الفصل العاشر
قصيدة المرحوم أحمد شوقي بك أمير الشعراء
التي جادت بها قريحته الفياضة وتعد رمزًا للوفاء وصدق العهد للمرحوم: عبده الحمولي قال:
ساجع الشرق طار عن أوكاره
وتولى فن على آثاره
غاله نافذ الجناحين ماض
لا تفر النسور من أظفاره
يطرق الفرخ في الغصون ويغشى
(لبدا) في الطويل من أعماره
سلب الفن ألحن الطير فيه
والمتين المكين من أوتاره
كان مزماره فأصبح داو
دُ كئيبًا يبكي على مزماره
(عبده) بيد أن كل مغنٍ
عبدُهُ في افتنانه وابتكاره
معبد الدولتين في مصر إسحا
ق السعيدين رب مصر وجاره
في بساط الرشيد يومًا ويومًا
في حمى جعفر وضافي ستاره
صفو ملكيهما به في ازدياد
ومن الصفو أن يلوذ بداره
يخرج المالكين من حشمة الملـ
ـك وينسي الوقور ذكر وقاره
ربَّ ليل أغار فيه القمارى
وأثار الحسان من أقماره
بصبا يذكر الرياض صباه
وحجاز أرق من أسحاره
وغناء يدار لحنًا فلحنًا
كحديث النديم أو كعقاره
وأنين لو أنه من مشوق
عرف السامعون موضع ناره
يتمنى أخو الهوى منه آهًا
حين يلحى تكون من أعذاره
زفرات كأنها بث قيسٍ
في معاني الهوى وفي أخباره
لا يجاريه في تفننه العود
د ولا يشتكي إذا لم يجاره
يسمعُ الليل منه في الفجر يا ليـ
ـل فيصغي مستهملا في فراره
فجع الناس يوم مات الحمولي
بدواء الهموم في عطاره
بأبي الفن وابنه وأخيه
والقوي المكين في أسراره
والأبي العفيف في حالتيه
والجواد الكريم في إيثاره
يحبس اللحن عن غنيّ مدلٍ
ويذيق للفقير من مختاره
يا مغيثًا بصوته في الرزايا
ومعينًا بماله في المكاره
ومجل الفقير بين ذويه
ومعز اليتيم بين صغاره
وعماد الصديق إن مال دهر
وشفاء المحزون من أكداره
لست بالراحل القتيل فتُنسى
واحد الفن أمة في دياره
غاية الدهر إن أتى أو تولى
ما لقيت الغداة من أدباره
نزل الجد في الثرى وتساوى
ما مضى من قيامه وعثاره
وانقضى الداء باليقين من الحا
لين فالموت منتهى إقصاره
لهف قومي على مخايل عز
زال عنا بروضه وهزاره
وعلى ذاهب من العيش وليـ
ـت فولي الأخير من أوطاره
وزمان أنت الرضا من بقايا
ه وأنت العزاء من آثاره
كان للناس ليلة حين تشدو
لحق اليوم ليله بنهاره