تقدير
شكسبير
بين الطبيعة والناس
أبا القوافي ورب الطرس والقلم
ماذا أفادكَ صدقُ العلم في الأممِ؟
لم يعرفوك ولم تجهل لهم خلقًا
هذا نصيبك من دنياك فاغتنمِ!
قضَّيت دهرك تلهيهم وتضحكهم
يا للعجائب من أضحوكة القسمِ
لا يوثق الهرُّ رئبالًا ليضحكه
فاعجب من الناس لا تعجب من البهمِ
هلا رأوك على قربٍ بناظرةٍ
ترى الحجى رؤيةَ الأسوارِ والأطمِ؟
ولو رأوك بتلك العين لانخلعت
رقابهم دون أدنى تلكم القممِ
•••
شرعت للناس وردًا لا انقطاع له
يوم انقطعت عن الآفات والنعمِ
والميت قد ينفع الأحياء ما عمروا
وليس ينفعه الأحياءُ في الرَّجمِ
إن يذكروك فما جاءتك ذكرتهم
في الغابرين ولا سرتك في الرمم
أو يكبروك فماذا قول مسرجةٍ
للشمس هذا ضياء الكوكب العلم؟
أو يشكروك فما بروا ولا ندموا
أين الجهالة من برٍّ ومن ندم؟
ارجع إليهم وقُلْ فيهم وغَنِّ لهم
أينظرونك إلا نظرة القدم؟
ما أكثرَ البرَّ باسمٍ لا غناء به
وأندر البرَّ بالأرواح والنسم
لا يقدر الناس يومًا أجر سادتهم
وإنما يقدرون الأجر للخدم
أجر العظيم زَماعٌ في جوانحه
يجزيه بالأمن أحيانًا وبالألم
•••
وصاحب لك أرخصت الفؤاد له
والحب أقرب من إلٍّ ومن رحم
فردٌ من الناس لو شدَّ الوفاء به
أهونتَ غدرَ جميعِ الناس بالذمم
فقدته هو موجودٌ على كَثَبٍ
يا موجدَ الحسنِ أسرابًا من العدم
لم يُغْنِ قلبك عنه ما يزخرفه
عن صورة الحسن في الأوصاف والشيم
بل زاد شجوك أن تلقى لها مثلًا
حيًّا، على أنه في البعد كالحلم
أغناه باللهو عمَّا أنت ضامنه
من ليس يغنيك عنه بالنهي العمم
هلا سلكتَ إلى قلب الحبيب وقد
عرفتَ سِرَّ قلوب الناس كلهم؟
هيهات لا تملك الألباب ما عرفت
أين المنجم من شهبٍ ومن رُجُمِ
أرضٌ تراها ولم تملك مقالدَها
لتلك أقصى لعمري من ذرى إرم
•••
أبا القريض وحسب القول معجزةً
بشكسبير وحسب العرب والعجم
لو فاخر الكون أكوانًا تناظره
كنت الفخار فأبدت ذلة العقم
ما الفخر للكون إلا بالحياة وما
من بضعة هي أحيا منك في الأدَم
لما رأت بك عمياء الحياة جلت
ما ليس يجلوه نور الصبح من ظلم
حتى الخرافات تزجيها فنحسبها
من خلقة الله لا من خلقة الوهم
نكاد إن لم يجدها الطرفُ ماثلةً
في الأرض نقدحُ فيها قدحَ متَّهم
تقاربَتْ عندكَ الأقدارُ والتهمَتْ
حياتُكَ الخلق طرًّا كل ملتهم
فما احتفلت بأمرٍ هائلٍ جللٍ
صعب المرام ولا أزريتَ باللمم
مثل الطبيعة تُذكي الشمسَ ساطعةً
في العُلْوِ إذكاءها للنار في السلم
كم ترجمُ الناسَ عن فحوى حقائقها
أنَّى تنقلها نصًّا إلى الفهم
•••
أبا القريضِ ألا بوركتَ من رجلٍ
إن الرجولة في الأقوال والهمم
لقد خدعت خداعًا لن يضل به
إلا الذكيُّ الفؤاد الصادق الحكم
وقد خلدت ولكن مثلما خلدت
تلك الشخوص التي أنشأت بالقلم
هذا قصاراكَ في الدنيا وأحسبها
تلهو بنا بيدٍ هوجاءَ لا بفم
مالت على القوس ترمينا على غرر
