غرائب المكتوبجي
لما ضاقت الحال بكاتبنا «سليم سركيس» وضاق ذرعًا ﺑ «مكتوبجي» السلطان العثماني، ومُراقبتِه كلَّ ما يكتبه المحرِّرون بالجرائد، أراد أن يُطلِع معاصِريه على «غرائب المكتوبجي»؛ ذلك الشخص الذي يختلق كلَّ ذريعة للإضافة والحذف، حرصًا على ألا يقترب أحدٌ من حِمى السلطان، أو حتى من أسماء المملكة وصفاتها، فتراه في سبيل ذلك يُلبِس الكلماتِ ثوبًا غير ثوبها، ويُحمِّلها بمَعانٍ غير معانيها، ويُحول غرضَ التراكيب إلى غير ما يريد الكاتب، ولا يملك الكاتب إزاء هذه السياسات المُضحِكة إلا الانصياع مُرغَمًا تفاديًا لِبطش السلطان، غير أن هذه الممارساتِ على ما هي عليه من تسلُّط لا تخلو أبدًا من أقاصيص الفُكاهة التي لا يزال يتندَّر بها الصحفيون حتى الآن.