَ وجدتَهُ
إنَّ المعلِّمَ لا يعيش طويلا!
نابلس، ٣١ / ٣ / ١٩٣٣