من الظلام بلا وَرى ولا نغم
يا ليتها كلمتنا وهيَ راميةٌ
أو غلها شللٌ أحرى بذا البكم
مجاورَ الموت هل ألقيت في يده
بقيةً منك لم تُقرأ ولم تُشِمِ؟
ألقيت في الأرض جمرًا لا ذكاء له
فأين أفلت ذاكي ذلك الضرم؟
أمنتَ قربَ ثراها واتقيتَ يَدًا
تمسُّ منك بقايا الأينِ والسقم
والأرض أمك والإنسان بعدُ أخٌ
وقد يمدُّ شقيقٌ كف منتقم
لقد لحقتَ وكم في ذاك من عجبٍ
بزمرة الصخر فانزل ثم في حرم
ما أبلغ الموت في صمتٍ رماكَ به
يا أبلغَ الناس في صمتٍ وفي كلم
ذكرى سيد درويش
في شهر سبتمبر سنة ١٩٣٥
اذكروا اليوم سيدا
واحفظوا الذكر سرمدا
وتغنوا بحمد من
قد تغنى فأسعَدا
من يكن ذاك أمسه
يبتدئ مجده غدا
•••
كان للصوت مالكًا
كيف لا يملك الصدى؟
قد حوى السمع شاديًا
وسيحويه مُخْلَدا
أخلد الناس مَنْ إذا
قيل تاريخه شدا
عاش للفن والفنو
ن مصابيح للهدى
مطلع النور نبعها
جاوز الشمس مصعدا
من يَعِشْ في السماء هيهـ
ـات لا يعرف الردى
•••
جددوا اليوم ذكر من
قد تغنَّى فجددا
الذي صوَّرَ الحيا
ةَ هتافًا مردَّدا
عَلَّمَ الناسَ كيف يعنو
ن باللحن مقصدا
ما ابتغوا قبلَه المعا
نيَ في القول مسندا
وانثنوا يعجبون للطـ
ـير لما تغرَّدا
ولهمس النسيم في الـ
ـغصن لما تأوَّدا
والدراري والسنا
والأزاهير والندى
سمعوا كل ما انطوى
من سرارٍ وما بدا
سمعوا الكون بيِّنًا
والمقادير شهدا
فُتِحَ البابُ كله
بعد أن كان موصدا
ربما جاز فاتحٌ
في المدى ما تعمَّدا
•••
إنما الفنُّ في الشعو
بِ شبابٌ له الفدى
فيض ما زاد من شعو
رٍ وما هام مبعدا
سورة في عروقها
يتَّقي بأسَها الْعِدَى
لا أنينٌ ولا طنينٌ
ولا ضجة سدى
أو نديم لشاربٍ
بالطلا قد تزوَّدا
أو بكاء كما بكى
سائل يطلبُ الجدى
رحم الله سيدًا
كان للفن سؤددا
ليت أحياءنا الْأُلَى
سبقوا الموت موعدا
لحقوا — وهو في الثرى
منه روحًا تمردا
وارتأوا مثل رأيه
واقتدوا مثلما اقتدى
أكبر الظن أنه
جاور البحر فاهتدى
مفلحٌ من يكون أستا
ذه البحر مزبدا
إنما اللحن تُرجما
نٌ عن النفس ما عدا
مبدعٌ وهو ناقلٌ
كلما قال أوجدا
واصفٌ لن ترى له
عاذلًا أو مفنِّدا
هكذا كان سيدٌ
صادقَ الوصف مرشدا
ما سمعنا لشعب مصـ
ـر على ما تعدَّدَا
واصفًا كان مثله
مستجابًا مؤكَّدا
كلُّ رهطٍ أعاره
لحنه أسلم اليدا
وحباهُ بسرِّهِ
ناطق الوسم منشدا
ليس من عاملٍ ولا
عاطلٍ راح أو غدا
او سريٍّ مجلل
أو فقيرٍ تجردا
أو قويٍّ مزمجرٍ
أو ضعيف تنهَّدَا
أو دعاءٍ دعاه إلا
عرفناه جيدا
هكذا يسمع الخليـ
ـقة من يسمع الصدى
•••
إنما اللحن منطقٌ
وحَّدَ الكون إذ حدا
فيه لا في اللغات يبـ
ـدو نظيمًا منضَّدا
اسمعوا منه في الضما
ئرِ وحيًا مؤيدا
حيثما يقصر الكلا
م ويمشي مقيدا
وارفعوا الفنَّ واحذروا
مهبطًا منه أو هدا
واجعلوا من تراث درويـ
ـش للفن معبدا
إنه مهد الخطى
فابلغوا أنتم المدى
رحم الله سيدًا
