شرَك … في مكان!
أزاح «أحمد» النظارة المكبرة عن عينَيه، والتفتَ إلى بقية الشياطين قائلًا: ليس لديَّ شكٌّ في كلِّ ما أخبرتكم به … إنَّ زعيم منظمة «الشبح» هو نفسه صاحب مطعم «الوردة الحمراء».
تساءل «عثمان»: وكيف تأكدتَ يا «أحمد»؟
أجابه «أحمد»: تذكروا أنَّ «مالكوم» و«ماكس» عندما دخلَا المطعم وقابلَا الزعيم، فإننا لم نرَ هذا الزعيم عند دخوله للمطعم، وهذا معناه أنَّه كان موجودًا بالداخل … وهو لا يمكن طبعًا أن يكون أحدَ العاملين في المطعم … لأنَّ جلوسه مع «مالكوم» و«ماكس» سيُثير الشك فيه.
إلهام: أنت على حقٍّ يا «أحمد».
أحمد: أيضًا فقد شاهدتُ هذا الرجل يغادر مطعمه منذ قليل ويستقل سيارته، وبالنظر إلى ملامحه الإجرامية ووجهه الخشن وعينه الزجاجية، فيمكن أن نقول إنَّها ملامح مثالية لمجرم إرهابي من النوع التقليدي.
إلهام: لقد رأيناه أيضًا وهو يدخل المطعم، ولكنه ليس وجهًا معروفًا لنا بنشاطه الإرهابي.
أحمد: هذا لأنَّه يحتاط بشدة لنفسه، فلا يعرفه أحد على حقيقته … وأعاد «أحمد» نظارته المكبرة من فوق عينَيه، ثم هتف: ها هما «ماكس» و«مالكوم» يدخلان المطعم أيضًا … وأخرج جهاز الاستقبال الصغير وراح يستمع إليه في اهتمام مع بقية الشياطين، وجاء صوت «مالكوم» يقول: لقد فشلَت الخطة أيها الزعيم.
وقال «ماكس»: إنَّ تدخُّلَ هؤلاء الشياطين قد أفسد كل شيء.
قال الزعيم: إنَّ الفرصة سانحة أمامنا … ولكن المعلومات التي تلقَّيناها من أصدقائنا عن هؤلاء الشياطين تجعلنا بحاجة إلى التوقف قليلًا لتدارس الأمر خاصة وأنَّ أصدقاءَنا طلبوا منا أن نقابلهم على وجه السرعة لوضع خطة عاجلة للتخلص من هؤلاء الشياطين. تساءل «مالكوم»: وأين ستتم مقابلتنا مع أصدقائنا؟
أجاب الزعيم: سوف نذهب إلى مدينة «كان» الجميلة لنقابلَهم هناك بعيدًا عن العيون.
ماكس: ماذا ننتظر إذن … هيا بنا …
وبعد قليل شاهد الشياطين الإرهابيِّين الثلاثة وهم يغادرون المطعم ويستقلون سياراتهم …
فهتف «أحمد»: إنَّها فرصة رائعة نكتشف فيها حقيقةَ أعدائنا الخفيِّين الذين يدعوهم هؤلاء الإرهابيون بأصدقائهم … هيا بنا.
وأسرع الجميع يغادرون الفندق … وقفز «أحمد» إلى سيارته التي استأجرها منذ قليل وخلفه الشياطين، وأدار محرك السيارة، واندفع في أثر سيارات الإرهابيِّين. وتساءلت «إلهام»: هل سنتبعهم بالسيارة إلى «كان»؟
أحمد: ولمَ لا … سوف تكون رحلة جيدة برغم المسافة الكبيرة … ولحسن حظنا فإنَّ خزان الوقود في سيارتنا ممتلئٌ عن آخره.
قال «عثمان» باسمًا: ولحسن الحظ أيضًا أننا قمنا بتأجير هذه السيارة في الوقت المناسب.
استمرت المطاردة زمنًا، إلى أن غادرت سيارات الإرهابيين مشارفَ باريس، وانطلقَت جهة الجنوب وخلفها سيارة الشياطين على مسافة قريبة.
واستمر السفر طوال الليل … وتوقَّفَت السيارات للتزود بالوقود في الطريق الطويل، ثم واصلت طريقَها إلى أن وصلَت إلى «ليون» في الصباح التالي.
