شكر عام
ليس فينا من يجهل ما لحضرتي العلامتين: الدكتور فارس نمر، وصاحب العزة خليل بك ثابت — رئيس تحرير المقطم الأغر — من رفيع المنزلة في النفوس لما اتصفا به من أريحية الطباع وكرم الأخلاق، وتحليا به من العلم الذي وقفا حياتهما على الغوص على أسراره، وبحث الحقائق ونشر الفنون وفي مقدمتها الموسيقى العربية التي جرى لأصحاب المقطم فيها بحوث مستفيضة ومناقشات جمة مع بعض الموسيقيين الأمريكيين قبل انتقالهم إلى هذا القطر، فضلا عن تضلع حضرة رئيس التحرير منها، ومعرفته العزف على بعض آلاتها.
ولما أخذت على عاتقي إحياء ذكرى النابغين الراحلين من المصريين وبدأت بذكرى عبده الحمولي وما له من الأيادي البيضاء على الموسيقى الشرقية والغناء العربي، وتقدمت ما أتاه المجددون من ضروب التضليل فيها، كتبتُ بعض كلمات إلى المقطم الأغر، الذي فسح لها مكانًا ونشرها غير مرة، فصادف قبوله ما هو كامن في نفسي من حب مفرط للموسيقى، وغيرة عليها، وتنبَّهت الأمة إلى ما أبديته من الاعتراضات على التجديد الذي لا يرتكز على قواعد، ولا يقصد به إلا تشويه محاسن مويسقانا، وإزالة طلاوتها وصبغتها الشخصية، ومسخ نغماتها التي تولد منها في الغرب حاسَّة الخيال والجمال.
فيرجع إذًا كل الفضل إليهما في هذا التشجيع الذي دفعني إلى وضع هذا الكتاب المفيد، وقد أحجم المقطم عن نشر كلمة الشكر المقدمة مني مرتين لهما، وكانا يختبئان اختباء البنفسج بين العوسج؛ فنمَّت رائحة إنكار ذاتهما عنهما، ولذا لا يسعني إلا أن أقدم لحضرتيهما جزيل الشكر واعترافي بجميل صنعهما، ولحضرات أفاضل الأدباء وأكابر الشعراء الأستاذ: خليل مطران، وصاحب الفضيلة الشيخ: مصطفى عبد الرازق، وسيادة المطران: كيرلس رزق، والدكتور: عبد الرحمن شهبندر، والأستاذ: محمود فؤاد الجبالي، على مقالاتهم النفيسة التي بعثوا بها إليَّ، مع اعتذاري للآخرين الذين لم أتمكن من نشر مقالاتهم لضيق نطاق هذا الكتاب، وفقنا الله إلى ما فيه كل الخير للوطن وللفن.