كان في الفن سيدا
تكريم عامر
بلدةُ الشمس والجبالْ
كيف لا تنجب الرجالْ؟
أنجبت مثل عامر
وهو في الهمة المثال
الذي في جهاده
سبق القول بالفعال
والذي كان أول الصـ
ـف في حومة النضال
عندما نودي الدفا
ع بدا فارس المجال
وتلا مَنْ تلا وصا
ل بنو النيل حيث صال
أشجعُ الناسِ باذلٌ
هزم الشح والمطال
كرم النفس كالشجا
عة مِنْ أندر الخصال
… … … … …
… … … … …
كرِّموا الذروة التي
رفعت هامة الهلال
رفعت أرؤسًا وطا
لت مع المجد حيث طال
واحمدوا في احتفالكم
أجدر الناس باحتفال
العصامي في الغنى
والعظامي في الخلال
والذي جد وحده
فشأى عصبة الرجال
والذي كلُّ درهمٍ
في تجاراته حلال
زانه الله بالأما
نة والصدق في المقال
والمضاء الذي يجدُّ
ولا يعرف الكلال
والنظام السوي في
غير ضيقٍ ولا اختلال
يتبع المال صاغرًا
مَنْ له العزمُ رأس مال
لقبٌ حازه وكم
حاز من قبله ونال
لم يزد فضله به
فهو ذو الفضل لا جدال
•••
كرِّموه تُكَرِّموا
خيرَ دارٍ وخير آل
إن أسوان ما خلت
قط من معدن الكمال
صخرها جوهر الخلو
د وأنموذج الجمال
وبنوها وأنتمُ
من بنيها بخير حال
لكم المجد لا يزا
ل من الأعصر الخوال
إنما المجد بالعلا
لا جنوب ولا شمال
•••
يا صديقي ويا ابن قو
مي وجاري على اتصال
أقرب القرب بيننا
شيمةٌ فيك لا تنال
شيمة النبل في استقا
مة طبع وفي اعتدال
شيمة العزة التي
لا يغالي بها اختيال
إنها جيرةٌ لها
أبعد الناس مستمال
لا تزل غانمًا بها
هانئًا في هدوء بال
وحواليك دولةٌ
من محبيك لا تدال
تتلقاكَ نعمةٌ
أبدَ الدهر في اقتبال
ثناءٌ على ماهر
ثناءُ الكرامِ على ماهرِ
ثناءٌ على الرجل القادرِ
على رجلٍ زاهدٍ في الثنا
ءِ إلا من الأثر العاطر
على من يسير بأعماله
فيقبل في جحفلٍ زاخر
وَمَنْ كُلُّ أيامه صالحا
تٌ لحفلٍ بتكريمه عامر
فلا حيرةٌ فيه للمحتفي
ولا حيرةٌ فيه للشاعر
تجيء مدائحه الصادقا
ت عَفْوَ البديهة والخاطر
فسيانِ إحصاءُ أعماله
ونظم المقرظ والشاكر
•••
بياناته مثل أرقامه
حقائق للحاسب الحاصر
وآراؤه في ثنايا غدٍ
كرؤية عينيه للحاضر
وباطنه في مواعيده
كصفحة عنوانه الظاهر
له شدة الحق في بأسه
تمازجها رِقَّةُ الساخر
وإنصافه مأمنٌ للعِدَى
وإخلاصه عصمة الناصر
وإقدامه في قضاء الفرو
ض إقدام مستبسل صابر
إذا ما اطمأنَّ إلى واجب
فليس بوانٍ ولا قاصر
•••
أولي الأمر طوبى لكم يومكم
وطوبى لكم ذكره الذاكر
فسيروا بأوطانكم وانهجوا
بها نهج مبتكرٍ باكر
وهاتوا مدى جهدكم تبلغوا
مدى الحمد من وطنٍ قادر
الغزالي والخيام
نُكَرِّمُهُ نُكَرِّمُهُ
وما نرويه نعلمُهُ
ولم ننشئ له فضلًا
ولكنَّا نترجمه
ومَنْ ذا مثلُ إبرا
هيمَ ذو فضلٍ نعظمه
وذو سمت نوقره
وذو رأي نقومه
فتى تُرضى سجاياه
ويصدق قلبه فمه
تساوت عند مطريه
مزاياه وأنعمه
وحب الخير في دمه
فكيف يخونه دمه؟
لهُ مجدٌ يؤثِّله
بمسعاه ويدعمه