تساءلَت «إلهام» في إرهاق: ترى هل سيواصل هؤلاء الأشرار السفر مرة أخرى؟
ولكن الإرهابيِّين الثلاثة غادروا سياراتهم في «ليون» إلى فندق قريب، فقال «أحمد» ضاحكًا: يبدو أنَّهم سيرتاحون بعض الوقت … ونحن أيضًا في حاجة إلى بعض الراحة.
عثمان: ولكن علينا أن نتناوب مراقبتهم … وأن نُقيمَ في فندق قريب.
وكان من السهل على الشياطين أن يعثروا على فندق قريب … وقاموا بتقسيم نوبات للمراقبة فيما بينهم وتناوب الراحة.
وفي المساء كانت السيارات تنطلق ثانية في طريقها الطويل.
وأخيرًا، وصلوا إلى مدينة «كان» الساحلية في فجر اليوم التالي …
وكان المشهد فاتنًا في المدينة الساحلية التي يقصدها الأثرياء والعظماء من كل أنحاء العالم …
وقد ظهر شاطئها الذهبي رائعًا فاتنًا تحت ضوء الفجر … وفيلَّاتها وقصورها قد تناثرَت إلى الخلف في بانوراما رائعة.
قالت «إلهام» وهي تراقب الشاطئ الفاتن من نافذة السيارة: من المؤسف أنَّ هؤلاء المجرمين قد اختاروا مثل هذا المكان الرائع مكانًا لملاقاتهم وتخطيطهم الإجرامي.
قال «عثمان» ضاحكًا: ولماذا هو أمر مؤسف. إنَّ العكس هو الصحيح؛ لأنَّه أتاح لنا زيارة هذه المدينة الجميلة. وأضاف وعيناه تلمعان ببريق خاص: وأرجو أن نحصل على إجازة قصيرة ممتعة نقضيها على هذا الشاطئ … بعد أن نُنهيَ مهمتنا.
زبيدة: إلا إذا قادنا هؤلاء المجرمون إلى مكان آخر … بعد أن قطعنا «فرنسا» بأكملها خلفهم.
قيس: نحن على استعداد للذهاب إلى نهاية العالم خلفهم، لتلقينهم درسًا بليغًا.
وتوقَّفَت سيارات الإرهابيين الثلاثة أمام إحدى الفيلَّات الفاخرة على الشاطئ … واتجه الثلاثة إلى داخلها وهم يتثاءبون.
قال «قيس»: هذه الفيلَّا ملك لأحد هؤلاء الإرهابيين دون شك، وأعتقد أنَّ أول ما سيفعلونه هو أنَّهم سيخلدون إلى النوم طويلًا للراحة بعد هذا السفر الطويل المتواصل …
تثاءبَت «إلهام» وهي تقول: نحن أيضًا بحاجة إلى النوم لنستعيد نشاطنا …
تلفتَت «زبيدة» حولها وهي تقول: ولكن كيف سنعثر على مكان قريب نتخذه للنوم والمراقبة في نفس الوقت.
ولكن «إلهام» قالت ضاحكة: إنَّ هذا المكان موجود بالفعل؛ فنحن محظوظون جدًّا.
وأشارَت إلى فيلَّا قريبة على مسافة لا تبعد أكثر من خمسين مترًا، وقد علقت عليها يافطة تقول «للإيجار».
هتف «قيس»: يا لَه من حظٍّ رائع … هيَّا بنا …
واتجهوا إلى الفيلَّا التي كانت تقف على بابها سيارةُ اسبور حديثة … ودقُّوا جرس الباب ولكن لم يأتِهم أيُّ ردٍّ من الداخل …
وقال «عثمان»: فلندخل الفيلَّا الآن ونستأجرها فيما بعد … فيبدو أنَّه لا يوجد أحد بداخلها.
وضغط «عثمان» على الباب فانفتح أمامه … فتبادل الشياطين النظرات، وقالت «إلهام» ضاحكة: إنَّ كلَّ شيء ميسَّرٌ اليوم بطريقة عجيبة.
واتجهوا إلى داخل الفيلَّا … ولكنهم ما كادوا يفعلون ذلك، حتى دوَّى انفجار رهيب في السيارة الاسبور الحديثة أمام باب الفيلَّا …
وتحوَّلَت الفيلَّا إلى كوم من الحجارة والأخشاب في غمضة عين.