فقد يغنيه أحدثه
وقد يغنيه أقدمه
ولكن ليس يستغني
بحظٍّ لا يُتممه
تكنَّى بالغزاليِّ
فلم يتعب منجمه
ولو مال إلى الخَيَّا
مِ لاقاه مخيمه
أديبٌ ينثر التبيا
نَ آيات وينظمه
عماد الجمع منبره
وزين الطرس مرقمه
وللفنان في ناديـ
ـه مغناه ومغنمه
علت في السعد أنجمه
وفي العلياء أسهمه
•••
تعالى الله هاديه
إلى النعمى وملهمه
ونعم الفضلُ فضل اللـ
ـه بالقسطاس يقسمه
في محراب المطران
يومٌ تألَّقَ واستضاءْ
يومٌ تَعَطَّرَ بالثناءْ
يومٌ أطلَّ على الحِمى
والفضل مرفوع اللواء
هذا وفاء العارفيـ
ـنَ لشاعرٍ عرَفَ الوفاءْ
«مطران» محراب القريـ
ـض، خليل ناديه الحميمْ
قدسٌ يزين وقاره
أنسٌ يهش له النديم
خلقان لم يتجمَّعا
إلا لذي فضلٍ عميم
•••
ماذا أعدِّدُ من سجا
ياك الحسان وَهُنَّ شَتَّى؟
أدبًا وعرفانًا وآ
لاءً محبَّبةً وسمتا
وإذا أطلتُ فغاية الإ
طراء أنك أنت أنتا
•••
نادك أبناء العرو
بة باسم شاعرها المجيدْ
فَأْلٌ تجدده الطوا
لعُ كلَّ يومٍ في سعود
الآن فاهنأ بالعرو
بة وهي «جامعة» تسود
•••
أنطقت بالعربية الفصـ
ـحى أعاجم شكسبيرْ
ونقلتهم نقل الأما
نة في الكبير وفي الصغير
بدَّلتَ في لغة اللسا
ن ولم تبدِّلْ في الضمير
•••
ودعمت للتمثيل كعـ
ـبته فعاودها المزارْ
صفرت فحين حللتها
حفلت بحج واعتمار
لقَّنتهم فتلقَّنوا
منك التلاوة والحوار
وجمعت فحوى الاقتصا
د كما تنزل في كتابْ
قلمٌ يعلِّم علمَه
ويدٌ تجود بلا حساب
في العُرْفِ والعرفان سا
ئلكَ المؤمِّل مستجاب
•••
ذمم اليَراعِ قضيتَها
في كل ميدانٍ دعاكْ
ليس النظيم أو النثيـ
ـر قصار ما استرعى هواك
إن «الجوائب» و«المجـ
ـلة» في الصحافة شاهداك
•••
لما سبقتَ إلى الجد
يدِ سبقتَ منه إلى كمال
أتعبت خلفَكَ مَنْ عدا
في العدوتين على ضلال
لم يُدْرِكوك وإن جرَوْا
من بعد شوطك في المجال
•••
حررتَ أوازنَ القصيـ
ـدِ فزاد في الميزان وزنا
وتوسَّعتْ فيه البحو
رُ فأرسلَتْ دُررًا ومُزنا
هذي الثلاثيات حقـ
ـك من لدنك ومن لدنا
•••
وأقمت في ديوانك العا
لي أميرًا لا تُجَارى
أولى الربوع بشاعرٍ
آفاق أنجمه العذارى
لا يبتغي سكنًا سوا
ها حيث حل ولا مدارا
•••
واللهِ لو وفَّوْكَ بالتـ
ـجديدِ حقَّكَ من ثواب
لم تُوفِ عهدَ كهولةٍ
إلا رددت إلى الشباب
متجدد الريعان في
ظل الخلود المستطاب
•••
لكنَّ حقَّك في الشبيـ
ـبة شائعٌ بين القلوبْ
يدعو بشعرِكَ من شدا
أو عنك في النجوى ينوب
هبةٌ قضوك ديونها
والحر سَدَّادٌ وهوب
أَنْعِمْ بمحفلكَ الذي
وسع العروبة في مكان
كرمت بإكرام النُّهى
وعَلَتْ بإعلاء البيانْ
هي ترجمت بك عن فضا
ئِلِهَا فنعم الترجمان
•••
عيشا معًا متعاهدَيـ
ـنِ وأبلغا العهد التمامْ
منها لك الآذانُ صا
غية ومنك لها الكلام
متقابلين على الرِّضا
متلازمين على الدوامْ
كوكبُ الشَّرْقِ
هلَّلَ الشرقُ بالدعاءْ
كوكبُ الشرق في السماءْ!
عاد في حلة الضيا
ء وفي هالة البهاء
لم يَغِبْ هاجرًا ولـ
ـكن كما غرَّبت ذكاء
لا تخافوا على مطا
لعهِ سطوةَ المساء
واهب النور لا يدا
ريه عن نوره عشاء
كوكب الشرق في أما
نٍ من الليل لا مراء
•••
يا عروس السماع لبَّا
كِ من يسمع الدعاء
وشفى أنفسًا لعينيـ
ـك تسترخص الفداء
انظري في وجوههم
تعرفي نضرة الوفاء
كلهم ود لو يغني
من البشر والصفاء
لو بقدر السرور نشـ
ـدو غلبناك بالغناء!
أم كلثوم يا بشيـ
ـرًا من الله بالرجاء
أنت من وحيه وللـ
ـه في الفن أنبياء
ذلك الصوت صوتك الـ
ـعذبُ مِنْ عَرْشِهِ نداءْ
فيهِ سِرٌّ مِنْ جَنَّةِ الـ
ـخلدِ لكنَّه ضياءْ
فيه ما يرفع الحجا
بَ! وما يكشفُ الغطاء
فيه أنسٌ لمن يشا
ء وسلوى لمن يشاء
فيه للمرتجي سلا
مٌ وللمشتكي عزاء
فيه حرزٌ من الهمو
م وعونٌ على القضاء
أيُّ نفسٍ إذا ترنـ
ـمت لا تهزم الشقاء؟
إنه قوةٌ إذا عز
من قوةٍ نجاء
إنه من غِنًى إذا
حُسِبَ الصوت من غناء
إنه ثروةٌ لمصر
وما أجزل الثراء
مهرجانٌ لعيدها
حيثما رفرف اللواء
وعلى الجرح إن شكت
بلسمٌ ناجع الشفاء
•••
أيُّها الكوكب الذي
أسعد الأرض باللقاء
رددي الطرف في الفضا
ء وما أرحب الفضاء
واسأليه سؤال من
يلحن الطير في الهواء
هل سرى فيه مثل صو
تك في الحسن والنقاء
في قديمٍ من الزمان أعـ
ـني وفي حاضرٍ سواء
لا أحاشي من الرجا
ل قبيلًا ولا النساء
لا تُجيبي أنا المجيـ
ـب ولم أغلُ في الثناء
أنتِ كالشمس لا تُعَدَّ
دُ في هذه السماءْ
موسيقيٌّ خالدٌ
أبناءَ مصرَ تَذَكَّرُوا وتَذَكَّرُوا
ما مصرُ خالدةٌ لمن لا يذكرُ
وإذا جرى ذكر الفنون فميِّزوا
بالحمد فنًّا بالجمال يُبَشِّرُ
ذهب الزمانُ زمانُ مَنْ لم ينعتوا
بالمجد إلا من يصول ويقهر
إنَّ الذي يعطي النفوس عزاءها
لَأَحَقُّ بالذكر الجميل وأجدر
ليس الغناء صدى ولا أنغامه
خفقات أصواتٍ تمر وتعبر
إن المغني إن علا استقلالكم
بين البناة مؤسسٌ ومعمر
•••
لله «سيدٌ» الذي غنى لكم
زمنًا، فقال العارفون «مصور»
وصف ابن مصر فليس يدري سامعٌ
أصغى إليه أسامعٌ أم مبصر
إن تسمع الحوذي منه رأيته
عجلًا فتيمن في الطريق وتيسر
أو تسمع النوتي منه حسبته
في النيل يقبل بالشراع ويدبر
أو تسمع الريفي منه لمحته
في الحقل يحصد في الأوان ويبذر
أو تسمع الجندي منه نظرته
وعلى أسرته الشعار الأخضر
وإذا «المسارح» راجعت أيامها
لاذت بفردٍ منه لا يتكرر
•••
قالوا تفرنج بالغناء وإنما
هو مؤثرٌ في الفن لا متأثر
عرف الأغاني واللحون كما جرت
في عرف من نطقوا بِهِنَّ فعبَّروا
أمم إذا غنَّت فليس غناؤها
لغو المجانة بل معانٍ تؤثر
•••
قل «سيدًا» فإذا ذهبت مترجمًا
علموا هنالك أنه «المايسترو»
هي من مصادفة الحروف وربما
سبق الحروف بها دليلٌ مضمر
سمةٌ على كل اللغات سميها
للسبق في الفن الجميل ميسر
•••
يا نخبة قدروا الجميل لأهله
دوموا على عهد الوفاء وقدروا
… … … … …
… … … … …